يضم هذا الكتاب رؤى وأفكار فى العديد من المذاهب التشكيلية الحداثية والعديد من الفنانين التشكيليين المنتمين الى اجيال مختلفة بالاضافة الى مداخلاته الفكرية والابداعية المتباينة يقدمها الفنان رمسيس يونان أحد ابرز الرواد السورياليين العرب فيحدثنا عن الفن فى الاقيانوسية ومدارس النقد الفنى وعالم محمود سعيد كما يحدثنا عن خطورة الفاشية وفلسفة ألبير كامو اما الجدير بالتوقف فى هذا السفر الشائق فهو التفات المؤلف المبكر الى خصوصية الابداع الافريقى حيث يصحبنا الى الادب الافريقى الجديد وواجبنا نحو التراث الفنى هناك الى غير ذلك من فصول هذا الكتاب الممتع
يحتوى هذا الكتاب على أكثر من أربعين مقالة نشرت فى مجلات ودوريات مصرية مختلفة ما بين 1938 و 1966, يتحدث فيها الفنان التشكيلى المصرى رمسيس يونان, رائد الفن السيريالى و التجريدى فى مصر, عن موضوعات شديدة الأهمية والعمق تتناول الفن التشكيلى وماهيته وتاريخه وعلاقته بالتاريخ والأساطير والدين والنفس الإنسانية والمجتمع, ودور الفنان المعاصر, وعن تطور الفن وعن الصفات التى تميز الفن الحديث, وعن الفن المصرى الحديث. ويتناول أيضا موضوعات تمس الفكر والفلسفة والثقافة والأدب والمسرح -هناك مثلا مقال طويل وممتع عن مسرحية الفرافير ليوسف إدريس.
بالإضافة إلى ذلك هناك أربع مقالات طويلة مترجمة 1- حوار مع بيكاسو 2- مقال لأندريه جيد عن الفنان الفرنسى نيكولا بوسان 3- رأى فى الفن المعاصر للفيلسوف الأسبانى أورتيجا إى جاسيت 4- فن التصوير الإيطالى فى عصر النهضة بقلم ليونلو فنتورى
الكتاب يبدأ بمقدمة طويلة ممتعة بقلم لويس عوض [رغم أن إسمه غير مكتوب ولكن هناك كلام عن ديوان بلوتولاند] وينتهى بشهادات بعض الفنانين المصريين والأجانب عن رمسيس يونان وعصره. ويتضح من الكتاب أن جماعة الفن والحرية والفنانين المصريين فى ذلك العصر كانوا معروفين جيدا لنقاد الفن فى فرنسا على الأقل
أعتبر هذا الكتاب من أجمل ما قرأت, رغم أن كتاب يحتوى على مقالات مكتوبة على مدى 30 عاما لا أعتبره فى الغالب مادة جذابة للقراءة. هناك الكثير من المعلومات الفنية والفكرية والتاريخية, ومنهج رصين فى التفكير وموقف واضح من المؤلف الفنان منحاز للفن الحديث والفن الحقيقى, كما أن هناك الكثير من التوضيحات حول الشكل والموضوع والمعنى فى الفن, وكيف مثلا أن معنى اللوحة غير موضوعها الذى نراه ظاهرا أمامنا. والكثير من الأفكار حول الفن الحديث ولماذا يبدو لنا غامضا أو قبيحا أو غير مفهوم, ولماذا أصبح مختلفا إلى هذه الدرجة عن الفن "الجميل" الواضح الذى تعودنا عليه. وأفكار أيضا عن هل الفن يساوى الجمال ؟ هل الفن هو فقط ما يمتع العين ؟
ما بدا لى ناقصا فى هذا الكتاب : كنت أود أن يحتوى الكتاب على عدد أكبر من الأعمال الفنية لهذا الفنان, إذ ليس هناك سوى عدد صغير جدا من أعماله. وأيضا كنت أود لو كانت هناك صور للأعمال الفنية من الشرق والغرب التى تحدث عنها المؤلف
من أكثر ما أثار انتباهى فى هذا الكتاب الممتع هو أن رمسيس يونان الذى يدعو للتجديد والثورة على القديم وعلى أن نعيش بقوة فى عصرنا, والذى عاش فترة من حياته فى فرنسا, يكتب بلغة عربية فصحى رصينة سليمة لا تقل فى جمالها وقدرتها الفائقة على التعبير عن لغة أى أديب أو مفكر عربى يحترم لغته. ويبدو أن رمسيس يونان بصفته مفكر ومنظر للفن والفكر كان لا بد وأن يجيد استعمال أدواته اللغوية فى مقالاته النقدية .
وعلى نفس الموجة: صورة رمسيس يونان فى أول صفحة وهو بالبدلة الرسمية ورباط العنق والنظارة التى توحى بصورة أى موظف حكومى تقليدى - وهو فى ذلك يشبه نجيب محفوظ الموظف التقليدى الذى أبدع فنا خالدا, وبعض الصور الأخرى القليلة فى الكتاب لرمسيس يونان ورفاقه من الفنانين المصريين وكلهم بالملابس الرسمية, هذه الصور أوحت لى بفكرة: التجديد الحقيقى والثورة الحقيقية مصدرها فى الدماغ وفى الأفكار وفى العمل وليس فى المظهر البوهيمى ولا فى المظاهر الفارغة الأخرى.
هنالك كتب تثير لديك الأسئلة، فتحاول البحث لها عن أجوبة، تنجح في العثور على بعضها، في حين أن كتبًا أخرى تجيب على بعضها الاخر.وبالنظر إلى هذين النوعين من الكتب وبتضمينهم داخل إطار معرفي واحد، تجد أنك أمام حالة من المعرفة المثالية، وإن كان الحديث عن المعرفة المثالية ينم عن كِبر لا يقين، ينزع دومًا إلى الذاتية والنرجسية، لكننا إن تأملنا نشوة المعرفة نفسها وما تجنيه أنفسنا من هذه النشوة، فإننا حينئذٍ بإزاء نوع ما من المعرفة المثالية. في موسوعة "فنانون عالميون" تعرضت للنوع الأول من الكتب؛ إثارة الأسئلة والأفكار. في هذا الكتاب، أجاب رمسيس يونان على بعض الأسئلة المحيرة الأخرى، ولدقة هذا التشابك بين نوعي الكتب (المثيرة للأسئلة، والمجيبة عن بعضها) أجد نفسي، ومن خلال مراجعتي للجزء الثاني من فنانون عالميون، اتفقت كثيرًا مع أفكار رمسيس يونان، أهم أفكاره، والتي تناولها كثيرًا بالتكرار مؤكدًا على أهميتها، لو لي أن أكتب تلخيص للكتاب، سيكون من الأفضل أن تكون هذه المراجعة. وهذا -وبكل صراحة- منحني تلك النشوة المعرفية، ربما لأني جاوبت على الأسئلة الأولى بطريقة تتفق وأفكار رمسيس يونان. رمسيس يونان أيضًا كان يعيش هذه النشوة المعرفية، فتجده في مقالاته (الكتاب مجموعة مختارة من مقالاته في الصحف) لا يتوقف فقط أمام الفن، لكنه يعرج، كيفما أتيحت له الفرصة، إلى الحديث عن الفلسفة والفكر، بطريقة رجل متخصص لا مجرّد هاوٍ، فهو أصلا فنان. وهذا لأنه تمكّن من اللغة الفرنسية، لغة الفكر آنذاك، فنهل من بحور الفكر ومدارس الفلسفة، ترجم عن ألبير كامو وآرثر رامبو. حاول جاهدًا الدفاع عن الفن الحديث، فيتحدث عن المشاكل المستعصية التي تواجهه، والتي أهمها عزوف الجماهير عنه بحجة غموضه، وكان رأيه (الواضح أنه رأي بيكاسو) أن الحجة أصلا واهية، فليس معنى عدم فهم لوحة ما أنها رديئة، فما معنى أننا نطرب للحنٍ لا نفهمه، أو نستعذب تغريد عصفور لا نفهم لغته، إذن فلا علاقة بين تذوق العمل الفني وفهمه. ولكن هؤلاء –الذين يهاجمون الفن الحديث بحجة غموضه- يتوقفون أمامه يودون فهمه دون باقي أنواع الفنون. رغم أني كنت من مؤيدي الفن الحديث، إلا أن الرد نفسه أثار بدوره سؤال عن الفرق بين الفهم والتناغم بين العناصر، فلا شك أننا نطرب للحن لا نفهمه، لكن بشرط أن يكون هناك تناسقًا بين أنغامه، والأذن تميز بين اللحن المتناسق والنشاز، الأمر الغير موجود في التجريدية مثلا، لا أعرف ماذا سيكون رد بيكاسو على هذا الرأي، خصوصًا وأن جوابه هذا كان نهاية نقاش حول فهم الفن الحديث. وإن كانت التكعيبية أخف وطئًا من غيرها من المدارس، هذه لوحة تجريدية لرمسيس يونان:
وللعقاد رأي حول الفن الحديث: "حرّفوا الأذواق الأدبية والفنية للجمهور بحيث جعلوا من الذوق المريض قاعدة، ومن الهذيان منطقًا، ومن الجنون عبقرية"، الرأي يبدو مفحمًا موجزًا للكل الآراء المناهضة للفن الحديث، لكن العقاد له تجارب مخزية مع أي لون جديد من ألوان الفن والأدب، بحيث أنه التزم الماضي وجعله قاعدة لتمييز الجيد من الرديء، سواء في الشعر، فرفض القصيدة النثرية وهاجمها، لأنها لا تتوافق مع العمودية، ورفض الفنون الحديثة لأنها لا تتوافق مع الكلاسيكية. الحقيقة العقاد واضح إنه لم يكن لديه أي استعداد لتقبل أفكار جديدة، كان عايش في الماضي يحييه ويعيد صياغته، بطريقة أحيانا مبهرة. بجانب الحديث عن الفن ومشاكله، كانت هناك مقالات فلسفية حول مدارس الفلسفة الحديثة؛ خصوصا الوجودية، تعرض لفلسفة كامو بطريقة جيدة. والمقال الأكثر عمقًا: ثلاثية الفكر الحديث، يتعرض فيه للمفهوم النيوتوني للفكر وارتباطه بالواقعي، وتطور هذا المفهوم مع الثورة الصناعية للعقلاني، ثم أخيرًا ظهور الفكر الفوقعقلاني الديالكتيكي، مع شرح مفصل للمراحل الثلاث. عمومًا هذا المقال بالذات يحتاج أكثر من قراءة.
ختامًا: في البداية كان الكتاب مبشرًا بالكثير وبالفعل الكتاب مهم جدًا، مناسب لمن يريد أن يعرف عن الفن بطريقة سهلة مع عرض شائق، لكن مع تكرار بعض الأفكار، وعدم إضافة الكثير، فإنه يستحق أربع نجوم مع الشكر، لكن هذا لا يمنع من إعجابي بعقلية رمسيس يونان، وهو أحد المجددين في الفن المصري الحديث، وأحد أهم المفكرين كذلك، ما كشفت عنه مقالاته الفكرية الموجودة بالكتاب. ـــــــــــــــــ
الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات متفرقة كتبها المؤلف علي مدار سنوات يتحدث فيها عن الفن والفلسفة، كما ضمنه عددا من المقالات المترجمة. في هذا الكتب يتحدث المؤلف عن تاريخ الحركة الفنية في مصر وبعض رموز هذه الحركة الفنية، كما تحدث عن تاريخ نشاة بعض الفنانين والمؤثرات الثقافية التي وجتهم في اعمالهم الفنية، ونشأة حركة تدريس الفن في مصر. تحدث كذلك عن تاريخ بعض الحركات الشهيرة مثل السريالية وكيفية تأثر الفنانين المصريين بها. من أشهر من تحدث عنهم وعن فنهم الفنان محمود سعيد والفنان ناجي. المقالات توضح بجلاء أن الفنان رمسيس يونان يكتب بقلم أديب راقي جدا في أسلوبه، ومن خلال مقالاته الممتعة يمكن التعرف علي الكثير من الغوامض في الحركات الفنية العالمية والحركات النقدية كذلك.
بدأت قراءة هذا الكتاب وأنا أعرف رمسيس يونان فنانًا، وانتهيتُ منه عارفًا إيّاه ناقدًا وباحثًا ومترجمًا وسياسيًّا.
قليلة هي الكتب التي تضيء مناطق مظلمة في عقل الإنسان، وتوقفه على مجاهل ما كان لقدمه أن تطأها لولاها؛ لعل هذا الكتاب من هذا النوع.
تتعرف فيه على فن التصوير ومدارسه من منظور فنان ورسام مبدع، كما تطل معه على مدارس النقد الفني وفلسفاته، مطوّفًا بك -كما أخبرتُ- في عوالم مجهولة (لي أنا على الأقل)؛ كعوالم الأدب والفن الأفريقي، وعوالم فنية كالتي عند ناجي ومحمود سعيد ونيكولا بوسان وغيرهم، وعوالم تتداخل فيها الفلسفة والأدب والفن كما عند ألبير كامو وباشلار ويوسف إدريس وغيرهم.
والكتاب في أصله مجموعة من المقالات والترجمات والدراسات التي كتبها رمسيس يونان للصحف والمجلات على مراحل عمره، لذا تستطيع أن تنتقل فيه من موضوع مستقل إلى موضوع آخر مستقل، لكن يربط بين مجموعها روح فنية، وهم معرفي، وغاية فلسفية.
يقول رمسيس يونان: «فالفن عندنا لغة، وليس تجميلًا ولا تنسيقًا ولا تفخيمًا، بل إننا لنوشك أن نستبعد من عالمنا الفني كل فن يمكن وصفه بأنه زينة للحياة أو متعة للعين [...] وهذه اللغة قد تختلف أساليبها وتراكيبها، إلا أنها لا تَمُتُّ بسبب إلى أي لغة أخرى، وإن كان يمكن موازنتها أحيانًا بلغة الخلق أو التفجُّر أو التبلوُر أو التغصُّن أو التضرُّس أو التشقُّق أو التفتُّت في الطبيعة» (دراسات في الفن، ص ٤١٤).
الكتاب: دراسات في الفن. المؤلف: رمسيس يونان. عدد الصفحات: ٥٤٦. الدار الناشرة: مكتبة الأسرة ٢٠١٢. سعر الكتاب: ٧ جنيهات.
استمتعت جدأ بالكتاب و بوجهات نظر رمسيس يونان في كل ما هو فني و فلسفي و استفدت كتير من ثقافته العامة و الفنية العميقة جداً
كل مشاكلي مع الكتاب ليها علاقة بالناشر مش الكاتب، في مقالات قصيرة محتواها كان موجود في مقالات سابقة فتكررت بالاضافة للغلطات الاملاءية و الترقيم غير كده الكتاب كان بالنسبة لي تجربة ممتازة.
عجبني قسم المؤلفات الي رمسيس يونان ترجمها و اختيارته للنصوص دي بس ماقريتش الصراحة القسم الي فيه كلام الناس عنه لإني حبيت أحتفظ بفكرتي أنا الي كونتها عنه مباشرة من خلال فكره و روحه الموجودة في كتاباته.