عباس عبد النور من مواليد دمنهور، شيخ تقي ، سني المذهب. فقيه. مدير تكية. ورث الدين عن آباء مشهود لهم بالتقوى وصلابة العقيدة وحسن السلوك. قضى ستين عاما من عمره مسلما تقيا، وإمام مسجد، وخطيبا رائعا، وكاتبا وشاعرا ومفسرا للقرآن الكريم، ثم نشر كتابه ( محنتي مع القرآن ) وكفر عندما بلغ الثمانين من عمره، وكتابه هو أخطر كتب الالحاد . ألتحق بكلية اصول الدين في الأزهر. ومنح مساعدة من دائرة الأوقاف الإسلامية ، فانتقل إلى جامعة السوربون في باريس ليحضر دكتوراه في فلسفة العلم، وتمكن من الفلسفة والعلم معاً. ولما عاد إلى مدينته أصبح إماماً وخطيباً في أحد مساجدها، وكان له فيها مريدون، نشأهم على الإيمان وحسن العبادة، كما كان أستاذاً جامعياً، ومؤلفاً لكتب فلسفية وعلمية عديدة. إلا أن حياته الفكرية لم تكن من دون قلق ولا حياته الدينية من دون شكوك، لقد كان عقله يثير موضوعات شائكة، وكان إيمانه يكفيه الجواب على كل معضلة.. صراع العلم والإيمان ابتدأ عند عباس باكراً، صراع لم تتح له الفرصة ليطرح علناً. ولو خارج من الخفاء منذ نشأته، لما وصل إلى هذا الحد من العنف المعبر عنه في هذا الكتاب الذي قل نظيره.
قبل أن أعطي رأيي في مضمون الكتاب دعوني أشير إلى زيف المعلومات المزيفة أصلاً والمتعلقة بالكاتب .. فالكاتب ليس مصرياً ( سوري أو لبناني تحديداً ) وليس من شيوخ الأزهر السابقين ولم يلحد في الثمانين من عمره , وأنا شبه متأكدة من هذا .. وربما - وأقول ربما - أن للكتاب كاتبين أو أنّ الكاتب مزاجي جداً أو أنّه كتبه في فترة زمنية تمتد على مرحلتين عمريتين ! .. لا أقول هذا الكلام بغية لوم الكاتب أو التصغير من شأنه .. لكني أستشعر عادةً روح المؤلف - أي مؤلف - وأستطيع استنباط الكثير من المعلومات عنه .. والآن ننتقل إلى موضوع الكتاب .. إحم إحم .. لا أخفيكم أنّي مللت جداً جداً وكنت على وشك ترك قراءته أو تعليقها على الأقل وخصوصاً في النصف الأول من الكتاب .. الكاتب ملحد متعصب في النصف الأول من الكتاب و "لاأدَري" في النصف الآخر ! .. وعلينا دوماً التفريق بين الملحد ( وهو الواثق من عدم وجود إله ) وبين اللاأدري ( متخبط ليس على يقين من أي شيء بخصوص هذه المواضيع ) وبين اللاديني ( لا يؤمن بدين لكنه يؤمن بإله ) .. عادةً ما يتم الخلط بين هذه التسميات .. نسبةً لأنّي قرأت كتباً إلحادية من قبل فأقول أن عبّاس عبد النور هذا يكرر معظم أفكارهم عدا عن أنه قدم جديداً هاهنا بتمحيص القرآن آية فآية لغوياً ( وهو الجزء الذي لم يستهويني في هذا الكتاب ) .. الجميل أثناء قراءتي لهذا الكتاب هو اكتشافي بأني قد وصلت إلى مرحلة من النضج الفكري حول هذه المواضيع وأني قد كونت رأيي الخاص بحيث أن لا الكتب الإلحادية أو الكتب الدينية قد باتت تؤثر ولو بمقدار ذرة حول نظرتي لهذه المواضيع .. وأني أرى الملحدين المتعصبين كالمتدينين المتعصبين تماماً ينظرون إلى الحياة من منظار واحد ضيق بينما الحياة أوسع من هذا بكثير .. كل دين يعبر عن وجهة نظر معينة للحياة قد تكون صحيحة , والأديان إنما جاءت لتسهل على الناس بناء نظرتهم الخاصة الجاهزة حول الكون وهي كلها صحيحة بتكاملها .. لكن إن أتعبنا عقلنا قليلاً وقررنا أن نبني نظرتنا الخاصة بعيداً عن أي مؤثر خارجي فسوف نرى في حياتنا الخاصة أجوبة لكل شيء .. يقول عباس في هذا الكتاب أن الله مجرد فكرة اخترعها البشر .. وأنا أقول أن الله فكرة متجسدة في كل شيء حولنا .. فكرة متجسدة وموجودة .. والقرآن هو وحي يعبر عن الله من منظار معين .. وموسيقا بيتهوفن وحي قد توصلك إلى الله أيضاً ! .. هكذا ..
كانت رحلة عقلية خُضتها بشجاعة وبأقدام ثابته مع عباس عبد النور فى كتابه الفريد والأقرب للكمال .. لو كان هذا الكتاب فى بلد يعرف حرية الفكر والإعتقاد، ولو إستطاع مُبدعه أن يعلن عن هويته لعُدَّ هذا الكتاب من الكتب المقدسة فى تاريخ الإنسانية، هذا الكتاب لا يقل عن روائع الفكر العالمى، لا يقل عن كتاب بحجم (هكذا تكلم زراديشت) .. انتهى الكتاب ولم ينتهى عقلى عن السؤال !
هذا الكتاب من أقوى الكتب التى وجهت نقد عقلانى للإسلام، عباس عبد النور شيخ وعالم أزهرى لا يُشق له غبار، ترك الإسلام وهو فى الثمانين من عمره.
خلاصة الكتاب ومن أجمل ما قرأت فى هذا المجال :
ولعل بيت الشعر هذا يُعبر عن حقيقة ما يُعانيه المسلم من صلف وكبر، فهو رغم خواءه وهشاشة عقله وفكره يظن نفسه أعلى من باقى البشر بسبب إيمانه الدينى :
فى كتابه (محنتى مع القرآن ومع الله فى القرآن) كتب عباس عبد النور فصلاً كاملاً - الفصل الخامس عشر - تحت عنوان "بربريات القرآن"، استهل هذا الفصل بالقطعة التالية :
(المشرك فى القرآن ليس إنساناً، إنه دون ذلك بكثير، فالقرآن ينظر إلى المشرك نظرة بربرية متخلّفة، بعيدةً عن أى ذوق فنى أو تصور حضارى متوازن للإنسان : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" التوبة 28.
وكم كنت أربأ بالقرآن أن يصف المشرك بأنه "نجس"، وهى كلمة نابية كنت أعتقد أنّ القرآن أكبر وأسمى من أن يذكرها بين مفرداته، فضلاً عن أن يُطلقها على أحد خصومه. أنا أستحى أن ألفظ هذه الكلمة، وأرفض أن ترد فى كتاباتى رفضاً قاطعاً، فكيف أُطلقها على إنسان مثلى له كل الحق فى ممارسة حريته فى التفكر وإبداء الرأى، مهما خالفنى هذا الرأى، أما أن ينطق الله بهذه الكلمة ويُنزل بها قرآناً من السماء نتلوه ونتعبد به فى صلواتنا وشعائرنا، فهذا ما لا أفهمه أبداً، ويجب تنزيه الله عنه.
لقد كان من الممكن جداً استبدال هذه الكلمة بأخرى أكثر دلالة منها وأقل صفاقة لكى تنسجم مع ما يُنسب إلى القرآن من إعجاز لا تسمو إليه أذواق البشر ولا تبلغه قدراتهم ومواهبهم. أوبهذه اللفظة القذرة وأمثالها يُقرّر لنا القرآن مستقبل علاقتنا بالآخر، وطريقة تعاملنا مع الآخر، لا لشئ إلا لأنه مجرد آخر، مخالف لنا فى الدين والعقيدة ؟ لقد صحّ قول القائل : "الغرض مرض" ! حقاً الغرض مرض حتى الله لم يسلم منه !!)
عباس عبد النور العالم الأزهرى الذى لا يُشق له غبار ترك الدين وهو فى الثمانين من عمره، السبب الذى كتبت عنه منذ عدة أيام، وهو أن القارئ المتعمق فى الدين الذى يترك الدين يتركه لأن إنسانيته كانت أقوى من الدين.
طه حسين حَلْ هذا الإشكال منذ أكثر من 70 عاماً، عندما كتب فى كتابه (مستقبل الثقافة فى مصر) أنه يجب أن يتم التعامل مع التراث الدينى الإسلامى كتراث دينى غير قابل للتطبيق اليوم. نصر حامد أبو زيد حّلْ هذا الإشكال عندما كتب فى كتبه منذ عشرين عاماً تقريباً عن تاريخية النص الدينى، أنه ينبغى التعامل مع النص الدينى كنص تاريخى غير قابل للتطبيق اليوم.
محزن جدا ان يعمل العقل ويبدأ الشك.. على قدر الحزن يسقط الحمل ويسقط الصنم وينتحر الخداع..
مقدمة الكتاب قصة الكاتب الشخصيه وتحوله من رحلة الايمان الى الشك، من مرحلة تسليم العقل وتأجيره الى مرحلة استرداده عقله ،الفصول التاليه تتكلم عن اوجه مختلفه لبشرية القران الفصاحة والبلاغه المدعاه التناقضات محلية القران ومحدوديته بربريته مع مخالفيه... مايعيب الكتاب الشحن العاطفي، والسوداويه والعدمية ، لوجرد الكاتب كلماته من العواطف سيكون تقييمه اعلى ...
من أروع الكتب التي قرأتها لما فيه ثورة على الذات والافكار الخاطئة المتوارثة والتي لايجرؤ الكثير منا حتى على التفكير بها.
ليس غريباً أن يكون الكاتب يستخدم أسماً ليس بأسمهُ, لأن حرية التعبير في الشرق الاوسط تعني قطع الرقاب, وجمعينا نعرف ماحدث لغيره الكثير من الكتاب الذي كتبوا باسمائهم ودفعوا حياتهم ثمن آراء هي أقل حدة من تلك التي ذكرت في هذا الكتاب.
مؤلف الكتاب شيخ من خريجي الأزهر وحفظة القرآن وعنده معرفة موسوعية بكافة جوانبه وجوانب التشريع الاسلامي مما كان يفترض أن يكون في صالح الكتاب إلا أن المشكلة الكبرى هي في "رحلة الكاتب من الإيمان للشك" نفسها... فعلى مايبدو عاش المؤلف في صراع طويل مع كل النواقص والتزييف والخرافات والتناقضات والفظائع الواردة في القرآن إلا أنه قرر الابقاء على ايمانه وتعبده حتى ضربته المحن الواحدة تلو الأخرى وعندما لم يستجب الله دعواته ولم يشفيه أو يثريه قرر الانتقام بهذا الكتاب. وهنا نقطة ضعف الكتاب الذي يفترض أن يكون دراسة علمية لتبيان النقائص والتناقضات القرآنية إلا أن غضب الكاتب وخيبة أمله و أسلوبه النثري المتأثر بكل ماعابه على القرآن من سجع وتفكك وتناقض حول الكتاب من اطروحة نقدية الى رسالة كره وانتقام كتبها موظف مغبون لرئيسه الظالم
ملحوظة صغيرة:: لو كنت ايمانك مش قوى الافضل متقراش اى كتب تتطعن فى الدين لانها هتزيد ايمانك ضعف و انت كده كده ضعيف،لكن مش هقولك كده، هقولك اقراه ، لكن على الاقل اتعب نفسك و اقرا الرد على الشبههات و التشكيك المطروح،
سأقرأ هذا الكتاب و انا على يقين تام بالدين و بوجود الله لانى مرين برحلة شك لغاية ما اصبحت على يقين تام، قريت اسوأ الاشياء و كان عندى اسوأ التشكيكات، انا الان ايمانى قوى الحمد لله, و مستحيل يرجع يضعف تانى لاى سبب و لاى حجة. فمن يهده الله فلا مضل له
اللى نشر الكتاب ده الملحدين اللى بيلجئوا لتقوية إيمانهم الركيك المخالف للفطرة التى تبحث عن خالق ، بقراءة الطعن فى الاديان مثلما يقرأ المسلم ضعيف الايمان الطعن فى المسيحية لتقوية ايمانه و مثلما يقرأ المسيحى الضعيف الطعن فى الاسلام لتقوية ايمانه و كلها فى النهاية تدل على ضعف ايمانى شديد لانه لو كان قوى كان قوى ايمانه بفهم دينه
لن اشكك فى الكاتب كما يفعل الكثير و اتهمه انه مسيحى و عامل نفسه مسلم و لا ملحد من الاول و لا دارس القران و لا يحزنون بدليل ان محدش سمع عنه و لا يعرف شكله اصلا و لو كان فعلا علامه كبير و شيخ جليل لكان اتعرف ، و لا هقول فين كتبه دى و هو شاعر و فيلسوف زمانه! هكتفى بس بالقول ان مستحيييييل ، حد دخل فى قلبه الايمان بجد يرجع يشك تانى ، الضعف طبيعى لكن الصعف عند مؤمن قوى يتبعه بحث حتى اليقين ، مش انا هطرح اللى مدايقنى فى الدين و هطلع اجرى من غير ما اعرف حتى رد المسلمين ايه ، علما بان فكرة من الايمان للشك فكرة فعلا مضحكة ، ازاى هتشك لو كنت مؤمن ، ازاى هتجهل او كنت عالم ( من العلم للجهل) الا لو مكنتش عالم اصلا و فى هذة الحاله و بعد ان افترضنا انه مش كداب فهو فى الحاله دى لم يكن مؤمن اصلا حاى لو ازهرى ، انا ممكن ادرس نظرية التطور و اشرحها لاجيال و مكنش مؤمنه بيها !
هقول بس انه من حقه يطعن و يشكك ، و نشكره جدا لده ، لان منه المؤمن القوى بيزيد ايمانه، انه يبقى جاهز للرد على كل المشككين بقوة
الكتاب يحمل من التناقضات مايدل على مرض الكاتب النفسى .. والذى يتحدث عن ان فصاحة القرآن مصطنعة من الانسان وانه ليس بقول غير بشر .. وقد استخدم الكاتب تعابير القرآن فى كتابه بالكثرة ياللبلاهه .. وكل حديث الكاتب انه سيكشف فى كتابته كذب القرآن وعدم فصاحته بالادلة .. وكل كلامه مسترسل نمطى انشائى لايحوى من الادلة شئ وانما يحوى من بلاغة الكاتب كل شئ .. بلاغته التى استوحاها من القرآن .. الكتاب يبين عن انسان بداخله حرب نفسية مابين الايمان بالله والالحاد ، وقد انتصر الالحاد فى طريقه على الايمان .. ولكن اى ايمان !! فكلنا نؤمن بوجود الله مسلمين ونصارى .. وقد هاجم الكاتب فى كتابه النصارى والمسيح مثل مهاجمته للمسلمين والقرآن .. فمن هذا عباس عبد النور !!! الاسم الذى لم اسمع عنه قط فى عالم الازهر ولم يعرفه الازهريون وتبرأ من معرفته الازهر .. هذه الشخصية المختلقة التى احدثت ضجة بكتابها الزائف حقيقة الكتاب يستحق الخمس نجوم لبلاغته فى اللغة ولاستشهاده بالآيات المحكمات التى اضافت للكتاب رونق خاص واللتى بها رد لكل مكذوب يتعدى عليها
من الغريب جدا وصف الكاتب بأنه "عالم دين محنك" أو وصف كتابه بالإبداع أو الرائعة الفكرية، لسببين أرفقت بهما صورا توضيحية:
1 معظم ما ذكره الكاتب في كل فصول الكتاب هو تجميع من مصادر أخرى، يمكن الوصول إليها بسهولة بتصفح الانترنت، فالكتاب ليس "ملحمة فكرية"، ولا يستحق أن يكون كذلك، في معظمه هو نسخ ولصق، ولا يجب أن يشكل الكتاب صدمة للقارئ المطلع على مواضيعه
أجد بين قراء غودريدز نماذج عجيبة من القراء بالحقيقة، تعبر عن الضحالة التي وصل إليها الأمر، كيف يجرؤ من لم يقرأ في حياته سوى بضعة كتب على وصف الكتاب بأنه ملحمة فكرية من روائع الفكر العالمي وثورة فكرية وعواصف وما بعرف شو.........
2 جزء كبير من محتوى الكتاب في غاية الضحالة، ويبدو بوضوح أن الكاتب حين يقول إنه بحث كثيرا في كتب المفسرين أنه أتعب نفسه بفتح تفسير الجلالين أو أي تفسير ميسر آخر
احتمال آخر أنه حقا أتعب نفسه في الاطلاع على التفاسير ولكنه يتعمد إخفاء ما تقوله، وهذا ما يطلق عليه "التدليس" ولا أجد ردا على الكاتب أفضل من مقطع فيديو قصير لعدنان العرعور (فاين) يقول له فيه أنت مدلس يعاد عليه كل بضعة أسطر
إذا أردنا تقييم فصول الكتاب: فأول 80 صفحة (ثلاثة فصول) يمكن الاستغناء عن قراءتها، لا تحمل أي إضافة للقارئ وهي كالمقدمة الطويلة يمكن الاستغناء عنها
على كل حال فأول 100 صفحة مسجلة أوديو وموجودة على اليوتيوب لمن يريد اختصار قراءتها
أول حديثين شريفين استشهد بهما الكاتب في الكتاب تبين أنهما ضعيفان
في الصفحة 81 يبدأ الفصل الرابع (إعجاز القرآن) ويمكن تقسيم هذا الفصل لقسمين: انتقادات علمية تأخذ الحيز الأصغر، وانتقادات لغوية عن بلاغة وغموض وترتيب موضوعات القرآن...... لها الحيز الأكبر
أما بالنسبة للانتقادات العلمية فهي تستحق القراءة والتمحيص والبحث بلا شك، وهي ليست من تأليف الكاتب طبعا بل هي موجودة في كل مكان
وأما بالنسبة للانتقادات المتعلقة بلغة القرآن فمعظم محتواها يتسم بالضحالة الشديدة، في الحقيقة يكفي فتح تفسيرين للقرآن الكريم إلى جانب الكتاب لتعلم مدى هشاشة المحتوى
ولأن الكاتب يعلم ذلك، فهو لا يكف عن الهجوم على مفسري القرآن الكريم، ولا يتوقف عن الطعن بهم مرارا وتكرارا بشكل ممل، لأنه يعلم أن اطلاعا جيدا على التفاسير لأي قارئ عادي سينقض ما غزله أنكاثا (يحب الكاتب أن يستخدم تعابير القرآن للدلالة على إطلاعه الشديد وفهمه الغير متناهي)
الفصل الأخير (الخامس) بالنسبة لي فلا اقف عند هذه الحجج
أقترح على القارئ، أن يقفز قبل أن يبدأ بقراءة الكتاب، إلى آخر فقرة في الخاتمة، ليلقي نظرة على "الإعجاز اللغوي" الذي ألفه الكاتب محاكيا القرآن، ولأخذ فكرة عن مدى ضحالة و"غلاظة" اسلوب الكاتب الذي ينتقد الصناعة اللغوية في القرآن
الحجج العلمية أهم بكثير من وجهة نظري -ووجهة نظر الكثيرين أيضا- من اي تحدي آخر يواجهه الإسلام اليوم، وهو الأمر الذي يستحق أن يتم الإلتفات إليه في الحقيقة، ليس كالتفاتتة هارون يحيى طبعا الله لا يعيدها ملا التفاتة
بدون تكبر إن شاء الله: كلام فاضي، ثغرات ومغالطات مخجلة... يمكن يلعب على عقول المساكين الي ينخدعوا بكم كلمة جذابة زي عقل وشك ومنطق ورحلة البحث عن الحقيقة، بس الكاتب أبعد ما يكون عن تطبيق هذي المصطلحات على نفسه، والأقرب إنه محسب المعقول والمنطقي هو ما يستسيغه هواه وإن خالف سكان المعمورة أجمعين، مش المعقول والمنطقي حسب مقاييس علم المنطق.
إذا أمثال هذي الكتب هي سبب إلحاد الشباب اليوم فعلى عقولهم وثقافتهم السلام، يبغالهم كورسات صباحية في المنطق إذا كانوا يبحثوا عن الحق فعلاً وماهم قاعدين يربطوا نفسهم بكم كلمة أكبر منهم لمجرد إنها جذابة زي ما حضرة عباس عبد النور بيسوي. وعموماً في القرن هذا والقرن الماضي ما طلع في وطننا العربي لاديني ذو مشروع فكري حقيقي وممنهج.. كلهم مراهقين مكبوتين وما صدقوا قرأوا كتابين وجاتهم صدمة ثقافية انفجروا بعدها -زي القصيمي، مسمينه فيلسوف ومفكر وكتبه لا تعدو كونها خواطر-، أو ناس تأثروا بتيارات وموجات اجتاحت البلاد -زي عبد الرحمن بدوي رحمه الله-.
وعموماً قلتها وأعيدها، بنو يعرب خربوا كل شيء، خربوا الليبرالية وخلوها محدودة بالدعارة -أعزكم الله-، خربوا العلمانية، خربوا الإلحاد، وحتى الإسلام خربوه... وأملي بعدنان إبراهيم كمسلم مطلع على كل التيارات هذي ولو إنه، بدوره، ما عنده منهجية محددة.. بس ما نقدر نحكم عليه من خلال خطبه ومحاضراته فقط، لأنها عصارة أفكاره. لازم ننتظر صدور الكتب الي وعد فيها عشان نقدر نعرف منهجية الرجل.
طبعاً كلامي، بدوره، كلام فاضي، لأني ما انتقدت محتويات الكتاب فعلياً واكتفيت بالكلام العاطفي -الي قاعد أنتقده-. بس إذا لقيت وقت بإذن الله أرجع أنتقد محتويات الكتاب بشكل تفصيلي وبرقم الصفحة، ويمكن أكتب نقد مفصل لعدد من كتب مراهق نجد -عبد الله القصيمي-، بس إذا لقيت وقت برضو.
معرفة جيّدة بالقرآن والخطاب الدّيني افسدها الاسلوب العاطفي، الغير اكاديمي اجد الكتاب يعزّز اتهامات المتديّنين الاصوليين للملحدين بان الحادهم نتيجة صدمة نفسيّة وياس من استجابة الله للدّعاء وفراغ صبر وهذا مايقول الكاتب انه دفعه لترك الدّين. ثم، هناك الاتهام بان الملحد يقرا القران قراءة مبتسرة وهذا واضح في كثير من شواهد الكاتب من النص القراني وتحويره للكثير من المعاني لدعم رايه. وكذلك تجاهله ما لا يتفق مع اطروحته من نصوص! مثلا يقول ان الله يتجاهل المعارض ولا يقبل الحوار معه ويعطي امثلة، ولكنه يتجاهل حقيقة ان الله حاور ابليس نفسه واورد الحوار في القرآن. حين يتذكر الكاتب هذه النقطة يورد الاية فقط دون اي تعقيب على تعارضها الصارخ مع نظرية رفض الحوار التي تبنّاها قبلا!
اعترض وبشدّة على دعوة الكاتب لتنقية القران وحذف آيات لا تعجبه منه. القران نص تاريخي، توثيقي، ادبي بقدر ماهو نص ديني وتشويه اي وثيقة تاريخية مرفوض اتفقت معها ام لم تتفق. هكذا دعوة لا تختلف ابدا عن دعوة الاصوليين لهدم تمثال ابو الهول.
بالمجمل، لم يعجبني والنجمتين لجراة الطّرح والدعوة لرفع ستار القداسة عن النّص وقراءته من منـظور التفنيد والنقد.
كان إبحارا جميلا مع الصديق عباس عبد النور ، والذي بدأ كتابه من حكايته لنا عن المعاناة التي كان يعاني منها والأمراض التي أصابته ، مما أدى به للنظر للحياة نظرة سوداوية ،ليبدأ بها هذه الرحلة، والتي صراحة لايجب أن تدون في هذا الكتاب ،الذي لا يحتاج إلى مقدمة مثل هذه ، والتي ظهر تأثيرها عليه من مستهل الحديث إلى نهايته ،بدأ يحكي عن معاناته من عدم استجابة الله لدعائه، ونزه نفسه على أنه كان أتقى أتقياء الله في الكون،، ثم إن حالته المادية التي تدهورت كان يريد من الله أن ينزل من عليائه لينقده مما تسبب فيه هو بعدما هلك نفسه في طرقات الحياة، إنه من خلال ما حكى لنا كان كتلميذ وُضع الإمتحان أمامه ويعرف الإجابة عن كل الأسئلة لكن رفض الإجابة عنها بداعي أنه يعرفها كلها، وأعطى الورقة خاوية على عروشها،وبعدها ماذا فعل ؟لقد كان ينتظر في آخر المطاف أن يعلقوا أسمه ضمن لائحة الناجحين... كلا إنه ضعف كبير في التفكير وتواكل وتكبر في غير محله يا صديقي ، ثم انتقل من هذه الرحلة ومن هذه التناقضات لينكر ما فعله الأساتذة ضده لينكر بيداغوجيتهم وطريقتهم في التصحيح وينكر الإمتحان الكتابي عليهم بدعوى أنه شفويا يعرف كيف يجيب على الأسئلة أفضل من زملائه في الفصل،أليست بداية مشينة،ومتعثرة لمفكر وفيلسوف كبير إن أردنا تسميته كذلك،لا أنكر أن بلاغته اللغوية تلك ، مكنته من أن يصنع له أتباعا أو ببغاوات كثر ليرددوا كلامه ويستعينوا بها لدعم شكوكهم ،ولنفي جهلهم اللغوي ،والذين من أغلبهم لا يستطيع أن يفرق بين الفعل والفاعل والمفعول به ، حتى لأَنهم يجعلون من الفاعل مجهولا به ... لقد ابتدأ رحلته بعنوانه رحلتي من الإيمان إلى الشك ؟ انظروا،أليس هذا عنوانا ركيكا جدا؟ وعنادا ومخالفة في غير محلها ،ليرد بها عنوة على د. مصطفى محمود في كتابه رحلتي من الشك إلى الإيمان... أليس الشك من يقود إلى الإيمان ... ثم ما معنى الإيمان إن لم ينبني قبلا على بحث وبحوث عن براهين وحجج ودلائل كثيرة في مستنقعات الشك ليخرج نفسه منها عن اقتناع لبحر الإيمان ... ما هذه الرحلة العكسية من العلم إلى الجهل؟ألم يلاحظ هذا الفيلسوف والمفكر أنه وقع في حفرة بناها لنفسه؟ ليتهم غيره على أنهم السبب في ذلك بعد السقوط في الإمتحان ... ومن بعد هذه الرحلة التي حاول فيها اجترار أفكار غيره من السابقين في إنكار القرآن على أنه كلام من عند الله ،مستعينا بمنهجية مشوشة ومرتبكة،وبما أنه مشوش حتما ستجعل من الإستعانة بأفكار غيره شفاء لهذا التوتر النفسي أو على الأقل تخفيفا من تأثيره ، استعان بابن الراوندي والفخر الرازي لإنكار النبوات ومن ثم انكار المعجزات ليؤكد بشرية القرآن ؟ يالك من ذكي حقا؟ وأنا ابن الثانية عشر قرآت كل هذا ووجدته فقط هروبا من الواقع كما هو هروب من تحمل مسؤولية الأشياء،كشخص لم يسطع أن يتحمل واقعه،ووجد أن الحل للإنتهاء والهروب منه هو إنكاره ... هذه ليست منهجية صالحة في واقع هذه الحياة... لثد انتقل الصديق عباس عبد النور ليبين بعد ذلك تناقضات القرآن وهل هو كلام إعجازي أم تعجيزي وكذلك تبيانا للأخطاء اللغوية فيه وركاكته... لكن من أي منطلق بدأ كل هذا ؟ لقد انتقل من البداية بالطعن في كل الفقهاء اللغويين ووصفهم بأنهم ينتهجون طريقة اللفلفة والهرطقة وهذه نظرة قاصرة من ملاحظة عامية وسائدة وليس من باحث في علوم اللغة والبلاغة.... هناك الكثير من الأخطاء التي وقع ضحيتها نظرا لنفسيته الغير متوازنة .... أستعين بذلك لتبيين هفواته انطلاقا مما كتبه الصديق المميز سامر إسلامبولي الذي كشف بعضا من هفواته من بينها :
''قوله : ( إن أدلة إثبات وجود الله تتساوى مع أدلة نفيه ، وكلما أتيت بدليل إثبات أُؤتيك بدليل نفي له ) . وهذا الكلام مغالطة كبيرة ما كان ينبغي لدكتور فلسفة أن يقع فيها ! أخي القارئ انظر إلى هذه القواعد العقلية المنطقية التي هي محل تسليم من العقلاء بناء على ثبوتها في الواقع '' النفي لا يحتاج إلى برهان ، وإنما الإثبات يحتاج إلى برهان ومن ذلك صاغ الحقوقيون قاعدة ( البينة على المدعي ) أو ( إن كنت مدعياً فالبينة ) . إن إثبات أمر ببرهان هو في حد ذاته يتضمن نفي النفي ضرورة . وبالتالي لا يصح أن يأتي إنسان ويقول : أنا سوف آتيك ببرهان على نفي ما تم إثباته ببرهان . فهذا كلام هراء وهرطقة وسفسطة لا يعتد به الفلاسفة أو العقلاء ، ولا يقيمون له وزناً . انظر مثلاً لجملة : الشمس ساطعة . فهي جملة خبرية تثبت سطوع الشمس من خلال الحس بالواقع المشاهد أو المحسوس وبذلك الإثبات المرافق للبرهان الحسي تم عملية نفي النفي لعملية سطوع الشمس ، فيكف يمكن أن يأتي عباس ببرهان على نفي سطوع الشمس !؟. الأمور البديهية لا يصح نقاشها ، أو ضياع الوقت على البرهنة عليها . نحو نصف الأربعة اثنين ، أو يملك الإنسان وعياً وإدراكاً لما حوله . وقصدت بذلك مسألة نقاش وجود الفاعل ( الخالق ) ، هل يقبل أحدكم ( وهو فعل ) أن يناقش مسألة وجود فاعل له !؟ انظر على سبيل المثال : جملة ( قرأ زيد الدرس ) وتصور أن فِعل ( قرأ ) صار عنده وعياً وإدراكاً ، وذهب إلى فعل ( كتب ) مثلاً ، وقال له : أنا أشك بوجود زيد وأنه فاعل !؟ ماذا يمكن أن يرد عليه فعل ( كتب ) ؟ وهذا مفهوم قوله تعالى : ( أفي الله شك فاطر السموات والأرض ) أفي الفاعل تشك أيها الفعل القاصر !؟ إن وجود الفاعل أثبت وأشد وضوحاً من وجود الفعل ، غير أن الفاعل سابق في وجوده عن الفعل ضرورة! ومع ذلك شك الفعل عباس بوجود فاعل له !! إن هذا لشيء عجاب !!. إن الموقف الذي اتخذه عباس كان نتيجة ظروفه النفسية والمادية السيئة ، والسؤال الذي يفرض ذاته هو : هل كان من الممكن أن يبقى عباس على ما هو عليه من أفكار لو تم تغيير ظروفه السيئة !؟
أما مسألة قصور وسوء فهمه للآيات ، فسوف أستعرض بعض منها لأبين للقارئ كيف أن عباس لم يُعمل عقله أبداً ، وإنما اكتفى بتلاوة التراث ، وبناء عليه حكم على النص القرآني ، وكان الأجدر به أن يدرس القرآن ذاته ، ولكن أنى له أن يفهمه إذا دخل إليه ابتداء وهو يعتقد بكذبه وبطلانه . 1- قوله ( إن دلالة كلمة ( الظن ) ) تأتي في القرآن بصورة متناقضة ومختلفة ، فتارة بمعنى الشك ، وتارة بمعنى اليقين ). وكذلك قال بالنسبة لدلالة كلمة ( المحصنات ) . أقول له،ولأمثاله: إن جهلكم باللسان العربي هو الذي أوصلكم إلى هذه الإشكاليات . فالكلمة في اللسان العربي لها دلالة أو مفهوماً تجريدياً واحداً فقط ، ولكن حين استخدامها على أرض الواقع تلبس صورة الاستخدام وترتبط به ، ويتم فهمهما بناء على ذلك دون إلغاء لمفهومها اللساني . أ-كلمة ( ظن ) تدل على ميل وشعور في داخل الإنسان ، فإن كان هذا الشعور ضعيفاً فيظهر بصورة الشك ، وإن زاد ورجح فيظهر بصورة الظن الغالب ، وإن تم البرهنة عليه صار يقيناً . وقد تم استخدام كلمة ( الظن ) في القرآن بالصور الثلاثة . 1- ظن شك ( إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ) الأنعام 116 2- ظن غالب ( وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخرَّ راكعاً وأناب ) ص 24 3- ظن يقين ( الذين يظنون أنهم مُلاقوا لله ) البقرة 249 ب- كلمة ( حصن ) تدل على المنعة والحماية والستر ، ومن ذلك الوجه تم إطلاق كلمة ( الحصن ) على البناء الذي يتم بناءه لحماية المدينة . وظهرت كلمة ( محصنة ) في القرآن متعلقة بالمرأة على عدة صور : 1- إحصان المرأة من خلال انتمائها إلى أسرة ومجتمع تكون لها بمثابة الحصن .( ومن لم يستطع طولاً أن ينكح المحصنات ......)النساء 25 2- إحصان المرأة من خلال انتمائها إلى زوج يكون لها بمثابة الحصن . حُرِّم عليكم أمهاتكم .....، والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) النساء 24 3- إحصان المرأة من خلال التزامها بالقيم والأخلاق والعفة حيث تكون لها بمثابة الحصن ( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا ) الأنبياء 91 ت- قال عباس : إن القرآن يهبط في صياغته البلاغية أحياناً إلى مستوى ما ينبغي أن يصل إليه عامة الناس . وضرب مثلاً على ذلك قوله تعالى : [ وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا ....] الزمر 71 وقوله تعالى : [ وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا....] الزمر 73 وقال : إن دلالة كلمة ( سيق ) كما ذكر المفسرون في كتبهم أنها تدل على السوق بعنف وشدة لإذلال الكفار ، فهي عملية سوق إجبارية وقهرية وإذلالية ، فكيف يصف الله المؤمنين بعملية السوق هذه ، ويشبهم بسوق الكفار أو سوق الأنعام ؟ ألا يدل ذلك على هبوط بلاغة النص القرآني ، وأنه ليس من عند الله ( إن كان يوجد إله ) . ونقول لعباس الملحد : إن كلمة ( سوق ) تدل على إتيان شيء بصورة غير محددة ممتدة بانضمام منتهية بوقف أو قطع شديد . ومن هذا الوجه سمي المكان الذي تجُلب إليه البضائع من كل حدب وصوب سوقاً . فدلالة كلمة ( سوق ) لا علاقة لها بذم أو مدح ، وإنما تستخدم على كل ما يتم سوقه دون إرادة منه أو معرفة . ومن ذلك الوجه نستخدم كلمة ( السوق ) لبدء عملية طلب الشباب إلى الجيش بصورة إجبارية ، ونستخدمها على سوق السيارة والبهائم . فعملية سوق الكفار إلى جهنم تحقق فيها صفة عدم الإرادة و المعرفة لجهنم ، وكذلك المؤمنين يُساقون إلى الجنة دون إرادة منهم أو معرفة لها ، لأن قرار الدخول لم يصدر منهم ، ونفي الإرادة لا يعني بالضرورة القهر والإجبار ، فهذا متعلق بالشيء الذي يُساق إليه الإنسان ، فإن كان يُساق إلى ما يَكره وفيه هلاكه يترتب على ذلك السوق قهر الإرادة والإذلال له، وإن كان يُساق إلى ما يحب ويرضى، فلا يترتب على ذلك قهر إرادته ، بل الرضا والسرور بعملية السوق . وعدم استخدام هذه الكلمة ( السوق ) في ثقافة المجتمع إلا مرتبطة بقهر الإرادة والإذلال عامة نحو سوق البهائم ، فهذا ليس بحجة على اللسان العربي ، لأن القرآن نزل باللسان العربي، ولم ينزل بما تعارف عليه الناس من مصطلحات أو استخدامات . وبذلك يظهر لنا صواب استخدام كلمة ( سيق ) للكفار إلى جهنم ، وللمؤمنين إل الجنة ، فهي تُصور الحدث على حقيقته تماماً من حيث عدم صدور القرار منهم ، وعدم معرفتهم بكيفية الذهاب إلى مصيرهم، وترتب على سَوق عملية الكفار القهر والإذلال لهم لأنهم يساقون إلى ما يكرهون ، بينما المؤمنون يساقون إلى ما يحبون ، فيسيرون وهم مسرورون مُكَرَّمون ظاهر عليهم الرضا والانشراح . ث - وتناول عباس هذا قوله تعالى : [ وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ] وسأل سؤالاً وجهه إلى السادة المفسرين : ما هي العلاقة المنطقية بين فعل الشرط ( ألا تُقسطوا في اليتامى ) مع جواب الشرط ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) وظن أنه ألقم المفسرين حجراً ، و بنى نتيجته الوهمية نتيجة وهمه الأول، فقال : لا بد من وجود جملة بين فعل الشرط وجوابه تُبين هذه العلاقة ، وهذه الجملة قد تم نسيانها أو نسخها أو تحريفها، مما يؤكد تحريف النص القرآني، وهو ليس من عند الله.( إن كان يوجد إلهاً أصلاً) . ولقد تناولت تفسير هذا النص في مقالات سابقة ، وسأختصره هنا : إن كلمة ( قسط ) لا تدل على عدل أو ظلم ، وإنما تدل على عملية القسمة والتجزئة . وكلمة ( يتامى ) تطلق على الأولاد ( ذكوراً وإناثاً ) الذين فقدوا والدهم وهم دون سن البلوغ ، وليسوا هم محل النكاح لقصورهم . والنص يتكلم عن العناية بالأيتام وأموالهم حسب سياق النص ، وما قبله وما بعده من نصوص . ويكون مفهوم النص هو : إن شعرتم بأنفسكم أنك لن تقعوا في عملية القسمة والتجزئة للأيتام عن أمهم ، ولن تأكلوا أموالهم ( نفي لفعل حصول القسط ) فانكحوا ما طاب لكم من أمهات اليتامى ، وتم استخدام كلمة ( نساء ) لأن أمهات اليتامى هن جزء من مفهوم النساء ، وبذلك الاستخدام أتى الشارع بفهم زائد على نكاح اليتامى ، وهو إباحة نكاح النساء عموماً إضافة للحكم الخاص لأمهات اليتامى ، ولو تم استخدام أمهات اليتامى عوضاً عن كلمة ( النساء ) لتم حصر التعددية بهن فقط . وبذلك يظهر العلاقة المنطقية بين فعل الشرط وجواب الشرط في النص دون لبس أو إشكال. ج- أما قوله فيما يتعلق بقوله تعالى : [ والنازعات غرقاً ، والناشطات نشطاً ] وأمثال هذه النصوص الخبرية بأنها كلام فارغ لا قيمة له ولا معنى ، فهذا عجيب وغريب من أن يصدر من دكتور فلسفة ! ألا يعلم هذا الفعل الناقص ( عباس ) أن الفعل يستحيل أن يدرك أبعاد ومعاني أفعال الفاعل كلها !!، ناهيك عن استحالة إدراك مقاصد الفاعل!! ، لذا، سؤاله وإشكاله لا قيمة له البتة على أرض الواقع ، فالنص القرآني لم ينزل إلى عباس فقط ليدرك معانيه ومقاصده ، وإنما نزل إلى الناس جميعاً عبر الزمان والمكان ، وكل مجتمع يأخذ نصيبه العلمي والمعرفي منه من خلال استخدام أرقى أدواته المعرفية التي وصل إليها ، ويتم الحكم على أحقية القرآن ومصدريته بصورة كلية وعامة، فإن تم ذلك ثبتت مصدريته الربانية ، ويتعامل الإنسان معه بصورة نسبية بقيادة العقل، والعلم، ومنظومة القرآن، ويترك الجزئيات إلى غيره من المجتمعات اللاحقة لتقوم بمتابعة الدراسة والتراكم العلمي، وهكذا يستمر عطاء النص القرآني وصلاحيته لكل زمان ومكان . لذا ، ما قام به الفعل الناقص ( عباس ) هو موقف غير علمي ، لأن انتفاء علم الإنسان عن شيء لا ينفي وجود الشيء أو صوابه ، لأن الإنسان قاصر ومحدود العلم والمعرفة . ح - لقد خلط بين دلالة فعل ( قرأ ) ودلالة فعل ( تلى ) ، وعدَّ أن القراءة مصدر لفعل التلاوة . خ - فسر آية ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) بالكتلة التي تظهر على جبين الإنسان من أثر احتكاكه في السجود . وهذا تفسير مضحك وهزلي ، فالنص يشير إلى سمة الإنسان المسلم سلوكياً من أثر خضوعه لأوامر الله عز وجل في المجتمع فيظهر بصفة الإنسان الصالح ، ويظهر ذلك على وجهه سروراً وبهجة و رضا وثقة بالنفس ، لا علاقة لذلك بالكتلة الدهنية التي تظهر على الجبين!!! . د- ادعى أن الفلسفات أنكرت وجود الله ، والصواب، أنها اختلفت في ماهية الله، وأحديته، وليس في وجوده. ذ- وصف مسألة إنكار وجود الله بأنها الحق المبين ، ولا أدري كيف يكون نفي الفاعل حق مبين مع إثبات وجود الفعل الذي يمثله عباس نفسه!! . ر- فهم أن الدعاء في القرآن هو سبب حتمي لحصول الأشياء ، فقام بالدعاء فلم يتم الاستجابة له فأنكر وجود الفاعل لأنه لم يرد عليه ، وكأن الفاعل يستمد وجوده من فعله أو اعتراف الفعل به !! ز- كذبه وافتراؤه بوجود آيات كثيرة معارضة للحقائق العلمية في القرآن !! س- عدَّ أن النص القرآني فوضوي ومُقطَّع الأوصال، والمواضيع لعجزه عن التعامل معه،وفاته أن القرآن له نظام خاص به، ومفاتيح داخلية، وخارجية لدراسته كامنة في ذات النص...'' إن كل هذه الهيلالة ''الجلجلة التي أثارها عباس عبد النور شيء عادي بالنسبة لشخص لا يرضى بالواقع الذي يعيش فيه، والذي يرغب في حياة هانئة دون أدنى تعب... سأختم بقولة صغيرة وبسيطة جدا وهي رسالة قصيرة : ''لو عرف عباس عبد النور لذة المعاناة وما يمكن أن ينبع منها من لأليء تضيء لحياته نورا،لما اعتبر المعاناة شر ،لأن اعتبار أن المعاناة على أنها شر هو شيء يجب إبطاله وهو غباء أشد خطورة..''
تسفيه اي كتاب و ذم صاحبه هو امر يبرع فيه اي جاهل و ادعاء بعض الرادين علي الكتاب بأن الحديث الفلاني ليس له اصل او غيرها من ادعاءات غير صحيحة هو فلس من الحجة
و بناء عليه انا هاكتب ريفيو للي حابب يقرأ الكتاب بشكل موضوعي اولا الجزء المتعلق بالبلاغة في الكتاب يناقشها الكاتب بمصادرة علي المطلوب! فالبلاغة و النحو عنده هي اوهام اخترعها المفسرون لتعظيم القرآن و سد فراغاته او تجميل عباراته الركيكة, و بذلك لا يدع مجالا ان نورد كم المغالطات البلاغية التي تكلم عنها و لكن يكفي كمثال في اول آية اوردها هو في هذا المبحث حيث عدم تفريقه بين الآية من سورة الزمر "حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا) فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا)" و بين الآية من سورة فصلت "حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا) شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ)" فالكاتب يهرف بما لا يعلم في البلاغة و يورد آية فصلت من دون "ما" فيقول (حتي اذا جاؤوها) شهد عليهم سمعهم.....الآية و (ما) التي حذفها من الآية بلاغيا تفيد التعجب من شيء لم يكن بالحسبان و هو شهادة السمع و البصر و الجلود عليهم في حين في سورة الزمر وردت الآية من دون "ما" لعدم وجود شيء يدعو للتعجب فهي مجرد ابواب تفتح ــــ و لمن سيقرأ الكتاب سيلاحظ ايضا ان الكاتب يورد آيات كثيرة منقوصة كما بينت اعلاه و لا يبدي اهتمام في التزام حرفي لنقل النص و هو ما يجعل نقده للبلاغة, و بالتبعية الرد عليه, ليس له اي معني ـــــ
ثانيا حوالي نصف الكتاب او ما يقرب من ثلثي الكتاب يمكن الرد عليه بقراءتك لأعمال محمد شحرور و اهمها كتاب (الكتاب و القرآن) فهو عمل معاصر سيرضي عقلك اكثر بكثير من كتب التراث التقليدية المجترة اجترارا ـــــ
ثالثا سيبقي في هذا الكتاب اسئلة دون اجابات, فهي من نوع الاسئلة التي تحدثنا بها انفسنا بين الفينة و الاخري و هي بالنسبة لي, كما ارجو ان تكون بالنسبة لكل ذي لب, مدار بحث لا مدار تسرع الي الحاد
و أين الله عن كل ما يحدث للابرياء من قتل و جوع و تعذيب؟
ومن هو الله؟
ومن أوجده؟
وهل القرآن صناعة بشرية؟
ولماذا التناقضات موجودة في كثير من الآيات؟
تلك الأسئلة وغيرها الكثير كانت تراوده منذ ريعان شبابه، ولكن الحاجز الديني كان يمنعه من الأستمرار في التفكير والبحث و التقصي، هذا جانب مما ذكره رجل الدين الازهري عباس عبد النور في كتابه (محنتي مع القرآن ومع الله في القرآن)
لم يؤلف عباس عبد النور هذا الكتاب وهو في الثمانينات من عمره إلا بعد معاناته في الحياة من ضائقة دنيوية ألمت به ودعاء ربه مراراً و تكراراً بدون توقف لمساعدته على تخطيها ولكن بدون فائدة حسب رأيه،
ولم يكن اعتناقه للمسيحية لفترة معينة إلا بحثاً عن الله المذكور في الكتب السماوية،
ليعود للاسلام ويتمسك بكل أمل في استجابة دعوته لفك كربته ولكن بلا فائدة حسب رأيه، لتلتحم الأسئلة القديمة مع شكوكه الحالية بيقينية أن كل الأديان ما هي إلا نتاج فكري بشري لا أكثر،
يبحث هذا الكتاب في القسم الأول الإشكاليات التي تواجه النص القرآني من نواحي عديدة حسب رأي الكاتب، ويضعها في مواجهة العقل و المنطق والمقارنة،
أما القسم الثاني فيخصصه عباس عبد النور للحديث عن الذات الالهية في القرآن من منظور عقلي بحت و رأيه عن الاله من جانب مادي ومن جانب دلالة وجوده من عدمه،
ويستدل على بعض العلماء المعروفين الذين جابهوا الدين بالعقل مثل أبو بكر الرازي و أبن الراوندي وغيرهم،
فننقل هنا أحد أقوال أبو بكر الرازي عن الدين حيث يقول (بأن أهل الشرائع أخذوا الدين عن رؤسائهم بالتقليد. ونهوا عن النظر و البحث عن الأصول. و رووا عنهم أخباراً توجب عليهم ترك النظر في هذه الأصول. وتوجب الكفر على من خالف ذلك. فإذا سُئل الرؤساء عن الدليل على صحة دعواهم استطاروا غضباً وهدروا دم من يطالبهم بذلك. ثم جاء طول الإلف ومر الأيام والعادة و اغترار الناس بلحى التيوس المتصدرين في المجالس. يمزقون حلوقهم بالأكاذيب والخرافات ومن حولهم ضعفاء العقول من الرجال و النساء و الصبيان. حتى رسخ ذلك في الناس وصار لهم طبعاً و عادة، )
إن الكتاب الذي بين أيدينا يمثل الحالة الجدلية القديمة بين تحليل النصوص والايمان المطلق بالغيب و الاله، وهذا الجدل لن ينتهي ما دامت الكثير من الأسئلة لم يتم الرد عليها في حدود العقل و المنطق،
إن هذا الكتاب لا يستهدف مؤلفه الجدل، ولكن يطلب الحجة بالحجة والرد بالبرهان وهو بأعتقادي من المستحيلات لأن الأديان قاطبة هي عبارة عن ايمان الإنسان بأمور غيبية وغير منطقية في كثير من الأحيان، ولذلك على القارئ العزيز أن يأخذ هذا الكتاب بكل تجرد من ايدلوجيته الدينية، فحسب رأيي أن الإنسان المؤمن الذي لا يستطيع تحمل مقالة أو فكرة أو كتاب يخالف معتقده هو كقطعة الثلج التي ستذوب بسبب حرارة الفكرة عاجلاً أو اجلاً،
لم استطع اكمال الكتاب لست ضد الفكرة التى يدور حولها ،وان كان من الافضل أن يكتب بلا مقدمة او اسباب يستند اليها الكاتب ؛ لانى اراها اسباب هشة ليست بالعمق الكافى بل حولت كل ردوده الى ردود مشخصنة
الكتاب يخلو من منهجية متماسكة لعرض افكاره ،يخلو من العمق ومن الدقة ، مثقل بالتكرار ،يفوق الغضب فيه العقل ،وتفوق فيه السخرية وضوح العرض يعتمد على الانشاء والاسترسال اكثر من الاعتماد على افكار مكتملة منطقية
الكاتب ليس متمكن من ادواته
مع ضخامة العنوان لم اجد فى المحتوى فلسفة وعرض قوى للافكار ودحض لما يريد نقده بضخامة العنوان
الكتاب بداخله صراع نفسى وشكوك وان كنت قرأت كتبا لمفكرين مثل القصيمى تحمل مرارة الشك افضل من هذا بكثير من كل الجوانب
لا يخلو الكتاب من نقاط جيدة مثل طرحه بعض الايات التى تعتبر طرف خيط يمكن للقارئ ت��بعه بنفسه ليفكر ويستنتج
2- حديث الكاتب عن محنته مهم جدا لفهم وجهة نظرة في القران و الله فالتجربة الشخصية حاكمة ع راي الكاتب بشكل كبير
3-يتعامل الكاتب مع حرفية النص القراني ولا يقبل اي محاولة لتاويل الكلمات القرانية
4-النقد الموجه للنص القراني في رايي نقد مهم جدا ... و اغلب ماقاله الكاتب يثير الكثير من الاسئلة و يحث ع اعادة النظر في النظرة الي القران خصوصا اذا تعاملنا مع خرفية النص كما تعامل الكاتب، وبعض ما قال الكاتب يمكن الرد عليه لكن تظل هناك اسئلة مهمة ليس لها رد
5- سؤاله عن الاله سوال جديد و مهم هل الاله فعال ام غير فعال
6- اسلوب الكاتب اكثر من رائع و استخدامة للغه فوق الممتاز
7-هذا الكتاب لاينصح به للمتعصبين و من يخاف ع ايمانه ان يضيع و ينصح به لمن يريد ان يري الامور بصورة غير معتادة
8- الكتاب دعوة الي التفكر و النقد و اعمال العقل بلا قيود
"تبا للوجود إذا لم يفجر في الإنسان قلق الوجود والإحساس بالدهشة أمام الوجود.... وإذا لم يقتنص الإنسان الشرارة التي تنطلق من الآتون المتأجج في ضمير الوجود"
اجد هذه الكلمات المقتبسة من الكتاب معبرة عن مضمون الكتاب والحالة التي كان فيها المؤلف اثناء رحلته في البحث عن حقيقة الوجود. قبعد ان كان مطمئنا عاد قلقا مندهشا يدرك انه لم يكن يدرك الكثير عن الحقيقة. فقد فعل ما يتوجب عليه فعله كونه انساناَ
الكتاب يصف مسار الرحلة. ويتعرض الي صراع الرجل مع النص القرآني ولا سيما انه ازهري شكل النص وجدانه وافكاره.
اعتقد انه يستحق القراءة
ما لم يعجبني في الكتاب تكرار الأفكار في اكثر من موضع. لعل المؤلف كتبه ليزيح شيئا عن صدره اكثر من كونه يكتب بمنهج للبحث والكتابة
عباس هذا و كتابه المزعومه قصة وهمية من بدايتها لنهايتها ، لا اعلم سبب ان هناك من يقيم هذا الكتاب حتى لو بنجمة و ما هو الا اكذوبة اخرى ، لعبة اخرى ممن يريدون بهذا الدين سوء . أنقل ما كتبه الدكتور ابراهيم عوض عن هذا الكتاب و عباسه المزعوم.
عباس عبد النور: محنته مع القرآن أم مع عقله؟
* د. إبراهيم عوض
د. ابراهيم عوض الاستاذ بجامعة عين شمس بغتة وعلى غير انتظار اصطدمتُ فى المواقع والمنتديات النصرانية المهجرية بكتاب اسمه: "محنتى مع القرآن" مطبوع على غلافه أنه منشور فى دمنهور سنة 2004م وأن مؤلفه دكتور مصرى اسمه عباس عبد النور وأنه من الكتب الممنوعة من التداول.
وكانت نبرة الفرح والشماتة واضحة بل صارخة فى تلك المنتديات والمواقع على اعتبار أن صاحب الكتاب عالم دينى مسلم انقلب على الإسلام وأعلن تبرؤه منه وكُفْرَه به، وأخذ يهاجمه ويهاجم الكتاب الذى نزل على نبيه مؤكدا أنه لم ينزل من السماء، وليس ثمة إله ولا يحزنون.
ولقد نزّلتُ الكتاب فى التو واللحظة على جهازى وشرعت أقرأ فيه قليلا قليلا فى بعض أيام رمضان المبارك رغم انشغالى ببعض الأعمال الشديدة الأهمية. وكنت أدوّن ما يعنّ لى من ملاحظات على ما فى الكتاب كلما قرأت شيئا يستدعى ذلك.
وأول ما عن لى من تلك الملاحظات هو: هل هناك شخص حقيقى باسم عباس عبد النور؟ فأين هو؟ وما الذى يعرفه الناس عنه فى مصر، وفى دمنهور على وجه الخصوص بوصفها المدينة التى كان يعيش فيها وتعيش فيها أسرته من قبل جيلا وراء جيل، تُخَرِّج كبار علماء الدين ومشايخ الطرق؟
لقد جَشَّمْتُ صديقا لى أن يتقصى هذا الأمر فاتصل ببعض معارفه فى دمنهور فنَفَوْا أن يكون فى مدينتهم أسرة بهذا اللقب أو شخص بهذه الصفات. بل إن الإنسان ليتساءل حائرا: ترى هل لقب "عبد النور" شائع بين المسلمين المصريين؟ .
لقد رحت أكد ذهنى وأعصر ذاكرتى لعلى أستطيع أن أتذكر شخصا أعرفه أو سمعت به أو قرأت عنه يحمل هذا اللقب فلم يتيسر لى رغم ما بذلت من جهد جهيد. ونفس الإجابة سمعتها من كل من استطلعت رأيهم فى ذلك الموضوع. كل ما استطعنا أن نستحضره فى بالنا هو لقب "أبو النور"، أما "عبد النور" فكلا وألف كلا.
ثم إن المروجين للكتاب، ومعهم كاتب مقدمته، يذكرون للمؤلف دواوين شعرية وكتبا فى الفلسفة والدين وتفسير القرآن، ويصفونه بما يفيد أنه كان خطيبًا مِصْقَعًا، وهو ما يعنى أنه كان مشهورا بعيد الصيت، فكيف غاب عنا عالم وشاعر وخطيب ومؤلف على هذه الشاكلة؟ إننا لا نتذكر من المعروفين أرباب الكلمة من أهل دمنهور سوى د. عبد الوهاب المسيرى، وكذلك عبد المعطى المسيرى، الذى كان صاحب مقهى هناك، والذى لم أقرأ له إلا كتابا واحدا.
فإذا كان عباس عبد النور له كل تلك الكتب والأشعار، وكان من الخطباء المفوهين الكبار، وكان فوق ذلك حاصلا على الدكتوراه فى الفلسفة من باريس، فكيف جهلناه وجهله غيرنا فى طول البلاد وعرضها على هذا النحو المخزى؟ أولو كان عبد النور شخصا حقيقيا، وليس شخصا مزيفا كما يقول كل شىء كتبه عنه واضع مقدمة الكتاب وكتبه هو عن نفسه فى دَرْجه، أكنا نجهله ويجهله الناس جميعا إلى هذه الدرجة؟ ترى أين تلك الكتب والدواوين التى ألفها عباس الهلاس؟ ولماذا لم نسمع بشىء منها؟
وعلى ذكر التكية التى يقول كاتب المقدمة إن عباس المحتاس كان مديرا لإحداها فى دمنهور، هل توجد حقا تكية فى دمنهور؟ فأين هى إذن؟ لقد كانت توجد تكية أو أكثر فى القاهرة، لكننا لم نسمع من قبل بوجود تكايا فى عاصمة البحيرة.
ولقد قرأت للفنان المصرى التشكيلى عصمت داوستاشى عن تكية فى القاهرة فكر ذات مرة فى اللجوء إلى شيخها (الذى كانت له علاقة بأبيه) ليعيش بعيدا عن بيت الأسرة فى الإسكندرية فرارا من والدته، التى كانت تضيق برسومه وما تسببه لها من إرهاق فى تنظيف ما توسخه من أثاث البيت، وكيف استقل المواصلات حتى بلغ مدينة دمنهور حيث انتابه الخوف من تكملة المشروع، فعاد أدراجه بالقروش القليلة التى تبقت معه إلى الإسكندرية دون أن يشير إلى تلك التكية المزعومة وهو يكتب تلك الذكريات، بل دون أن تخطر فى باله مجرد خطور.
وهذا نص ما كتبه الرسام المعروف عن هذا الموضوع فى كتابه: "ذكريات الأحلام القديمة":"قبل ذلك بثلاث سنوات تقريبا (أى فى عام 1959م) قد حزمت حقيبة الكشافة بمتعلقاتي، وأخذت طريق مصر الاسكندرية الزراعي هدفا لي علي قدمي، حيث قررت أن أهجر أسرتي ومدينتي والدنيا كلها وأن أنعزل في التكية البكتاشية بجبل الجيوشي وأن أمشي بملابس الكشافة التي تحميني من فضول الآخرين لأنه لم يكن معي ما يكفي لركوب القطار، أمشي حتى القاهرة متوجها إلى التكية في جبل المقطم لأعيش هناك مع الدراويش بعيدا عن مشاكل أسرتي وخناقات أمي المتكررة معي لأني أرسم في المنزل، فيتسخ الأثاث وهي لا تتحمل مثل هذه الأمور.
أتذكر أني مشيت بضعة كيلومترات حتى توقفت سيارة نقل لأستقلها حتي مدخل مدينة دمنهور فأدخلها مع الليل وينتابني الخوف فأقطع تذكرة رجوع للإسكندرية بما معي من نقود قليلة مؤجلا مشروع دروشتي المبكر إلى وقت آخر لم يأت بعد".
ليس ذلك فحسب، بل لو كانت هناك مثل تلك التكية المزعومة فى دمنهور ما مرت هذه المسألة مرور الكرام ولكان لتلك التكية شأن فى الحياة العامة يشبه، ولو إلى حد ما، شأن التكية التى كانت بالقاهرة على ما يصوره لنا قلم داوستاشى نفسه حين زارها فى بدايات ستينيات القرن المنصرم برفقة والده: "كان زي الدراويش مكونا من جلباب يتوسطه حزام عريض كان يوضع فيه فيما مضى بعض الأشياء، وربما أسلحة وعصا البكتاشية.
وفوق هذا الجلباب والحزام القماش الملفوف على الوسط ارتديت عباءة خفيفة من القطن صيفا، وثقيلة من الصوف شتاء، ثم ارتديت طربوشا أو عمامة البكتاشية، وهي ذات 12 ضلعا بعدد الأئمة الاثني عشر في المذهب الشيعي، ثم وضعت حول رقبتي قلادة من حجر لامع أشبه بحجر التلك علي شكل نجمة اثنتي عشرية هي الأخرى على ما أتذكر.
ولعل التفاصيل بالصور أكثر وضوحا، تبدو فيها الملابس كلها فاتحة من اللون الأبيض الي الرمادي. لم تكن الصور الملونة قد ظهرت بعد ولا أعرف الألوان بدقة. وعليَّ أن أعثر على صور ملونة لبابا سري في تكية المغاوري بملابسه. وأتذكر أن مجلة "آخر ساعة" كانت قد صورته في حياته اليومية بالتكية وهو يتجول في سوق الخضار أو مع ضيوفه.
كان شخصية مشهورة في ذلك الوقت، وكانت التكية ملتقي شخصيات عالمية مختلفة: بعضهم ملوك وأمراء، وآخرون سياح ومستشرقون، ونجوم السينما والسياسة والمجتمع في مصر. في ذلك الوقت من عام 1962 كنت أبلغ من العمر تسعة عشر عاما مفعما بالحياة والحركة. لم يكن اهتمامي الديني قد نضج، ولم أكن أصلي الا صلاة الجمعة مع أبي في مسجد أبي العباس، ولم يخطر ببالي أن أصبح درويشا، وإن كنت مبهورا بحياتهم خاصة في تكية المغاوري الأسطورية".
ويذكر كاتب مادة "دمنهور" فى موسوعة "الويكيبيديا" المعالم الأثرية التى تتميز بها مدينة دمنهور فيوردها على النحو التالى: "مسجد التوبة ثانى مسجد في أفريقيا بعد مسجد عمرو بن العاص، ومسجد الحبشي بُنِيَ في اوائل القرن العشرين، وهو تحفة معمارية رائعة، وأوبرا دمنهور: بُنيت في عهد الملك فؤاد. تم تجديد دار الاوبرا وترميمها لتعود لشكلها الأول الجميل، ومبنى مكتبة البلدية: بني في عهد الملك فؤاد، ومبنى مدرسة دمنهور الثانوية العسكرية: تحفة معمارية رائعة بنيت في عهد الملك فؤاد، ومبنى دار الاسعاف: بُنِيَ في عهد الملك فؤاد، وبها مستشفى تعليمي، وكوبري فلاقه المتحرك".
وكما يرى القارئ ليس هناك أدنى إشارة إلى أية تكية فى تلك المدينة المظلومة مع عباس الهلاس. كذلك لم أجد أدنى إشارة إلى التكية فى موقع مدينة دمنهور أو فى أى موضع آخر على المشباك.
ولقد كتب نجيب محفوظ عن التكية فى أكثر من عمل قصصى له، فكيف لم يحدث أن تحدث عن تكية دمنهور أحد من تناولوا تلك المدينة فى أعمالهم أو كانوا من أبنائها أو كانت لهم بها علاقة قوية، كتوفيق الحكيم، الذى يقال إنه كتب روايته الشهيرة: "يوميات نائب في الأرياف" على مقهى الأديب عبد المعطى المسيرى فيها، ومحمد فريد أبو حديد فى "أنا الشعب" أو عبد المعطى المسيرى فى أى من كتبه أو أقاصيصه، أو يس الفيل (الذى عمل كاتبا بمنطقة دمنهور التعليمية، وأحد مؤسسي جمعية الأدباء بدمنهور) فى أى من قصائده أومسرحياته أو قصصه، أو د. عبد الوهاب المسيرى فى سيرته الذاتية، أو محمد صدقى الأديب الماركسى فى أى من قصصه، أو خيرى شلبى فى "وكالة عطية" مثلا؟
والداهية الدهياء هو أن يقول كاتب المقدمة إن عباس الهلاس كان يعمل "مديرا" للتكية. بالله متى كان المشرف على التكية يسمى: "مديرا"؟ أنحن فى جمعية استهلاكية؟ إن مثل ذلك المشرف إنما يلقب ب"شيخ التكية".
وبالمناسبة فهناك رواية مشهورة صدرت أوائل الخمسينات من القرن البائد فى سلسلة "اقرأ" المصرية بعنوان "شيخ التكية" لمحمد عبده عزام. " شيخ" لا "مدير"! لكن شاء الله الذى لا تُرَدّ له مشيئة رغم أنف مؤلف الكتاب الكافر الذى يحادّ الله ورسوله أن يفضح اللصوص مخرجى هذا الفلم الهندى الردىء فأوقعهم فى شر أعمالهم ليرتكبوا هذا الخط�� الفاضح ويعرف الناس أنه لا مكان فى الدنيا لما يسمى ب"الجريمة الكاملة".
كذلك وقع كاتب المقدمة فى مصيبة أخرى فاضحة، إذ استخدم للتعبير عن "وزارة الأوقاف" عبارة "دائرة الأوقاف الإسلامية" (ص5)، مما لا يعرفه المصريون، إذ يقولون: "وزارة الأوقاف" لا "إدارة الأوقاف"، فضلا عن أننا فى مصر لا نصفها ب"الإسلامية" لأنه لا يوجد عندنا فى الحكومة إلا أوقاف إسلامية.
ومعروف أن العرب غير المصريين يستعملون مصطلح "دائرة" للدلالة على المصالح الحكومية. ومعنى هذا أن كاتب المقدمة ليس مصريا. وهذا يذكرنى بما ثار فى ستينيات القرن الماضى بخصوص وثيقة سياسية ورد فيها اسم "الاتحاد السوفييتى" بألف بعد الياء (هكذا: السوفياتى)، فكان هذا دليلا على أنها مفبركة فى بيروت وليست صادرة عن مصر لأننا فى مصر نكتبها بياءين على عكسهم فى لبنان، إذ يكتبونها بألف بعد الياء.
فانظر أيها القارئ كيف تكون مثل هذه الدقائق الصغيرة فيصلا فى تلك القضايا الخطيرة. وهو ما يشبه ما نحن فيه الآن. ليس هذا فحسب، إذ يسمِّى عباس ابن نسناس العرقسوس: "ماء السوس" (ص262) كما يقول إخواننا فى الشام مثلا، وهو ما لا تجده فى مصر أبدا. وعلى ذكر السوس فإن لى صديقًا من علماء سورية كان يعمل معنا فى جامعة أم القرى بالسعودية، وكان كلما زرته فى بيته قال لى: ما رأيك فى أن أُحْضِر لك "السوس"؟ ذلك أنه يعرف مدى حبى للعرقسوس!
بل إنى لا أتصور أن يكون الكتاب قد طُبِع فى مصر أصلا، ناهيك بدمنهور تلك المدينة الصغيرة التى لو كان الكتاب قد تم طبعه فيها لعُرِف الطابع على الفور وكانت فضيحة. بل إننى لأتصور أن الكاتب ليس مصريا، وربما ليس مسلما رغم كل الآيات والأحاديث التى يناقشها ويستشهد بها. ذلك أن مثل تلك الاستشهادات ليست من الصعوبة بمكان.
ولعل من الضرورى، لدلالته ذات المغزى، أن أنبه إلى الطريقة التى يحيل بها الكاتب إلى مواضع الآيات القرآنية، إذ تعتمد فى معظم الحالات على ذكر رقم السورة كعادة المستشرقين والمبشرين لا على اسمها، وفى المرات النادرة التى يذكر فيها اسم السورة نراه يعقبه بذكر رقمها.
وغير بعيد كتاب "الفرقان الحق"، الذى أكثر فيه ملفقه النصرانى الفلسطينى من إيراد العبارات القرآنية وتقليدها والنسج على منوالها. وهناك عبد الله العربى، مترجم المقدمة التى مهد بها المحامى البريطانى المولود فى نهاية القرن السابع عشر: جورج سيل (أو جرجيس صال) لترجمته الإنجليزية للقرآن الكريم. لقد صاغها المدعوّ: عبد الله العربى بعربية متينة ولا عربية أجعص شيخ أزهرى من الأزاهرة المودَّكين، وهو مع ذلك نصرانىٌّ قُحٌّ من نصارى الشام فيما أتصور.
كذلك هل يمكن التصديق بأن رجلا يذهب إلى باريس ويحصل على دكتوراه فى الفلسفة ثم يعود فيشتغل خطيبا فى مسجد، مثله مثل أى شخص عادى ليس معه دكتوراه؟ والمضحك أن يزعم كاتب المقدمة بأن وزارة الأوقاف المصرية هى التى أرسلته إلى عاصمة الفرنسيس فى بعثة دراسية للحصول على دكتوراه فى الفلسفة.
ترى ما علاقة الأوقاف بالفلسفة؟ بل ما علاقتها بعباس المحتاس، وهو لم يكن خريج أزهر، بل كان حاصلا على ليسانس كلية الآداب من جامعة فؤاد؟ ومما يبعث على القهقهة أن يقول الكاتب إنه ترك كلية أصول الدين وهو فى السنة الثالثة إلى كلية الآداب. ترى هل هذا ممكن؟
إن الكليتين غير متناظرتين حتى يجوز أن يحوّل الطالب أوراقه من الواحدة إلى الأخرى، فضلا عن أن أصول الدين تابعة للأزهر، على حين أن الآداب تابعة لجامعة الملك فؤاد، فالتحويل بينهما إذن غير ممكن. إلا أن الكاتب لا يميز بين كوعه وبوعه، ويظن أن قراءه "كاوِيرْكَات" مختومون على قفاهم مثله! خيبة الله عليك يا أبا العبابيس، يا سليل النسانيس والخنانيص!
بل هل هناك رجل يمكن أن يلحد وهو شيخ قد جاوز الثمانين، وبعد أن كان مؤمنا تقيا طوال عمره؟ كذلك نراه يقول إنه بعد وفاة والده صار من "هيئة علماء المدينة". ترى هل هناك فى المدن المصرية شىء اسمه : "هيئة علماء المدينة"؟ نعم كانت هناك فى القاهرة "هيئة كبار العلماء"، لكن لم نسمع ب"هيئة علماء المدينة" هذه إلا الآن!!
ثم انظروا إلى تشكيل كل حرف فى عنوان الكتاب وفى اسم المؤلف! فمنذ متى يشكل المصريون عناوين كتبهم بهذه الطريقة، وبخاصة أن العنوان يخلو تماما من أية كلمة تحتاج إلى تشكيل؟ ومما له مغزاه فى هذا السياق أن مروجى الكتاب وناشريه فى مواقعهم هم مجرمو نصارى المهجر الذين نرجو أن يفيقوا من غيهم وقلة أدبهم قبل أن يأتى يوم لا تنفع فيه أوربا ولا أمريكا ويقول الكافر حين يرى الشيطان يتبرأ منه ويتركه يواجه مصيره الأسود وحده ويُضْرَب بالحذاء دون أن يخف لنجدته مخلوق: "يا ليتنى كنت ترابا"، فضلا عن أنهم هم الوحيدون الذين كانوا يعرفون بصدور الكتاب، إلى أن وضعوه فى مواقعهم ومنتدياتهم، فعندئذ عرفه المسلمون.
ومعروف أن من عادتهم تأليف كتب تهاجم الإسلام بأسماء مجهولة (ككتاب "تيس عزازيل" للأب يوتا ابن العبيطة، وهو اسم لا وجود له، وكتاب "حوار صريح حول الإسلام" للشيخ المزعوم الحمار محمد النجار، و"مقارنة الإسلام والمسيحية" للشيخ المقدسى الذى لا يوجد إلا فى أوهام المتاعيس المتخلفين من نصارى المهجر.
وكتاب "هل القرآن معصوم؟" للمدعوّ: عبد الله عبد الفادى، وهو كذلك اسم مختلق، وكتابَىِ "الفرقان الحق" و"القرآن الشعبى"، اللذين صدرا دون أن يكون على غلاف أى منهما اسم مؤلفه).
وقد يسندون تلك الكتب إلى أسماء مسلمة لا حقيقة لها (كالكتاب الذى يشتمل على الترجمة العربية للمقدمة التى صدّر بها جورج سيل ترجمته القرآنية إلى اللغة الإنجليزية والذى نسبوه إلى عبد الله العربى نزيل الديار الإفرنجية كما قالوا على الغلاف)، ودائما ما يزعمون أن الشيخ الفلانى أو زعيم الجماعة الإسلامية العلانية قد أسلم.
ومن هذه الشاكلة أيضا ما هو معروف من أن كثيرا من المتظاهرين بالإلحاد فى موقع "اللادينيين العرب" هم فى حقيقة الأمر نصارى سخفاء يتخذون من ذلك التظاهر فرصة للنيل من الإسلام بطريقتهم الملتوية المفضوحة رغم هذا.
كذلك من اللافت للنظر أن زكريا بطرس يستشهد فى برنامجه كثيرا بهذا الكتاب حتى فيما يمكن، بل فيما يجب، أن يرجع فيه إلى غيره ، وذلك حين يستخدمه مرجعا وسيطا بدلا من الرجوع إلى المصدر أو المرجع الذى نقل عنه عباس عبد النور.
وهذه معلومة هامة من شأنها أن تساعد فى كشف الجهة التى أصدرت الكتاب، وإن كان الأمر لا يحتاج إلى المزيد بعد كل ما أوردناه هنا من معلومات وأدلة.
وأخيرا فمن عادة بعض الكفار من قديمٍ تأليفُ الكتب وعَزْوُها إلى غيرهم حتى يخلصوا من التبعة ويتفرجوا على ما يحدثونه من فتنة وهم يفركون أيديهم ابتهاجا بما يَرَوْن دون أن يتعرضوا للوم أو أذى ودون أن يعرف الناس من حولهم أنهم هم أصحاب كل هذه الضجة المثارة. وفى هذا من اللذة ما فيه.
وفى الفصل الذى عقده د. عبد الرحمن بدوى لمحمد بن زكريا الرازى (الطبيب المسلم المشهور والمتهم بالإلحاد صدقًا أو بُطْلاً) فى كتابه: "من تاريخ الإلحاد فى الإسلام" إشارة إلى بعض الملاحدة العرب فى العصر العباسى ممن ألفوا الكتب الكفرية ونسبوها إلى علماءَ إغريقٍ (ص256 من ط2/ دار سينا للنشر/ 1993م).
هذا، وحين أوشكت أن أنتهى من الرد الذى بين يدى القارئ وجدت دعاية لكتاب عباس فى بعض المواقع تقول إنه كان أستاذا جامعيا. وهذه كذبة أخرى أظرط من الأكاذيب السابقة، وإلا ففى أية جامعة يا ترى كان أستاذا ذلك الكذاب المفضوح الذى أخزاه الله؟ كذلك تقول الدعاية إن النسخة الموجودة فى الموقع هى طبعة أخرى من الكتاب الممنوع من التداول فى البلاد العربية والإسلامية.
والسؤال الآن هو: إذا كان الكتاب ممنوعا من التداول والتوزيع فى البلاد الإسلامية كلها فلم طبعتم منه طبعة جديدة، وأنتم لن تستطيعوا توزيعه، وبخاصة أن لديكم الإنترنت تنشرونه فيه على أوسع نطاق مما لا يمكنكم أن تحصلوا على عشر معشاره لو طبعتموه طباعة ورقية؟ إن هذا دليل آخر على أن كل ما يتعلق بهذا الكتاب هو كذب فى كذب.
وإلى القارئ الآن الكلمة المذكورة أنقلها بتمامها كما وجدتها فى الموقع المشار إليه : "كتاب محنتي مع القرآن ومع الله في القرآن- الطبعة الثانية، وهي نسخة محسنة جدا. عباس عبد النور من مواليد دمنهور، سني المذهب. فقيه. مدير تكية. قضى ستين عاما من عمره مسلما تقيا، وإمام مسجد، وخطيبا رائعا، وكاتبا وشاعرا ومفسرا للقرآن الكريم، ثم نشر كتابه: "محنتي مع القرآن"، وكفر عندما بلغ الثمانين من عمره. وكتابه هو أخطر كتب الالحاد.
ألتحق بكلية اصول الدين في الأزهر. ومنح مساعدة من دائرة الأوقاف الإسلامية ، فانتقل إلى جامعة السوربون في باريس ليحضر دكتوراة في فلسفة العلم، وتمكن من الفلسفة والعلم معا. ولما عاد إلى مدينته أصبح إماما وخطيبا في أحد مساجدها، وكان له فيها مريدون، نشأهم على الإيمان وحسن العبادة، كما كان أستاذا جامعيا، ومؤلفاً لكتب فلسفية وعلمية عديدة.
إلا أن حياته الفكرية لم تكن من دون قلق ولا حياته الدينية من دون شكوك. لقد كان عقله يثير موضوعات شائكة، وكان إيمانه يكفيه الجواب على كل معضلة. صراع العلم والإيمان ابتدأ عند عباس باكرا، صراع لم تتح له الفرصة ليطرح علنا. ولو خرج من الخفاء منذ نشأته، لما وصل إلى هذا الحد من العنف المعبر عنه في هذا الكتاب الذي قل نظيره".
وبالمناسبة لم يذكر لنا كاتب المقدمة الفطاس كيف وصلت إليه مخطوطة الكتاب ما دام عباس عبد الديجور قد نفق. وهذه ثغرة أخرى من الثغرات الكثيرة الفاضحة. وكيف يا ترى تم تحسين الطبعة الجديدة، وقد هلك المؤلف وراح فى ستين داهية؟ هل من حق أحد أن يتصرف فى كتاب مات صاحبه فيحسّن فيه ويضيف إليه أو يحذف منه؟ فمن أعطاه هذا الحق؟
إن هذه فلتة من فلتات اللسان التى تكشف أن مؤلف الكتاب ما زال حيا، ومن ثم نظر فى كتابه ففكر فى تحسينه وتنقيجه على عادة المؤلفين مع الطبعات الجديدة لكتابهم. ثم ماذا كان موقف زوجته وأولاده منه بعدما كفر وكتب كتابه هذا؟ والمفروض أنهم معروفون، على الأقل: تبعا لمعرفة الناس عباس ابن نسناس بوصفه شيخ طريقة وإمام مسجد وخطيبا مفوها ومؤلفا مرموقا وأستاذا جامعيا وشاعرا وقصاصا، وبياع دبابيس وأمشاط وفلاّيات وسكر نبات، ومن يقول: هات؟ فلماذا سكت كاتب المقدمة البكاش عنهم ولم يأت على ذكرهم ولو بكلمة واحدة؟ إن هناك تعتيما على هذه المسألة، وهى ثغرة خطيرة تضاف إلى الثغرات الكثيرة الماضية واللاحقة.
فإذا ولجنا من باب الكتاب إلى الداخل فأول شىء نلاحظه أن عباس يذكر كرسىّ الاعتراف قائلا إنه سوف يجلس الآن على كرسى الاعتراف ويفض مغاليق قلبه لنا بصراحة تامة، وهذه زلة لسان فاضحة، إذ ليس عند المسلمين كراسىّ اعتراف، ومثل ذلك الرجل "التقى الورع سابقا !" لا يمكن أن تخطر له فكرة كرسى الاعتراف أبدا.
ومثل ذلك قوله: "طوبى للبُلْه، فإن لهم ملكوت السماوات" (ص32)، ففيه تأثير إنجيلى واضح. ومثله أيضا تأكيده أن "الدين لله، والوطن للجمي��" (ص50)، فهى عبارة كان النصارى الأقباط يغرمون بها ويرددونها دائما لإلهاء المسلمين عن الإسلام، أما الآن فإنهم يعلنون بكل صراحة ووقاحة أن المسلمين ليسوا مصريين، بل عربا وَفَدُوا على أرض الكنانة من شبه الجزيرة العربية وينبغى أن يعودوا من حيث جاؤوا ويتركوا الجمل بما حمل لهم ينعمون به هنيئا مريئا، إذ هم وحدهم المصريون حقا وصدقا.
ومن هذا الوادى كذلك ما نقرؤه بهامش الصفحة التاسعة والخمسين من وصف عِبْس لمبشر غبى مثله اتخذ من ضمير الجمع العائد على الله فى القرآن دليلا على صحة التثليث بأنه "أحد أذكياء المبشرين". وهذه زلة لسان خطيرة لها دلالتها. ومنه كذلك قوله (ص124): "لكن على من تقرأ مزاميرك يا داود؟"، وهى عبارة كتابية بامتياز.
وهناك أيضا تأكيده (ص207) أن القرآن ليس فى مستوى واحد من الجودة والأناقة والإتقان، بل "فيه القمح، وفيه الزُّوَان"، أى الجيد والردىء. والزوان هو ما يسميه العامة: "الدحريج"، وينقونه من القمح ويرمونه.
وهذا المثل موجود فى الإصحاح الثانى عشر من إنجيل متى، ففيه نقرأ: "24قَدَّمَ لَهُمْ (أى عيسى عليه السلام) مَثَلاً آخَرَ قِائِلاً:«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ. 25وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى. 26فَلَمَّا طَلَعَ النَّبَاتُ وَصَنَعَ ثَمَرًا، حِينَئِذٍ ظَهَرَ الزَّوَانُ أَيْضًا. 27فَجَاءَ عَبِيدُ رَبِّ الْبَيْتِ وَقَالُوا لَهُ:يَا سَيِّدُ، أَلَيْسَ زَرْعًا جَيِّدًا زَرَعْتَ فِي حَقْلِكَ؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ زَوَانٌ؟.
إلا أن الكاتب يسخر بعد ذلك من المسيح والنصرانية سخرية مرة، وإن كان غريبا قوله إنه، بعدما تيقن من عدم وجود إله أصلا، فكر فى اللجوء إلى يسوع ودينه (ص36 وما بعدها). فما دام قد توصل إلى أنه لا يوجد إله أصلا، فكيف يخطر له أن يلجأ إلى المسيح؟ إن المسيح بشر مثله هو تماما، فكيف تواتيه نفسه على التفكير فى اللجوء إليه، وهو الذى كفر بالله ذاته؟ أليس هذا أمرا غريبا ومريبا؟
والمضحك أن النصارى يحتفون بالكتاب رغم ذلك مثلما احتفَوْا بكتب القمنى رغم ما فيها من إنكار المعجزات ومن الافتراء على مريم والقول بأنها كانت بَغِيًّا من بغايا المعبد المقدسات، ومثل انتشائهم باختراع القرآن الشعبى، الذى يسىء إلى مريم وعيسى عليهما السلام حسبما وضحت فى مقالى الطويل حول هذا الوضوع.
في الوقت الذي أعرب فيه عن إعجابي بشجاعة الكاتب، بغض النظر عن اختلافي أو اتفاقي مع وجهات نظره، أعلن، في الوقت نفسه، أنني قد وجدت الكتاب في الواقع أقل من توقعاتي بكثير! نعم، لقد صوّب انتقادات لاذعة للقرآن، ولآياته ومضامينه، ولكنّ الكتاب سطحيٌّ إلى أبعد حدود السطحية، وتؤخذ عليه مآخذ كثيرة. وبينما وجدتُ بعض انتقاداته قويةً وذات وزن وتستحق التدبر، وجدتُ، في الطرف المقابل أيضا، أن كثيرا من انتقاداته، هي مجرد تهكمات فارغة، لا قيمة حقيقية لها، بل إنها تقدح حتى في كاتبها نفسه! إذ هي لم تقم أصلا على أساس عقلاني قويم وعميق، بل على أساس تافه ولا يخلو من سذاجة، من قبيل: "أنا لم أفهم شيئا من هذه الآية، هل فهمتم أنتم؟"!!! أثار ذلك حنقي واستغرابي، هذا ناهيك عن كثرة الأخطاء الإملائية في الكتاب (ربما بسبب التحرير الضعيف من قبل دار النشر أو من الكاتب نفسه، لا نعلم).
في الواقع، حين أقدمت على قراءة الكتاب، تمنيت أن يكون أعمق بكثير من هذه السطحية الغريبة التي وجدتها فيه، وأن أجد فيه الكثير مما يستحق البحث والتدبر، ولكن خابت آمالي. فالكتاب لم يضف إليّ أي شيء، ولم يعرفني على أي شيء كان غائبا عني! ربما سيكون الأمر مختلفا بالنسبة لغيري ممن لم يقرأوا انتقادات للقرآن من قبل. ولكن بالنسبة لي، لم يضف إلي هذا الكتاب أي شيء. مع ذلك، أحترم في الكاتب شجاعته ولغته الجميلة (رغم الأخطاء الإملائية والترقيمية المثيرة للاشمئزاز، والتي لا أعلم ما إذا كان هو المتسبب فيها أم التحرير بدار النشر).
كتاب بائس يظهر الحالة النفسية الصعبة التي عاشها مؤلفه الذي يبدو أنه شخصية مجهولة أو مستعارة
عرفت الكتاب عن طريق إحدى الحوارات في تويتر ووجدت الملحدين يتغنون بهذا الكتاب ويوصون المسلمين أن يقرأوه بحيث يكون كالضربة القاضية للإسلام التي ليس بعدها إلا ترك الدين.
ونظرا للمديح العظيم الذي تلقاه الكتاب من اللادينين , قررت أن أقرأ الكتاب بهدوء شديد وبصدق وبدون تحيز وانتظرت سفري للصين لأقرأ الكتاب في جو مختلف وهذا ما كان بالفعل.
كان الكتاب جليسي اليومي عند عودتي للفندق كل يوم , سهرت معه الليالي حتى انتهيت منه قبل سفري بيوم.
لم أجد الكتاب يستحق ما أعطي له من مدح , ومنذ البداية تكتشف أن الكاتب اختار عنوان الكتاب للتمويه فقط فمشكلته كانت مع القرآن وليس مع الله وقرأت لاحقا أن الكاتب ربما يكون أحد المسيحين المتعصبين الكارهين للإسلام وما أكثرهم هذه الأيام.
مهمة الكتاب الرئيسية كانت الهجوم على القرآن الكريم وأقحم معها الهجوم على فكرة الألوهية ليخفي الكاتب ربما أي ميول دينية قد تؤثر على مصداقية الكتاب
حسيته مكتوب بنفس روح عبدالله القصيمي مع اختلاف الاسلوب..تستشعر حسرة وغضب شديد يشعر به الكاتب ..لم يعجبني اسلوبه الساخر والمستهزئ لو كان موضوعي في النقد والبحث لكان افضل للكتاب..اعجبتني بعض الفقرات حول آيات معينة من القرآن لم اكن افهمها من قبل ..لا ادري ان كان الكتاب حقق الضجة التي توقعها كاتبه ام لا لكنه بالنسبة لي لم ينجح
انا مع فكرة النقد ) معندناش حاجة وحشة نخبيها ( لكن الادمي ناقض نفسه كثير بنظري الإستفهامات إلي طرحها بتواجهنا كلنا ،، لكننا بنتجاهلها الجهل والمعلومات المحدودة هي الي خلتني مااعرف اجوبة بعض الأسئلة ،، مش لأنو ملهاش إجابة اتمنى ان الاقي كتاب ممن اوتوا العلم للرد على هذا الكتاب والكاتب اصلا كانت عنده افكار مغلوطة ومبتدعة عن الله ،، وراح ضحيتها للأسف
واأنا قرأته للمرة الثالثة لا يمكن إلا أن أعيد ما قلته غير مغير لكلمة واحدة:
كان إبحارا جميلا مع الصديق عباس عبد النور ، والذي بدأ كتابه من حكايته لنا عن المعاناة التي كان يعاني منها والأمراض التي أصابته ، مما أدى به للنظر للحياة نظرة سوداوية ،ليبدأ بها هذه الرحلة، والتي صراحة لايجب أن تدون في هذا الكتاب ،الذي لا يحتاج إلى مقدمة مثل هذه ، والتي ظهر تأثيرها عليه من مستهل الحديث إلى نهايته ،بدأ يحكي عن معاناته من عدم استجابة الله لدعائه، ونزه نفسه على أنه كان أتقى أتقياء الله في الكون،، ثم إن حالته المادية التي تدهورت كان يريد من الله أن ينزل من عليائه لينقده مما تسبب فيه هو بعدما هلك نفسه في طرقات الحياة، إنه من خلال ما حكى لنا كان كتلميذ وُضع الإمتحان أمامه ويعرف الإجابة عن كل الأسئلة لكن رفض الإجابة عنها بداعي أنه يعرفها كلها، وأعطى الورقة خاوية على عروشها،وبعدها ماذا فعل ؟لقد كان ينتظر في آخر المطاف أن يعلقوا أسمه ضمن لائحة الناجحين... كلا إنه ضعف كبير في التفكير وتواكل وتكبر في غير محله يا صديقي ، ثم انتقل من هذه الرحلة ومن هذه التناقضات لينكر ما فعله الأساتذة ضده لينكر بيداغوجيتهم وطريقتهم في التصحيح وينكر الإمتحان الكتابي عليهم بدعوى أنه شفويا يعرف كيف يجيب على الأسئلة أفضل من زملائه في الفصل،أليست بداية مشينة،ومتعثرة لمفكر وفيلسوف كبير إن أردنا تسميته كذلك،لا أنكر أن بلاغته اللغوية تلك ، مكنته من أن يصنع له أتباعا أو ببغاوات كثر ليرددوا كلامه ويستعينوا بها لدعم شكوكهم ،ولنفي جهلهم اللغوي ،والذين من ��غلبهم لا يستطيع أن يفرق بين الفعل والفاعل والمفعول به ، حتى لأَنهم يجعلون من الفاعل مجهولا به ... لقد ابتدأ رحلته بعنوانه رحلتي من الإيمان إلى الشك ؟ انظروا،أليس هذا عنوانا ركيكا جدا؟ وعنادا ومخالفة في غير محلها ،ليرد بها عنوة على د. مصطفى محمود في كتابه رحلتي من الشك إلى الإيمان... أليس الشك من يقود إلى الإيمان ... ثم ما معنى الإيمان إن لم ينبني قبلا على بحث وبحوث عن براهين وحجج ودلائل كثيرة في مستنقعات الشك ليخرج نفسه منها عن اقتناع لبحر الإيمان ... ما هذه الرحلة العكسية من العلم إلى الجهل؟ألم يلاحظ هذا الفيلسوف والمفكر أنه وقع في حفرة بناها لنفسه؟ ليتهم غيره على أنهم السبب في ذلك بعد السقوط في الإمتحان ... ومن بعد هذه الرحلة التي حاول فيها اجترار أفكار غيره من السابقين في إنكار القرآن على أنه كلام من عند الله ،مستعينا بمنهجية مشوشة ومرتبكة،وبما أنه مشوش حتما ستجعل من الإستعانة بأفكار غيره شفاء لهذا التوتر النفسي أو على الأقل تخفيفا من تأثيره ، استعان بابن الراوندي والفخر الرازي لإنكار النبوات ومن ثم انكار المعجزات ليؤكد بشرية القرآن ؟ يالك من ذكي حقا؟ وأنا ابن الثانية عشر قرآت كل هذا ووجدته فقط هروبا من الواقع كما هو هروب من تحمل مسؤولية الأشياء،كشخص لم يسطع أن يتحمل واقعه،ووجد أن الحل للإنتهاء والهروب منه هو إنكاره ... هذه ليست منهجية صالحة في واقع هذه الحياة... لثد انتقل الصديق عباس عبد النور ليبين بعد ذلك تناقضات القرآن وهل هو كلام إعجازي أم تعجيزي وكذلك تبيانا للأخطاء اللغوية فيه وركاكته... لكن من أي منطلق بدأ كل هذا ؟ لقد انتقل من البداية بالطعن في كل الفقهاء اللغويين ووصفهم بأنهم ينتهجون طريقة اللفلفة والهرطقة وهذه نظرة قاصرة من ملاحظة عامية وسائدة وليس من باحث في علوم اللغة والبلاغة.... هناك الكثير من الأخطاء التي وقع ضحيتها نظرا لنفسيته الغير متوازنة .... أستعين بذلك لتبيين هفواته انطلاقا مما كتبه الصديق المميز سامر إسلامبولي الذي كشف بعضا من هفواته من بينها :
''قوله : ( إن أدلة إثبات وجود الله تتساوى مع أدلة نفيه ، وكلما أتيت بدليل إثبات أُؤتيك بدليل نفي له ) . وهذا الكلام مغالطة كبيرة ما كان ينبغي لدكتور فلسفة أن يقع فيها ! أخي القارئ انظر إلى هذه القواعد العقلية المنطقية التي هي محل تسليم من العقلاء بناء على ثبوتها في الواقع '' النفي لا يحتاج إلى برهان ، وإنما الإثبات يحتاج إلى برهان ومن ذلك صاغ الحقوقيون قاعدة ( البينة على المدعي ) أو ( إن كنت مدعياً فالبينة ) . إن إثبات أمر ببرهان هو في حد ذاته يتضمن نفي النفي ضرورة . وبالتالي لا يصح أن يأتي إنسان ويقول : أنا سوف آتيك ببرهان على نفي ما تم إثباته ببرهان . فهذا كلام هراء وهرطقة وسفسطة لا يعتد به الفلاسفة أو العقلاء ، ولا يقيمون له وزناً . انظر مثلاً لجملة : الشمس ساطعة . فهي جملة خبرية تثبت سطوع الشمس من خلال الحس بالواقع المشاهد أو المحسوس وبذلك الإثبات المرافق للبرهان الحسي تم عملية نفي النفي لعملية سطوع الشمس ، فيكف يمكن أن يأتي عباس ببرهان على نفي سطوع الشمس !؟. الأمور البديهية لا يصح نقاشها ، أو ضياع الوقت على البرهنة عليها . نحو نصف الأربعة اثنين ، أو يملك الإنسان وعياً وإدراكاً لما حوله . وقصدت بذلك مسألة نقاش وجود الفاعل ( الخالق ) ، هل يقبل أحدكم ( وهو فعل ) أن يناقش مسألة وجود فاعل له !؟ انظر على سبيل المثال : جملة ( قرأ زيد الدرس ) وتصور أن فِعل ( قرأ ) صار عنده وعياً وإدراكاً ، وذهب إلى فعل ( كتب ) مثلاً ، وقال له : أنا أشك بوجود زيد وأنه فاعل !؟ ماذا يمكن أن يرد عليه فعل ( كتب ) ؟ وهذا مفهوم قوله تعالى : ( أفي الله شك فاطر السموات والأرض ) أفي الفاعل تشك أيها الفعل القاصر !؟ إن وجود الفاعل أثبت وأشد وضوحاً من وجود الفعل ، غير أن الفاعل سابق في وجوده عن الفعل ضرورة! ومع ذلك شك الفعل عباس بوجود فاعل له !! إن هذا لشيء عجاب !!. إن الموقف الذي اتخذه عباس كان نتيجة ظروفه النفسية والمادية السيئة ، والسؤال الذي يفرض ذاته هو : هل كان من الممكن أن يبقى عباس على ما هو عليه من أفكار لو تم تغيير ظروفه السيئة !؟
أما مسألة قصور وسوء فهمه للآيات ، فسوف أستعرض بعض منها لأبين للقارئ كيف أن عباس لم يُعمل عقله أبداً ، وإنما اكتفى بتلاوة التراث ، وبناء عليه حكم على النص القرآني ، وكان الأجدر به أن يدرس القرآن ذاته ، ولكن أنى له أن يفهمه إذا دخل إليه ابتداء وهو يعتقد بكذبه وبطلانه . 1- قوله ( إن دلالة كلمة ( الظن ) ) تأتي في القرآن بصورة متناقضة ومختلفة ، فتارة بمعنى الشك ، وتارة بمعنى اليقين ). وكذلك قال بالنسبة لدلالة كلمة ( المحصنات ) . أقول له،ولأمثاله: إن جهلكم باللسان العربي هو الذي أوصلكم إلى هذه الإشكاليات . فالكلمة في اللسان العربي لها دلالة أو مفهوماً تجريدياً واحداً فقط ، ولكن حين استخدامها على أرض الواقع تلبس صورة الاستخدام وترتبط به ، ويتم فهمهما بناء على ذلك دون إلغاء لمفهومها اللساني . أ-كلمة ( ظن ) تدل على ميل وشعور في داخل الإنسان ، فإن كان هذا الشعور ضعيفاً فيظهر بصورة الشك ، وإن زاد ورجح فيظهر بصورة الظن الغالب ، وإن تم البرهنة عليه صار يقيناً . وقد تم استخدام كلمة ( الظن ) في القرآن بالصور الثلاثة . 1- ظن شك ( إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ) الأنعام 116 2- ظن غالب ( وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخرَّ راكعاً وأناب ) ص 24 3- ظن يقين ( الذين يظنون أنهم مُلاقوا لله ) البقرة 249 ب- كلمة ( حصن ) تدل على المنعة والحماية والستر ، ومن ذلك الوجه تم إطلاق كلمة ( الحصن ) على البناء الذي يتم بناءه لحماية المدينة . وظهرت كلمة ( محصنة ) في القرآن متعلقة بالمرأة على عدة صور : 1- إحصان المرأة من خلال انتمائها إلى أسرة ومجتمع تكون لها بمثابة الحصن .( ومن لم يستطع طولاً أن ينكح المحصنات ......)النساء 25 2- إحصان المرأة من خلال انتمائها إلى زوج يكون لها بمثابة الحصن . حُرِّم عليكم أمهاتكم .....، والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ) النساء 24 3- إحصان المرأة من خلال التزامها بالقيم والأخلاق والعفة حيث تكون لها بمثابة الحصن ( والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا ) الأنبياء 91 ت- قال عباس : إن القرآن يهبط في صياغته البلاغية أحياناً إلى مستوى ما ينبغي أن يصل إليه عامة الناس . وضرب مثلاً على ذلك قوله تعالى : [ وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا ....] الزمر 71 وقوله تعالى : [ وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا....] الزمر 73 وقال : إن دلالة كلمة ( سيق ) كما ذكر المفسرون في كتبهم أنها تدل على السوق بعنف وشدة لإذلال الكفار ، فهي عملية سوق إجبارية وقهرية وإذلالية ، فكيف يصف الله المؤمنين بعملية السوق هذه ، ويشبهم بسوق الكفار أو سوق الأنعام ؟ ألا يدل ذلك على هبوط بلاغة النص القرآني ، وأنه ليس من عند الله ( إن كان يوجد إله ) . ونقول لعباس الملحد : إن كلمة ( سوق ) تدل على إتيان شيء بصورة غير محددة ممتدة بانضمام منتهية بوقف أو قطع شديد . ومن هذا الوجه سمي المكان الذي تجُلب إليه البضائع من كل حدب وصوب سوقاً . فدلالة كلمة ( سوق ) لا علاقة لها بذم أو مدح ، وإنما تستخدم على كل ما يتم سوقه دون إرادة منه أو معرفة . ومن ذلك الوجه نستخدم كلمة ( السوق ) لبدء عملية طلب الشباب إلى الجيش بصورة إجبارية ، ونستخدمها على سوق السيارة والبهائم . فعملية سوق الكفار إلى جهنم تحقق فيها صفة عدم الإرادة و المعرفة لجهنم ، وكذلك المؤمنين يُساقون إلى الجنة دون إرادة منهم أو معرفة لها ، لأن قرار الدخول لم يصدر منهم ، ونفي الإرادة لا يعني بالضرورة القهر والإجبار ، فهذا متعلق بالشيء الذي يُساق إليه الإنسان ، فإن كان يُساق إلى ما يَكره وفيه هلاكه يترتب على ذلك السوق قهر الإرادة والإذلال له، وإن كان يُساق إلى ما يحب ويرضى، فلا يترتب على ذلك قهر إرادته ، بل الرضا والسرور بعملية السوق . وعدم استخدام هذه الكلمة ( السوق ) في ثقافة المجتمع إلا مرتبطة بقهر الإرادة والإذلال عامة نحو سوق البهائم ، فهذا ليس بحجة على اللسان العربي ، لأن القرآن نزل باللسان العربي، ولم ينزل بما تعارف عليه الناس من مصطلحات أو استخدامات . وبذلك يظهر لنا صواب استخدام كلمة ( سيق ) للكفار إلى جهنم ، وللمؤمنين إل الجنة ، فهي تُصور الحدث على حقيقته تماماً من حيث عدم صدور القرار منهم ، وعدم معرفتهم بكيفية الذهاب إلى مصيرهم، وترتب على سَوق عملية الكفار القهر والإذلال لهم لأنهم يساقون إلى ما يكرهون ، بينما المؤمنون يساقون إلى ما يحبون ، فيسيرون وهم مسرورون مُكَرَّمون ظاهر عليهم الرضا والانشراح . ث - وتناول عباس هذا قوله تعالى : [ وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ] وسأل سؤالاً وجهه إلى السادة المفسرين : ما هي العلاقة المنطقية بين فعل الشرط ( ألا تُقسطوا في اليتامى ) مع جواب الشرط ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) وظن أنه ألقم المفسرين حجراً ، و بنى نتيجته الوهمية نتيجة وهمه الأول، فقال : لا بد من وجود جملة بين فعل الشرط وجوابه تُبين هذه العلاقة ، وهذه الجملة قد تم نسيانها أو نسخها أو تحريفها، مما يؤكد تحريف النص القرآني، وهو ليس من عند الله.( إن كان يوجد إلهاً أصلاً) . ولقد تناولت تفسير هذا النص في مقالات سابقة ، وسأختصره هنا : إن كلمة ( قسط ) لا تدل على عدل أو ظلم ، وإنما تدل على عملية القسمة والتجزئة . وكلمة ( يتامى ) تطلق على الأولاد ( ذكوراً وإناثاً ) الذين فقدوا والدهم وهم دون سن البلوغ ، وليسوا هم محل النكاح لقصورهم . والنص يتكلم عن العناية بالأيتام وأموالهم حسب سياق النص ، وما قبله وما بعده من نصوص . ويكون مفهوم النص هو : إن شعرتم بأنفسكم أنك لن تقعوا في عملية القسمة والتجزئة للأيتام عن أمهم ، ولن تأكلوا أموالهم ( نفي لفعل حصول القسط ) فانكحوا ما طاب لكم من أمهات اليتامى ، وتم استخدام كلمة ( نساء ) لأن أمهات اليتامى هن جزء من مفهوم النساء ، وبذلك الاستخدام أتى الشارع بفهم زائد على نكاح اليتامى ، وهو إباحة نكاح النساء عموماً إضافة للحكم الخاص لأمهات اليتامى ، ولو تم استخدام أمهات اليتامى عوضاً عن كلمة ( النساء ) لتم حصر التعددية بهن فقط . وبذلك يظهر العلاقة المنطقية بين فعل الشرط وجواب الشرط في النص دون لبس أو إشكال. ج- أما قوله فيما يتعلق بقوله تعالى : [ والنازعات غرقاً ، والناشطات نشطاً ] وأمثال هذه النصوص الخبرية بأنها كلام فارغ لا قيمة له ولا معنى ، فهذا عجيب وغريب من أن يصدر من دكتور فلسفة ! ألا يعلم هذا الفعل الناقص ( عباس ) أن الفعل يستحيل أن يدرك أبعاد ومعاني أفعال الفاعل كلها !!، ناهيك عن استحالة إدراك مقاصد الفاعل!! ، لذا، سؤاله وإشكاله لا قيمة له البتة على أرض الواقع ، فالنص القرآني لم ينزل إلى عباس فقط ليدرك معانيه ومقاصده ، وإنما نزل إلى الناس جميعاً عبر الزمان والمكان ، وكل مجتمع يأخذ نصيبه العلمي والمعرفي منه من خلال استخدام أرقى أدواته المعرفية التي وصل إليها ، ويتم الحكم على أحقية القرآن ومصدريته بصورة كلية وعامة، فإن تم ذلك ثبتت مصدريته الربانية ، ويتعامل الإنسان معه بصورة نسبية بقيادة العقل، والعلم، ومنظومة القرآن، ويترك الجزئيات إلى غيره من المجتمعات اللاحقة لتقوم بمتابعة الدراسة والتراكم العلمي، وهكذا يستمر عطاء النص القرآني وصلاحيته لكل زمان ومكان . لذا ، ما قام به الفعل الناقص ( عباس ) هو موقف غير علمي ، لأن انتفاء علم الإنسان عن شيء لا ينفي وجود الشيء أو صوابه ، لأن الإنسان قاصر ومحدود العلم والمعرفة . ح - لقد خلط بين دلالة فعل ( قرأ ) ودلالة فعل ( تلى ) ، وعدَّ أن القراءة مصدر لفعل التلاوة . خ - فسر آية ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) بالكتلة التي تظهر على جبين الإنسان من أثر احتكاكه في السجود . وهذا تفسير مضحك وهزلي ، فالنص يشير إلى سمة الإنسان المسلم سلوكياً من أثر خضوعه لأوامر الله عز وجل في المجتمع فيظهر بصفة الإنسان الصالح ، ويظهر ذلك على وجهه سروراً وبهجة و رضا وثقة بالنفس ، لا علاقة لذلك بالكتلة الدهنية التي تظهر على الجبين!!! . د- ادعى أن الفلسفات أنكرت وجود الله ، والصواب، أنها اختلفت في ماهية الله، وأحديته، وليس في وجوده. ذ- وصف مسألة إنكار وجود الله بأنها الحق المبين ، ولا أدري كيف يكون نفي الفاعل حق مبين مع إثبات وجود الفعل الذي يمثله عباس نفسه!! . ر- فهم أن الدعاء في القرآن هو سبب حتمي لحصول الأشياء ، فقام بالدعاء فلم يتم الاستجابة له فأنكر وجود الفاعل لأنه لم يرد عليه ، وكأن الفاعل يستمد وجوده من فعله أو اعتراف الفعل به !! ز- كذبه وافتراؤه بوجود آيات كثيرة معارضة للحقائق العلمية في القرآن !! س- عدَّ أن النص القرآني فوضوي ومُقطَّع الأوصال، والمواضيع لعجزه عن التعامل معه،وفاته أن القرآن له نظام خاص به، ومفاتيح داخلية، وخارجية لدراسته كامنة في ذات النص...'' إن كل هذه الهيلالة ''الجلجلة التي أثارها عباس عبد النور شيء عادي بالنسبة لشخص لا يرضى بالواقع الذي يعيش فيه، والذي يرغب في حياة هانئة دون أدنى تعب... سأختم بقولة صغيرة وبسيطة جدا وهي رسالة قصيرة : ''لو عرف عباس عبد النور لذة المعاناة وما يمكن أن ينبع منها من لأليء تضيء لحياته نورا،لما اعتبر المعاناة شر ،لأن اعتبار المعاناة على أنها شر هو شيء يجب إبطاله وهو غباء أشد خطورة..''
بامانة وبكل حيادية الكتاب لا يستحق القراءة ... وقصة الكتاب والحاد الكاتب كلها بدأت عندما وقع في محنة ودعا الله فلم يرى استجابة منه وهذا بحد ذاته يشي بنزعة الكاتب الى خلق كتاب ذا نظرة علمية ينتقد فيها الدين او القراءن بادلة علمية !! الكتاب مبني على مشاعر سلبية وكتب بقلمٍ حاقدٍ لم يستند على دليل يدعم كلامه .. نجمتان للاسلوب الادبي للكتاب
يقولون أن الإنسان مفطور على الإيمان بالله ،فالإيمان به بديهي لا يسع للإنسان أن يشك فيه ، ويحتجون لذلك بهذه الآية " أفي الله شك فاطر السموات والأرض"؟ نعم فالله شكوك وشكوك، فلو كانت معرفة الله حقيقة مقررة لا تقبل الشك، لو كانت مغروزة في النفس بالفطرة، لما أحتيج إلى مئات الألاف من الكتب والفلسفات والديانات لإثبات وجوده ،وبالتالي لما شك أحد بوجوده.