أهم ما يميز مشاريع التنمية بالمغرب، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الإعلامية، هو ارتهانها إلى اللغة الفرنسية كحامل لخطاب التواصل؛ فلغة المنافسة للحصول على المناصب العليا، والمصيرية، هو إجادة وكفاءة لغوية فرنسية. فالجريدة، أو شريط الأفلام، والرواية، والكتاب المصوغ بالفرنسية، هو صاحب الحظوة، والمستأهل لدعم الفرنك الفرنسي، فيتم التنويه والإشهار بصاحبه في كل محفل؛ فكم من فيلم أو رواية فاقت شهرتها الآفاق، على الرغم من ركاكتها؛ لأنها أنجزت بلغة فرنسية، أو أن أصحابها تتلمذوا على مفكرين فرنسيين؛ فكل ما يتعلق بإدارة المال والمقاولة والربح، فالفرنسية وسيطه اللغوي، مثال هذا برنامج: «مشاريع» بالقناة الأولى المغربية الذي لم يستطع فكاكاً عن الفرنسية، رغم أنه موجه لشعب تفوق نسبة أميته في العربية ـ لغته الوطنية - أكثر من 50%. يقول الأستاذ موليم العروسي: (إذا أنصتنا إلى الخطاب الرسمي نجد أن مؤسسات الدولة العليا معربة، بينما خطاب المؤسسات المالية والصناعية ومراكز صنع القرار الفعلي المتعلق بمصير البلاد في بنيته العميقة، وفي إجرائيته فرنسي محض.. فلو كانت فرنسا تساعد على تثقيف المغاربة، وتعرفهم على الحضارة الفرنسية بنية حسنة، مفادها إخراجهم من ظلمات الجهل، فإن هناك من الفرنسيين من سيستفيد من هذا اقتصادياً وتجارياً، وكذلك بالنسبة لثقافة أمريكا، فلا فرق بين الكتاب والفيلم والكوكاكولا والهومبورجر)(6).
هذا الوضع الاعتباري للفرنسية كآلية فرنكوفونية، يؤكد وضعها المريح داخل النسيج الثقافي المغربي والإعلامي كجزء منه، وضع آمن من كل زعزعة أو انتفاضات ضد هذا التغلغل؛ إذ نجد الفرنسية مقدمة في الدرجة الأولى على العربية، رغم كون هذه الأخيرة لغة الدستور الرسمية، ورغم صراخات وصيحات كثير من المفكرين والمثقفين لمواجهة هذا الوضع (كمثال كتاب الدكتور إدريس الكتاني ـ رئيس نادي الفكر الاسلامي بالرباط ـ المسمى: «ثمانون عاماً من الفرنكوفونية ضد الإسلام واللغة العربية» وما ذكره من ذلك في سياق مناقشته لقضية التعريب بالتعليم المغربي.