داس حذاؤه الأسود ذو النعل اللندني الناعم فوق سجاد البهو الفسيح، ثم أحدثت خطواته الواثقة قعقعة أصدرتها الأرضية الرخامية، محاطًا بمعاونيه من الإنجليز وخدمه مصريين وسودان، كانت الرسوم البارزة فوق الجدران تخنع له فور عبوره، تخشع في حضرته التحف والتماثيل واللوحات الزيتية، تُرائيه الأعمدة المزركشة، وتنتصب سامقة في توقير وانضباط، تظله الثريات الوارفة، مشَّط الردهة العظيمة بعينيه الثاقبتين، وتبسم راضيًا وتنهد في ارتياح، ثم لثم غليونه بقبلة طويلة ليطلق بعدها أدخنة نفاذة الرائحة لفظها الهواء واشمأزَّت منها الأنوف”.اعتاد التجار على استقدام عربات الكومبيل الملكي إلى مصر من بريطانيا العظمى وبلاد أروبا ليركبها الباشاوات والأعيان وذوو الحظوة الرفيعة، ولم يرد على بال أحدهم أن يكون لهاتيك العربات المزخرفة ذات الستائر والنقوش المذهبة دورًا آخر، لو علمه صانعوها من الإفرنج ما أقدموا على إيفادها إلى تلك البلاد السمراء، التي تقبع تحت لواء التاج البريطاني، وربما لما أقبلوا على تصنيعها من الأساس!
رحلة زمنية بعيدة، إلى المحروسة في الربع الأخير من القرن التاسع عشر.. تبدأ الرواية بمشهد قوي؛ هو مشهد قصف الأسطول الإنجليزي لمدينة الإسكندرية في يوليو 1882.. بداية سريعة أدخلتني داخل عالم الرواية المثير.. بِلُغة راقية بليغة وفصول قصيرة تجبرك على الإستمرار في القراءة.. (وهي أحد أهم مميزات الرواية) تعرفت على شخصيات كثير، محورية وفرعية، بعضها من الحقيقة والآخر من نسج خيال المؤلف لكنها مفعمة الإنسانية والحياة.. عن الحرب والمقاومة والحرية والحب، الخيانة والصداقة والتضحية.. أماكن وحكايات نُسجت ببراعة وإتقان داخل الرواية.. فخلف العمل مجهود بحثي واضح وقد تجلى ذلك في أدق تفاصيله..
الشاب اليافع (غانم) الذي حاول الدفاع عن وطنه الذي يعشق، وتمسك بالمستحيل، قبل أن يرحل مهزومًا عن إسكندريته بصحبة أمه الكفيفة، إلى أن يستقر في القاهرة عند أخيه الأكبر (عرفان) ويبدأ مغامرته مع تنظيم حانة (فياض) واللعب بالنار..
(عرفان) سائق الكومبيل الملكي (الكومبيل الملكي هي عربة حنطور مغلقة ذات نوافذ زجاجة وأبواب خشبية، ومرصعة بفوانيس الإنارة.. بداخلها مقعدين متقابلين، وتجرها البغال) وعلاقاته المتشعبة المتناقضة لكنها دائمًا ما تصب في صالحه.. انخراطه وسط الصعاليك وأقرانه من العربجية.. عالم الراقصات والعوالم (من خلال علاقته بالراقصة الأشهر شفيقة القبطية) والتي اتاحت له استثمار وظيفته كسائق للكموبيل الملكي ليعمل عند اللورد (كرومر) ذاته المشبع بالعنصرية تجاه المصريين.. غرامة ب(قشطة) الذي تحول إلى لعنته الأبدية.. وبنفس العلاقات وجد لنفسه منفذًا داخل قصر عابدين.. وما بين مكائد ودسائس الطرفين ذاب (عرفان)!!
(عبد الله النديم) خطيب الثورة العرابية الذي أصبح هو الآخر هاربًا مطاردًا، رصد المحتل مكافأة لمن يشي بمكانه.. فاحتشذت أنظار الجميع نحوه وسال لعابعم من ضخامة المبلغ!!
تغوص بنا الرواية في العالم التحتي للقاهرة، العميق والمتأصل حيث بيوت الغواني في درب طياب، سير الكادحين أصحاب المهن المتواضعة، ومن أسفلهم الشحاذين.. قصص الفتوات بين النقيضين، المعلم (فوزي القط) فتوة الأزبكية الذي يعبر عن الجانب الآخر من عالم الفتوات، جانب الشهامة و نصرة المظلوم والدفاع الحقيقي عن أبناء الحي.. وخليفته المعلم (أبو المكارم الفكهاني)..
قبل أن نعبر البحر المتوسط نحو أسطانبول وروجيندا الشابة ضحية القهر الأسري.. الجميلة الهاربة التي سقطت في براثن تجار الرقيق فوق سطح سفينة (جوزال).. لتقابل (عبدون) الذي هام بها ولكن المقادير لم تسر بها كما أرادت..
كل هذا تحت أنظار الشيطان ذاته (طوسون باشا) مُحرك العرائس في الحي..
تجربة رائعة لكاتب طموح.. وكل الشكر لدار الرواق على إتاحة الفرصة للشاب المُصر على تقديم أدب حقيقي وممتع 👏🖤 تقييمي الشخصي للرواية 5/5
الكومبيل الملكي هى رواية مرهقة فى قرائتها. لماذا ؟ الأسباب
- كم كبير جداً من الشخصيات - كم كبير جداً من الأحداث
المشكلة الكبرى هى أن كل شخصية فيهم تصلح لأن تكون بطل رواية خاصة بها. كذلك كل حدث يمكن أن يكون رواية منفصلة بحد ذاته
الرواية تدور أحداثها فى فترة بداية الاستعمار البريطاني لمصر وبدء الهجوم على الأسكندرية وما تلى ذلك من أحداث كثيرة جداً
الكاتب أراد أن يجمع كل الشخصيات والأحداث الخاصة بتلك الفترة الزمنية فى رواية واحدة. على سبيل المثال هناك عبد الله النديم وشقيقه وهناك شفيقة القبطية وفرقتها وهناك الباشوات والانجليز والأتراك والفتوات وبيوت المتعة وغيرها الكثير والكثير ، فهل كان هذا فى صالح العمل ككل ؟
فى رأيي الشخصي لا. هذا الكم الكبير من الأحداث والشخصيات أدخلنى شخصياً فى حالة من التوهان مصحوبة بالكثير من الملل
اذا قررت أن تقرأ هذه الرواية يجب أن تحتفظ بملاحظات عن الشخصيات وأين انتهت أحداث كل فصل لأن استكمالها لن يكون إلا بعد مرور العديد من الفصول التى تتناول أحداث أخرى وصولاً لربط الخيوط بعضها ببعض
أيضاً هناك خط درامي شبيه بشخصيتي كيرة والجن فى رواية ١٩١٩ يتمثل فى غانم وعرفان أبطال الرواية ومقاومتهم للمستعمر
هناك جهد واضح بكل تأكيد فى كتابة الرواية ولا أنكره لكن هذه الرواية كانت لتكون أجمل بكثير لو اقتصرت على عدد محدود من الشخصيات والأحداث وتركيز الجهد على نطاق أضيق نوعاً لتحقيق نتيجة أفضل
الروايه مليئه بالأشخاص اللى بتتلخبط فيهم اول الروايه والفصول الصغيره دى بتقطع تركيزك مع الأحداث خصوصا ان الفصل التالى بيكون بيحكى عن حدث مختلف تماما بعد ثلث اربع الروايه بتبدأ تبان الخيوط مع بعض بس للاسف انا كنت نسيت أجزاء من اول الروايه على بال ما وصلت لاخرها
This entire review has been hidden because of spoilers.