تعد قصة "صح النوم" من القصص التي اتخذت من إحدى قرى الريف مسرحًا لها والتي كتبها الأستاذ يحيى حقي على شكل مذكرات انطباعية تخلو من الأحداث المتطورة ولكنها تمتلئ بالتغيرات والأحكام الجانبية لفضول راوي القصة الذي يعرف كل صغيرة وكبيرة بالقرية، وتنقسم القصة بين الأمس واليوم، اللذين مثل الحد الفاصل بينهما إنشاء محطة السكة الحديد ومرور القطار بالقرية .. إنها قصة سياسية فلسفية رمزية للتأثير العقلي والوجداني على القارئ .
يُعد رائداً لفن القصة القصيرة العربية؛ فهو أحد الرواد الأوائل لهذا الفن، وخرج من تحت عباءته كثير من الكُتاب والمبدعين في العصر الحديث، وكانت له بصمات واضحة في أدب وإبداع العديد من أدباء الأجيال التالية.
وُلد يحيى محمد حقي في 7 يناير 1905، ونشأ في بحي السيدة زينب، وكانت عائلته ذات جذور تركية قديمة، وقد شب في جو مشبع بالأدب والثقافة، فقد كان كل أفراد أسرته يهتمون بالأدب مولعين بالقراءة.
تلقى تعليمه الأوليَّ في كُتَّاب السيدة زينب، ثم التحق عام 1912 بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بالقاهرة، وفي عام 1917 حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم انتقل إلى المدرسة السعيدية لمدة عام، ومن بعدها إلى المدرسة الخديوية والتي حصل منها على شهادة البكالوريا، وكان ترتيبه من بين الخمسين الأوائل على مستوى القطر كله، ثم التحق في أكتوبر 1921 بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، وحصل منها على درجة الليسانس في الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر.
عمل يحيى حقي معاوناً للنيابة في الصعيد لمدة عامين من 1927 إلى 1928، وكانت تلك الفترة على قصرها أهم سنتين في حياته على الإطلاق، حيث انعكس ذلك على أدبه، فكانت كتاباته تتسم بالواقعية الشديدة وتعبر عن قضايا ومشكلات مجتمع الريف في الصعيد بصدق ووضوح، وظهر ذلك في عدد من أعماله القصصية مثل: "البوسطجي"، و"قصة في سجن"، و"أبو فروة". كما كانت إقامته في الأحياء الشعبية من الأسباب التي جعلته يقترب من الحياة الشعبية البسيطة ويصورها ببراعة وإتقان، ويتفهم الروح المصرية ويصفها وصفاً دقيقاً وصادقاً في أعماله، وقد ظهر ذلك بوضوح في قصة "قنديل أم هاشم"، و"أم العواجز".
في عام 1991 صدر له كتاب "خليها علي الله" مبيناً علي غلافه الداخلي أنه "السيرة الذاتية لأديبنا الكبير يحيي حقي، عاشق اللغة العربية تحدثاً وكتابة وقراءة، وأحد أبرز رواد الرواية والقصة القصيرة واللوحة القلمية في الأدب العربي الحديث والمعاصر والحائز علي أكبر جائزة عالمية تمنح للعلماء والأدباء وهي جائزة الملك فيصل العالمية، التي نالها تكريماًَ وتقديراً لعطائه الإبداعي وجهوده الأدبية". نال يحيي حقي أكثر من جائزة في حياته الأدبية، من بينها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1969، كما منحته الحكومة الفرنسية وسام فارس من الطبقة الأولى عام 1983، كما نال العديد من الجوائز في أوروبا وفي البلدان العربية، منحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية؛ وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة عشرة؛ جائزة الملك فيصل العالمية ـ فرع الأدب العربي
كنت اقرأ هذه الرواية بانسجام شديد ... وتساءلت لماذا قيل عنها في أول هامش في النسخة التي في يدي أنها رواية؟؟!! هي أقرب لمجموعة من القصص تدور في إطار زمان ومكان معينين
هي قرية أتعجب أن وجد مثلها في خيال المؤلف ... قرية بليدة ، غافل أهلها، جل همهم هو لقاء في حان لاحتساء الخمر ... يسكر بعضهم ويبوح بأسراره ولا يخجل من تكرار التجربة ... لكل من مرتادي الحان حكاية وكذلك صاحب الحان له حكاية ... تمس قصصهم قلبك ولعل اكثر القصص التي اعجبتني كانت تلك عن القصاب وزوج العرجاء والفتى الفنان.... فشخصيات الأبطال مرسومة بحرفية عالية وكذلك ظروف حياتهم
كنت اقرأ بانسجام شديد ... إلى أن وصل الأستاذ ... شعرت بالانزعاج والغرابة من ظهوره ... شعرت بتكلف شديد وكانت رمزيته واضحة تماما ... فالأستاذ هو جمال عبد الناصر ورفاقه (عيونه ومن كان ينقل له أخبار القرية وأهلها) هم ربما الضباط الأحرار أو مجلس قيادة الثورة!! وهي فكرة أزعجتني طوال الرواية ... أن يكون هناك رقيبا على الناس غير خالقهم
وقبل الإستطراد أحب أن أقول أنني لا أولع بالشخصيات الحاكمة (ربما فيما عدا الشيخ زايد رحمه الله نظرا لسفري للإمارات في فترة حكمه ومشاهدة ما يطرأ على البلد من تغييرات كلما غبنا عنها وعدنا إليها مع ما كان له من ميول أدبية وخيرية)، ولهذا فأنا أرى إنجاز ناصر في بناء السد العالي رغم تعنت صندوق النقد ووقوفه في وجه المشروع، وإنجاز السادات في التخطيط لحرب اكتوبر واتخاذ القرار الجرئ بالحرب وتحقيق النصر، وحقيقة لا أرى ميزات لحكم مبارك الذي ولدت وتربيت في عهده حتى الآن باستثناء تنحيه مجنبا إيانا حربا أهلية واستنزافا لما تبقى من البلد وأرى مرسي أسوأ من مر بنا من حكام (والله لا يعيدها أيام)! ولست معجبة بما آلت إليه الأمور حاليا، وأحمل حكامنا جميعهم مسئولية افساد أجيال متعاقبة حتى أصبح كل من فيها لا يهتم إلا بنفسه ودائرة محدودة من مريديه
لذا وبعد ما سبق أجد من الصعوبة أن يكون أكثر الرواية مدحا في ناصر ودعاء له! فقد أخرجني هذا من جو الرواية ... إلا أنه يحسب للأديب يحيى حقي أن نقل صورة حقيقية للمصريين بعد الثورات فهم يريدون المكاسب السريعة دون تحمل التكلفة، ودون العمل الحقيقي وبذل الجهد لأجل تحقيق ما هو أفضل
اتمنى أن يكون التغيير للأفضل رغبة نعمل من أجلها وليس عملا نقوم به جبرا وألا تفتر حماستنا حين القيام بأعمالنا إذا لم تحقق نتائج ومكاسب سريعة
القراءة الأولى ليحيى حقي بناء على ترشيح من صديق وسأبحث عن المزيد من أعماله
ملحوظة: بعد تفكير في التقييم قمت بتخفيضه(من 3 نجمات بما يعني أعجبتني إلى نجمتين بما يعني أنها لا بأس بها)، وذلك لأن ما أزعجني بالرواية تغلب على ما أعجبني ولهذا لا يمكن مساواتها بروايات أخرى أعجبتني أكثر من تلك
ده كان اول كتاب اقراه ليحيى حقى رغم انى مشترياله كذا كتاب من زمان :) والحقيقه انى ماندمتش على الاطلاق ولو جاتلى الفرصه هقراه مرتين تلاته كمان كتاب حلو اوى .. يحيى حقى يجيد التسليه واللعب بالكلمات لتجده فى نهاية .. الكتاب وقد تسرب الى فكرك واعماقك وتربع على عرش قلبك بافكاره :) يدس لك السم فى العسل .. لتجدك مع اشد المواقف المضحكه شخصا اخر .. ربما ايضا من يروى عنه تراه امامك بكل تفاصيله وتعيش مشاعره مسلى بسيط يحيى حقى من افضل من قرات لهم :) احببته كثيرا واحببت ان اجد صح النوم فى كل عقل من اعرفهم :)
القصة مقسومة إلى قسمين.. القسم الأول : مجموعة من القصص القصيرة التي تصف حياة عدة أشخاص... لا يوجد رابط بينها لتكون "رواية واحدة" بالمعنى المفهوم سوى أن هؤلاء الأشخاص يعيشون في نفس القرية.. القصص في الأغلب نقد لشخصية الانسان المصري في شتى المجالات في الحياة.. كيف كان ضائعا و مهمشا و فارغا.. كيف كان مهملا و عاطلا و هامشيا.. تخيلت أن هذا شيء طبيعي .. فالكاتب ينتقد أوضاع المجتمع السيئة و هذا دور المثقفين في كل مكان بالتأكيد.. حتى قرأت القسم الثاني.. القسم الثاني : عدة حوارات مع نفس الأشخاص المذكورين السابقين ينتهي بحوار طويل مع "الأستاذ" حاكم القرية... هنا نفهم المغزى من القصة.. فهي تتحدث عن التغيير الذي قام به "الأستاذ" عبد الناصر في مصر.. ونجد دعاية فجة لمجلس قيادة الثورة.. فهو الذي يعرف الطريق.. وهو الذي سيغير مصر للأفضل.. وهو الذي سيقودنا إلى بر الأمان.. و حتى و إن كانت هناك اخطاء للمجلس فهو في النهاية يعمل من أجل مصر.. و إذا سقط أحد الناس ضحية هذا التغيير فإنه يعتبر في صالح المجموع ككل.. و كل مرحلة تغيير لابد لها من ضحايا.. و في يوم ما ستعود عجلة الثورة لتلتقط الساقطين هؤلاء... ناهيك طبعا عن أغرب شيء و هو فكرة "أن الشعب أقل من أن يستحق هذا المجلس العظيم"!!!!!!!!!!! فهم يعملون بكل طاقتهم لرفعة الأمة و نحن الشعب لا عمل لنا إلا الشكوى.. نحن الشعب لا نقوم حتى بأداء واجباتنا تجاه بلدنا.. نحن الشعب أصبحنا نلومهم على كل ش بالرغم من أنه خطأنا!! ببساطة إننا شعب حقير تحت قيادة عظيمة! شكرا لدعاية يحيى حقي التي تذكرنا بجوبلز.. لكن على الأقل جوبلز لم يدع أن الألمان شعب حقير أقل من أن يستحق الحكم النازي!!!
و أخيرا تذكرت جملة عادل إمام في مسرحية الزعيم عندما كان يتحدث عن الرئيس و يقول "الرؤساء دول أعظم ناس.. و احنا ولاد كلب!"...
يمكن اعتبار هذا الكتاب مجموعة من القصص القصيرة يصف فيها الكاتب إحدى القرى وهي مقسمة إلى جزئين
الأمس ويصف فيها الكاتب القرية وأهلها قبل قدوم "الأستاذ"
واليوم وهو ما طرأ على القرية من تغيرات يراها الكاتب بعد عودته من رحلة علاج استمرت أكثر من عام
انتهي يحيي حقي من كتابتها في6 فبراير عام1955 ونشرت طبعتها الأولي في ابريل من العام نفسه لا أستطيع معرفة إن كان الفارق بين الأمس واليوم يقصد به الكاتب الفارق بين ما قبل يوليو 52 وما بعده أم لا ولكن إن كان الأمر كذلك فلابد أن يكون الأستاذ هو جمال عبد الناصر !
وفي الفن يقول حقي:
هؤلاء الفنانون! إن الحياة تبتسم لهم دائما علي أي جنب رقدوا، لأن الفن هو قبل كل شيء عنوان غني النفس واتصالها الوثيق بالكون والحياة. ولكن لن يخفف من حسرة عارفيه على فقدان هذا البلبل الصداح أن يعلموا أنه نجا بنفسه، فجمهور الفنان لا يعني إلا بانتاجه، يطلب المزيد والمزيد منه ولا يهمه هل تحطمت نفسه أم لم تتحطم.
جذبتنى لكى انتهى منها كلها فى رمضان وانا صائم ، لم تشعر بالملل لحظة واحدة ، أظن أنها كانت خير جليس لى فى هذا اليوم ، هى اسقاط سياسى ومجتمعى لأوضاع مصر قبل الجمهورية وبعد الجمهورية وحقبة جمال عبد الناصر (الاستاذ كما سماه الكاتب).
أول تجارب في القراءة ليحيي حقي أول مرة أستمتع بألفاظ اللغة العربية بالشكل ده الرواية عبارة عن قسمين في حياة الراوي ويحكي فيها عن قريته قبل سفره للعلاج وبعد عودته وماطرأ علي القرية وأهلها
كتاب من الجميل قرائته في مثل هذه الأيام بعد الثورة وخاصة النصف الثاني منه الذي يحكي عن التغييرات التي حدثت في القرية وأن مهما كانت التغييرات جميلة فالحياة لن تكون وردية ولن نعيش في الجنة على الأرض سيكون الواقع أفضل بالتأكيد , ولكن الماضي سيظل يلقي بظله على الحاضر من الواضح أن يحيى حقي جعل الأستاذ هو جمال عبد الناصر ومن الواضح حبه الشديد له, صحيح أنه رصد بعض السلبيات ولكنه حاول دائما تبريرها له.
الكتاب الاول رصد وتحليل جيد وعبارات مثقلة بالمعاني منتهية بتمهيد للكتاب الثاني مبشر بثمرة التغيير مبديا احكاما سريعة يبالغ في الثناء على الفرد القائد فأثارنا هذا التقلب والتهليل فأخذ قليلا من ثمرة الكتاب الاول
«صح النوم» هي رواية أقرب ما تكون إلى مجموعة قصص قصيرة منها إلى رواية، اتَّخذت من إحدى قرى الريف مسرحًا لها. إنّها قصّة سياسيّة فلسفيّة رمزيّة ساخرة كُتبت في أعقاب ثورة 23 يوليو. القصّة -بتجنُّب الكلام عن أحداث متطوِّرة- مُقسَّمَة إلى جزئين: كتاب «الأمس» وكتاب «اليوم»، ومَثَّلَ إنشاء محطة السِّكة الحديد ومرور أول قطار بالقرية الحد الفاصل بين الأمس واليوم. تُعد قصة هذه القرية إسقاطًا على وضع مصر قبل وبعد ثورة 23 يوليو بشكل رمزيّ ساخر، حيث تظهر في القصة شخصيّة «الأستاذ» والتي ترمز إلى «جمال عبد الناصر».
قنَّنَ يحيى حقي في تلك القصص فنّ القصّة القصيرة المصريّة بحيث جاء أسلوبه تجسيدًا واقعيًا ماثلًا أمام القرَّاء، وذاك التجسيد كان لحقيقة ثابتة مفادها هو أن حياة شخصيات بأكملها لابدَّ أن تُحشد في بعض دقائق في القصص؛ لذلك لابدَّ أنْ تكون تلك الدقائق مُختارة بعناية حقيقيّة شديدة، وأن تكون مُضاءة بنور سرديّ فريد؛ ذلك النور الذي يمكننا من خلاله معرفة الفرق بين الحاضر والماضي والمستقبل كما لو كانت هذه الأزمنة جميعًا ماثلة معًا.
في البداية كنتُ أنْوِي ذِكْرَ المواقف الإنسانية المميّزة التي مَثُلت في تلك القصص في هذه المراجعة البسيطة، ولكنّني بعد أن أنهيت القراءة أدركت أنه يَصْعُب الإلمام بكل اللحظات الإنسانية والدافئة والدالة التي اختارتها عدسة يحيى حقي الحادّة وتغلغلت في أعماقها.
يحيى حقي يجعلنا نشعر بالجهد الشديد وسط عديد من نماذجه المقطَّرَة من حيوات بسيطة حالمة مسحوقة في دوّامة الصِّراع اليوميّ، حيث عالجت موهبته المتخومة والعاشقة للحياة هنا قضايا الحياة والموت والجنس والانسحاق والتمرّد والأمل، وأحالت على مستوى الصّور المجازية كلّ تمزّقات الوجدان المصريّ في صراعه الأخلاقيّ والاجتماعيّ، وزاوجت في رؤيتها بين الواقع والتصوّف، العقل والحدس.
تفنَّنَ يحيى حقي في تشكيل هذه القصص عبر تصوير اللحظة العابرة والنقطة على منحنى الطريق، وذلك من خلال أسلوبه المركَّز المكثَّف القريب من الصورة الشعريَّة، إلى جانب البناء التشكيلي الذي يتفرد به يحيى حقي، والذي بَهَرني مثل فنون أخرى كالموسيقى والتصوير والعمارة.
يجسد لنا إبداع يحيى حقي في هذه الرواية رؤية أراد إيصالها إلى القرَّاء مفادها أنّ القصّة القصيرة تشبه حبَّة الرمل التي فيها عناصر الشمس عندما تجاور قطرة الماء التي تحتوي عناصر المحيط، بينما تنبعث في الأجواء بعض النغمات الجميلة التي تشمل العزف السيمفونيّ.
يحيى حقي أديب مميز، له عندي مكانة رفيعة وسامية، ورغم أنَّه كان مغمورًا مطمورًا في عَصره، ولا زال كذلك إلى الآن، إلّا أنَّني واثق أنه سيأتي اليوم الذي يعرفه فيه العالم كله، ويشعر بوجود عمّ يحيى من خلال أدبه العظيم وكلماته الراسخة الجميلة.
صح النوم هو متتالية كتبها يحي حقي مكونة من عدة فصول يروي كل فصل قصة أحد أفراد القرية الذين يجتمعون ليلاً في الحان الصغيرة .. أجد أن لفظة يروي هنا غير دقيقة والأفضل إستخدام لفظ "يرسم" أو "ينحت" تفاصيل كل شخصية لا من حيث المظهر والهيئة فحسب ولكن ذلك الوصف الذي يجعلك تتوحد مع كل شخصية فتشعر بما تشعر به وتشاركها ألامها الصغيرة .. إنها القدرة الرائعة على النفاذ إلي داخل الإنسان .. إلي النقاط العميقة داخله والتي قد لا يستطيع الواحد منا التعبير عنها رغم حقيقة إحساسه بها ! .. وهنا تأتي دور الموهبة التي اختص الله بها بعضاً من عباده .. ومن هؤلاء الموهبين بل وفي مقدمتهم يحيى حقي برشاقة قلمه وقدرته البارعة على الحكي والتي تجبرك على التأمل في كل كلمة سطرها ! يتجول بنا حقي في النصف الأول من الكتاب بين حكايات القصاب والفنان و زوج العرجاء وغيرها .. كلها حكايات تدور أولاً وأخيراً حول الإنسان ومشكلاته الأزلية وعواطفه التي ترفعه حيناً وتخذله حيناً وإنني لعلى ثقة ان كل قارئ سيجد نفسه في قصة من تلك القصص ! أما النصف الثاني من الكتاب فقد وجدته أقل امتاعاً وهو يدور حول التحول الذي اصاب القرية بعد سنوات وبعد أن أغلق الحان أبوابه وتفرق خلانه فيصف الكاتب هنا حال كل فرد من أفراد "شلة الحان" وصفاً ظاهرياً يحكي فيه مآل حاله بعد فينة من الزمن .. وجدت أن الوصف الداخلي الانساني الذي أصابه الكاتب في النصف الأول من الكتاب كان أكثر امتاعاً وتأثيراً في نفسي .. كما أن النصف الثاني احتوى على اسقاطات سياسية تشيد بالقرية وحالها إشادة جمة بعد التحول "الايجابي" من وجهة نظر الكاتب الذي حل بها بعد الثورة .. ويكرس الكاتب النصف الاخير من كتابه كله كمقدمة يفضي بها إلي الفصل الأخير الذي يقابل فيه "الأستاذ" .. ولاشك أن الاستاذ هنا هو صورة الزعيم الملهم الذي حرص معظم كتاب الستينات على حشره بداع أو بدون داع في أغلب الأحيان في معظم كتابتهم كواجب مقدس يشوبه الكثير من النفاق .. ابتدأ الكاتب بحكايات البسطاء من الناس بمشكلاتهم الانسانية البسيطة المعقدة في الوقت ذاته وانتهى بقصيدة مدح في ذات "الاستاذ" الذي يحمل هموم القرية ولا معين له الحكيم الذي لا يخطئ ! ثلاث نجمات فقط كرامة للمبدع يحيى حقي وحباً لشخصيات الحان التي أسرتني فحسب !
من يقول أن الكلام منبعث من أوتار الحنجرة كاذب و إن كان له سند من العلم .. إن هذه الأوتار موطنها القلب ذاته
الحياة أم لها ثديان أحدهما يجود بالعسل و اللبن و الآخر ينضح بالمر و العلقم ، و أن من طبع هذه الأم لحكمة لا نعلمها أن تنقل بعض أبنائها من ثدى إلى ثدى
كفى بالكسل رائضا على الصبر ، و الصبر سيد الفضائل و أشقها منالا
إننى كنت دائما إذا خيرت حين لا مفر من الظلم .. بين أن أظلم نفسى أو أظلم غيرى فضلت دائما أن أظلم نفسى .. و شتان بين أن تنام متحسرا و بين أن تنام فى عرق الخجل
لكن وقع اليقظة على بعض النفوس يجئ أحيانا كوقع المفاجأة ، و ليس أشق على نفس الذى ألف الاستعباد من أن توهب له الحرية فجأة أو تلقى على كتفيه لأول مرة مسئولية تدبير أموره ، و يقال له أنت سيد نفسك ، دافع عن حقك و قم بواجبك ، إنه كان يطالب بهذه الحقوق ، يؤمن أن كل بلائه راجع لحرمانه منها و يقول إنها لو ردت إليه لتغير حاله فى غمضة طرف من الظلام إلى النور ، فإذا واجه النور حين يعم عشيت عيناه
إن الإنسان لا يحس بوجوده إلا إذا رزق الولد ، إنه من قبل كالمطر ينحدر على التلول و يتفرق فى الوديان و لا تعلو قامته فى مكان رغم غزارته ، ثم انظر إلى الولد حين يعانق أباه تجد ذراعيه كالضفتين تحتجزان هذا الماء المضاع فيصبح نهرا له حياة معلومة و مجرى مرسوم و مبدأ و غاية
أول تجربة لى مع هذا الكاتب الفذ . فوجئت بأسلوب الرواية و لغتها القوية . الرواية بها إسقاط سياسى واضح حيث أنها كتبت فى عام 1955 فى بداية العهد الناصرى و تحولاته الكبرى
"وأنت؟ قد بلغني خبر جولاتك في القرية ودساكرها وحديثك مع الكناس وجندي المطافئ والفلاح وأصدقائك السابقين من رواد الحان، بل بلغني أيضا أنك تكتب مذكرات، وقد اطلعت على بعض نصوصها..."
قبل ما أوصل للفصل الاخير كان تقييمي للرواية/القصص ٤/٥ جميلة وفيها كثير من الحقيقة في كلامه عن الناس واحوالهم. وصلت للفصل الاخير، تملُق لا نهائي لشخص الاستاذ؛ حرفيا مقالة تطبيل في الاهرام ايام ٢٠٠٣ مثلا. دخلت أشوف يحيى حقي كان بيكتب الرواية دي في ظل انهي حاكم، لقيته جمال عبدالناصر.
وإذا كان الكتاب يوجّه رسالة فمطلوب مني كقارئ إني أقيم الرسالة دي مش بس جمال الكتابة. متخيلتش إن كل الكتاب ده معمول عشان الرسالة دي في الاخر، ما اتفهها حقيقي واكذبها. تقييمي النهائي ٢/٥ وده كرم أخلاق.
أسلوب أكثر من رائع وسبك رصين يجعلك تسرح في تلك القرية الريفية تصاحب صاحب الحان وتشفق على القصاب وتقدر مشاعر تلك السمراء الهاربة من التقاليد وتبكي لحال العرجاء وزوجه الذي يحب اللهو . حتى تريث حقي في الكتابة وعاداته في إعادة قراءة فصول الكتاب شيء جميل ، نشاط الأستاذ وتفكيره في أهل بلده وحبه لهم وسعيه في إصلاح حالهم كل ذلك الجمال بلغة حقي المتأثرة بلغة رفيق دربه شاكر وإن شاكر كان يظهر في الرواية ايما ظهور رحم الله حقي فقد جعلني أحب الرواية ❤❤
فكرة الكتاب هي أكثر فكرة اكرهها في حياتي.. و هي فكرة ان التغيير يأتي على يد شخص ملهم بطل كأبطال الأساطير يحل كل شئ .. من قبله العدم و من بعده الجنة و ينظر للجميع على انهم مجموعة من العاجزين ..
صح النوم مجموعة قصصية متصلة رغم انها تبدو منفصلة تحكي عن قرية خيالية في مصر سكانها فقراء ولكنهم يتسمون بالكسل وبالاقبال على شرب الخمور اذ يجتمعون كل يوم في الحان وينفقون اموالهم على الخمور ويحى حقي يحكي قصة كل زائر من زوار الحانة بما فيهم صاحب الحانة نفسه والذي تعتبر قصته هي افضل قصة في المجموعة خصوصا الجزء الذي تحدث فيه عن الموت والموتى بعد أن ترك مهنته وصار حانوتي اما باقي القصص فهي عادية جدا ومسار الكتاب يتغير عندما يدخل يحي حقي شخصية الاستاذ وهي شخصية انسان مثقف ينتمي للقرية جاء لاصلاحها وتغيير احوالها واذ به يصبح عمدة القرية هذه الشخصية ترمز لعبد الناصر بشكل فج جدا ووجوده قلل من قيمة الكتاب بالنسبة لي خصوصا وانه خصص الجزء الثاني من الكتاب في مدح نظامه وحكمته حتى شعرت أنه يتحدث عن نبي مرسل وليس رئيس جمهورية وكان يتعامل معه بتجيل وتقديس مفرط وهذا التقديس للحاكم هو السبب في بلاء مصر ولولا اسلوب يحى حقي الادبي الرفيع لما اكملت تلك المجموعة
فمدحه لعبد الناصر اشعرني بالتقزز رغم اني اقدر انجازات عبد الناصر ولكني انفر من مدح الحكام في مصر وتبجيلهم بهذه الطريقة لأنه يجعلهم يشعرون أنهم فوق البشر وان الشعب محظوظ بوجودهم وبالتالي يفتح الباب لاستبدادهم
الرواية تدور في عالم القرية المصرية المميز باسلوب شديد الرقي والجمال
الرواية مقسمة الى جزئين : الامس واليوم يرمز لها بمرحلتي الث��رة وما قبلها ..فعبد الناصر ( الاستاذ ) ياتي القرية ويبث فيها النشاط وحب العمل والاخلاص ويغلق الحان ( وكر الفساد بالقرية ).. و يلتمس له-ا لمؤلف - كافة المبررات والأعذار رغم ما يتخذه من قرارات بمشاركة مجلس قيادة الثورة ( المجلس القروي ) على الرغم من الاضرار التي لحقت بسائق العربة وصاحب الحان وغيرهم ولكن المصلحة العليا هي الاهم والأبقى ..
لا اعتبر يحيى حقي منافقا فالرواية صدرت عام 1955 ولكن شخصنة الامور وتبجيل الحاكم مفسدة ولا شك ...
صحي النوم" قصة رمزية تهدف لوصف أحوال أفراد قرية في المجتمع المصري قديماً. فكيف كان يعيش أفراد القرية في الأمس؟ وكيف يعيش أفراد المجتمع اليوم؟ وبين المس واليوم بناء سكة حديدية تمر بالقرية بعد عودة الأستاذ الي القرية وترأسه للمجلس القروي وغلق الحان التي كان يتجمع فيها أبطال القصة هربا من مآسيهم. من الأشياء الساخرة في أحداث القرية أن جميع أفرادها تحسنوا بعد عودة الأستاذ الي القرية وبدأ العمل لصالح المجتمع، الجميع تغير حتي صاحب الحان ساقي الخمر إلا الواعظ "رجل الدين" مازال منافقا، كما كان ينافق العمدة القديم ظل علي نفاقه للعمدة الجديد "الأستاذ"
كنت مُعجبة بأسلوبه الأدبي في الجزء الأول من الكتاب والقصص الخفيفة والوصف اللطيف لأشخاص أهل القرية وحالهم.. استحالت مشاعري كلها منذ دخول الأستاذ ألا وهو " عبد الناصر " بتورية ما أدخله لتغيير حياة القرية والفلاحين.. فانقلب كل شيء وكأنه استحال من أقصى الشر لأقصى الخير وكأن الأستاذ هو ملاك الرحمة المُرسل.. صرت أرى كل حدث يدس الأستاذ أنفه فيه سمجًا ثقيل الظل عليَّ حتى انتهى الكتاب بانتهاء اللقاء مع الأستاذ السمج! ..~~
أول رواية أقرأها ليحيى حقي وعحبتني جداً بالرغم من الرمزية المهولة الي موجودة فيها ، على الرغم من معرفتنا إن الأستاذ هو جمال عبدالناصر لكن عمرنا ما نروح نقول -- جميلة جداً القصاب وصاحب الحان والقزم وزوج العرجاء لمست فيهم عبرة ومواقف من المفترض أنها تُضحِك ولكنني لا أضحك فمن يفهم يا عزيزي لا يضحك بل يأسى .
بداية مؤسفه مع يحيى حقي ولا أعتقد أنه ستكون هناك فرصه أخرى رواية سلطوية من الدرجة الأولى الهدف منها ترسيخ فكرة تكاسل الشعب وفكرة المخلص الذي سيأتي ليقيم الأمور ويعيدها لنصابها .. وتطبيل سيء ورديء للغاية
القسم الأول من الرواية كان ممتعا وتميز بجمال الكتابة وهو عبارة عن عرض لبعض شخصيات القرية أما بعد ذلك فستكتشف أن هذه الرواية طويلة الخدين عريضة المنكبين هي عبارة عن مدح وتملق للرئيس عبد الناصر .أكثر من أسبوع قضيته في قراءة هذا التطبيل اللزج.
ومازلنا نائمين لم توقظنا صرخة يحيي حقي فينا وقد مضي عليها نصف قرن ولزلنا نغالب الكري! ببراعته المعتادة يشرح يحي حقي اصناف من المجتمع مختلفه ومتباينه كلها تعاني في الحياة في إحدى قرى مصر التي تكاد تكون صور مستسخه وان تعددت وتباعدت كل هؤلاء المحبطون يلجأون الي الحانه ليتناسوا مشاكلهم وليفرغوا همهم،،، تشكي القريه عدم وقوف القطار بها ويعبرها مسعا متناسيا غير مباليا ومخترقا ﻷجوائها ويفلسف المتفلسفون ان هذا الحرمان خير بل هو كل الخير ! فمرور القطار سوف يهز اركان المباني القريبه من المحطه والمتمايكه تماسك أخوان الصفا ،، ، رؤيةالقطار من بعيد امتع من رؤيته من قريب،، القريه لن تقع تحت سطوة نظار المحطات المستبدين! في النصف الثاني من الروايه يأتي الي القريه الزعيم او المصلح او كما يسميه يحي حقي اﻷستاذ فتتغير أحوال القريه .تقام محطه للقطار وتتداعي البيوت القريبه ﻷنه لم تكن هناك دراسه لهيئة المساحة لترميم او أذالة البيوت القابلة لﻷذاله،، وتتغيرأحوال الناس،، من كان ينظف الزرائب صار عامل نظافه بأجر مضاعف ولكنه ظل ساخط على وضعه، ، والفلاح اﻷجير صار سيد اﻷرض ومالك اﻷرض صار لا يملك شئ! والقزم المسرف اصبح يدرك قيمة اﻷدخار ،، والقصاب ادرك راحته بالصلاة وللجؤ لله بعد خيانة زوجته له مرتين فمسح مرارة أسائة البشر بالقرب من الله، ، وصاحب الحانه بعد ان أغلقت حانته غير فلسفته من أقنتاص البهجه والسعادة من الدنيا ولو بالوهم من أدمان الخمر الي الذوبان في الحقيقه اﻷزليه وهي العوده للطبيعه بالدفن في اﻷرض ام البشريه فأشتغل حانوتي يدفن موتاه ويشهد سعادة اﻷجساد بذوبانها في حضن امها اﻷرض بعد ان كان يشاهد انشاء ذات اﻷجساد بمقارعة كأس الخمر! وسائق العربه قد اصبح يستجدي الناس بعد هرم حصان عربته وعدم قدرته علي التكسب ﻷنه لم يعمل حساب للزمن.وكأن من لم يتمرغ في تراب الميري تعس وهلك؟ ؟ هكذا من وجد خلاصه بنفسه كاقصاب بالقرب من الله او صاحب الحان بالرجوع للطبيعه او بمسكه زمام أمره كالقزم ومنهم من جاء خلاصه باﻷستاذ او الزعيم عن طريق تغيير اﻷوضاع اﻷجتماعيه كعامل النظافة والفلاح وزوج العرجاء،، ومنهم من لم ينل الخلاص لا من نفسه ولا من الأستاذ (الزعيم) كعامل المطافي وسائق العربه،،، والخلاصه ان خلاص اﻷنسان وصلاحه يأتي اولا من نفسه وثانيا من المجتمع ، وان المجتمعات التي تعتمد في اصلاحها علي زعامات وليس مؤسسات يكون نهضتها منتقصة،، انظر الي نهضة اليابان تعتمد علي صحوة شعب لا صحوة زعامات تأتي وتروح ؟ وأنظر لمصر لاتذكر نهضتها الا بذكر محمد علي ؟ وكم من غث بليد جاء بعد محمد علي؟ و ،،، صح النوم
أظن ان هذه الرواية يمكن تدريسها كنموذج للإسقاط السياسي الذي يفسد الفن ويفرغه ويحوله إلى مجرد وسيلة أخرى من وسائل البروباجاندا ،يميزها انها أجمل من غيرها او أنها تخاطب شريحةخاصة ،لا أكثر ولا أقل ! لا أعرف متى كتبها ،لكن يبدو من الاسقاط السياسي الواضح والانبهار الشديد بالزعيم الملهم المخلص أنها كتبت في أوائل عهد عبد الناصر
الرواية تتحدث عن القرية ،لذلك أخذتها معي في زيارة لريف بلدنا ،وكانت اختياراً معقولاً خصوصاً في نصفها الاول أكثر من نصف الرواية يتحدث عن "الأمس" ،وهو جزء ممتع فعلاً ،وبه تشبيهات في غاية الروعة ،لا تمر 3 أو صفحات إلا ويتحفك الكاتب بتشبيه بارع سيجبرك كل تشبيه منها على التوقف لتخيله واستحضار صوره والتفكر فيها
أعجبتني بشدة حكاية الفتاة العرجاء وزوجها ،والفتى الفنان ،والقصاب وفتاته السمراء ذات الوجه الصبوح
لكن في الثلث الاخير ، يتحدث الكاتب عن "اليوم" بعد وصول الأستاذ "للقرية" والأستاذ بالتأكيد هو عبد الناصر ،والكاتب يحاول تصوير المجتمع بعد وصوله كأنه يوتوبيا تسير بهدى وبركة الزعيم الملهم المخلص الذي لا يخطيء ،وكله في سبيل المجتمع ! والعيب الوحيد في هذه اليوتوبيا هو تمرد الناس وشكواهم رغم تحسن احوال معظمهم إلى الاحسن !
كنت اظن أن الرواية مسخرة لرصد التغيرات في المجتمع ليس إلا ،وأنها ربما تبرز السلبيات والايجابيات معاً لكن لقاء المؤلف ب"الأستاذ" في نهاية الرواية يوضح كل شيء ،الكاتب ينسى ببراعة السلبيات التي ذكرها ،ويهمل عشرات السلبيات التي لم يذكرها (ربما لأنه تعمد ذلك ،او ربما لأنها لم تكن قد ظهرت على السطح بعد ) ويتحفك بخطبة عصماء يخاطب بها الأستاذ متغزلاً في جماله وحكمته ،ومشفقاً عليه من الوحدة والمسؤوليات الجسيمة
هناك مشكلة اخرى في الخطاب ،شخصيات يحيي حقي كلها تتحدث بلغة عربية راقية ،وتقول حكماً فلسفية عميقة لا تليق بمهنهم أو مستويات تعليمهم ،أفضل طبعاً أن أسمع فلسفة البسطاء بالفاظهم وتعبيراتهم هم لا بلغة الكاتب الواحدة الثابتة ،لكنني احتملت ذلك لأن ما يقولونه رائع فعلاً
بأي حال ،هذا النوع من الكتابات يهدر قيمة الفن كمنظار داخل نفوس الناس وحياتهم ،لأنه يحول الكاتب من فنان حقيقي إلى مجرد "صنايعي" يحاول ان يظبط "الخلطة" لكي يخرج بالنتيجة المرجوة في النهاية
هي رواية كتبها حقي في عام ١٩٥٥ ويقال بأنها أول رواية كُتبت بعد ثورة ٢٣ يوليو. تتلمذ يحي حقي علي يد العالم اللغوي الكبير الأستاذ محمود شاكر، وبالتالي ليس من الغريب أن تجد الأسلوب بهذا القدر من الجمال؛ حتي أحسست بأني أقرأ كتاب من كتب التراث وليست رواية من الأدب العربي الحديث، فاللغة قوية ولكنها بسيطة، عميقة ولكنها مفهومة، معقدة ولكنها سلسة، هو أسلوب أديب بحق. أما عن الفكرة: ففي الريف تدور الأحداث، وفي قرية بسيطة من القري المصرية، ولكنها ليست كأي قرية فهي تكسر القواعد والتقاليد، فتجد بها حانة لشرب الخمر وتمتلئ برجال الفلاحين، تجد بها سيرك كبير يقدم العروض، فيها أيضا ملحن يعزف الكمان ويلحن الأغاني، فهي قرية غريبة وكأنها من قري الريف الاوروبي. تمضي بنا الرواية عن طريق أحد سكان القرية يكتب عنها ما يشبه المذكرات، وتقسم إلي فصول، في كل فصل يحكي عن شخصية من شخصيات القرية بشكل بديع جداً يدخلك في أجواء الريف رغم عدم واقعيته بالمرة، ففيها كل ما يخالف ريفنا المصري. تنقسم الرواية الي قسمين: ماضي القرية وحاضرها، ففي القسم الأول يحكي لنا عن الناس والأحوال وعن معيشتهم وتقاليدهم وأرزاقهم وكل ما يخصهم، في القسم الثاني يرصد الكاتب حالة القرية بعد بناء محطة السكك الحديدية بها وعن تشكيل مجلس قروي لإدارتها وأثر هذا البناء الجديد والمجلس الجديد علي الناس وأحوالهم. الرواية رمزية رغم عدم وضوحها في الفصول الأولي الا إنها ظاهرة وبقوة في أخر الصفحات، وصاغ حقي الرمزية بشكل خفي وبأسلوب ممتاز. الرواية اكتشاف جديد ليحي حقي وكتاباته. ٥/٥
كتب يحي حقي قصته بلغه فصيحه نقيه ليس فيها شيء من الابتذال . كتبها في أعقاب ثوره ٥٢ يميل الي الرمزيه في الادب تقرأ القسم الاول من القصه فيمتعك ما فيه من رمز ومن دقه التصوير ولكنك تحس في الوقت نفسه بالغربه في هذه البيئه التي يعرضها عليك فهذه القريه التي يصفها ويعيش فيها مصريه خالصه ولكنها ع ذلك بعيده كل البعد عن الاجواء الريفيه المصريه بوجود الحانه التي اتخذها أهلها مكان للاستراحه وشرب الخمر
فلسنا نعرف في قُرانا حانه تشبه هذه الحانه التي صورها الكاتب لنا قديما او حديثا هذا مألوف فقط في القري الفرنسيه والايطاليه حيث ان يحي حقي سافر مده طويله لفرنسا وغيرها فتأثير الحياه الغربية علي وصفه أعلي من تأثير الحياه الريفيه المصريه والمترددون ع الحانه انفسهم من المفترض انهم مصريون ولكن أطوارهم واذواقهم واعمالهم وما يديرون بينهم من حديث كل ذلك أجنبي الا انه ابدع في رسم شخصيات القصه وكأنك جالس معهم وتريد ان تشارك حديثهم
يرسم لنا في القسم الاول قريه بائسه شديده الحاجه الي الاصلاح ويلمح لنا بأن مصلح هذه القريه في القاهره للدراسه وللتفكير في شأن قريته وهو (الاستاذ )كما يسميه أهل القريه ويعود الاستاذ الي قريته فيبدأ القسم الثاني من القصه ومحاولاته لاصلاح القريه بغلق الحانه وتأهيل اهل القريه للعمل والكفاح استخدم الرمزيه للقريه ع انها مصر وان رواد الحانه هم الشعب وواضح ان الاستاذ الذي عاد الي قريته هو قائد الثوره ٥٢ واصحابه واعوانه وواضح اخر الامر أن الكاتب يريد أن يرضينا عما تم في مصر من الاصلاح ويعزينا عما لايزال فيها من أثار الضعف وبقايا الفساد وصراع القيادات داخل السلطه .
صح النوم. التصنيف رواية . الواقع مجرد نشرة دعائية جوفاء تثير الغثيان للانقلاب العسكري يوليو 1952 ، في البداية عجبت لكونها رواية في حين أنها مجموعة من المشاهد لنماذج مختلفة من البشر تجمعهم قرية واحدة، جاءت في صورة من يكتب ذكرياته عن قريته وهو شاهد عليها، إلى هنا والأمر مقبول، ثم يفتعل المؤلف حيلة كي يجعل الراوي يغيب عن القرية سنة بداعي حاجته إلى العلاج خارج البلاد حتى إذا ما عاد كان شاهدًا على ما أصاب القرية من التحول والتبدل، إلى هنا أيضا يبدو الأمر شبه معقول(فسنة واحدة لا تكفي لإبراز التحول) لكن ما علينا.. في الجزء الثاني أتى الراوي ليكشف عن هول التبدل الكل أصبح يعمل بكد، والفاسد قد تاب، والتائه قد وجد طريقه، ومن كانت بذرته فاسدة لفظه المجتمع كل ذلك بفضل عظمة ومسئولية وتنظيم وجهد المجلس القروي(رمز لمجلس قيادة الثورة) ثم حديث طويل مقالي لا يمت للفن القصصي بصلة عن الأستاذ الذي تولى المسئولية ويجهد ليل نهار في سبيل الارتقاء بأحوال القرية، ولا مانع بالطبع من التغزل في فراسة الأستاذ الذي لا ينطلي عليه نفاق المنافقين، ولهاث الطامعين المتحولين دومًا صوب تملق السلطان، والذي يستدعي الراوي في نهاية هذه النشرة الدعائية بوصفه من أصحاب الأقلام ليكون داعيًا للانضواء تحت الراية الجديدة، منافحًا عنها ضد المناوئين، ومزينًا لوجهها بأصابغ المثالية.. وهو ما حاوله كاتبنا-للأسف- صارخًا.. صح النوم.
قرأت هذه المجموعة من القصص القصيرة المرتبطة ببعضها البعض باطار زمني و مكان واحد دون ان اقرأ اي تعليق او مقال رأي عن هذا الكتاب.
الكتاب في نصفه الأول مسلي ثم بدأ وتيرة التسلية تخف و كثر الكلام (الانشاء) و المواعظ بلا اي سبب مقنع ثم اقحمت ما يسمي الرمزية السياسية و اصلاح المجتمع بما لا يستقيم مع نصف الكتاب الأول فلم يركز يحيي حقي علي دراسة احوال الشخصيات و استقصائها علي قدر ما ركز علي جوانبهم النفسية و شطحاتهم من باب السمر حتي انه لم يبين الشطط الذي بهم فبعد ان كان يمدحهم و يصفهم بالرقيق من القول فاصبحوا في النصف الثاني انهم اصحاب علة و قد برئوا منها، فلم يمهد الكاتب لهذه الرمزية علي الاطلاق و هذا دليل علي استحداثها اثناء كتابة النص و ربما من باب اضافة الجدلية علي الكتاب و فقط.
لذلك لو استبعدنا هذه الرمزية للأن استسلامنا لها تضيع القيمة الادبية فيحصل النصف الأول علي 3 نجمات و الثاني علي نجمة واحدة :)