يتسم أغلب الفكر الذي يدعو إلى الحداثة في بلادنا، بنظرة إلى الغرب ترى فيه النموذج الإنساني الأرقى. وبقدر ما نشحذ سكاكين النقد لمجتمعاتنا، فإن نظرة الانبهار والأعجاب هي التي تحل، حتى ولو كان ذلك ضد مصلحة أمتنا، وتتم عملية تبرير للمظالم والجرائم التي تحصل بالجملة وعلى مدى العالم. إن تلك المنهجية وذلك الفكر يفتقر إلى العملية ولا يرتكز إلى أي معرفة انتهجتها مجتمعاتنا، وينقلب شعار المعرفة إلى أيديولوجيا، بالرغم من احتقار هذه المنهجية ونقدها للإيديولوجيا. وهذا الكتاب، في ردّه على اتجاهات الحداثة التي تتسم بهذه الروحية، لا يقصد التجريح بأحد ولا إقفال باب الحوار. بل القصد الأساسي، هو الإسهام في تقديم جهد معرفي في معرفة الحداثة في حاضرها، وفي تقويم بعض الأطروحات التي تروّج لها. إنه جهد معرفي حول بعض أوجه الحداثة العالمية من موقع إسلامي.
الأستاذ منير شفيق مفكر فلسطيني عربي إسلامي و عضو في مجلس امناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ولد في القدس لأبوين مسيحيين عام 1934م، انخرط في العمل السياسي والحزب الشيوعي الأردني، عمل في حركة فتح حتى بداية السبعينات، واعتنق الإسلام في أواخر السبعينات. كان يسارياً ثم تخلى عن تلك التوجهات واتجه نحو الفكر الإسلامي، وبرز في الأخير كمحلل سياسي، ولكنه ينتمي إلى مدرسة التحليل الراديكالي الثوري.