هذه الرسالة هى الجزء الاخير من كتاب "الروح"الذى تكلم فيه عن جميع المراحل التى تمر بها الروح وقد اختتم بها مؤلفه ُأثناء الكلام عن النفس "المطمئنة_ النفس اللوامة_ النفس الأمارة"
فهى ليست رسالة مستقلة له , وكم تمنى ان يفرد لها بحثا مستقلا مطولا رحمه الله عليه كما سنذكر ذلك
صدقاً هى فروقٌ نفيسة..دقيقة..جليلة بين صفات النفس الطيبة والنفس الخبيثة... ومن يُرد الله به خيراً وهدياً يجعل له نورا في قلبه ، في ضوئه يغدو القلب صافياً نقياً يستبصر حقائق الأمور ، ويجعل الله له فرقاناً يميز به بين صحيحها وسقيمها... وعندئذٍ تراه نور على نور وقد فاز فوزاً عظيماً.... من تأمل هذه الفروق يدرك بأن ربنا شرع لنا كل ما هو عدل قويم تطيب به النفس وترتقي بعبوديتها لله تبارك وتعالى بلا غلو ومجاوزة أو تفريط وتقصير..... ولن تبلغ ذلك إلا بصدق العزم والإستعانة بالله ، والمدد من وليك ومولاك...❤ هذا الكتاب عظيم الفائدة يُحيي القلب بنور الله...
سلام النفس السبب دائما و كلما أردت أن أكتب مراجعة عن كتاب قرأته إلا و يحضرني السبب و الدافع الذي جعلني أقع عليه و أقرر قراءته. و كتاب الفروق النفسية بين النفس الطيبة و النفس الخبيثة الذي أنهيته للتو بعد سفر أطاله التركيز الشديد عمدا إنما وجدته حين كنت أبحث عن موضوع يتحدث عن الفروق النفسية بين البشر. أي أنني كنت أهمّ بالتحري عن المميزات بين الناس و تباين شخصياتهم. العنوان عندما قرأت العنوان- و عادة ما نحكم على الكتاب من عنوانه- قلت في نفسي لعل هذا الكتاب لن يفيدني كثيرا في بحثي و خصوصا حين عرفت أنه للعلامة ابن القيم الجوزية الذي أحب صدقا كتبه بالرغم من لغته و مفرداتها الصعبة أحيانا. فأستطيع أن أقول بكل أمانة أن النفس المطمئنة و النفس الأمارة بالسوء داخلي تشاجرتا و تعاركتا على قراءة الكتاب من عدمه. و انتهيت بفضل الرحمن أولا و أخيرا إلى قرار بمطالعته حتى و إن لم يفدني في بحثي. و قد بدا لي الكتاب من العنوان أنه يتحدث عن المسلم و الكافر غير أن هذا من تخميناتي الأكثر خطأ على الإطلاق. المضمون أولا هو الفصل الأخير من كتاب طويل لابن القيم الجوزية رحمه الله بعنوان : الروح و قد انتقاه و علق عليه و شرحه المدعو: إبراهيم بن محمد، مما يسهل على القراء استيعاب و فهم المقصود من هذا الفصل. الذي يحوي عناوين كلها تبدأ بــ: الفرق بين كذا و كذا. فالمصنف رحمه الله يضع – كما فهمت- النفس الأمارة بالسوء و النفس المطمئنة تحت مجهر رغباتهما و إرادتهما في هذه الدنيا. و بمعنى آخر يبين المؤلف الصفات الحميدة و الصفات الخبيثة، و يفرق بين شمائل محمودة و شمائل مذمومة، بين الأفعال المنكرة و الأفعال المحببة. بين التفكير الايجابي للنفس و التفكير السلبي كل ذلك في مقاطع مختصرة مهذبة بأسلوب فاق الجمال في بساطته و بلغة جليلة هادئة تخاطب النفس في مقتل.
و لعلّ من العناوين التي قهرتني و وضعتني في أزمة خانقة مع ذاتي هي: 1- الفرق بين الفراسة و الظن: حيث تعمق المصنف في معنى الفراسة و كيف تحدث للمؤمن الذي يقذف الله في قلبه من نوره، هذا القلب الذي تطهر و تنزه من الأدناس فكان اقرب إلى قلب ملائكي منه إلى إنسيّ. و استطرد العلامة رحمة الله عليه بقصص للصحابة و السلف الصالح عن فراستهم و دقة ملاحظتهم. كقصة أبي زكاريا النخشبي الذي كان واقفا مع أبي عثمان الحيري فتفكر في شأن امرأة كان يهواها ليقول له هذا الأخير: " ألا تستحي؟". 2- الفرق بين العفو و الذل: انتابتني نوبة بكاء و حسرة حين كنت أقرأ هذا المقطع. لعلّ المؤلف رحمه الله عرف كيف يخاطب المعلولين أمثالنا المتمسكين بذلّ بالله داعين أن يرحمنا و يعفو عنا. ليتحدث عن العفو عند البشر بين بعضهم البعض و كيف أنها من سمات المنتصرين بالله، الشامخين الأعزاء به، و أيضا ليس كما نفهم على أن العفو أن يتنازل العبد عن حقه، بل أن يعفو عن الذي ظلمه بعد أن ينتصر لحقه. 3- أصحاب الفرقان: ليختم المصنف رحمه الله بفصل طويل يتحدث فيه عن أصحاب الفرقان و ينبه و يكرر أن الدين هو الفرقان بين الحق و الباطل، بين المعلومات و المشتبهات، لأفهم أنه يريد أن يقول أن كل الفرو قات المذكورة في الكتاب هاهنا إنما تحصّل و تعلم عند العبد بالدين. فالتمسك بدين الله و سنته نبيه صلى الله عليه و سلم هو الفيصل الحاسم بين النقيضين في هذه النفس.
و في الأخير وجدت أنه أفضل كتاب و أعمقه رغم وضوح معانيه لفهم الفروق النفسية بين البشر و المميزات التي يختلفون فيها عن بعضهم.
نصيحة: أشد على أيدي القراء كلهم بدون استثناء و أنصح الجميع بقراءة هذا الكتاب بشرط أن تصفي عقلك من المشغولات و تنفرد في ركن لا ضوضاء فيه و جلبة، و تقرأ بقلبك لا بعينك. و الحمد لله رب العالمين. سهيلة سعدوني