يشتمل هذا الكتاب على بحث قيم في منهج القرآن في التربية الإسلامية و، ألقاه العلامة الشيخ نديم الجسر رحمه الله في المؤتمر الثالث لمجمع البحوث في جمادى الآخرة 1386هـ - أكتوبر 1966 ه
هو نديم بن حسين بن محمد بن مصطفى الجسر. ولد بطرابلس عام 1897 لأسرة مصرية الأصل. تلقى علومه الأولى على يد والده الشيخ حسين الجسر الذي كان عالماً مؤسساً للمدرسة الوطنية، ومحرراً في جريدة طرابلس، ثم كفله شقيقه الشيخ محمد الجسر الذي كان نائباً عن المدينة. وكان يعتبر من ابرز رجال السياسة في طرابلس. انهي دراسته في حمص ثم أكملها في بيروت وبعدها التحق بالعمل في سلك القضاء. استدعي إلى الخدمة العسكرية الإجبارية، في الجيش العثماني عام 1916، وخدم في الحجاز والسويس حيث وقع أسيراً بيد القوات الإنجليزية التي سجنته في القاهرة ولم يخرج إلا بعد وساطة من الشريف حسين. عاد إلى طرابلس وعمل كاتباً في سراي المدينة، عام 1922 عينه المفوض السامي كاتباً في المحكمة، ثم رقي إلى رئيس قلم، إلى أن عين قاضياً ثم مدعياً عاماً ثم قائمقاماً لقضاء عكار عام 1931.
وبعد وفاة أخيه الشيخ محمد الذي ترشح لرئاسة الجمهورية اللبنانية، استقال الشيخ نديم وتعمم جرياً على التقليد العائلي وحفاظاً على مركز العائلة الديني وتمسكها بدورها القيادي في المدينة. انصرف إلى التدريس في جامع طينال والتحرير في جريدة طرابلس والعمل الخيري. ثم ترشح للانتخابات منافساً لعبد الحميد كرامي، وفشل، إلا ان العلاقة عادت وتوطدت بينه وبين رشيد كرامي فدخلا معاً مجلس النواب اللبناني فائزين عن المدينة عام 1957. وعلى اثر وفاة مفتي طرابلس الشيخ كاظم ميقاتي، انتخب الشيخ نديم مفتياً للمدينة.
كنت أعتقد أنه يتحدث عن التربية (تربية الأبناء)، ولكنه يتحدث عن تربية الانسان لنفسه والأخلاقيات التي يتحلى بها بناء على توجيهات القرآن. وكيف أن القرآن اشتمل على كل الأخلاقيات، وليس فقط أمرنا بالحميد منها، بل نهانا عن المذموم أيضًا. وكيف أن القرآن خاطب الانسان للأخلاق بأشكال شتى، فلم يكن الخطاب دائمًا عقلي؛ لأن هذا لن يؤثر في كل الناس بل في فئة قليلة منهم، وهم العلماء المؤمنون بالله؛ لأنه أحق أن يتبع؛ ولأن الدين دين حق. ولهذا كان التوجه الثاني للخطاب، وهو خطاب الضمير؛ ولأن هذا أيضًا لن يؤثر في كل الناس، وخاصة المجرمين منهم الذين مات ضميرهم. كان الخطاب الثالث وهو الترهيب والترغيب؛ ولكنه أيضًا لن يؤثر في المشككين، والذين يستعجلون الآخرة! ولهذا كان خطاب الرأي العام، ولكن هذا لن يؤثر في الذين لم يعد يهمهم نظرة المجتمع أو الناس، اختفى منهم الحياء. كان هناك خطاب السلطان أيضًا، أي عقاب ينفذه السلطان عندما يقوم شخص بجرم معين، ولكن هذا أيضًا لن يصل لكل الناس؛ لأن السلطان لن يكون حاضرًا في كل المواقف، ولا القانون يضم كل الجرائم! ولهذا كان القرآن يحدثنا بخطابات مختلفة؛ لتؤثر على أكبر قدر من الناس، على اختلاف تفكيرهم وحياتهم وسلوكهم. الكتاب جيد جدًا في هذا الموضوع، ولكنه غير مفيد في التربية المجتمعية؛ حيث أساليب التربية وكيفية التعامل مع الأبناء، وتقويمهم، ونشأتهم على الاسلام. أنصح به.