الكتاب ضخمٌ وطويلٌ بعض الشيء (صفحات كبيرة جداً 29.9 في 23 سنتيمتر، وخط صغير حوالي 14 بتقديري)، ويُكثِر من التفاصيل إلى حدّ ما، لكن مع ذلك فهو لا يشعرك بالملل للحظة واحدة. يعتمد الكتاب على أسلوب السَّرد القصصي لا الأسلوب العلميّ الجاف، وأسلوبه مثير يجعلك لا تستطيع الابتعاد عن الكتاب لحظة متى ما بدأت قراءته، لكنه - في الآن ذاته - يعطيك تفاصيلاً دسمةً عن مجريات الأحداث من منظور استراتيجي احترافي، يغيّر تماماً من نظرتك إلى موازين القوى في الحروب، أفضل ما يمكن وصفه به هو أنه "يوسّع مداركك العسكرية" بصورة لا توصف! يمكنك أن تستشعر كثيراً أثناء قراءته خبرة المؤلّف في المجال العسكري، فهو يكتب عن أمورٍ يعرفها تمام المعرفة، وهو ينقل إليك جزءاً كبيراً من خبرته أثناء قراءة الكتاب، فتشعر عندما تنهيه أنَّك بتّ قادراً على العمل كمحلّلٍ عسكري! أو على الأقل أنّ فهمك وتصوّرك عن أسس واستراتيجيات الحروب قد تطوَّر كثيراً، وأنك أصبحتَ ترى النزاعات العسكرية من منظورٍ جديد ومختلف لا يمكن للناس العاديّين أن ينظروا لها منه.
يبدأ الفصل الأول من الكتاب "سحق بولونيا" بسردٍ سريعٍ عن الحملة الألمانية على بولونيا في خريف سنة 1939، وإن كانت الحرب في ذلك الوقت لا تزال في بدايتها الباردة، فإن الكاتب ينجح بإثارتك إلى أقصى الحدود استعداداً للحرب الوشيكة، كأنَّك تعيش الأحداث بنفسك لحظةً بلحظة. الفصلان الثاني "يا لها من حرب غريبة" والثالث "ليلة السلاح" قد يكونان الأكثر مللاً في الكتاب، حيث تغلب عليهما المعارك المتقطّعة والاشتباكات الأولية الباردة في إسكندنافيا وبالبحار البعيدة بين نهاية سنة 1939 ومطلع 1940، لكنهما لا يخلوان من شيءٍ من الإثارة. تبدأ الأحداث بالتصاعد مع الفصل الرابع "مأساة سيدان" الذي يبدأ بسردٍ مملٍّ عن التخطيط لحملة فرنسا، إلا أنَّه يحتدم لاحقاً مع بدء الحملة، ويصل الكتاب ذروته في الفصل الخامس "مأثرة دنكرك" الذي يروي بأسلوبٍ رهيبٍ عملية إنقاذ قوات الحملة البريطانية العالقة في فرنسا. يتألَّف الكتاب بمجمله من 16 فصلاً، قليلٌ منها ممل لتركيزه على السياسة والجانب الدبلوماسي من الحرب والغالب - المختصّ بالحروب والمعارك - في غاية الإثارة والتشويق.
لأنّ الترجمة وروعة المحتوى تشفع للكتاب وبقوّة. المؤلّف رغم أنّه فرنسي إلا أنّه لم يبدي أي تشفّي أو ازدراء للألمان بل على العكس. تناول تاريخ الحرب بعيدا عن الأحكام المسبقة بل جعلك تعيش الحدث بلحظاته وكأنّ ردّات فعلك تصدر من شخص لايعلم ماسيحدث بعدها.
بصراحة من لم يقرأ هذا الكتاب أجد معرفته بالحرب العالميّة الثانية ناقصة وبقوّة. فالمؤلّف لم يترك ماهو مثير من أحداث ومقولات وحقائق صادمة بر استقراء دقيق
أفضل كتاب قرأته وأنا في السجن والله أروع كتاب عن الحرب العالمية الثانية يظم كل التفاصيل والأحداث التي وقعت مع الرسوم والتخططيات والخرائط التي تساعد على الفهم أكثر