لقد عرّف الإنسان المقدّس، منذ وجوده، وسعى دائماً لمواجهة "القلق العميق الذي يكتُنف وجوده داخل كون قُذف فيه وأُسلم للموت". تجلّى ذلك عبر منظومات تعبير، سواء كانت مفاهيمية أو طقوسية أو رمزيّة، بإعتبارها تمظهرات عبر لغات الإنسان وأشكال عيشه
هذا ما يدرسه هذا الكتاب الذي يُعَدّ من الكلاسيكيات في مناهج دراسة الظواهر الدينية، مقدماً نموذجاً للقراءة العلميّة لظاهرة التديّن وللمقدّس
وفي حين يحضر "علم الأديان" كعلم مستقل يناقش إشكالات على صلة حميمة بحياة الإنسان، فإن الأبحاث التي تتناول الظاهرة الدينية في الفكر العربي المعاصر تكاد تنحصر في العلوم الشرعيّة والفقهيّة؛ ويبقى العقل (المؤمن أو العلماني) يطوف حول المناهج القديمة التي تبلورت في أحضان الملل والنّحل، فتستمر في الإنقسامات ذات الطابع المذهبي، بين الفرق والمذاهب، وليس بين الآراء
إن ترجمة الكتاب تهدف إلى إطلاع القارئ العربي على حقول معرفية ترتبط بــ"العلوم الدينية" بالمعنى الأبستمولوجي للكلمة، مثل: علم الإجتماع الديني، أو الإناسة الدينيّة أو علم النفس الديني... وهي علوم نحتاج إليها لننفتح على رحابة تنوع العلاقة بالمقدّس والفهم العلمي لظواهر التديّن
"فهل يَلزم تكرارُ القول ولمرة أخرى، أنه لا وجود لنقطة واحدة ونمط بعينه لفهم المواقف الدينية للإنسان، وأنَّ كل تحليل يكتفي بتطبيقِ تأويليَّةٍ وحيدةٍ على موضوعه يصبح مشوَّهًا ومنقوصًا؟"
الكتاب لا يصلح إلا لدراسته ولقراءة مترويّة ودقيقة جدًا فيه، أؤمن تمامًا أنني لم أعطيه حقه الكامل هذه المرة فهو ليس سلس إطلاقًا ولغته -أو ترجمته- غير متماسكة أو مترابطة. ولكن مع ذلك استفدت منه وأخذت ملاحظات عدة عن علم الأديان والخلفيات المتعددة له والنظريات المختلفة والمخالفة حوله.