الغلاف: من قصة بياض و رياض، بياض يغني و يعزف على العود، أمام إحدى السيدات و وصيفاتها. المغرب - القرن الثالث عشر الميلادي (المكتبة الانكليزية في الفاتيكان)0
نبذة المؤلف:0 إن الانطباع الذي يحتفظ به المرء عن "الليالي" هو أن الكلام سيد فيها، إذ يتحقق التواصل بطريقة شفهية، فالحكايات لا تقرأ بل تسمع، ومع ذلك إذا نظر إليها عن كثب فسيتبين أن السرد الشفهي لا يعدو أن يكون مرحلة من مراحلها تتلوها أخري حاسمة هي مرحلة تدوين الحكاية كتابة. وتتكرر هذه العملية مراراً (وبصفة خاصة عندما يكون الملتقي ملكاً) إلي حد تفرض معه الخلاصة التالية نفسها: لا تتم المصادفة النهائية علي الحكاية، حقاً، إلا عندما تصل إلي الكتاب.0 من ثم تنبثق سلسلة من التساؤلات: من القادر علي تمرير الحكاية من سجل الشفهي إلي سجل الكتابي؟ ماذا يمكن القول عن مفهوم الراوي ومفهوم المؤلف؟ إلي أية خزانة يؤول الكتاب؟ وأية أيد تستطيع فتحه؟ ولماذا حالما يتم تسجيل الحكاية لا يبقى ثمة ما يروى، اللهم موت الشخوص؟ بواسطة أي مفعول سحري يغدو الكتاب عنصراً من عناصر الموت، هذا في الوقت الذي يقدم فيه نفسه بوصفه مساعداً وبلسماً مخصصاً لتقوية الحياة وتحسينها؟ وما الداعي إلي إغراق الكتب؟
في مجرى الماء، وبصفة تدريجية ستسعي قراءتي لكتاب "الليالي" لا إلي تجريده من أسراره (بوساطة ما لا أدري من شبكة تأويلية) بل إلي إطلاعه علي سره الخاص، وذلك دون المس بكل احتمالات معناه. وفي كل لحظة ستكون العين والإبرة حاضرتين في الموعد.0
Abdelfattah Kilito is a well known Moroccan writer. He was born in Rabat in 1945. He is the author of several books in Arabic and in French. He has also written articles for magazines like Poétique and Studia Islamica. Some of the awards Kilito has won are the Great Moroccan Award (1989), the Atlas Award (1996), the French Academy Award (le prix du Rayonnement de la langue française) (1996) and Sultan Al Owais Prize for Criticism and Literature Studies (2006).
- كان يمكن تسمية الكتاب "حاشية على الف ليلة وليلة" بمقاربة منطقية بينها وبين "حاشية على اسم الوردة" لأمبرتو إيكو، مع فارق واحد ان إيكو كاتب اسم الوردة، و كيليطو قارئ، باحث ومحلل أجاد في هذا الكتيب سبر بعض اغوار ذلك الكتاب الضخم والذي لا زال مصدراً للوحي للعديد من الكتّاب (العالميين اكثر من العرب)...
- سبعة فصول يأخذنا فيها كيليطو الى تأويل عدة قصص من خزانة شهرزاد ومخزونها الفكري من الكتاب القاتل فالغريق الى السندباد ومدينة النحاس وصولا الى العين والإبرة الذي اعطى اسمه للكتاب وكان من امتع فصوله..
- كيليطو يحلل ويأول النصوص، يقارن بين طبعات وترجمات مختلفة، يظهر الضعف والقوة فيها والأمانة وقلتها ايضاً. يحلل معنى الكلمة ويعيدها لجذرها ليخلق رابطاً لغويا بين عدة قصص ولا يكتفي بالرابط البنيوي
- "الحكايات مدرسة للحكمة، غير انه يلزم وقت طويل لإكتسابها" اعادتني هذه الجملة (وسائر القصص بشكل عام) الى رائعة بولغاكوف -المعلم ومارغريتا، وتأكيده على قيمة القصص وعظمتها وأسبقيتها.
- "الكتاب القاتل" ذكرني ايضاً بكتاب ارسطو في "اسم الوردة"، طريقة القتل هي ذاتها: السم الممزوج بالصفحات!..
- اعتقد انني سأعيد قراءة "الليالي" قريباً، وعلى ما يبدو سأجد الكثير من افكار الروايات العالمية بين أسطرها.
- تجدر الإشارة الى ان البحث (او القراءة) موثقة بمراجع واضحة بطريقة علمية ممتازة. أنصح الجميع به.
لا أعرف إن كنت محظوظة بقراءتي لهذا الكتاب وغيره من كتب عبد الفتاح كيليطو قبل أن أبدأ ثانية في قراءة قصص ألف ليلة وليلة، لا أعرف أصلا إن كنت تحمست لمعاودة القراءة بسبب هذه الكتب أم العكس، حسنا، هذا كتاب ممتع لأقصى حد، ورأيي الشخصي أن عبد الفتاح كيليطو بملاحظاته الذكية وتأويلاته البارعة قد أعاد تقديم الليالي للقاريء العربي وربطها به وبواقعه وقراءاته الحديثة، وغير النظرة إليها من مجرد قصص عجائبية مسلية إلى قصص متجددة المعاني والأفكار موصولة بكينونة الإنسان (خاصة العربي المسلم) وتصوراته الوجودية وهمومه الملحة، ومليئة بالعبر والمواعظ، ومادة خام لكل ما تعنيه الحكاية من تواصل بين الأشخاص والأماكن والأزمان. الكتاب مختص فقط بدراسة ألف ليلة وليلة وينقسم في ذلك إلى سبعة فصول : ** الفصل الأول: خزانة شهرزاد : في هذا الفصل يناقش المؤلف فكرة اعتماد شهرزاد في حكاياتها على الكتب التي قرأتها طول حياتها، فهي بانتقالها إلى قصر شهريار حملت معها معرفتها وما تعلمته طول عمرها لتحكيه وتوصله إلى شهريار ثم إلى الناس جميعا حين تدون تلك الحكايات بعد ذلك، فثمة فرق بين أن تروي حكاية وبين أن تبتكرها وشهرزاد كانت مجرد راوية ناقلة للحكايات لكنها بروايتها البارعة استطاعت إحياء هذه الحكايات ومداواة شهريار بها لينسى من خلالها أحزانه ومآسيه. ** الفصل الثاني: توطئة عن نهاية كل حكاية: ثمة سؤال هام في هذا الفصل لا يزال يلح على كل قاريء في كل زمان ألا وهو: ماذا لو نضبت كل الحكايات؟ ماذا لو لم يعد هناك أي حكايات جديدة؟، هنا يفرق المؤلف كذلك بين الثقافة الشفهية وثقافة الكتابة وجمهور كل منهما . ** الفصل الثالث: الكتاب القاتل: لطالما كانت الحكاية في الليالي وسيلة للنجاة من الموت لكن نادرة هي المرات التي ضحى فيها أحد بحياته أو أمانه من أجل حكاية، في هذا الفصل وبملاحظات شديدة الذكاء كيف يصبح الكتاب قاتلا وكيف يدفع الفضول الإنسان نحو الموت؟. ** الفصل الرابع: الكتاب الغريق: هاهنا حكايات متداخلة من الليالي عن الكتب التي تغرق في البحر فيفقدها أصحابها ولا تصل إلى وارثيهم، أبرز هذه الحكايات حكاية حاسب بن دانيال الذي تغرق كتب والده كلها ولا يتبقى منها غير خمس ورقات لا يجدها إلا في نهاية رحلته بعد أن يصبح ظاهريا في غنى عنها، ماذا يمكن أن يعنيه الكتاب الغريق ؟ وهل كان يجب أن يغرق الكتاب ليصل حاسب إلى ما وصل إليه؟ ** الفصل الخامس: ابتسامة السندباد: فصل في غاية المتعة يحكي حول مغامرات السندباد وارتباطها بمعاني الذاكرة والنسيان والهوية والإرث الذي تفقده لتحصل على غيره والحد الفاصل بين البر والبحر. ** الفصل السادس: مدينة الأموات: الفكرة الرئيسية للفصل تدور حول التزامن بين الراوي والمروي له، هذا التزامن الذي نفقده حين تروى لنا حكاية من زمن ماض عبر عفريت محبوس في قمقم أو ملكة ميتة في مدينة النحاس أو على قبر الملك كوش، فكل من هؤلاء راو بشكل ما لكنه في نفس الوقت يحكي وهو شبه غائب عن الزمن الحاضر إما بالموت أو بالأسر. الفصل السابع: العين والإبرة: وهو الفصل الذي نسب إليه عنوان الكتاب، وهو من أمتع فصول الكتاب وأشدها تأثيرا على النفس، فكرته الرئيسية حول ما تعنيه الحكاية من عبرة للإنسان كونها تحكي عن أحداث من الوارد جدا أن تقع لك كما وقعت لغيرك، وهو يناقش هنا عبارة مشهورة في كتب الأولين" فكانت حكايتي عبرة حق لها أن تكتب بالإبر على آماق البصر". الكتاب كذلك عامر بالملاحظات اللغوية البديعة والتي نبهتني إلى معان ما كنت لأنتبه لها من قبل، سأظل ممتنة لكل المتعة والدهشة التي وجدتها في هذا الكتاب، شكرا عبد الفتاح كيليطو لرابع مرة وفي انتظار المزيد :)
قراءة من 2009 كيليطو كعادته يبني تحليلاته اللذيذة و الممتعة و يجعلنا نقرأ الحكايا بطريقة غير مألوفة... فهو يجعلها تبدو مغرية و طريفة و أكثر عمقا مما تبدو عليه...0 مثلا حين تحدث عن السندباد البحري: "و لعله فعلا لم يسافر قط، لعله لم يغادر بغداد أبدا و لم يشاهد بحرا في حياته. لعله لم يسافر إلا في الحكايات! أو لعله مجرد صعلوك مسكين يسحب جسده المنهوك في أزقة بغداد، أو حمال ينوء تحت ثقل حمولته، و يحلم بين الفينة و الأخرى أن يعيش حياة المغامرات و ينجح!" ص 65 0
حسنا أعترف؛ يعجبني المشاكسون على الحكايا و كتابات الآخرين! >>> بس مو يجي حدا يشاكسني 0
الحق يُقال أني لم أستمتع كثيرا حين حاولت ذات مرة قراءة شيء من ألف ليلة و ليلة و وجدتها أبهت مما كنت أظن... لكني في كل مرة أستمتع بقراءة رؤى الآخرين عنها و طريقة انسحارهم بها و تحليلاتهم المختلفة لها و دراساتهم عنها... 0 أظن أني أحتاج إلى إعادة المحاولة... و خصوصا أني حاليا بت أستمتع بطرق كتابة الأولين و صرت على ألفة معها...0
قراءة ممتعة في الليالي، تتوقف عند بعض محطات الكتاب السردية (شهرزاد، السندباد، مدينة النحاس، الخ)، تحاول أن تنبش في الحكايات وتستخرج دلالاتها. الكتاب ليس دراسة شاملة لليالي، ولاهو محاولة لتحليله، بقدر ماهو عملية نبش عشوائية. ناجعة ولكن ليست شاملة. تسمح فصول الكتاب بإدراك أكبر لقيمة هذا الكتاب الأدبية، وتكشف بعض أنماطه البنيوية المتواترة. ذلك أن الليالي في ثرائه وتنوّعه، كنزٌ أدبيٌّ مثيرٌ لايزال العربُ عاجزين عن الاستفادة منه.
/** تلخيص أحتاج إليه **/ في الفصل الأول كان الاهتمام بفكرة الحكاية الجامعة، حكاية شهرزاد وشهريار، وفكرة الحكي كطريقة للعلاج، وطريقة للنجاة من الأخطار. هناك حكايتان لم تحكهما شهرزاد، حكايتها هي نفسها، وإن جعلت بعضُ النسخ شهرزاد تحكي حكايتها للملك، ومنهم من جعلها حكاية الليلة الأولى بعد الألف. وحكاية حكاها لها والدها حين حاول إثناءها عن مغامرتها.
في الفصل الثاني، يتعقّب فكرة نهاية الحكايات في الليلة الأخيرة وأسباب ذلك. هل انتهت أم أصاب المللُ شهريار لضعف في المستوى، أم أصاب شهرزاد الملل من العيش يوما بيوم. يبرز الفصل أزمة الراوي التي تشبه أزمة الوحي عند الكاتب. قصة البحث عن قصة سيف الملوك. لا يوجد مؤلفون في الف ليلة وليلة بل رواة. هناك تقديس وإعلاء لشأن الحكاية، لأنها تستحق المتاعب التي يتجشمها المرء في سبيلها. الحكاية المثالية هي الحكاية التي تروى بلا توقف وبلا ملل.
في الفصل الثالث، حكاية الملك يونان والحكيم دوبان، حيث ينتقم الحكيم من قرار إعدامه، بكتاب مسموم يقتل قارئه. الرواية كوسيلة للموت وكوسيلة للحياة أيضا. كما في حكاية الصياد والجني والقمقم. استثارة الفضول هي الطعم الذي لا بدّ منه لتمرير الوسيلة.
في الفصل الرابعة حكاية الحكيم دانيال الذي يتخلص من كلّ علمه إلا من ورقات ثلاث يوصي بها لولده إذا ما سأل عن ميراثه. لكن الفتى لم يسأل، وبدا أنّ رحلة الإبن نحو إرث أبيه يجب أن تمرّ عبر النسيان. يجب أن يكون المرءُ ذات نفسه أولا قبل أن يكون أباه. لذلك كان إسم الولد "حاسب" من حسب (يحصل للرجل بكرم أخلاقه) في مقابل النسب.
في الفصل الخامس، حكاية السندباد، حيث يطلعنا على وظيفتي النسيان والتذكر في الحكاية. يحدث النسيان كي تبدأ المغامرة، ويحدث التذكر كي ينجوَ السندباد ويواصل المغامرة. يتذكر السندبادُ الأخطار انطلاقا من تجارب الآخرين، ويجد حلولا من وحي تجاربه السابقة. يشكك الكاتب في شخصية السندباد ويفترض أنها هي نفسها السندبادُ البريّ، ذلك الحمال المتسكع بين شوارع بغداد، ولكنه انطلاقا من حكايا الآخرين يخلق نسخته البحرية التي تبادله همومها، فيهديها أذنه، وتهديه مالا يعينه على مشاقّه. النسيان والتحطيم ضروريان لإعادة البناء واستعادة الذات. فاستعادة الذات (التعرف على السندباد، استعادة مكانته وثروته) تصبح نوعا من الجائزة يحصل عليها المرء في نهاية رحلة النسيان.
في الفصل السادس، يتناول بالبحث حكاية مدينة النحاس، ويتوقف عند فكرة القمقم والسلطة التي يرمز إليها. فشهادته على سلطة سليمان تتغلب على الزمن. إن ما يدفع الخليفة بن مروان للبحث عن القماقم، ليس بحثا عن الحقيقة، وإنما التماسا للقوة التي تمثلها. إنها قوة أعتى من الزمن، ذلك أن العفريت داخل القمقم فقد الإحساس به، وخرج معلنا توبته لسليمان بعد قرون عديدة. في سبيل السلطة، على الملك أيضا أن يتجاوز حدود المكان، ينتقل من دمشق من "المشرق" إلى المغرب، كما فعل من قبله ذو القرنين. "عندما تظهر إحدى الشخصيات في الليالي، سواء كانت إنسانا أو عفريتا، فذ��ك في الغالب لتروي حكايتها... فهي "إنسان ـ حكاية" قبل كل شيء. فلكي يشتغل السرد ينبغي أن يكون الراوي على قيد الحياة في اللحظة التي يتوجه فيها المرويّ له. والحال أن الرحالة في مدينة النحاس يواجهون أمواتا، و��كنها تستمرّ في الحياة عبر الكتابة." تبرز مدينة النحاس الطابع المدمّر للزمن، إن مدينة النحاس تشبه كثيرا قماقم سليمان، ففي داخلها ينتصب مجتمع كاملا ميّتا، خاليا من الروح، فاقدا للزمن، ولكن محتفظا بصورته القديمة المخادعة. يبدو أيضا النزول إلى مدينة النحاس نزولا إلى الجحيم، حيث الأموات يتحدثون ويحكون قصص هلاكهم.
في الفصل السابع، يركز على فكرة العبرة في ألف ليلة وليلة، ويحلل مسألة كتابة الحكاية على مآقي العين كي تكون حاضرة للناظر دوما.
عبد الفتاح كيليطو كما عهدنا أعماله.... يتناول كتب التراث بأكثر الطرق إمتاعا. ينعم النظر بألف ليلة و ليلة ثم ينحو بالقارئ نحو كتب أخرى... كليلة و دمنة, الحيوان للجاحظ,.... ليعرج بنا على أساطير مغمورة مشهورة كأساطير السريان و اليونان. لا أمل أبدا من كتب هذا الرجل أتسائل هل للعنوان -إضافة إلى ما ورد في الكتاب- علاقة ببيئة المؤلف. همان تعبير شائع عن الإستحالة تستعمله الأمهات المغربيات....... حتى تدوز من عين الإبرة! هذا ما خطر ببالي أولَ ما فتحت الكتاب.
"ولو كتبت بالإبر على آماق البصر، لكانت عبرة لمن اعتبر" من تلك الإشارة التنبيهية التي ترد على لسان أبطال ألف ليلة وليلة في أكثر من مناسبة قبل الدخول إلى عالم الحكاية، يتخذ عبد الفتاح كيليطو –بالهوس السيميولوجي- عنوان كتابه (العين والإبرة). ويبدو ارتباط دلالة العنوان بفعل الكتابة منذ الوهلة الأولى؛ حيث يطرح كيليطو الأسئلة -في الفصل الاول من الكتاب- حول فعل النسخ، وانتقال حكايات الليالي من الشفاهة إلى التوثيق. يقترح كيليطو مسارات عدة تودي بالحكاية إلى الكتابة أمام شخصية شهريار المتلبسة لتصرفات الهندي الهوبي (ذلك الذي يحمل أمنية بإبادة الجنس البشري أمام خيانة زوجته)؛ حيث يقطع رقبة أنثى تلو الأخرى قبل اللقاء بشهرزاد ولا يكتف بمعاقبة الخائن فقط. إذن فنحن أمام حاكم عنيف في أكثر لحظات مذلته، تلك المذلة ترغمه على طمس ما يرتبط بحكاية الخيانة واستئصاله بحكم التورط، وعلى الرغم من ذلك فنحن أمام حكايات ألف ليلة وليلة التي توثق –بل وتنطلق من- الخيانة. ويعرض كيليطو فرضيات مثل: حفظ الشاهدة دنيا زاد على الحكايات أو قيام شهرزاد بإملائها عقب ذلك على النساخ أو وصول شهريار للتسامح في الليلة الواحدة بعد الألف؛ الليلة التي تصفها طبعة القاهرة بأنها أبيض من وجه النهار، بالرغم من أن طبعة القاهرة –على خلاف طبعات أخرى- لا تشر إلى أمر شهريار بكتابة الحكايات. يشير كيليطو إلى أن طبعة هابخت اختتمت بالإشارة إلى أن شهريار أحضر الكتاب والنساخ وأمرهم أن يدونوا ما حدث له مع زوجته؛ ففعلوا بماء الذهب، وأمر أن تحفظ المجلدات ويغلق عليها في خزانته، بعيدًا عن الأيدي، وهو السياق الذي توضع له فرضية جديدة (ملك متعاقب على مُلك شهريار وغير متورط يقوم بإخراجها للنور) تلائم خروج الكتاب من الخزانة. وينتقل النص من ناسخ إلى آخر وهو معرض في تلك الحالة للتبدل والتحريف، فقد انتفى عنه الحفظ في الخزانة. يقف كيليطو خلال الفصل الأول عند هذا الحد من التتبع، وهو يستخدم أدواته السيميولوجيه بقدر ضئيل: (ليس على قدر استعماله في كتابه الحكاية والتأويل؛ حيث أفاض في استنطاق دلالات بدت لي كثنى للنصوص لتتوافق مع نظريات جاهزة قبل دخوله إلى النصوص). لكن مساحات الفراغ التي يتركها خلفه -على غير العادة- تترك للقاريء استكمالًا ما بنفس أدوات عبد الفتاح كيليطو؛ حيث الكتاب في خزائن الملك بمثابة اللوح المحفوظ، والنساخ هم الحملة من وحي ورسل وخلائق تبدل وتغير في أساسية النص. بينما يشير كيليطو إلى فعل الكذب في حكايات ألف ليلة؛ حيث يعاقب بشدة من يكذب داخل الحكايات، والحكايات تبرز الصدق كباب للنجاة، بينما –وفي مفارقة عجيبة- فإن فعل الحكي يعتمد على الاختلاق والكذب في الأساس. استدلالات كيليطو الخفيفة في العين والإبرة تحمل القاريء نحو التقدم في الماضي، وتضع أسئلة محرجة أمام رؤيتنا للتقدم السردي المعاصر؛ هو نفسه يشير إلى ذلك بخفة في الفصل الرابع من الكتاب حينما يتناول قصة دانيال الذي يلتقي بجوهر المعرفة السابقة ويتعرف عليه بعدما ينال معرفته الآنية، وبعد خوضه لرحلته الخاصة.
الكتاب يتحدث عن حكايات الف ليلة وليلة ، التي تسمى بالليالي ، تلك الحكايات التي نجت من خلالها شهرزاد من قطع رأسها و نجت ما تبقى من فتيات . فهي تَعِد شهريار بالمتعة ثم تؤجلها ،فتؤجل مصيرها ، وكلما أشبعت به رغبة أثارت أخرى محمّلة بالذكريات الجميلة للرغبات السابقة . تخلق له انتظار مقلق وترقب . فكانت الحكايات بمثابة هروب من الجمود لزوجها ، وهروب من الموت لها ، تعطيه المتعة بقصصها ويعطيها الحياة ، والمتعة حياة ، والجمود موت ، و تمتلك شهرزاد المعرفة من خلال نقلها لزوجها ، فامتلاك المعرفة لا يتم سوى بنقلها . منافع متبادلة و عادلة . لا تخبره بالعبرة من الحكايات الا بعد الانتهاء ، او يقوم هو باستخلاصها ، فاستخلاص العبر يشحذ الذكاء. ما هي العبرة ؟ العبرة من العبور وقطع المسافة ، فالمستمع يعبر الجسر الذي اقامته الحكاية ويلتحق بالضفة الاخرى ليكتشف العبرة . هل يمكن ان نكتب على آماق البصر بواسطة إبرة حادة حكاية برمتها تحمل في طياتها الحكمة !؟ طبعا ذلك مستحيل واسلوب تنبيهي جيد لبداية قص الحكايات لإثارة المتلقي ، و لإخباره ضمنيا ان هناك عبرة فاعتبر .
من هو القارئ الجيد ؟ هناك شرطين اثنين اولا ان يفكر بمصيره حينما يعلم ما يحصل للآخرين في الحكاية تلك هي العبرة ، فاعتبروا يا أولي الألباب ... ثانيا القارئ مدعو ضمنيا لكتابة الحكايات ..
يقال انه ليس بوسع أي احد ان يقرأ الليالي كاملة دون ان يموت لأسباب ؛ فهي عديمة الجدوى ، ويمكن ان يموت القارئ مللا ، والقارئ لا يستطيع اكمال الكتاب لأنه ليس له نهاية ، فله مخطوطات وترجمات وطبعات ، كما انه سيظل هناك نص آخر قابلا للكشف والقراءة .. ممتعة كتب عبدالفتاح كيليطو وثرية ، فلا يمكنني ان اقرأ الليالي خشية الموت ! لكنني يمكن ان اقرأ لكيليطو ما يكتب عنها واستخلاصه للعبر منها وتحليله الفذ لها من خلال المقاربة والمقارنة والتأويل ، يعدني باستخلاص معلومات غائبة عني وينجيني من الموت والجمود .... ويحصل هو على قارئة نهمة لأعماله ....منفعة متبادلة ...
الغواص كما أحب أن ألقبه.. هذه الكتاب الثالث له معى،والثانى فى قراءته لنصوص أدبية تراثية الأول كان فى قراءة و تحليل مقامة من مقامات الحريري ،وهنا يغوص مستخرجا الدرر من كتاب هو من أكثر الكتب إثارة للجدل بحكاياته وسبب أصل وجوده وفقدان أصله للأبد وبقاء نسخ منه لا أظن أن كتابا تراثيا يحوى كم الخلافات بين نسخه كمثل هذا الكتاب.
إن الإنسان يمتلك أكثر من بصيرة في هذه الحياة واحدها هو النظر بعين الاخرين إلى ما يتعايش معه حتى وإن كان نصاً مفتوح على العديد من الاحتمالات فنحن قد نقرأ كتاب ما ونعطيه حياة جديدة كان قد اكتسبها من آخر قراءة له .وعليه فنحن في هذا الكتاب لن نرى تحليل لقصص ألف ليلة وليله فقط بل سنرى تأويل لخبرات حياتيه وظواهر اجتماعية ألقى هذا الكتاب ظلاله عليها بقصد أو من دونه .. لا سيما أن ما نواجهه هو إسقاط حياتي يجب أن ناخذ منه العبره والعضه حتى يقع عليه مصداق الكتابة بالأبر على موق البصر
في البدء كانت القصة ولكل قصة راوي وكاتب ما والسؤال الذي لطالما تم تداوله من هو كاتب الليالي في نظري الشخصي أن هذا الكتاب هو كتاب خاص بالامثولات فلا كاتب معين له أنما جرى الزمن ان ان يبدأ أحدهم كتابه قصة ما ليتبعه آخرين على نمط يليق في حكايته للجميع ولكن بشكل خاص في حضرة الفئة المقدرة من المجتمع والمحكي هنا لا بد أن يكون مكتوبا لتكون وثاقته أكثر من المحكي لدى العموم والذي يكون شفاهة فنحن هنا بطبيعة الحال أمام نسختين مقدره وغير مقدره الاولى لها ثقلها والاخرى صورة تتغير ملامحها بتغير الحكاء لها الا أن الحكواتي كما ورد في النصوص هم رجال دائما لتأتي شهرازد وتغير المعادلة الاساسية معطية النساء رفعة وقدرا فالآن هي الراوي وهي التي تحكي ما كانت تقرأه في الكتب وتحيك منه سبيل نجاتها
وكما في حكاية حاسب كريم الدين هناك دعوة حيثيه لأن يكون كل شخص هو ذاته ويحمل قراءته الخاصه وافكاره في الحياة لا أن يتناسخ ليصير صورة للآخر أي لما كان موجودا منذ القدم فهو وإن احتاج الفرد لطريق يسير عليه فهو طريق للاستدلال لا غير لكنه فرد له كيانه الخاص وانسان خلق بعقل يجب عليه اعماله ليتحصل على سبل النجاة .. تتناسخ الحكايا ذاتها وأن كانت غير متشابهه بشكل فحاسب هو بلوقيا وشهرزاد هي كل انثى حتى انتهاء هذا الكون لذا ستكون لكل قارئ صورته التي تشبهه وعليه أن يستقي منها ملامحه الخاصه
الجدير بالقول أننا عندما نقرأ مثل هذه الكتب فإننا نظرتنا لابد وأن تتغير لأي قراءة أخرى فنحن هنا نرفع سقف توقعاتنا لقراءة تحليليه أخرى .. كما أنه محفز شديد لإعادة قراءة كتب ربما لم نقرأها كما ينبغي
كتب عبدالفتاح كيليطو هذا الكتاب قبل "من نبحث عنه بعيدا يقطن قربنا" لكنني قرأته بعده، وفي هذا الكتاب أيضا يواصل البحث والتأمل في كتاب ألف ليلة وليلة. إنه يتأمل في القصة الإطار، شهرزاد وأصل مخزونها من القصص، وكذلك يبحث في بعض القصص ليتأمل في معانيها وما تقوله عن طبيعة الحكايات والكتب، ونرى من خلال الكتاب بعض جوانب لانهائية كتاب ألف ليلة، بما في ذلك كيف تختلف اتجاهات قصصه باختلاف الترجمات، وكيف تتعدد نهاياتها. يربط كيليطو بحثه في الليالي بأعمال معاصرة، وبقصص من التاريخ، ويواصل باسلوبه السهل طرح تأملات عميقة في كتاب الحكايات العجيبة.
مبهر، كعادته.. ساحر ومخادع.. نظرته أحدّ من طرف الإبرة، وهو ينقِّب عن أشياء لم توجد، ولكنّه في النهاية، يجعلك تؤمن بها، بعد أن ترافقه في تنقيبه. إنّهُ كيليطو.
كتاب ماتع جدًا في فصوله السبعة، أخذني لعالمٍ آخر… بقراءته المميزة وتأويله، مقارنته بين الطبعات والنسخ؛ حتى اعتراني الفضول والرغبة بامتلاك جميع هذه الطبعات أشد ماأعجبني حين لقي الحكيم حتفه وذكر عبدالفتاح السبب "لأنه استخف بالحكي" ومثل هذه العبارات التي صورت الحكي والقص كفعل نجاة! كما أنها غيرت من سلوك شهريار كما ذكر. فلطالما آمنتُ بقوة الحكايات ورأيتها نجاة وسلوى وترفيهًا ومعلمًا وصديقًا وأنيسًا… بعد هذا الكتاب، رغبت في قراءة الليالي قراءة مختلفة أن أتمعن في بعض حكاياه وخاصة في السندباد… الكتاب القاتل، الكتاب الغريق، خزنة شهرزاد… عناوين أدهشتني وأدهشني ما كُتب فيها، بالأخص عنوان الكتاب الذي استغربته وفهمته في آخر فصل. كتاب ماتع لعالم آخر عالم الحكايات حيث يسبر أغواره في قراءة جميلة… كذلك كتاب يستحق قراءة أخرى ولي عودة بإذن الله بعد القراءة في الليالي…كما أنه يستحق مراجعة تليق به ولكن هنا قارئ متأثر يحكي مشاعره وانطباعه واكتشافه… ٣:٥٤ص
عبدالفتاح كيليطو بمثابة تلسكوب شديد الدقة والحساسية من خلاله تستطيع أن ترى نجوم الليالي كما يسمي هو حكايات ألف ليلة وليلة ، فهي ليست مجرد حكايات للتسلية والامتاع فقط ولكن كيليطو يقدم مستويات قراءة أكثر شعرية وعمقا لها . فالتاجر حسن فى حكاية سيف الملوك " لا توجد أية إشارة الى التجارة أو الى مبادلة البضائع اللهم الإشارة الى تجارة الحكايات . تُعدّ الحكاية سلعة نادرة ينبغي جلبها من بلاد بعيدة ليعاد بيعها من جديد، مع نسبة معينة من الأرباح . إن حسناً لم يطلب مهلة سنة كي يؤلف حكاية، بل من أجل توفير الوقت الكافي للحصول على واحدة منها ".
فيخبرنا كيليطو مستعينا بالليالي بأن الحكايات كما قد تكون تجارة رابحة ، فقد ينبغي أحيانا أن تُخيطها على عينك بالخيط والإبرة .