الأزمة هي اليوم العنوان الابرز للمشهد العالمي الذي يولد الصدمة والخيبة بتحولاته واخفاقاته . من هنا ليست المسألة مجرد صدام بين الحضارات بين الحضارات او بين الغرب والاسلام وانما هي صدمة الانسان الذي تفاجئه مشاريعه واعماله بفضائحها وكوارثها الخلقية والسياسية او البيئية والامنية ، كما جرى بنوع خاص بعد نفجيرات ايلول وتداعياتها التي اصابت شظايا المادية والمعنوية الناس في مختلف ارجاء القرية الكونية وتلك هي الخديعة المزدوجة التي تضع البشرية امام مأزقها : لسنا دوماً ضحايا الآخر ، كما يفكر اصحاب المنطق الضدي والمواقف القصوى ، وانما نحن نتواطأ مع بعضنا بعض ضد انفسنا بقدر ما نحن ضحايا ثقافتنا العاجزة وتصنيفاتها الارهابية واستراتيجتنا المفخخة . من هنا الحاجة الى عقل جديد يتخطى الفكر الأحادي ومفاعيله في التعدد والتوسط او في التركيب والتجاوز كما في الخلق والتحول
كاتب ومفكر علماني لبناني, له العديد من المؤلفات منها كتاب نقد النص و هكذا أقرأ: ما بعد التفكيك ويعرف عنه أسلوبه الكتابي الرشيق وحلاوة العبارة. كما أنه شديد التأثر بجاك دريدا وخاصة في مذهبة في التفكيك.
وهو يقف موقفاً معادياً من المنطق الصوري القائم على الكليات العقلية التي يعتبرها علي حرب موجودات في الخارج وليست أدوات وآليات فكرية مجردة للنظر والفكر. فهو يتبع منهج كانط في نقد العقل وآلياته وبنيته الفكرية.
الكتاب استطاع ان يستخلص ازمة اليوم بل الصدام الحقيقي الذي نواجهه كأزمة الوجود والقلق الوجودي ، مما ولد صدمات على الانسان مبتدئاً بخطاب الأزمة مركزاً على وجوب القيام بمراجعة جذرية للعدة الفكرية المستخدمة اليوم منادياً بالعقل التدوالي الذي يعمل ويتشكل من خلال تعدد المناهج وتفاعل النماذج والانماط مع بعضها وبهذا يتيح لأصحابه التفاعل والتغير بصورة غنية ومثمرة بقدر ما يهتم بابتكار ادوات خلاقة .
ثم فصل في مأزق الوجودي من خلال العنف ومنابعه : كالألوهية والبطولة والأصولية والقداسة والنخبوية الرسولية والأحادية والطوباوية ، خاتماً بآاليات العنف .
تحدث ايضاً تحولات العصر الرقمي وازماته من عقلية المحافظة الى عقلية الخلق حيث ادرج مقدمة في الانقلاب الوجودي ، وكثرة العوالم الافتراضية التي يتخبط بها الانسان حيث لم يعد يستطع ان يفصل بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي وهي بحد ذاتها ازمة لابد من ادراكها ومن اهم نتائجها عدم الاستقرار ، زعزعة الثقة ، ضعف السيطرة ، الرعب التقني ، المأزق الوجودي
استفدت جدا بحديثه عن المجتمع المدني وابعاده ومأزقه بل وتحويله الى مجتمع تداولي كنتيجة لعقل تداولي.
من اكثر الفصول التي استمتع بها : فكرة التداول وتداول الفكرة ، حيث ان الفكرة الفعالة والمثمرة هي التي تصنع الواقع بقدر ما تتحول الى وقائع ، وان الفكرة هي منظومة الروابط التي ينشئها الفرد مع مفردات وجوده : مع الذات والاخرين ، مع المعرفة والقيمة ، مع الواقع والحقيقة ، وفي ضوء ذلك يتغير مفهومنا للفكرة وادارتها
والفصل الآخر الذي اعجبني : فلسفة الحوار وفن التعايش معاً ، كيف نغتنم اختلافنا مع غيرنا طريقاً لاضفاء حقل خبراتنا .
كتاب رائع يفتح علي حرب لمنطق التداول و كتب علي حرب تكاملية لا تستطيع ان تستوعب المنطق التداولي دون المنطق التحويلي و دون التأويل كله مفاهيم مشتركة تصنع فلسفته يصعب التكلم عن فلسفته بسبب هي مناهج اكثر من اوامر