أستطيع الإدعاء إن عدم السماح بنشر هذه المقلات، او نشر بعضها منقوصة او التحفظ عليها من قبل أصحاب المال والقرار ودور النشر لسنين طويلة ستبقى شاهداص صارخاً على ضيق أفق العقل الشيعي التقليدي وأزمته وعقده إن لم أقل تخشّبه وانغلاقه ومحاولات اغتياله
إن هذه المقالات ليست مشروعا نهائيا على أساس المديات الزمنية القريبة،بل هي بوابات مشروع كبير لعقود مقبلة من قرن جديد ربما يحتوي على الفكر الإسلامي الشيعي كلّه بانفتاحه على الآخر والوقوف معه على أرض مشتركة
ليس بالضرورة أن تكون جميع الأفكار الواردة في هذه المقالات صحيحة مئة بالمائة وإنما قد تكون قابلة للرد والنقض والتعديل وإن كنت لا أخفي عمق قناعتي بها بعد طول تفكير وتدبّر وحوار
أرجو أن تُقرأ هذه المقالات بصبر وتأنّ وتأمل لعل فيها مايملأ بعض الفراغات في العقل الشيعي ويعالج بعض القصور والتقصير لدى أبناء هذه الطائفة وعلمائها المحترمين
ان العقل الشيعي يعتبر من العقول الراقية في المذاهب الإسلامية المتعددة..وهو العقل الذي يثير الجدل في الاواسط الاسلامية المختلفة..لذلك ارى انه لايخلو من غبار..فهناك من يمارس وظيفة المصلحة كما تمارس على بقية المذاهب الاسلامية..نعم فهناك محاولات عديدة لاغتياله من داخله وخارجه..لذلك في هذا الكتاب يحاول الاسدي ان يبرز ويظهر الخيط الابيض من الخيط الاسود..حيث تعتبر المقالات المذكورة في الكتاب لاتستحسن البعض من عرفوا العقل الشيعي كمذهب طائفي..برغامتي..مغالاة..وغيرها من وسائل الاغتيال التي لاتمت العقل الشيعي صلة او ارتباط..فهو قد مر على طول التاريخ الإسلامي بشذرات لرجال صدقوا..ضحوا..كافحوا من اجله..ولما لا فهو العقل الذي يؤمن بالعدالة الاجتماعية و الحرية والوعي والثورة على الظالم..ابتداءا من الامام علي والى يومنا هذا تجد هذه الشذرات النادرة من الناس والذين مثلوا رسالة الانسان على الأرض. .واعتبروا صرخات اسلامية محمدية في وجه الجبروت والطغيان..
هل يعاني العقل الشيعي ـ فعلاً ـ من أزمة، كما صوّره الكاتب ؟
لا أعتقد ذلك. ولكن هناك قيود وأغلال عقائدية وفكرية وسياسية جعلته ـ العقل الشيعي ـ في عِدادِ المتخلّفين.
يذكرني هذا الكتاب، بعنوان كتاب لعبدالله القصيمي، اسمه ( هذه هي الأغلال )، فكما هناك أغلال، هنا أغلال.
وما هو الحل لإزالة هذه الأغلال والقيود والتحرّر منها والإنطلاق لمواكبة الحياة وتطوراتها بما لا يصطدم مع الثوابت الدينية ؟
يكمن الحل في النقد الذاتي وقبول النقد من الآخرين. وهذا ما قام به الكاتب، قد لا نتّفق معه في كثير أو قليل مما طرحه، بسبب طبيعة الأبحاث والمواضيع التي طرقها، لكن لا نختلف معه في ضرورة النقد ومراجعة الموروث الفكري وغربلته وتنقيته.
في الكتاب مواضيع نقدية كثيرة. من البحوث التي راقت لي واستمتعت بها، كلامه حول الشعارات والشعائر، وما كتبه أيضاً عن الغلو والمغالين والفرق المغالية التي ظهرت من تحت عباءة التشيع، وكذلك نقده لولاية الفقيه في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الكتاب يستحق القراءة ممن ينشدون التغيير نحو الأفضل.