هذا الكتاب عبارة عن مجموعة بحوث ومقالات في صراع الحضارات وتأثير الغرب على العالم الإسلامي، وماذا يمكن فعله لمواجهة هذا المد الغربي.
في هذا الكتاب يعرفنا والدنا الشيخ الدكتور جعفر بأسس الفكر الغربي ودعاماته، وكيفية تمكنه. ثم يفند هذه الأسس بحجج قوية، يبين لنا كيف نقاوم هذا الغزو الفكري وما هو طريق الريادة.
البحوث والمقالات كتبها والدنا الشيخ جعفر شيخ إدريس في مواقف مختلفة على مدى أكثر من عشرين عاماً. على رغم طول المدة إلا أن القارىء سيجد اتساقاً بين جميع الكتابات، وهو يدل على بعد نظرة الشيخ وقدرته التحليلة العالية.
والدكتور جعفر من أكثر العارفين بالحضارة الغربية ومن المتابعين للجديد والقديم في الفكر الغربي. ولعل ذلك نابع من دراسته لفلسفة العلوم التي مكنته من معرفة الأسس الفلسفية للحضارات، ومن دراسته للفكر اليوناني الذي يمثل أقوى جذور الفكر الغربي المعاصر، ومن تجربته العملية بمخالطة الأكاديمين والفلاسفة الغربيين والعيش في بلدان غربية دراسةً ودعوةً. كثيرون هم الذين اطلعوا على الفكر الغربي ودرسوه، ولكن يتميز الدكتور جعفر بتعمقه في علوم العقيدة الإسلامية وبخبرته العملية وبوضوح الرؤية وسهولة العبارة، بالإضافة إلى ما حباه الله به من قدرة تحليلية عالية وحجة دامغة، ولذلك فهو من أفضل من ينتقد الفكر الغربي من وجهة نظر إسلامية.
جعفر شيخ إدريس محمد صالح بابكر عبدالرحمن بلل. ولد عام 1931 ميلادية بمدينة بورسودان شرق السودان. والده ووالدته من منطقة نوري بشمال السودان.
مراحل الدراسة
الأولية والمتوسطة:
في سن السادسة حدث للشيخ حادث بقدمه عوقه عن المشي لمدة ثلاث سنوات تقريباً. لذلك بدأ تعليمه الرسمي متأخرا جدا، لكنه يرى أن هذا ربما كان من أكبر نعم الله عليه، إذ حفزه للجد في الدراسة في المدرسة وخارجها. فكان في المرحلة الأولية يدرس في المدرسة والخلوة (مدرسة تحفيظ القرآن الكريم) معاً. في سن الحادية عشر تقريباً انضم إلى جماعة أنصار السنة الناشئة.
واصل الدراسة النظامية في المرحلة المتوسطة في المدرسة ولم ينقطع عن دروس العلم الشرعي على بعض الشيوخ بمنطقة بورسودان. فدرس عليهم الأربعين النووية وبعض كتب المذهب المالكي، وبعض كتب النحو، وكان يحضر مع والده دروس الشيخ أبو طاهر بالمسجد الكبير ببورسودان فسمع عليه قدرا كبيرا من الصحاح ولا سيما صحيح البخاري، كما درس عليه بعض مختصرات أخرى في الحديث والبلاغة والآداب. درس أيضا على بعض العلماء الشناقيط الذين كانوا يمرون على مدينة بورسودان في طريقهم إلى الحج.. ومع جماعة أنصار السنة عرف شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وصاحبهما منذ ذلك الحين وحتى الآن.
مرحلة الدراسة الثانوية
– التحق بمدرسة حنتوب في سنة 1950 وهي حينئذاك إحدى ثلاث مدارس ثانوية بالسودان وكان لا يُقبل فيها إلا المتفوقين في الدراسة. والمدرسة هي مكان الإقامة والدراسة والطلاب لا يعودون إلى ذويهم إلا في الإجازات. عندما كان في مدرسة حنتوب الثانويَّة كانت فترة انتشر فيها الفكر الشيوعي، كما برزت فيها كذلك الحركة الإسلاميَّة. وفي المدرسة انضم إلى حركة إسلامية ناشئة هي حركة التحرير الإسلامي التي صارت فيما بعد جماعة الإخوان المسلمين. وفي ذلك الوقت لم تكن الحركة على صلة تنظيمية بحركة الإخوان المصرية. ولكنها كانت تتابع أدبياتها وتقرأ لقادتها. وكان الطالب جعفر عضواً نشطاً في الحركة يقيم المحاضرات ويُلقي الدروس.
مرحلة الدراسة الجامعية والتعليم العالي
التحق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ثم تركها ليذهب للدراسة بمصر، ولم يعجبه الحال هناك فعاد إلى جامعة الخرطوم ليدرس فلسفة العلوم والاقتصاد.
في جامعة الخرطوم كان الطالب جعفر شيخ إدريس ناشطاً في الحركة الإسلامية، وأحد أبرز القيادات الطلابية ثم أصبح رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم. وعاصر أول حكم عسكري بقيادة الفريق إبراهيم عبود، الذي وصل إلى السلطة في 17 نوفمبر 1958 . وهو صاحب أول مذكرة للحكم العسكري تطالب فيها الجيش بالعودة إلى ثكناته.
حصل على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف من جامعة الخرطوم في تخصص الفلسفة، وتخصص ثانوي اقتصاد. (1961م). ثم عًين معيدا بالجامعة وسجل لدراسة الماجستير، لكن الجامعة ابتعثته في العام التالي للدراسة بجامعة لندن.
بعد سنتين سقط نظام عبود فترك الدراسة واستقال من الجامعة ليشارك في العمل السياسي الإسلامي. وكان مرشح جيهة الميثاق بمدينة بورتسودان. عاد للجامعة مرة أخرى عام 67
حصل على درجة الدكتوراه من جامعة الخرطوم في تخصص فلسفة العلوم عام 1970م، وكانت الدراسة الفعليَّة في جامعة لندن وذلك حسب الاتفاقية بين الجامعتين في ذلك الوقت.
واضطر للخروج من السودان إبان حكم الرئيس جعفر نميري، فهاجر إلى ليبيا ومنها إلى لندن ثم السعودية
العمل والتدريس
· قسم الفلسفة, جامعة الخرطوم. 1967 – 1973
· قسم الثقافة الإسلامية، كلية التربية، جامعة الرياض (الملك سعود حالياً )
· مركز البحوث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
· قسم الدعوة، كلية الدعوة والإعلام، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
· قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
· وكان يدرس طلاب الدراسات العليا بالجامعة مواد العقيدة والمذاهب المعاصرة كما أشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه
· مدير قسم البحث بمعهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا، التابع لجامعة الإمام ثم عمل مستشاراً للمعهد.
· تقاعد من العمل بجامعة الإمام سنة 1997م
· أسس الجامعة الأمريكية المفتوحة مع بعض الناشطين، ثم أصبح مديراً للهيئة التأسيسية للجامعة.
· عمل ومازال يعمل مستشاراً لعدد من المؤسسات والهيئات الإسلامية في أنحاء العالم بالإضافة إلى كونه عضو مجلس إدارة في العديد منها.
النشاط العام والمؤتمرات
· ألقى دروس ومحاضرات وشارك ندوات ومؤتمرات في كثير من الجامعات والمراكز الإسلامية والمساجد ومراكز البحوث في كثير من بلدان العالم في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأستراليا وأمريكا الشمالية
مجموعة مقالات في صراع الحضارات، وتأثير الغرب على العالم الإسلامي، وما الذي يمكن فعله لمواجهه هذا المد الغربي.
♡ حقائق قرآنية عن المجتمعات البشرية.
القرآن الكريم يعطينا حقائق عامة عن المجتمعات البشرية، ومن هذه الحقائق الإجتماعية:
أولاً: كل جماعة من البشر ترى أن ما هي عليه من المعتقد والقيم والعمل أفضل مما عليه غيرها، مهما كان ما هي عليه باطلاً بمقياس الشرع الحق (كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
ثانياً: أنه كلما كان غيرهم أقرب إليهم كان أحب إليهم (وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا)
ثالثاً: أنهم لا يرضون رضاً كاملاً إلا عن من كان على شاكلتهم (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)
رابعاً: أن حرصهم على أن يكون غيرهم معهم يدفعهم للضغط على المخالف بأنواع من الضغوط تصل أحياناً حد الضرب أو السجن أو النفي أو حتى القتل (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ)
♡ الغرب والحضارة الإسلامية
الحضارة بحسب ما نراه مكونة من جوهر ومظهر، أما الجوهر فهو معتقداتها وقيمها وأنماط السلوك الشائعة فيها، وأما مظهرها فهو إنجازاتها المادية من قوة عسكرية واقتصادية ونظم سياسية وعمران. والصراع بين الحضارات إنما هو في جوهره صراع بين معتقدات، لا بين طبقات ولا عرقيات، فأصحاب الطبقة الواحدة والمنتمون إلى قومية واحدة بل قبيلة واحدة قد يقتل بعضهم بعضاً إذا اختلفت معتقداتهم. ونستطيع القول أنه ليس هناك في واقع الأمر صراع بين حضارة غربية وأخرى إسلامية، لأنه لا توجد اليوم حضارة إسلامية بالمعنى الذي توجد به حضارة غربية أو بالمعنى الذي كانت توجد به حضارة إسلامية. الا أن الحضارة الغربية ذات حساسية بالغة من أي بادرة بعث لتلك الحضارة الإسلامية لسبب تاريخي وهو: أن قادة الفكر الغربي لا ينسون - كما أن كثيرين منا لا ينسون - أن الحضارة الإسلامية كانت هي الحضارة العالمية الوحيدة حتى القرن السابع عشر الميلادي، ومما يزيد من خوفهم قول المختصين منهم في التاريخ الإسلامي أن للإسلام مقدرة عجيبة على العودة كلما هُزم. لذا يبالغ الغرب في خوفه من الإسلام، وبسبب هذا الخوف المرضي يبالغ الغرب في ضغطه على الدول الإسلامية والتدخل في شؤونها ليقضي على كل بادرة نهضة إسلامية تطل برأسها فيها. وليضمن الغرب عدم عودة الحضارة الإسلامية يحرص على أمرين استراتيجيين، هما: * ضمان عدم رجوع الأمة إلى فهم صحيح للقرآن الكريم * ضمان استمرارها ضعيفة محتاجه إلى الغرب
♡ قوة الحضارة الغربية
"لم يغلب الغرب العالم بتفوق في أفكاره أو قيمه أو دينه وإنما غلب بتفوقه في العنف المنظم. إن الغربيين كثيراً ما ينسون هذه الحقيقة، لكن غير الغربيين لا ينسونها أبداً" - هنتنجتون إن الذي يُمكِّن دولة أو حضارة من القدرة على إخضاع دولة أخرى هو شدة قوتها، والقوى أنواع، ويمكن أن نقول أن للحضارة الغربية منها قوتين هما: * القوة الصلبة: ويعنون بها القوة المادية العسكرية والتقنية، ويتم اللجوء لمثل هذا التدخل السافر حين يكون البلد ضعيفاً، لا قدرة له على المقاومة، كما حدث في أفغانستان والعراق. * القوة اللينة: وهي قوة الثقافة وتشمل كل ما عند شعب من الشعوب من عقائد وتصورات وعادات وتقاليد، والتأثير المباشر لهذه القوة أكثر من تأثير القوة الصلبة.
♡ الغزو الثقافي الغربي
لو كنا ننظر إلى الفكر الغربي المُسلط علينا على أنه غزو، لأعددنا لمواجهته ما استطعنا من قوة ولقاومناه بقدر الوسع والطاقة، ولكن مشكلتنا أننا لا نعده غزواً يستعبد، بل قوة تُنقذ وتُحَضِّر وتحرر، ولذا فإننا لا نكتفي بما يوجهه الغرب إلينا من قذائف، بل نسعى للاستزادة من فكره وحضارته. وحل مشكلة هذا الغزو الثقافي الغربي للعالم الإسلامي لا تكون بقطع الوشائج الفكرية بيننا وبين الغرب فإن ذلك غير ممكن وغير مفيد، وإنما يكون بدراسة الحضارة الغربية دراسة تحليلية عميقة للتفرقه بين ما كان منها نافعاً يُؤخذ أو ضاراً يُترك بميزان علمي خُلقي يقبله كل عاقل.
♡ موقف الإسلام إزاء الحضارات الأخرى
والتي دعا إليها الإسلام، تتلخص في أربعة واجبات: ١) دعوتهم إلى الإسلام ٢) إعداد القوة لرد المعتدي منهم ٣) الجنوح إلى السلام ٤) تبادل المنافع
♡ أصول إسلامية للعلاقات الدولية
في الإسلام مبدأ عملي كبير تدخل تحته سائر مبادئه العملية الجزئية وتحكم به، هذا المبدأ يقول: إن الشريعة إنما جاءت لتحصيل المصالح وتكثيرها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وقد رأى بعض العلماء أنه يمكن حصر هذه المصالح في خمسة أنواع: الدين والعقل والنفس والنسل والمال، ولكن اعتبار ما هو مصلحة ومفسدة ليس متروكاً أمره كله لتقديرات البشر وأرائهم، وإنما هو محكوم بتلك الهداية الربانية والتى لا تتناقض مع المتناقضات العقليه، بل كل ما ثبت بصريح العقل أنه مصلحة فهو بالضرورة موافق لهدي الوحي. وعلى أساس هذا المبدأ الكبير تقيم الأمة المسلمة علاقاتها مع غيرها من الدول والجماعات، أي أن الأمة المسلمة تهدف إلى تحقيق هذه المصالح لها ولغيرها.
♡ كيف نواجه الحضارة الغربية؟
لن يتأتى هذا إلا إذا صرنا أمة قائدة، ولتحقيق ذلك علينا: ١) الاستقلال وعدم التبعية للدول الكبرى ٢) الحرية السياسية والعدل الاجتماعي ٣) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتسخير وسائل الإعلام ومناهج التربية والتعليم ومؤسساتها لذلك ٤) تغيير العلوم الإسلامية * بتنقيتها من شوائب التصورات المادية الإلحادية وسائر التصورات المخالفة للإسلام *استبدال الإطار الفلسفي الإلحادي بإطار توحيدي * اعتبار الوحي مصدراً من مصادر الحقيقة * صياغه العلوم كلها بلغة عربية فصيحة ٥) دراسه الغرب تاريخه وواقعه ومستقبله وتجاربه من وجهه نظر إسلامية، فقد آن لنا أن نعكس الأمر فيكون لنا مختصون بشؤون الغرب يعالجون قضاياه على أساس إسلامي، كما قال الشيخ السعدي رحمه الله "إن معرفة أحوال الكفار من أعظم أبواب الجهاد"
صراع الحضارات هكذا اسماه الكاتب .. وكتب فيه عن حضارتين فقط الحضاره الاسلاميه والحضارة الغربيه في البدايه عرف الكاتب الحضارة ومن اي تستمد هذه الحضارة قوتها .. ثم بدأ بتحليل امور كثيرة وتفسيرها وطرح حلول لمواجهه الصراع القائم من الحضارة الغربيه على حضارتنا في نهايه الكتاب عرض حوارات مع صحيفتين
عموما الكتاب جيد ، الاسلوب مستساغ وسلس ، لايوجد فيه كم هائل من المعلومات بقدر الحلول
يقوم جعفر شيخ إدريس بتعريف القارئ عن الأسس الفكرية للحضارة الغربية والحضارات الأخرى من خلال إبراز أوجه الاختلاف بينها وبين الحضارة الإسلامية مع بيان كيفية مقاومة الاحتلال الحضاري