هذه مقالات مختلفة (أكثر من أربعين مقالا) فى موضوعات شتى، كُتبت فى أوقات متفاوتة وفى أحوال وظروف لا علم لك بها ولا خبر على الأرجح. وقد جمعت الآن وطبعت، ولست أدعى لنفسى فيها شيئًا من العمق والابتكار أو السداد، ولا أن أزعمها ستحدث انقلابًا فكريَّا فى مصر أو فيما هو دونها، ولكنى أقسم أنك تشترى عصارة عقلى وإن كان فجًّا، وثمرة اطلاعى وهو واسع، ومجهود أعصابى وهى سقيمة، بأبخس الأثمان! وتعال نتحاسب!
إبراهيم عبد القادر المازني، شاعر وناقد وصحفي وكاتب روائي مصري من شعراء العصر الحديث، عرف كواحد من كبار الكتاب في عصره كما عرف بأسلوبه الساخر سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر واستطاع أن يلمع على الرغم من وجود العديد من الكتاب والشعراء الفطاحل حيث تمكن من أن يوجد لنفسه مكانًا بجوارهم، على الرغم من اتجاهه المختلف ومفهومه الجديد للأدب، فقد جمعت ثقافته بين التراث العربي والأدب الإنجليزي كغيره من شعراء مدرسة الديوان.
المازني واحد من رواد الثقافة المصرية الحديثة , من جيل العظماء , اللي أرسوا بإسهامتهم في ترسيخ صرح ثقافي محترم للغاية , فهو واحد من مؤسسي مدرسة الديوان الشعرية , وأستاذ صحفي ونقد , فهو قامة كبيرة سطعت في النصف الأول من القرن العشرين وحفرت اسمها ضمن سجل العظماء.
حصاد الهشيم هو واحد من كتيه التي نستطيع أن نطلق عليها كتب نقدية , فهو قد جند قلمه لشرح بعض أفكاره في مختلف اتجاهات الأدب , من نثر وشعر ومسرح بالإضافة إلى وجهة نظره في بعض القضايا الحياتية المعاصرة له .
كلامه عن شكسبير و المتنبي وابن الرومي بديع , وعرضه لوجهات نظر أجنبية دليل على سعة اطلاع ومعرفة.
مقدمة الكتاب في غاية الظرف , فهو يبين للقارئ بوجهة نظر عملية أنه لن يتكلف شئ من شراء الكتاب , بالعكس فهو المتضرر الأكبر .
لغة الكتاب دسمة للغاية , لغة كتابية محترفة , بناء محكم خالطه بعض الملل والتعقيد .
أول قراءة ليّ لهذا الأديب المتميز، أحببت صعوبة مفرداته ولغتهِ الغنية والزاخرة بالكثير من المفردات الرائعة والغريبة بالنسبة ليّ. يضم الكتاب مجموعة من المقالات المتنوعة في مجالاتٍ عدّة كتبها الأديب في أوقاتٍ متفرقة وفي ظروف مختلفة. كتب عن شكسبير في اللغة العربية وعن العقاد في عالم الشعر وعن رأي نورداو في مستقبل الفنون والادب، كما غاص أيضًا الى موضوعاتٍ أخرى مثل التصوف والكتابة كعمر الخيام وغيره، وأيضًا عن العصور البعيدة من الماضي كحديثه عن المتنبي وغيره، تناول أيضًا بعض الإشكاليّات النقدية مثل الحقيقةِ والمجاز في اللغة العربية.
أستطيع القول بأن الشاعر والأديب الأكثر من رائع قدم لنا في كتابه "حصاد الهشيم" عملًا آخاذًا متميزًا فريدًا، فهو العمل الذي أحتوى على عصارةِ ذهنه وثمرة اطلاعه ومجهوده في القراءة والتحصيل الثقافي.
"حصاد الهشيم"، أبدع المازني في عنوان الكتاب أكثر من إبداعه في مضمونه. هذا العمل الأدبي هو عبارة عن مقالات لمواضيع ادبية متنوعة بأسلوب يتراوح بين الساخر والمدافع والمتأمل. الكتاب يدل على تأثر إبراهيم المازني بالأدب الغربي وهو عَمِل مترجِمًا لأعمال أدبية عديدة من اللغة الإنجليزية. تطرق لشكسبير، لألكسندر دوما ولعمر الخيام ومقاربته الغربية مع تلك العربية، ثم انتقل إلى المتنبي وختم بابن الرومي. كما كان له وقفات شعرية متعددة، وكذلك سرد لأعمال روائية مع إبداء الرأي فيها لاسيما رواية"غادة الكاميليا". الجانب اللافت في "حصاد الهشيم" توجه الكاتب نحو الدفاع عن العديد من الشعراء والأدباء ونقد بعضهم الآخر بأسلوب مغدق بالسرد لا يخلو في بعض الأحيان من الثرثرة. تمر بنا مقاطع نسلتذ بقراءتها، ومقاطع أخرى نتمنى لو تنتهى لشدة الاستفاضة في ذكر الأمثال وإبداء الأوجه المتعددة من مسألة واحدة قد يكون له رأي خاص فيها. ولا يخفى على أحد في دفاعاته تقربه من العقاد عبر توثيق أفكاره بدراسات وكتابات قام بها هذا الأخير. "حصاد الهشيم" قد يصنّف عملاً أدبيًا من ناحية إبراز بعض الأعمال العربية والغربية من روايات ومسرحيات وأشعار والإضاءة عليها من جانب قلما يكون حياديًا فهو إما مادح وإما ناقد وإما ناقم. كل فصل بحد ذاته مدعاة لكتابة مراجعة عنه ومناقشته بموضوعية أدبية أكثر عمقًا من حيث النقد والتحليل، فالهشيم الذي حصده المازني كثير جدًا ومتفاوت الرؤى، وقد سخّر فيه جزءا متماديًا وغير متواز لابن الرومي مقارنة مع باقي الأدباء. بالغ في تحليله لحياته وشخصيته وفلسفته، كان قد سبق ابن الرومي فصلا موسعا أيضًا عن المتنبي. العمل عشوائي وغير منظم والتحليلات لا تصب في عمق النقد الأدبي المثري الذي من شأنه حث القارئ على اكتشاف غير المعروف والمتعارف عليه. قيمته الأدبية الوحيدة أن عنوانه متطابق مع مضمونه وأنه بسط أمام القارئ مجموعة أعمال وأسماء أدبية تتمتع بشهرة في أوساطها.
في ذلك الكتاب جمعٌ لبعض مقالات المازني التي وإن لم تكن بينها وحدةٌ من فاتحة الكتاب لخاتمته إلا أنها بصورةٍ أو أخرى عرضٌ لما ارتآه المازني في قضية المفاضلة بين المذهب القديم أو " المحافظين" ، ومذهب المجددين والذي ينتمي هو بدوره إليه بل ويمكن القول بأنه من أساتذته ولكنه لم يذهب في عرضه -في رأيي- أبعد مما ذهب معاصروه. وهو على ذلك كتاب فيه استشراف لنفس المازني يعرض بعض فكره، كما لا يخلو من خاصِّ أمره وما هو عليه من ظاهر الزهد، وخافيَ الاعتداد بالنفس كما عهدت المازني في معظم ما خط وأخرج للناس.
#حصاد_الهشيم #إبراهيم_عبدالقادر_المازني عدد الصفحات : 278 الكتاب الثاني والثلاثون لعام 2020 ضم الكتاب ما ينوف عن العشرين مقالةً وقصة مؤلفة ومحكية نقلها بطريقته هو، تباينت في طولها وقصرها ومواضيعها الإجتماعية عن المرأة والحياة، والأدبية عن النقد والتحليل بشتى ضروبها، والفنيّة عن الرسم والصور، وحتى عن النظريات الفلسفية بشتى مناهجها وروّادها، وقد زيَّنها بالكثير من القصائد الخاصة به وبعض الشعراء كالعقاد وأبي تمام والمتنبي والبحتري وابن الرومي والخيّام وحتى فتزجيرالد الذي ترجم الرباعيات، فجاءت تلك القصائد خادمةً للمواضيع تلك وقد رفعت من المستوى الأدبي للكتاب. وهو ما يناقض عنوانه ( حصاد الهشيم) الذي اعتبره جمع ما هو بالٍ فإن كان هو كذلك في رأيه فما هو القشيب إذن! ليس هذا وحسب بل كان يضع عصارة خبرته الحياتية في تحليل بعض القصص مستبطًا الفائدة والعبرة منها دون أن يكون مباشر النصح بل أقرب لحديثٍ سلس يمليه على القارئ. حتى مواضيعه النقدية لم تكن مفرطة التعقيد فحين ناقش مؤلفات شكسبير قد وجدت عذوبة وطلاوة في نقده ومن نواحٍ عدة أدبية وفلسفية على حدٍ سواء، دون أن يغفل عن براعة الترجمة وأسسها بالتحديد للنصوص الشعرية. على أنه لم يرقني قِصَرُ شرحه لقصيدة العقاد الملحمية ( ترجمة الشيطان) والتي تنوف عن المئتين وعشرين بيتًا فاختصرها مناقشًا عدة أبيات منها، دون أن يخفي إعجابه الشديد بها. ولم يتوقف عندهما وحسب بل اتسع بمقالاته للعديد من الكتّاب والأدباء والنشطاء السياسيين، العرب والغرب، قديمًا وحديثًا وما كنت لأقدر على حصرهم كافة. ولا أنكر مدى إعجابي الشديد بالفصل التاسع عشر الكتب والخلود فقد كان يوضح بكثيرٍ من الخرص على أهمية انتقاء الكتب الجيدة دون حصرها بفئةٍ زمنية أو نوعية منوهًا بصورةٍ غير مباشرة لبراعة مي زيادة وكتابيها حديثي العهد بين يديه. والذي أورد لها فصولًا خاصة هي وابن الرومي الذي نال حصة الأسد من كتابه هذا. بالنعاية لا يسعني إلا أن أبدي إعجابي الشديد بالمازني لغةً وفصاحةً وشعرًا، لأضعه برأيي في مصافي الكتّاب الأهم في الادب العربي . #إيمان_بني_صخر
أبدع مثال -في نظري- لكاتب المقالة الذاتية العربية هو المازني، وفي كتابه هذا كما يقول عنه في مقدمته "عصارة عقله وإن كان فجا، وثمرة اطلاعه وهو واسع، ومجهود أعصابه وهي سقيمة"، ولا يسع المنصف إلا الاعتراف ببراعة المازني وموهبته الفذة، وذكائه المتقد، وسخره منقطع النظير في أدب العرب، وإن خالفه في جميع ما ذهب إليه من الرأي في كل ما قال فيه ورماه بالسخف والغلط. ومن أمتع ما ورد فيه: مقدمته وخاتمته، وفيهما كأنك ترى المازني رأي العين، وتسمع سخره بك وبالعالمين، و"التصوف في الأدب"، وفيها أورد ترجمات شعرية بديعة قل أن تجد لها مدانيا في الترجمات الشعرية إلى العربية.
"لا أحتاج أن أقول إني لا أكتب للأجيال المقبلة، ولا أطمع في خلود الذكر. وهل ترى ستكون هذه الأجيال المقبلة محتاجة-كجيلنا-إلى هذه البدائه؟ أليست أحق بأن يكتب لها نفر منها؟ أمنَ العدل أم من الغبنِ أن نكلّف الكتابة لجيلنا ولما بعده أيضاً؟ تالله ما أحق هذه الأجيال المقبلة بالمرثية إذا كانت ستشعر بالحاجة إلى ما أكتب!! ليتهمها غيري بالعقم إذا شاء!"
يا لهف نفسي التي تتمنى الساعة أن يبلغك في مثواك أن في الأجيال المقبلة، بعدك بمئة عام تامّة (1925-2025)، بعد قرن من الزمان طوى ما بيننا وبينك، وطامر كتباً هائلة العدد على كتابك، ونخل الجيّد الأقلّ من الكتّاب وذرّى الرديء الأكثر منهم-أن في الأجيال المقبلة من يطالعك بعين مشتاق، ويرد منهلك بفم صادٍ، ويمتلئ بمعانيك بنفس مفرغة لك! هل ترى أفرح-أنا ابن الأجيال المقبلة-لأن الزمان كافأك فوق مظنونك، أم آسى لأنه كافأنا بمظنونك؟ بل والله أفرح وأخلف ظنك فينا، وأقول إننا حين أخذنا الكتاب أخذنا من المازني "عصارة عقله وإن كان فجّاً، وثمرة اطلاعه وهو واسع، ومجهود أعصابه وهي سقيمة"، وبعدُ "فتعال نتحاسب" قارئاً لكاتب، كما حاسبتنا كاتباً لقارئ: بالله ماذا سيحتاج القارئ من الكاتب غير هذا وقبله؟ لن أتهمك بالعقم ولكن ما أحقك أنت بالرثاء! —— الكتاب مجموع مقالات في موضوعات شتّى، تنفس القول فيها في فصل عن المتنبي وفصل آخر-ما أجمله وأروعه-عن ابن الرومي. إن المازني يكتب في النقد ويبحث في الموضوعات، ويفسّحنا في مطالعاته، لكن أحسن ما يأتيك منه هو حديثه عن نفسه، بروحه الخفيف وفؤاده الذكي. أما آراؤه فما أكثر ما اطّرحت منها وأهملته، كمثل رأيه في تفسير الجمال بغريزتي حفظ النفس وحفظ النوع (يا للداروينية اللعينة)، أو كمثل رأيه المقيت المغالي في ذم شعر العرب وشعرائهم والحطّ من مؤرخيهم مبالغاً في ذلك من غير بيّنة ناصعة. أجل هذا هو المازني الناقد المفكر، مشتطّ في الأكثر مما يعالج من مباحث، غير أني لن أبسط لساني فيه ولن أعارض برأيي آراءه، وقد قال: "اعلم أنه لا يعنيني رأيك فيه…وما أخلقني بأن أضحك من العائبين وأن أخرج لهم لساني إذ أراهم لا يهتدون إلى ما يبغون وإن كان تحت أنوفهم!" فأخلق بي بعد هذا الكلام أن أوفّر عناء تمحيص آرائه، وأن أبقي للمازني لسانه في فمه لا يخرجنّه لي، هذا إن بقي من لسانه الطويل شيء لم يأت عليه الدود!
المازني من رواد الثقافة والآراء الفلسفية، ذا أسلوب مميز جدا، هو صديق العقاد وشكري، أصحاب مدرسة الديوان. والكتاب به مقولات رائعة، ومقالات أروع، وصراحة أعجبتني المقالات التي هي متصلة بالعنوان حصاد الهشيم: أي رأي المازني في الحياة وحشاشة نفسه وبذله فيها وكانت عظيمة، وهناك مقالات أخري وهي كثيرة عن بعض آراءه في النقد ومناقشة أفكار بعض الفلاسفة الغربيين، وكنت أمررها شيئا ما، أقرأ بعض الفقرات وأقفز علي بعضها، ولكن خاتمة الكتاب رائعة بل أسمي من الرائعة. كتاب ماتع به حصاد المازني في الحياة حتي قال عنه أنه ليس كتابا مميزا وثمنه بخس ولكن وضع فيه خلاصة عمره وحشاشة نفسه في الفكر من حيث العقل واللب وتجارب الحياة، وأظنها ملخصة في هذه المقالة أنقلها بنصها:
( فقد تكون أقوى الناس استعدادًا وأكثرهم مواهب وملكات وأقدرهم على الاضطلاع بالأعباء والقيام بخطيرات الأمور وجلائل المساعى، ويحرمك الحياء أن تجنى ثمرة تعبك وزهرة غرسك. وليس فى الخجل معنى فى الحياة أو نتيجة، إلا أن الناس يملئون بطونهم وأنت جائع، ويدخلون وأنت واقف بالباب، ويتقدمونك وأنت متردد! واعلم أنك إذا أنزلت نفسك دون المنزلة التى تستحقها، لم يرفعك الناس إليها، بل أغلب الظن أنهم يدفعونك عما هو دونها أيضًا ويزحزحونك إلى ما هو وراءها، لأن التزاحم على طيبات الحياة شديد، والجهاد والتنازع لا يدعان للعدل والإنصاف مجالًا للعمل. فلا تصدق من يشيرون عليك بالترفق والوداعة وينصحون لك بالاستحياء، فإنه لا حياء فى الحق ولا خجل من السعى لإحراز ما تستحقه من الأنصباء . وأحسبُ هؤلاء النصحاء أرادوا أن يستأثروا بالسبق فأشاروا عليك بالتقاعد! ويستبدوا بالفوز فزينوا لك الزهد والقناعة! ألست ترى إلى الدول كيف تعلن عن فضائلها ومحاسن صفاتها ومميزاتها وهى قد أوتيت كل الرذائل والمقابح والخسائس؟ وكيف تدعى سمو العقل ونبل المقاصد وشرف المنازع وهى فائرة الصدور بالحقد والضغينة؟ وكيف تتظاهر بالزهد والعفة عما فى يد الغير وهو شاغل شعاب مطامعها ومالئ جو آمالها؟ وكيف تزعم أنها تفيض عطفًا على أمم العالم وحبا لبشر وإيثارا لخيره، وهى قد أكل قلبها الكره والاحتقار؟ وكيف تقاوم كل حركة رقى وهى تباهى بأنها مولد الآراء الجديدة؟ كيف تفاخر بما تسنمته من تلاع الرقى وأنجاد الرفعة وهى تجر رجليها وراء أصغر الشعوب؟ وكيف تتشدق بمبادئ الحق والعدل وهى تظلم الضعفاء وتسترقهم وتسلبهم حريتهم وتنتهك كل حرمة وتفجر فى كل عهد وتنقض كل وعد؟ والناس يسمعون هذه الدعاوى الخلابة وتسحرهم فتنتها ويصدقونها ولا ينتبهون — ولو نبهتهم — إلى أن اليد لا تكترث لما يجرى به اللسان!! وإذا كان هذا مبلغ التبجح بالباطل فماذا عسى ينبغى أن يكون مقدار الجرأة فى الحق؟
لو كان فى هذه الدنيا موازين لا تغل شعيرة تزن أقدار الناس والأمم وتقسم الحقوق بالعدل والقسطاس لما عادت بنا حاجة إلى النصح بالمغامرة واطِّراح الحياء والخجل ونفض غبار التقاعد والخمول، ولكن ما تستحقه رهن بتقديرك وحدك دون سواك. فمن أفحش الحمق أن تدع أمرك موكولا لإنصاف خصمك — نقول خصمك لأن كل الناس وكل الأمم خصوم على الحقيقة — وما من أحد إلا وفوزك بشىء أو سبقك إليه، يحرمه إياه فهو مضطر إلى مغالطتك فيه وصرفك عنه ومغالبتك بالقوة عليه إذا لم تجدِ معك الحيلة.. وعلى قدر سعى المرء وما يبذله من الجهود يكون استحقاقه، لأن الحياة هى الحركة والجهاد لا النوم والتواكل، وما أحق من يقعد ويفتح فمه أن يملأه الزمان ترابًا! )
في بداية اتصالي بالقراءة حاولت أقرأ الكتاب ده .. بدأت فيه بس مقدرتش أكمّل ... مقدمته كانت مميزة جدًا ... شعرت بالمازني يتهكّم على القراء ... كان ناقص يضربني بالقلم و أنا قاعد أقرأ ... الكتاب ده ضمن 5 كتب لم أكملهم
مقالات نقدية كتبها بأسلوبه البديع والسهل الممتنع -كتب فصولها في صحيفة الأخبار ثم جمعها فيما بعد- وقدّم مقدمة ساخرة وعالية البيان بنفس الوقت، قال:
أقسم أنك تشتري عصارة عقلي وإن كان فجًّا، وثمرة اطلاعي وهو واسع، ومجهود أعصابي وهي سقيمة بأبخس الأثمان.
تحدث عن الجمال في نظر المرأة، وعن فائدة الموت؟ نعم وسيقنعك كما أقنعني أن للموت فائدة!
وتحدث عن المتنبي ورد شبهة بخله ودافع عنه بتحليل منطقي.
وقال عن الفلسفة: والحق أقول إني ما استطعت أن أسيغ الفلسفة في يوم من أيام حياتي! وكثيرًا ما اتهمت نفسي بكثافة الذهن وضعف الاستعداد حتى رأيت من يحبون الفلسفة ويعكفون على كتبها يقفون مثلي حيارى أمام من لا أفهم من رجالها مثل هجل وشلجل ممن لا يصلح بعض كلامهم إلا ليعزم به المرء على الجن.
شيءٌ من تنمر وسخرية المازني: كتابك يا معاصري بديع رائع، أعترفُ بذلك ولا أنكره. ولكن أنفك الضخم يجعل شكلك مرذولاً أو مضحكًا ، فتقل روعة آرائك وحسنها كلما تصورت هذا الأنف الذي رُكب على وجهك، وليس يسعني إلا أن أتصوره وأحضره أمام عيني!
ذم مؤرخي العرب في الترجمة، أي كتابة سيرة الرجل، وسخط عليهم لإهمالهم شاعر مثل ابن الرومي، وهو معجب جدا به.
قال عن دالية ابن الرومي في رثاء أوسط أبنائه: لا يفوقها شيء في لغة العرب أو غيرها من اللغات التي اطلعنا على آدابها.
المازني لا يحتاج شهادة لقوة بيانه وعلو كعبه، ومع هذا فهو يفضل الشعر الغربي على العربي؟
قال: لسنا نحاول الزراية على العرب أو الغض من شعرهم ، وإنما نريد أن نقول إن العرب ليسوا أشعر الأمم ! ولو أن اللّٰه فسح فى البقاء للدولة العربية وزادها نفسًا فى أجلها وسعة - ولكنه لم يشأ ! وإن أحدنا ليقرأ آثار الغرب فيملك قلبه ما يتبين فيها من سمات الصدق والاخلاص ومخايل النبل والشرف ، وما يستشفه من دلائل الحياة والإحساس بالجمال وحبهما وعبادتهما فى جميع مظاهرهما ، وما يتوسمه من ذكاء المشاعر ويقظة الفؤاد وصدق النظر وصفاء السريرة وعلو النفس وتناسبها وتجاوبها مع ما يكتنفها من مظاهر الطبيعة.
وختم كتابه بهذي الجملة:
لا أحتاج أن أقول إني لا أكتب للأجيال المقبلة، ولا أطمع في خلود الذكر. وهل ترى ستكون هذه الأجيالُ المقبلة محتاجةً -كجيلنا- إلى هذه البدائة؟ أليست أحق بأن يكتب لها نفرّ منها؟ أمِنَ العدل أم من الغبن أن نكلِّف الكتابة لجيلنا ولما بعده أيضا؟ تالله ما أحق هذه الأجيال المقبلة بالمرثية إذا كانت ستشعر بالحاجة إلى ما أكتب!! ليتهمها غيري بالعقم إذا شاء.
مما اقتبست من كلامه الرائع، قوله:
"واعلم أنك إذا أنزلت نفسك من دون المنزلة التي تستحقُها، لم يرفعْك الناسُ إليها"
كان هذا أول كتاب اقرأه للمازني ، وبعد قراءة المقال الأول او الرواية الاولى " على تخوم العالمين " والثاني " صفحة سوداء من مذكراتي " شعرت انني اقرأ لرجل بائس يائس لايجب ان تقرأ كتبه في اي وقت بل عندما يكون الذهن حاضرا والفرد مقبلا على الحياة منتعشا ومتفائلا وليس محبطا أو مكروبا وإلا لحق به وركب معه ، وضعت الكتاب جانبا والى الابد حتى قرأت مصادفة رثاء الاستاذ العقاد للمازني وتبين لي أنني اسأت الحكم على هذا الأديب العبقري : قال الاستاذ العقاد : أما الجانب الذي أوحت به الطالعة فأحسبه راجعا على الارجح الى كتابين من القصص الروسي قصة "سانين " لمؤلفها أرتزيباشف والآخر قصة " الآباء والابناء " لتورجنيف ، وكلتاهما تخلق الاستخفاف بالحياة على الاقل حين قراءتها لمن لا عهد له بالاستخفاف ، وقد بلغ من رضاه عنها واعجابه بها انه ترجمها تحت عنوان ابن الطبيعة " وانه كان يردد بعض لوازم سانين في كلامه بعد قراءتها بسنوات ، بل ان المازني نفسه يعترف في بعض ماكتب أن قصة " سانين " قد أعانته على الخروج من الازمة النفسية العنيفة التي انتابته بعد وفاة زوجته الاولى ، ويقول الدكتور محمد مندور : لعل ا��مازني قد كان من بين القلائل الذين تأثروا تأثرا كبيرا بالكتاب المقدس وبخاصة العهد القديم منه ، والفاظ " حصاد الهشيم و " قبض الريح " مأخوذة من هذا الكتاب ، اذ وردت في سفر الجامعة ، وهو سفر ملئ بالتشاؤم والسخط على الحياة والتبرم بها واعتبار كل مافيها باطل وقبض الريح ، فهو يبدأ " باطل الاباطيل ، باطل الاباطيل ، كل شئ باطل ، ما الفائدة من كل تعب الانسان الذي يتعبه تحت الشمس ، جيل يمضي وجيل يقبل والارض قائمة الى الابد ، وتجد فيه " لقد شاهدت كل الاشياء التي تم صنعها تحت الشمس فإذا الجميع باطل كملاحقة الريح " كذلك " جميع الانهار تصب في البحر والبحر لا يمتلئ " أو " جميع الاشياء مرهقة وليس في وسع المرء ان يعبر عنها .. أهناك شئ يمكن ان يقال عنه انظر هذا جديد "
كعادة المازني، بأسلوبه الأدبي الساخر ، يفند موضوعات شتى في إطار نقدي يقول عنه في الخاتمة أنه يظهر لين ملمسه بسبب ما حذفه الناشر !! ولو أني لم أره كذلك ،إنما رأيت فيه المازني الذي أعرف ،وربما لم يكن ليكون هو لو لم يقل ذلك !! .. عرض في هذه المقالات الكثير : من خواطره للتصوف للأدب وفن السخرية ومعرض الفنون ، إلى ماكس نورداو والمتنبي وابن رومي وعمر الخيام ..
الكتاب جيد بالنسبة لي ؛لأني أفضل قراءة الخواطر والنقد العام عن المتخصص في مواضيع أدبية بعينها وشخوصها..
هناك تفاوت كبير بين المقالات، طولًا وجودة، المقالة الأولى مثلًا من مقالتين عن ابن الرومي-أخذتا ثلث الكتاب- كانت من أسخف ماقرأت في حياتي على الإطلاق، خلط فيها المازني تخليطًا عجيبًا، وهي تصلح في طولها وقلة غنائها مثالًا على الهذر المنمق . ثم هناك بعض المقالات الجيدة كمقالة الطبيعة ومقالة المقارنة بين الشعر والتصوير .. على كل حال أنا ما قرأت للمازني بداية إلا إعجابًا باللغة التي يكتب بها، فإن كان وراء هذا فائدة فذاك، وإلا فحسبي الاستمتاع بجمال التعبير .
لولا انه لغته صعبة واستخدامه لكلمات وجمل مركبة كان ح يكون من اجمل اجمل الكُتاب ! يعني هو والعقاد اختاروا كدا وتوفيق الحكيم بنفس عصرهم ولغته سهلة وسلسلة وجميلة ! او دي قدرلا معرفش الكتاب مجموعة مقالات متنوعة ما بين العادي والجيد
& أي رحمة يجوز لك أن ترجوها وأنت لا ترحم ! & إن الحياة هي قبض الريح وباطل الاباطيل !
الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات عن موضوعات مختلفه ..حيث يحتوى الكتاب على مقالات عن شكسبير والعقاد والمتنبى وابن الرومى وغيرها من المقالات .. الكتاب هيكون مفيد اكتر للمهتمين بالنقد فى الادب والشعر بشكل خاص ...
حسبي من هذا الكتاب متعة اللغة الجذلة والألفاظ الفخمة السلسة أستغرقت فيه حتى النخاع وأن استشعرت من فكر المازني القنوط والتشاؤم أستمتعت به ولولا أن بعض مواضيعه غَمُضَت علي تمامًا لأعطيته اربعة نجوم تحياتي أنصح بقراءته
كتاب لذيذ ماتع، يتحدث في فصول مختلفة عن الأدب والشعر والفن وغيرهم، كرّس فصلين أحدهما عن المتنبي والاخر عن ابن الرومي، وهما ألذُّ فصول الكتاب على الإطلاق.
لم استطع وضع تقييم كلي لهذا الكتاب، و لا أدري هل يكون كتابًا بغير وحدة لما بداخله؟ أعلم أنه بالمقام الأول مجموعة من مقالات المازني، و لكن ما لم أتوقعه هو أن تكون المقالات غير موحدة الطابع، لا في المواضيع المتناولة ولا في توجهها، فبعضها عن الأدب، و بعضها عن اللغة ، و بعضها يستعرض وجهات نظر المازني و فلسفته في الحياة، و البعض الأخر يشبه سيرة للأدباء، و على قدر تقديري للغة المازني و أسلوبه الذي أعمل عقلي في أكثر من موضع، إلا أنني لا استطيع إلا أن انزعج من أن بعض الفقرات قد مرت و يكأنها مرت فوق عقلي لا بداخله، ولا أدري إن كان هذا من ضعف عربيتي أو هو شئ خاص بأسلوب الكاتب، و أتسائل هل عانى القراء العاميون في هذه الدولة الأمية على حد قوله من نفس المشكلة، أم هي مرة أخرى عربيتي الضعيفة؟ الشئ الأخر الذى لفت انتباهي هو كثرة اهتمامات المازني بأشياء لا تدر مالًا في دولة فقيرة كمصر. هل هذا هو تعريف المثقف يا ترى؟ ان يتناول بالنقد و التحليل مظاهر مختلفة للفن و الأدب؟ و ان كان هذا خاصًا بثقافة المازني، فهل كانت هذه المقالات تنشر و تقرأ؟ لا أستطيع التفكير في سيناريو لدولة فقيرة يشتري ابناؤها الصحف ليقرأوا مقالة تتحدث عن رأي في معرض للتصوير على سبيل المثال، و لعل هذا حكمي القاصر أو لعلها اهتماماتي المختلفة، و لكن اهتمام المازني الواضح جدًا في كتاباته عن هذه لموضوعات، بل و انفعاله أيضا حتى لتشعر أنه يتحدث أمامك بغضب عن ما لا يعجبه فيها، يجعلك تشعر و كأن هذه القضايا من مسائل الحياة و الموت. نحن هنا لا نتحدث عن رأيه مثلًا في قيم أو فضائل أو حتى عن رأيه في الترتيب الاجتماعي أو مسائل العالم المادية الأخرى من اقتصادو احتلال و غيرها، و لكن نتحدث عن رأيه في لوحة في معرض، و عن غضبه من اهمال حياة شاعر قديم، و عن الفروق بين فنون التصوير و الرسم و الشعر! أنا أتأرجح بين تقديري لثقافته تارة و بين تساؤلي عن مدى الرخاء الذي كان يعيش فيه لتثير حفيظته مثل تلك المسائل دون غيرها. و لعل ذلك، مرة أخرى، لا يتعدى ضيق أفقي.
هو أفضل ما كتبه المازني من نقد، هو ناثر وناقد فقط أما الشعر فيتذوقه ولا يحسن أن يقول مثله. ـ هذا الكتاب هو أفضل ما قرأته لإبراهيم المازني لأن بقية كتبه أقرب ما تكون إلى السير الذاتية منها إلى القصة القصيرة، وما لم يكن سيرة ذاتية فهو مقالة قصصية.
ـ المازني يتملق العقاد أو يداهنه أو يحبه ويهواه فما كتبه من تقريظ لديوانه لا يمكن أن يرقى إلى مستوى النقد بل إلى الامتداح الرخيص، والمداجاة المكشوفة.
ـ في مقالته عن المتصوفة كان غرضه إظهار براعته في معارضة أحمد رامي في ترجمته البديعة لرباعيات عمر الخيام، بأن نظم المازني مثلها وإن كان بحيلة ترجمة نص إنجليزي لها ومقارنته بترجمة أحمد رامي؛ ليكشف للقارئ بزعمه أن ترجمة أحمد رامي أوفى لمعاني الرباعيات من اختصارات المترجم الانجليزي فتزجرالد.
يعني هي مجموعة مقالات فريدة جدًا، أو بالأصح هي تجربة قراءة فريدة جدًا. كتاب واحد يجمع بين تأملات في أصول اللغة، وشيكسبير، والمتنبي، وكانط، ودوماس، والحلّاح، وكروبوتكن، وحافظ، ونابليون، وسينيكا، ولوثر، وابن الرومي، والخلود، ومعرض للفوتوغرافيا، والنحت. ماذا يعقد كل ذلك؟ ليس سوى قوة تدفق هذا العقل الغزير. المازني كتابته جميلة جدًا. ولكن من المؤكد أنه كان يكره الكتابة. المقدمة والخاتمة توفي غرض إيضاح ذلك لكن القارئ المتأني سيستنبط ذلك بنفسه. تجربة ممتعة ومفيدة.
الكتاب عبارة عن مقالات للكاتب في صحف، مثل اي كتاب من عصر النهضة جيد اللغة، وفيه تمجيد للغرب وتسفيل في العرب [بوجه حق] حسب كلام الكاتب، أراه كاتب عادي على كل حال في محتواه.
يمكن فقط بقى عندي مشكلة مع كتابات الرأي المشوبة بالإطلاقات و التعميمات و الأحكام ، بس��ب من التحاقي بدراسة علمية مؤخرا ، و كان لي تعقيبات كتير الحقيقة .. لكن ماكتبه المازني في خاتمته جعلني اتغاضى عن تدوينها جميعا صراحة :) ، و هو يقول :) : " و لم يبق مما أريد أن أقوله في هذه الخاتمة سوى كلمة واحدة : هي أني مستغن عن رضى النقاد المتحذلقين عن كتابي هذا ، و قانع باستحسان أمثالي من الأوساط المتواضعين و هم بحمد الله كثيرون في هذا البلد الأمي ! بل أكثر مما يلزم لي ! "
أول وفي المرجح آخر مرة اقرأ للمازني, صراحة, عنوان الكتاب شدني وواحد من اصدقائي جابهولي هدية (ربنا يكتر من امثال الاصدقاء اللي بيجيبولي كتب). المهم, الكتاب عبار عن مقدمة حلوة بس متغطرسة شوية ومقالات متنوعة معظمها ضعيف, جزء كبير منها عن فلسفة حستها مش مفيدة ببصلة, وجزء تاني عن احداث معاصرة لوقت كتابة الكتاب (أوائل القرن العشرين) وكام مقالة عن الشعر والشعراء ودول منهم واحدة حلوة عن المتنبي, برضه كان في مقالة او اتنين كمان حلوين عن التفكير في التاريخ وكده واخيرا, ربع الكتاب عبار عن مقالتين عن ابن الرومي وحياته وشعره, ده غير إن تقريبا مفيش مقالة مش مذكور فيها اسمه! الكاتب بيحبه بزيادة وأنا بصراحة معجبنيش شعره ولا شعر الكاتب ولا ذوقه الشعري :) وده سبب تاني حيخليني ابعد عن عبدالقادر المازني. لو أنت عايز تقرا عن الحالة الاجتماعية للنخبة المثقفة في العصر ده ممكن يبقى الكتاب ليه لازمة, لو عايز تضيع وقت في القراية الغير عميقة برضه ممكن يبقى الكتاب ليه لازمة, غير كده فكك, حتى المقالات الحلوة اللي فيه متستحقش إنك تقراه كله عشانها