إذا كان التبر هو الذهب الأصفر، و كان البترول (النفط) ذهبا أسودا، فان الوقت هو الذهب الشفاف .
إن الزمن الذي نعيشه، والوقت الذي نحياه، إنما هو جزء من كياننا الكبير، وقيمته ليس كما يقول المثل ( من ذهب ) فحسب، و إنما هو أغلى بكثير منه، إذ لا مقايسة بين قيمة الذهب و قيمة الوقت، و ذلك لأن الإنسان يستطيع أن يحصل على ما يريد من الذهب بهذا الوقت، لكنه يستحيل عليه إعادة دقيقة – بل ثانية – من عمره و حياته، و لو دفع كنوز العالم ثمناً لذلك .
فالوقت هو الكنز العظيم الذي لا يقدر بثمن، و حري بمن يملكه، أن يحفظه بعيدا عن الضياع و التلف و السرقة، إن الوقت هو الجوهرة النفيسة التي يبحث عنها اللصوص، ليسرقوها ممن هم في أمس الحاجة إليها، لأنهم على يقين من قدرة الإنسان على أن يستفيد منها في حياته، الأمر الذي لا يريده أولئك اللصوص .
و لذا فان محاولات الأعداء جاءت لكي تلغي من عقولنا أهمية الوقت و جوهر يته، و هم مطمئنون إلى إننا لو أعطينا للوقت حقه، و عرفناه حق المعرفة، لما وصل بنا الحال إلى هذا العمق من التخلف . و لقد نجح العدو في مخططه، حيث عمل على نسف هذا العامل الخطير و المهم في حياة البشرية ألا و هو الوقت، و عندما نحاول إحصاء مقدار الوقت الذي يذهب سدى في العالم، نرى أنه يشكل – بما مجموعه – سنينا طوالا من الغفلة و النوم و اللهو .
إن أي حضارة إنما تقوم على مجموعة من المبادئ و عناصر، و هذه المبادئ و العناصر تشكل عوامل نشوء الحضارات، و هي كالتالي :
الإنسان : و هو العنصر الرئيسي في صناعة الحضارة، و الحاصد الأول لثمرها، بل هو المعنى في هذه الحياة الدنيا قبل غيره .
المادة الخام : و هي مخمل الإمكانيات المادية المستخدمة في بناء الحضارة، فالأرض - مثلا – بما فيها من عناصر هي إحدى هذه المواد، إذ كيف يمكن للحضارة أن تبنى من دون أرض ؟!
الفكرة الحضارية :و هي منهج البناء، و مخطط الحضارة، و هي الأفكار و القيم التي يقوم على أساسها الكيان الحضاري، مثل فكرة و قيمة السعي ة العمل و فكرة التعاون و قيمة الحرية، و غيرها من الأفكار و القيم الحضارية .
الوقت : و هو بمثابة الجانب المغيب في هذا الكون، و يمكن التعبير عنه بأنه روح الكون، فكما أنه لا حياة للإنسان بلا روح، فكذلك الكون لا يمكنه أن يتخلى عن الزمن، و لا يمكن إطلاق اسم الكون دون أن تلتصق به فكرة الزمن، إذ الزمن – أو الوقت – هو السياج الذي تبني الحضارة بداخله و ضمن حدوده .
ومهما أوتي البشر من علم و معرفة، و قوة و إمكانية، فانه يبقى عاجزا عن فضل هذا العامل ( الوقت )
عن عملية البناء الحضاري، و لكنه بإمكانه أن يسبق الزمن فيختصر الوقت، ليس أكثر من ذلك .
و من هنا جاء الإسلام ليعطي للزمن قيمته الحقيقية، ووزنه الفعلي، و ليعيد للإنسان إنسانيته عبر جعله يعيش اللامبالاة اللاهدفية . لقد جاء الإسلام الحنيف، و معه الفكر الحضاري مزموما بالزمن، لينشئ الحضارة المجيدة، و ليبين أهمية الوقت و قدسيته في حياة الفرد، و المجتمع، و الأمة والبشرية جمعاء .
وما هذا الكتاب إلا محاولة متواضعة لمعرفة أهمية الوقت وقيمته في حياة الإنسان، و على ضوء ذلك نحاول أن نعرف بعضا من القواعد و الأسس في استثمار الوقت .
عسى الله سبحانه و تعالى أن يوفقنا لذلك، و أن ينفعنا به انه سميع مجيب و هو ولي التوفيق .
وُجدت بعض الأقوال الجميله مثل أرى حللاً تُصان على أُناس و أخلاقاً تُداس فلا تُصانُ يقولون الزمان به فسادٌ وهم فسدوا وما فسد الزمانُ تكلم الكاتب محمد العلوي عن أسباب تبديد الوقت وضياعه ، عن وجوب إستغلال الفُرص ، إلا يؤخذ الراحه مجال للهو بل مجال لأخذ المزيد من الفرص المستقبليه للجد وعدم تضييع الوقت بما لا ينفع و وجوب إستغلال أوقات الإنتظار :) كتاب مُمتع بصراحه .
بعض الاقوال والايات المذكورة في الكتاب -سارعوا الى مغفره من ربكم -مامضى فات وما يأتي فأين..قم واغتنم الفرصه بين العدمين -كن على عمرك اشح منك على درهمك ودينارك .. -خصلتان كثير من الناس فيها مفتون :الصحة والفراغ -اعلم ان الدنيا دار بليه،لم يفرغ صاحبها فيها قط ساعه،الا كانت فرغته عليه حسرة يوم القيامه -ايها الناس،اتقوا الله فما خلق امرؤ عبثاً فيلهو ،ولا ترك سدى فيلغو -ابعد الناس عن النجاح المستهتر باللهو -يا ابا ذر، اياك والتسويف باملك ،فانك بيومك ،ولست بما بعده،فان يكن غداً لك لم تندم على ما فرطت في اليوم -اوسع ابواب جنهم باب يسمى باب المسوفين -الغفله اضر الاعداء -اياك والغفله والاغترار بالمهلة ،فان الغفله تفسد الاعمال -وجعلنا نومكم سباتا -ان الله يبغض كثرة النوم ،وكثرة الفراغ -ما انقض النوم لعزائم اليوم -خذ من نفسك لنفسك وتزود من يومك لغدك واغتنم عفو الزمان وانتهز فرصة الامكان -من اشتاق الى الجنة سارع في الخيرات -فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا -من اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يعنيه -شر ما شغل به المرء وقته الفضول -ان للقلوب اقبالاً وادباراً فان اقبلت فتنفلو واذا ادبرت فعليكم بالفريضة -من شغل نفسه بما لا يجب ضيع ما يجب -من اشتغل بغير المهم ضيع الاهم -لو اعتبرت فيما اضعت من ماضي عمرك لحفظت ما بقى -من احسن فيما بقي من عمره لم يؤخذ بما مضى من ذنبه،ومن اساء فيما بقي من عمره اخذ بالاول والاخر -اذا هممت بخير فبادر فانك لا تدري ما يحدث -الفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير -ان الله يحب من الخير ما يُعجل -اذا عرض عليك شيء من امر الاخره فابدأ به واذا عرض شيء من امر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه -من وثق بالزمان صرع -الدنيا كيوم مضى وشهر انقضى -ملاك العمل خواتيمه -الامور بتمامها والاعمال بخواتيمها -لاتستح من اعطاء القليل فان الحرمان اقل منه
لطالما أحبت الكتب التي تكون على غرار وقتك حياتك، خالٍ من التعقيد والتهويل، وبسيط لأبعد درجة. أعجبني طريقة سرده للمواضيع بحيث أنها لاتشتت القارئ وينسى النقطة التي قبلها.