فإنه قد وصلت إلى مدينة رسول اله صلى الله عليه وسلم شمامة من شاه إيران - مرصعة بالجوهر، محشوة بالعنبر وهي من خالص العسجد، كرية الشكل المنضدد، وكان قصده أن تنصب تجاه وجهه الكريم الذي هو منبع الأنوار صلى الله عليه وسلم.
وذلك أيام (أحمد آغا) شيخ الحرم المدني الشريف سنة 1118 هـ وقيل: 1119هـ في ظل الهلافة العثمانية.
وحين وقت إحضارها قبل أمر وضعها، لم يجدوها! بسبب من سرقها من القبة التي بصحن المسجد الشريف، وقد ترتب على ذلك أمورا وأحداث.
فحصل للحكام والأغوات اضطراب من فقدها، وصارت حينئذ القضية المشهورة في التاريخ بقضية الشمامة العجمية، والتي حصل بكسرها انبعاث رائحة نتنة دلت على كشف مكيدة شاه إيران آنذاك للحجرة النبوية.
وقام المصنف العلامة الكبير عمر بن علي السمهودي المدني بسرد أحداث الواقعة والقضية هذه بصورة تاريخية أدبية بلاغية، ثم جعل خاتمة ذكر فيها اعتقاد فضيلة الشيخين [أي: اعتقاد أهل السنة بفضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما]، ثم عقيدة أهل السنة أفضلية الخلفاء الأربعة
انتهى كلام المحقق.
وأؤكد بأن القصة على وجازتها وبساطتها، إلا أن نشرها في كتاب في هذا الوقت فيه درس مهم...وهو فهم تاريخ وحجم البغض المذهبي الذي يقع على الصحابة رضوان الله عليهم. وأن تأليه آل البيت وتوثينهم قد صحبه تحقير بقية الصحابة. فلم يقف وجود قبر النبي بجانب قبر الشيخين أبي بكر وعمر حدا لبغض شاه إيران المذهبي..فأرسل شمامته لإهانة الشيخين،مستغلا قبول المتصوفة،التيار المسيطر على مقاليد الأمور، لكل بدعة جديدة بدعوى تكريم وتوقير النبي.
ولعلي لا أكون مبالغا إن قلت بأن مفرزات هذا التوثين وهذا البغض، هو الغلو في آل البيت، والقدح فيما عداهم..وهو ما يتداول في معابد تلك الطائفة.فكان من المفرزات أيضا الغلو وتعظيم مشيخاتهم المفسدين (كالسكوت عمن يزعم تحريف القرآن ووجود الكلام السخيف فيه،وعدم البراءة من قوله فضلا عن تكفيره قاتله الله)، وصاحب هذ الغلو سب للقدوات وللنماذج المشرفة عند المسلمين، كسب وتحقير صلاح الدين الأيوبي، الذي أنهى دولتهم الفاطمية،وأنهى الوجود الصليبي في بيت المقدس. فإن كان صلاح الدين قد سلم من الناصبية،ولم يبغض عليا وآل البيت،فلماذا لم يحمدوا له حربه للصليبيين؟
أختم بمناكفة ظريفة وقعت بين شاه العجم، صاحب الشمامة،الخليفة العثمانية سليمان خان. فقد كتب شاه العجم مستفزاالخليفة العثماني هذين البيتين:
نحن أناس قد غدا طبعنا حب علي بن أبي طالب
تعيبنا الناس على حبه فلعنة الله على العائب
فأجابه الخليفة العثماني: ما عيبكم هذا ولكنه بغض الذي لقب بالصاحب
وكذبكم فيه وفي بنته فلعنة الله على الكاذب
انتهى كلام الخليفة.قلت: ومن ذا الذي يبغض عليا وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل السنة...في حين أن الذي أرسل شمامة نتنة إلى الحجرة النبوية، أراد إهانة أبي بكر وعمر، ولا بأس عنده بوجود النبي بمعيتهما!؟