يتدرّج الكتاب مع القارئ بطريقة مُبهرة! ما يجعلُهُ يُكمل قراءة الكتاب، بحيثُ يوجّه الكاتب هذا الكتاب لمن يبحثُ عن الحقّ، لكنّه لا يُبيّنهُ له من أوّل الصفحات، لأنه بطبيعة الحال لن يتقبّل القارئ هذا الهجوم المُباشر لمعتقداته الراسخة في ذهنه لسنوات، فيبدأ أولا بالبحث عن حقيقة وجوب اتبّاع المذاهب الأربعة أو السلفية كي يشعرَ القارئ المعتنق لأحدها بالقليلِ من الطمأنينية، لأنهُ لن يخرج عن دائرة الإسلام، ثم يبحثُ بعدها عن السّنة عند الصحابة، فنصلَ إلى أن الكثير من السّنة النبوية قد أُحرقت أو أُتلفت أو دُفنت في صدور من مات منهم، ليدور في ذهن القارئ سؤال : هل هذا ما أراده الله لدينه ؟ حتّى النصوص المحكمة ما سلمت من التحريف و التحوير، فقد اجتهد الصحابة بما يُخالفها، ننتهي من النصف الأول من الكتاب بعد أن وصلنا إلى نتيجة أن الصحابة ليسوا أهلا لأن يكونوا حملة الشريعة بعد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و قد أجهدتني قراءة هذا النّصف فقد كنتُ أتلهّف لقراءة النصف الثاني، يبدأُ الكاتب بإثباتِ أحقيّة الإمام علي عليه السلام في الخلافة، التي تتضمّن مرجعيته الدينية و السياسية، ثم يعرّف القارئ على حملة الشريعة الحقيقيين، الذين ينقلون لنا الإسلام كما كان في عهد جدهم رسول الله :" و والِ أُناسا نقلهم و حديثهم، روى جدّنا عن جبريل عن الباري "، يرّد بعدها عن الشبهات حول الشيعة كالبداء و التربة الحسينية و الرجعة و تحريف القرآن و التقية، التي كما يقولُ إنما وُضعت لردّ الناس على الحق. كتابٌ ممتع لكنّه ثقيلٌ على من لا يقوى على الحقيقة، تشعرُ أثناء قراءتك بأن الكاتب يحادثك و يردّ على أسئلتك، أقرأ و أحمدُ الله على هذه النّعمة العظيمة، نعمة الولاية، أن تتربّى في بيتٍ قد اتّبع الحق، و أتحسّر على من يجهل هذا الحقّ الواضح كبزوغ الشّمس في النهار، لكنّ هناك مع يغطّي عينيه بيديه، فلا يبرحُ يسلك هذا الطريق الملتوي، أن تتخلّى عن معتقداتك أمرٌ صعبٌ جدّا، خصوصا إن كنتَ محاطا بأناسٍ متحجّرين و متعصبين، اللهم سهّل على كلّ من يبحثُ عن الحقيقة اتباعها 🙏🏻❤️
لم أتوق الإبحار في هذا التيار من الكتب ولكن الشكر لله ثم لمن أهدته إليّ. كانت رحلة مذهبية بحته وعميقة وصافية! نَهَجَ مروان خليفات نهج الموازنة والمقارنة لا نهج المغالطة والاتهام وهو ما يميز هذا الكتاب الثمين.
مسيرة الرحلة واحداثها كانت مجهزة ومحبوكة من بداية التاريخ, وهذا التدرج في الأحداث والوقائع أضاف ترتيب لفكر القارئ وشد انتباهه على تواتر الأخطاء وأن جميع ما بني على باطل فهو باطل.
أبحرنا من نبوة النبي ورحلته الدعوية وما جرى من أحداث في تلك الحقبة, ثم رأينا ماذا حصل من ضعفاء النفوس وكأنهم اعلم بالدين من النبي وأراهم يشيرون ويعدلون عليه وكأنه أتى بدينٍ ناقص. لم يقتصر الكاتب على زمن النبي وزمن خلافة الصحابة ومخالفاتهم واجتهادهم بل عرّج على الأشعري والمذاهب الأربعة وأهل السنة والسلف الصالح. وختم مروان خليفات الكتاب ب مدرسة أهل البيت والأئمة الاثنا عشر.
أرى أن من الواجب على كل فرد أن يبحث عن عقيدته ودينه ولا يقتصر على الفطرة والبيئة ويسلم زمام أموره العقائدية للأهل والمجتمع. فبحثك عن التاريخ الديني بجميع مراحله يبيّن لك طريقك أ إذا كنت على هداية أو ضلال. ولا أرى أن الشخص الشيعي معفي عنه في البحث والتطرق إلى التاريخ وفهم الحقائق والوقائع التي حدثت في سالف الأزمان بل ليتفهم ويتيقن تمام اليقين أن عقيدته سالمة صحيحة لم يدنسها أي دنس أو جرم ويضيف إلى معلوماته المصائب والمحن التي مروا بها أهل البيت وكابدوا من أجل نشر وحماية هذه العقيدة فلولاهم لما كنا.
*برز في الكتاب ما يكفي من الإشكالات بأدلتها والرد عليها سواء من الآيات أو الأحاديث*