نبذة الناشر: يقترح الناقد عبدالله ابراهيم في كتابه "التخيّل التاريخي: السرد، والإمبراطوريّة، والتجربة الاستعماريّة" أن الوقت قد حان لكي يحلّ مصطلح "التخيّل التاريخيّ" محلّ مصطلح "الرواية التاريخيّة"، فهذا الإحلال سوف يدفع بالكتابة السرديّة التاريخيّة إلى تخطّي مشكلة الأنواع الأدبيّة، وحدودها، ووظائفها، ثمّ إنّه يفكّك ثنائيّة الرواية والتاريخ، ويردم الهوّة فيما بينهما، ويعيد دمجهما في هُويّة سرديّة جديدة، وإلى كلّ ذلك فسوف يكبح البحث المفرط في مقدار خضوع التخيّلات السرديّة للمرجعيّات التاريخيّة، فينفتح على كتابة سردية لا تحمل وقائع التاريخ، ولا تعرّفها، إنّما تبحث في طيّاتها عن العِبر المتناظرة بين الماضي والحاضر، وعن التماثلات الرمزيّة فما بينها، فضلاً عن استيحاء التأمّلات والمصائر والتوتّرات والانهيارات القيميّة والتطلّعات الكبرى، فتجعل منها أطرًا ناظمة لأحداثها ودلالاتها، فكلّ تلك المسارات الكبرى التي يقترحها "التخيّل التاريخيّ" سوف تنقل الكتابة السرديّة من موقع جرى تقييد حدوده النوعيّة إلى تخوم رحبة للكتابة السردية المفتوحة على الماضي والحاضر؛ لأن "التخيّل التاريخيّ" هو المادّة التاريخيّة المتشكّلة بواسطة السرد، وقد انقطعت عن وظيفتها التوثيقيّة، وأصبحت تؤدّي وظيفة جماليّة، فابتكار حبكة للمادّة التاريخيّة هو الذي يحيلها إلى مادّة سرديّة. ثم أن الكتاب رحلة شائقة في السرديات الامبراطورية، ولعله من أوائل الكتب النقدية التي عالجت بتوسّع كيفية تمثيل الخطاب الاستعماري للعالم.
الدكتور عبد الله إبراهيم مفكر وأستاذ جامعي من العراق متخصّص في الدراسات السردية والثقافية، أصدر 22 كتابا وأكثر من 40 بحثا علميا في كبريات المجلات العربية. نال درجة الدكتوراه في الآداب العربية عام 1991 من جامعة بغداد، وشارك في عشرات المؤتمرات والملتقيات النقدية والفكرية. عمل أستاذا للدراسات الأدبية والنقدية في الجامعات العراقية، والليبية، والقطرية منذ عام 1991 لغاية عام 2003. وخبيرا ثقافيا في وزارة الثقافة بدولة قطر، ثم منسقا لجائزة قطر العالمية من 2003-2010. ويعمل حاليا خبيرا ثقافيا بالديوان الأميري، وهو باحث مشارك في الموسوعة العالمية.
التخيُّل التاريخي/ د عبدالله إبراهيم/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت/ 2011 وضع الكاتب كتابه هذا في مقدمة وثمانية فصول. وفي المقدمة أخذ على عاتقه تعريف التخيُّل التاريخي، باعتبار التاريخ حقائق ووقائع، والرواية خيال، وبينهما يكون التخيُّل التاريخي. أحداث متخيلة تتكأ على أحداث حقيقية. وذكر أنه يجب أن يحل مصطلح التخيُّل التاريخي بدلا عن الرواية التاريخية. وأما في الفصل الأول، فقد شبَّه أن السَّرد الأدبي يشبه الإمبراطورية. كلاهما واسع، عناصرهما مستقلة في التوظيف ولكنهما يرتبطان بالمركز. وفي الثاني، قارن بين أعراف الكتابة القديمة وبين التواطؤ بين السرد والتاريخ. ثم قام الكاتب بتطبيق رُآه على روايات متعددة منها ما كتبه يوسف زيدان، رضوى عاشور، ربيع عصفور وغيرهم. وهنا بعض مما قاله الكاتب: - التخيُّل التاريخي هو المادة التاريخية المتشكلة بواسطة السرد، وقد انقطعت عن وظيفتها التوثيقية والوصفية وأصبحت تؤدي وظيفة جمالية ورمزية." - التخيل التاريخي ينتج عن العلاقة المتفاعلة بين السرد المعزَّز بالخيال والتاريخ المدعَّم بالواقع، لكنه تركيب ثالث مختلف عنهما. - إن وجود الماضي في قلب الحاضر يكون مهمًا بمقدار تحوله إلى عبرة للتأمل، وتجربة داعمة للمعرفة. إنها نصوصٌ أُعِيد حبكُ موادها التاريخية، فامتثلت لخطاب السرد الأدبي، وانفصلت عن سياقاتها الحقيقية، واندرجت في سياقات مجازية، فابتكار حبكة للمادة التاريخية هو الذي يحيلها إلى مادة سردية. وما الحبكة إلا استنباط مركزٌ ناظم للأحداث، المتناثرة في إطار سردي محدد المعالم. - "السرد يقتبس من التاريخ بقدر ما يقتبس من القصص الخيالية، جاعلًا من تاريخ الحياة قصة خيالية، أو قصة تاريخية، شابكًا أسلوب العمل التاريخي الحقيقي للسَّير بالأسلوب الروائي للسِّير الروائية الخيالية." - تتحول الهوية الذاتية من كونها تاريخية إلى هوية سردية حين توضع في سياق سردي؛ فتصبح الذات موضوعًا له. - إن كل أمة أو جماعة، وهي تسرد تاريخها، لا تستطيع إلا أن تمزج الخيال بالواقع. وهو ما يُعرف بالهوية السردية الجماعية، ويصبح التاريخ بعده قصة مروية، وتصبح القصص المتخيلة تاريخًا. وينتج عن ذلك إعادة تصوير الزمان، ونكون أمام زمان إنساني. تصبح فيه المشابهة بين التاريخ والسرد حاضرة؛ وبعدها يضفي التخيل التاريخي على الماضي صبغة الحيوية التي تجعل من كتاب عظيم في التاريخ تحفة أدبية. 5/9/2022 رسول درويش