كيف تكونت الظاهرة الدينية؟ ومتى عرف الإنسان المقدَّس, فأحدث له الطقوس, وقام بممارسات خاصة, كانت محور حياة الجماعات الدينية؟ لقد حاولت العقائد وضع تفسيرات للحياة والموت وما بعد الموت والوجود والخلق والخير والشر, لتنظيم الحياة الروحية للجماعة, وكان للكهنة ورجال الدين دور كبير في المجتمع والسياسة. ومع ظهور الأديان التوحيدية في منطقة الشرق الأوسط وتقديمها تصوراً مختلفاً عن العالم, بدأت تتكون الصراعات التي استمرت حتى العصور الوسطى, حين تحولت تلك الصراعات إلى حروب, كان الدين محورها الأساسي. وفي القرن العشرين ومع الحربين العالميتين, وما أفرزتاه من تدمير ومآس وضحايا على مستوى العالم, حدثت مخاضات فكرية قوية وجديدة, خصوصاً في أوروبا, وانتشرت تساؤلات حول المغزى من الوجود, ومصير الإنسانية, ودور الدين, والعلمانية, والفكر الإشتراكي, والإلحاد. كل تلك الدعوات وصلت أصداؤها إلى الشرق الأوسط الذي انطلقت منه الديانات التوحيدية, ليعاد طرح السؤال مجدداً عن دور الدين في المجتمع.
الكتاب "حوار" غير متكافئ ولا منسجم بين كاتبين، الأول يحاول تقديم صورة "حضارية" سطحية عن الإسلام ودوره الاجتماعي، ثم يشغل القارئ بسرد غير مبرر لتاريخ الحركات الإسلامية من منظوره الخاص، بينما يأتي الكاتب الألماني ليستعرض وجهة نظره العلمانية للدين، دون أن يجري أي حوار بينهما.