تعد رواية " النخاس " للروائي التونسي المتميز صلاح الدين بوجاه، واحدة من الروايات التي وصلت إلى ذروة الاغتراف من التراث السردي القديم، ومحاولة إعادة تشكيله في ضوء معطيات جمالية وأسلوبية ودلالية تعبر عن التراسل بين الماضي والحاضر، من خلال صهر فنيات السرد القديم بجماليات الإبداع الروائي المعاصر، بحيث لم ينبت الوعي الروائي الحديث عن شجرة نسبه البكر الكامن في أوليات الحكي لدى القدماء، حين تراسلت لديهم فنون الشعر والمشهد الحواري، إلى جوار صناعة الخبر و المقامة، لتكون هذه الفنون في كليتها العميقة نزعة إنسانية تصب في مجر أوسع يعبر عن مبدأ راسخ يشير إلى أهمية السرد. يجسد النص تماما رؤية صلاح الدين بوجاه في تعبيره عن العلاقة بين الذات والعالم حيث عالم الأضداد هو السائد، وحيث البحث عن الحقيقة هو الوسيلة نحو الحياة، وحيث السرد هو المتعة والخلوة، وهو الجائزة التي يسعى إليها "تاج الدين فرحات" – الشخصية المحورية للنص - ويسافر من أجلها من مدينته القيروان إلى جنوة على السفينة الايطالية "الكابو- بلا"، ليبحث عنها ويظفر بها أديبا وباحثا عن الملغز والغرائبي من الأشياء، ويعايش من أجلها عالما سحريا شبه واقعي على ظهر هذه القلعة العائمة فوق المتوسط، مع شخوص انتخبهم الكاتب من واقعه الخاص سواء من فضاءات مدينة القيروان التي كونت مخزونه الواقعي والثقافي والتراثي، أو من شخصيات تخييلية محفورة في الذاكرة ابتدعها ونقلها من السّيري وجعلها في خدمة الروائي، أو من متون الكتب وحواشيها، وهو الذي جعل "النخّاسة" فنا قائما بذاته وليس مصطلحا لغويا جاء حسب قول ابن منظور عنه: "نخس الدابة نخسا". فإذا بنخاس تاج الدين فرحات أو على وجه التحديد نخّاس "صلاح الدين بوجاه" هو الرحالة الذي لا يستقر في مكانه، وهو الشاعر الذي يرسل الظاهر على الباطن، والباطن على الظاهر، وهو أيضا الفنان نحات الصخر والطين، وهو الحاكم الذي ينخس رعاياه ويحوطهم برعايته، وهو المفكر والشاعر المؤّول للأشياء، أما النخاسة الحقيقية التي توصل إليها تاج الدين فرحات بعد تفكيرعميق ومعايشة لواقع الإبداع، والذي يفسرها تفسيرا يضع فيه خلاصة رؤيته وفكره الخاص فهي متواجدة في الجنوب الأوروبي والشمال الأفريقي والغرب الإسلامي من خلال الرغبة في ولوج حياة الآخرين والتلصص عليهم وكشف بواطنهم، لعلها الجّبلة المعاصرة بدهاليزها وجغرافيتها ودروبها المعروفة، حيث التلصص على الآخرين معنى من معاني الحياة، وحيث النظر في دخيلتهم ومكنون صمتهم، ثم رتق وجودهم الصامت الغبي المنكفئ على ما فيه هو غاية ما يسعى إليه الإنسان في هذه الرقعة من العالم.
"ويتناثر عقد تلك الحضارات الجمة التي اكتنفت هذا الماء القديم الذي عرفت سفنه الزيت و القمح و الشمع و السيوف و قراصنة الانحاء . ... فهو ماء و خمر و طين ووحل و عطور حسان و مرايا و مخطوطات و مكتبات ... و حب و موت و طغيان. و زيت مبارك يكاد يضئ! " بعد المطوي و خريف و الدوعاجي و مصطفي فارس و جيل ما بعد الاستقلال . بوجاه و غيرو من الادباء التوانسة حاولو يخلقو خط جديد في الرواية . خط حداثي بعيد علي الواقعية يخلط بين الواقع و الاسطورة و بين الثقافات و الحضارات و الاجيال . روايات بو جاه حاجة تشبه للفنتازيا و الحلم . جسر يربط الماضي بالحاضر و مدخل للنفس البشرية المعقدة . رغم قيمة بوجاه الادبية الا انو يبقي كاتب نخبوي غير قادر علي انو يلمس الواقع او الذات التونسية .
مرحبا حبايبنا .. هذه الرواية نافدة من السوق وغيرموجودة في منصات و مواقع بيع الكتب فهل لكم أن تمدونا بنسخة الكترونية منها.. يا ريت نجد الكتاب حتى نقوم بعمل دراسي ممتاز في الادب التونسي فالروائي بوجاه مغمور جدا فأناديكم أيها الشباب التونسيين حتى تتداركوا الموضوع!
رواية النخّاس من تأليف الروائي التونسي المتميز صلاح الدين بوجاه وإحدى أفضل مئة رواية عربية. ومحاولة إعادة تشكيله في ضوء معطيات جمالية وأسلوبية ودلالية تعبر عن التراسل بين الماضي والحاضر