«الشاعر الطموح» هي قصة تجمع بين دفتيها مجمعا نفيسا للأمثال؛ فهي تروي لنا سيرة أبي الطيب المتنبي، الشاعر المعذب في قطف ثمار الطموح الشعري والنبل الأخلاقي، وتوضح لنا الوشاية التي تعرض لها المتنبي من لدن خصومه، والتي أفضت إلى القطيعة بينه وبين سيف الدولة الحمداني، وقد برع «علي الجارم» في إجلاء ضروب الحكمة التي ترقرقرت في صورة ماء فيَّاض ينحدر من معين الشعر الصادق الذي صاغه المتنبي، وكأن لسان حال شعر أبي الطيب يقول: أنَّ النبل والشرف، والإباء، والأنَفَة سماتُ لشاعرٍ شريف كُتِبَ عليه أن يوأَدَ في قبور الصراع البشري الآثم، وتوضح لنا القصة أنَّ الشعر سمة لا توهَب إلا لأصحاب السرائر والقلوب الطاهرة النقية، لأن الشعر ينهل من منهل روحانيٍ وجداني، ومُحال أن يجتمع الصدق والكذب في قلبٍ شاعريٍ واحد، ويخرج لفظًا شعريًا وجيهًا في مغزاه ومعناه؛ تلك هي الرسالة التي أراد المتنبي أن يخلدها شرفًا محفورًا على جبين الوجدان، رسالة برى صاحبها وخلّده شعره في آفاق الأزمان.
هو شاعر مصري من مواليد مدينة رشيد درس في الأزهر ثم التحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة وبعد تخرجه ذهب إلى بريطانيا في بعثة دراسية عام 1908م, وتدرج في وظائف وزارة المعارف وأصبح عام 1932 م عضوا بمجمع اللغة العربية الذي يطلق عليه مجمع الخالدين.
المتنبي عذَّبَه وأضناه ملاحقة المجد مُتمثلاً له في أن يملك سلطانًا . يسعى سعيًا حثيثًا لذلك طيلة حياته ولكن لم يظفرْ بمرامه لم يكن يعلم عبقري الشعر ذاك أن المجد الذي في إبداعه يفوق كل مجد سلطان زائل . فلولا المتنبي لما سمعنا بسيف الدولة ولا كافور الإخشيدي . السلاطين يعلو ذكرهم لما يحملونه من مرتبة السيادة لا غير ، فسرعان ما يخبو برقيقهم عند فراقهم السلطة فأثرهم يذهب جفاءً، هذا إن كان لهم ثمة أثر ، أما المبدعون فهم الخالدين دوماً في ذاكرة الإنسان
هذا الكتاب يرتابك إحساس أنه مكتوب منذ عصر المتنبي فلغته فصحىٰ ، جذلة . وكذلك الأسلوب شيّق وماتع .. أنصح بقراءته
وكان الكاتب هنا كتب العمل في عصر ابو الطيب المتنبي وسيف الدولة ! لانه كتب قصة لغتها عربية فصحى خالصة راق لي اسلوب الكاتب في وصف ما حدث ما بين الاثنين من قطيعة سببها الشعر !
خير الصدف أن تشتري كتاباً تظنه لمؤلف معين فإذا به غير الذي نصبته في مخيلتك، هذه الصدفة التي جمعتني ثانية بعلي الجارم رحمه الله في الشاعر الطموح والتي كانت ألطف رواية تقع يدي عليها ... وهي أول رواية أقرأها لا أعلم عم تتحدث ذلك لثقتي بالجارم، فنعم التجربة كانت.
ولنحلّق معا في فيافي الرواية:-
- تدور أحداث الرواية عن الشاعر البديع المتنبي منذ أن كان في بلاط سيف الدولة وإلى مشاعره التي صرفته إلى مصر حيث كافور الإخشيد وهروبه منها.
- استطاع علي الجارم استعطاف مشاعري تجاه المتنبي الذي دُبرت له المكائد من الشعراء المعاصرين للمتنبي غيرةً منهم وحسداً، ومحال المتنبي لما فر من سيف الدولة، وحاله لما التقى بكافور وصعوبة اطراء المتنبي له، كل هذه المشاعر استطاع إيصالها الجارم لي بحرفية لا نظير لها.
- من أشد ما أشدهني في الرواية هي لغة الجارم التي جعلني مأسوراً بين معاجم اللغة تفسيراً لكثير من الكلمات ... لغة فصيحة جميلة للغاية لا تقعر فيها ولا اصطناع، وهذه تحسب للمؤلف رحمه الله حيث جعلني أرى لغة المتقدمين لكأني بينهم.
- بين لنا مدى خوف الأمراء من الشعراء والتي فاقت قوة الشعراء الجيوش الجرارة، فالكلمة كما قال أيمن العتوم: ( إن قلما واحداً حراً لكفيل لأن يهدم صروح الزيف ) وأنا أقول للدكتور أيمن أن قلماً واحداً يضع من شأن قبائل بأسرها، كالذي كان ينتسب إلى نمير فقال له جرير:- [فغض الطرف إنك من نمير .. فلا كعباً بلغت ولا كلاباً] فكان شأن أفراد القبيلة البراءة من هذه القبيلة، ببيت واحد كفل جرير بهدم قبيلة.
ومن مآخذي على الرواية أن الجارم لم يبيّن صبغة الرواية من حوارات في بادئ الأمر حتى ظننت أنه كتاباً لا رواية.
ومع ذلك فأني قد قيمت الرواية ٤,٥/٥
دونكم أيها المتلذذون بالنصوص الأدبية هذه الرواية التي أنصحكم بقراءتها وبشدة. ولزاماً على كل متخصص باللغة العربية أن يقرأ هذه الرواية ليتعرف على النقد الأدبي الحقيقي عند المتقدمين.
أكلاً هنيئاً أحبابي ونجعل ختامها مسكاً مع المتنبي:-
بم التعلل لا أهل ولا وطنُ .. ولا نديم ولا كأس ولا سكن
أريد من زمني ذا أن يبلغني .. ما ليس يبلغُهُ من نفسهِ الزمنُ
لا تلق دهرك إلا غيرَ مكترث .. ما دام يصحبُ فيه روحَكَ البدنُ
هذه ثاني قراءاتي لعلي الجارم.. والحق أن لغتة جزلة وأسلوبه شيق وجميل. الشاعر الطموح أبو الطيب المتنبي بعيد المرامي جم الآمال. "يريد من الأيام ما لا توده، ويسعى إلى منهل يعجز الطير ورده" كان نبوغه في الشعر مع أنفته وترفعه عن سفاسف الأمور سببا في كثرة حساده وأعدائه. يقول: وحيدٌ من الخلان في كل بلدة .. إذا عظم المطلوب قل المساعد. اقتباسات مما أعجبني: "إن الشعر يا ابن العم روح قبل أن يكون لفظاً ووزناً، وهو شعاع من نفس قائله، ونور يفيض به قلب صاحبه."
"إن الشعر دنيا جديدة خلقها الله للناس؛ ليفروا إليها كلما ضاقت بهم دنياهم، وجعل مفاتيحها في أيدي الشعراء، فافتح للناس يا سيدي من أبوابها ما ينقذهم مما هم فيه من بؤس وشقاء! صوِّر لهم جمال الحياة يا أبا الطيب تصويرًا يحبب لهم الحياة، واخلق لهم من رائع خيالك كونًا جديدًا فقد ضاق بهم على اتساعه هذا الكون اللعين."
"لأن قيمة كل شيء بما يبذل فيه من جهد، وكلما صعب منال الشيء غلا ثمنه وكثر التنافس فيه."
"وإن مثل هذا الحب هو الذي ينفخ في المرء روحًا علوية تدفع به إلى عظائم الأمور، وتنير له طريق المجد"
أخبرني بعض الأصدقاء بهذه الرواية فقررت أن أنظر فيها سريعًا على أن أبدأ قراءتها بعد أيام، وما أن بدأت في مطالعتها حتى ملكت عليَّ جوارحي واستسلم لها قلبي وفكري، ولم تتركني حتى انتهت هي مني!
بقلم بارع ولغة عذبة ونفس شاعرية كتب "علي الجارم" هذه القصة عن الشاعر الذي عذَّبه طموحه.. روايةٌ تقتحم الحواجز التاريخية لتجعل أبا الطيب المتنبي يتحدَّث بنفسه عن مكنون صدره؛ فتملأ ثغرات التاريخ وتزيل بعضًا من الغموض الذي يكتنف شخصيّة الشاعر الطموح.
تروي القصةُ سيرةَ المتنبي منذ أن كان عند سيف الدولة الحمداني؛ جوهرة مُلكه وناشر مآثره وفضله.. الشاعر الذي لا يقف دونه سدٌّ ولا يعترضه حائل، إلى أن فعلت به الوشاية ما فعلت وغيّرَت عليه صاحبه، حتى استحال بقاؤه عنده.. ولكن ما حدث بعد ذلك كان فصلًا عجيبًا في حياة الشاعر، لم يكن هو نفسه يتصوّر أن يصل به الحال إليه!
يتحدث كتاب الشاعر الطموح عن المتنبي" أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكندي الكوفي وعن حياته في حلب ومدى قوة علاقته بسيف الدولة الحمداني. ثم يذكر لنا كيف أن استطاع الحساد ان يفرقوا بين المتنبي وسيف الدولة، والاسباب التي ساعدت على ذلك. ومن ثم قصة سفر المتنبي إلى مصر ووجوده بين يدي كافور العبد الذكي.
رأي في الكتاب: الرواية ممتازة، أسلوب الكاتب ممتاز، طرح الرواية والاحداث باسلوب ممتاز ومشوق وسلس.
رواية تحكي سيرة أبي الطيب المتنبي بأسلوب آسر وبيانٍ ساحر كأنه من زمان المتنبي وليس من زماننا. المتنبي رجل عظيم تاقت نفسه إلى معالي الأمور ولم تتركه أراجيف الحاقدين ودسائس الحاسدين ينال ما يرجو بسلام. وقد ناله منهم ما ساءه وأفسد عليه غاياته مراتٍ كثيرة. وقد أبدع الكاتب في نقل الأحداث التي عاشها المتنبي، وأجاد تصوير الحكمة المتدفقة من لسان المتنبي في شكل نثرٍ بديع تمخض عن حالة تصور شامل وتشرب كامل من طرف الكاتب لشخصية المتنبي وأحواله النفسية والاجتماعية. رواية ماتعة.
قصة الشاعر العربي الكبير الرائع أبو الطيب المتنبي وماحدث له في حياته وقصة الخلاف بينه وبين شاعر مختلف وماكان يصاحبه من وشايات ودسائس وقصة خروجه من بلد لأخرى الكتاب متوسط الحجم لكن لغته ممتعة ورائعة فصيحة وطريقة السرد مشوقة كأني اشاهد برنامج وثائقي
تعرّفت على قلم علي الجارم من خلال هذه الرّواية. قلم أنيق وفصيح، يبحر بك في هذه الرّواية مع نفس أبا الطّيب في الشَام ومصر. والذي بالمناسبة عرفت بأنّ الرواية تخص المتنبّي من عنوانها فقط. وأي شاعر لديه طموح يفُوق طموح المتنبّي؟ الذي قال: وفُؤادي من المُلوكِ وأن كان لساني يُرى من الشّعراءِ
أبو الطيب شاعر الدنيا وشاغل الناس هنا بعض من شعره وروحه وكان في شعره أمل اليائس وعلالة العاشق وسلوة الحزين وهداية الحائر ، أنه الفارس قبل الشاعر رجل جم المطامع بعيد المرامي
مئة وأربعة وأربعين صفحة من السحر الزلال الحلال على شكل رواية قصيرة لسيرة شاعر الدنيا والزمان، تغوص فيها بين عبقريات قصائد أبي الطيب المتنبي، ونثر علي الجارم المدهش والأصيل والفائق!!
عن شخصية ابو الطيب المتنبي عن شهامته و بلاغة شعره عن كبرياء و طموح المتنبي اللذان لا يعرفان حدود عن علاقته بسيف الدولة و تدهور هذه العلاقة عن الهجرة الي مصر و العقابات التي تتعرض طريقه للوصول للسلطة واهدافه كتاب رائع . رحلة ممتعة :)