تمحورت الرسالة في دراسة المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ الاول للحملة الفرنسية على مصر الى ادراك ماهية الاحتلال من خلال مؤرخ عربي - مسلم ، من طبقة العلماء ، والذي كتب بطريقة تختلف كليا عما كتبه الاخرون عن الاحتلال ، فكانت لديه اليات جد خاصة في رصد الفرنسيين و التدوين لتلك الحقبة ، وقد مثل وجهة نظر النخبة المثقفة في مصر ، وليس فقط دراسة الحملة الفرنسية بوصفها احتلال و قوة استعمارية فرضت هيمنتها على مصر ، بل بما حملته معها من ادوات حضارية ، تلك الادوات التي جعلت صورة الاخر الغربي صعبة المنال ، فهو بين الباعث الجديد للنمو و الازدهار ، وبين المدمر القاتل الذي يغتصب ارضا رغما عن اهلها . تلك الازدواجية التي تميزت بها الحملة الفرنسية ، والتي جعلت من نظرة المؤرخ الجبرتي تمتاز تحتمل التناقضات الكثيرة . ان الجبرتي مثل رؤية خاصة في عملية الاستغراب و النظرة الى الاخر ، فتجاوز النظر الى المحتلين على انهم محتلين ، رغم انه لم ينسى ذلك ، ولكن في الوقت ذاته استطاع ان يكون رؤيته عن الفرنسيين بطريقة جد حيادية و منصفة ، وكان الجبرتي يعقد المقارنات و المقاربات الذهنية بين الفرنسيين و بين ما قد عاشه من انظمة ، وهي نظام المماليك و العثمانيون ، الذين اعتبرهم بعيدين جدا عن العدل و الحرية التي كان ينشدها الجبرتي ، ولقد امتلك الجبرتي عقلية متفتحة و متقدة في عملية رصده للفرنسيين و العثمانيين على حد سواء . وقد جاءت الدراسة على ثلاثة فصول و تمهيد سبقها ، اذ كان التمهيد يشكل تفسير الجذور الاولى للحملة الفرنسية و اصولها الفكرية التي انبثقت من خلال كتب الرحالة اذ كان ، ينبغي علينا فهم الرؤية المستبقة للفرنسي حين دخوله مصر ، ثم اليات التخيل ، وكيف تكونت تلك الصورة و ماهي ابعادها ، و ما هي المرجعية الفكرية و المفاهيمية التي استندت عليها محفزات تلك الصورة الذهنية ، ثم ماهي الموروثات النصية التي اعتمدت عليها تلك الاخيلة الفرنسية في تكوين الرؤى والصور عن الاخر الذي ظل مجهولا حتى دخول الحملة الفرنسية الى مصر عام 1798. كما تمخضت الرسالة عن عدة نتائج في عملية تشكيل صورة الاخر القائمة على الفهم العربي - الاسلامي ، والتي حددت ملامح الغرب المستعمر انطلاقا من وصفه داخل الارض التي استعمرها .
اذا أردت ان تعرفني، فحاول ان تسألني، واذا أجبتك، لا تقتنع باجابتي، لانك اذا اقتنعت بها، وحدث ما لاتحبه مستقبلا، ستتحمل انت فقط مسؤولية ذلك، لانك لم تكلف نفسك عناء البحث عني أكثر. Omar Jasim Mohammed عمر جاسم محمد