عبدالإله بلقزيز باحث مغربي في الفلسفة وفي شؤون الفكر العربي والفكر السياسي. حاصل على دكتوراه الدولة في الفلسفة من جامعة محمد الخامس في الرباط، المغرب. أستاذ الفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء. هو الأمين العام لـ"المنتدى المغربي العربي"، الرباط
Abdelilah Belkeziz
Morocco Writer, Holder of the State’s Doctorate Degree in Philosophy from Mohammad V University in Rabat, Belkeziz is the Secretary General of the Moroccan Arab Forum in Rabat. He has previously worked as head of the Studies Department at the Beirut-based Arab Unity Studies Centre. Belkeziz has published hundreds of articles in Arabic newspapers such as Al-Khaleej, Al-Hayat, Al-Safeer and Al-Nahar. In addition to articles, he has published around 43 monographs.
الكتاب صغير الحجم 120 صفحة، أنهيته في يومين، لأول مرة أقرأ موضوعاً يمس اللغة العربية وتحدياتها في دول المغرب العربي، لذا فالكتاب أضاف لي الكثير كوني بعيدة عن المشهد، وأشعر أن قراءة الكتاب مهمة للمهتمين باللغة العربية والوطن العربي، والمهتمين بدراسة ظواهر الإستعمار الغربي.
....
الفرنكوفونية بمعناها المباشر البسيط هي المؤسسة التي تُعنى عناية خاصة بمن يتكلم الفرنسية، كلغة أم أو كلغة ثانية، والسعي إلى تعزيز هذه الخاصية والحفاظ عليها والمساهمة في إبراز إيجابياتها على الأصعدة السياسية والثقافية والإقتصادية.
وقد خرجت منظمة الدول الفرنكفونية إلى الوجود عام (1970) وذلك مع الانحسار شبه النهائي للاستعمارين الفرنسي والإنجليزي، ومع أن لكل من الفرنكفونية ودول الكومونولث أهدافاً مشتركة فإن التشديد الخاص الذي تصرّ فرنسا على إيلائه اللغة الفرنسية يمنحها طابعاً يتسم بنوع من الحدة، وهي خاصية لها علاقة بالتدهور النسبي والمطّرد الذي أصاب اللغة الفرنسية نتيجة الصعود المتواصل لـ اللغة الإنجليزية كلغة عالمية.
ومن الملحوظ أنه ورد في الكتاب الفرق بين نجاح فرنسا بجعل مستعمراتها الأفريقية ذات لغة فرنسية كلغة رسمية، وعجزها عن فعل ذلك في المغرب العربي، وأظن شخصياً أن سبباً قوياً بهذا هو كون العربية لغة تدين وممارسة للدين الإسلامي وليست فقط لغة عادية، لذا لم يستطيعوا فصل الناس عن دينهم أو لغتهم.
..
فوائد من الكتاب:
1- فرنسا كان استعمارها متميزاً عن غيره، فهي لم تكتفي بالصورة العادية للإستعمار من نهب الثروات وتأمين السوق للسلع الرأسمالية وجلب الأيدي العاملة الرخيصة؛ بل كانت تطلب أكثر من ذلك بكثير، كانت تطلب جراحة ثقافية ولغوية تستتبع المستعمَر للمستعمِر. ونجحت بهذا في أفريقيا لعوامل ساعدتها بذلك: منها الانقسام والتفتت القبلي والإجتماعي داخل أفريقيا، و غياب عوامل التوحيد الثقافي واللساني في الغالب الأعم من مجتمعاتها.
2- عندما خضعت فرنسا لحركات الاستقلال وخرجت من مستعمراتها، خرجت بعساكرها ولكن عادت من نافذة الثقافة، بغير الجيوش كما في الماضي وإنما عن طريق حوامل داخلية-محلية لا تُثير شبهة ولا تستثير غضباً! هؤلاء الحوامل كناية عن النخب السياسية التي ستستلم الإدارة الفرنسية في المغرب العربي وستقيم منها دولة الاستقلال، وهذه النخب هي التي ستهيئ شروط تمديد العمل بأحكام السيطرة الفرنسية على الاقتصاد الوطني، وستحرص على حماية مرجعية اللسان الفرنسي في الإدارة العامة ونظام التعليم والصحافة والإعلام، وباختصار هي التي ستنوب مناب فرنسا في البلاد لتمدّد إقامتها فيه بعد أن عجزت وسائل العنف العسكري في تأمين ذلك التمديد.
وهؤلاء الحوامل كانوا مزيجاً من قوى إدارية (موظفون) عملوا في إطار الإدارة الاستعمارية، و قوى عسكرية (ضباط) عملوا في جيش الاحتلال وشارك قسمٌ منهم في حروبه في أوروبا والهند، وترقّى بعضهم في سلم الامتيازات داخل الجيش الفرنسي، و قوى تجارية ارتبطت مصالحها الإقتصادية بمصالح رأس المال الفرنسي في المغرب العربي، و قوى سياسية لم تتقبل أيلولة السلطة في المغرب العربي لأبنائه وهي التي كان لها نصيبٌ كبير في البلاد ناجمٌ عن عوائد تعاملها مع المستعمر.
يتضمن هذا الكتاب دراسة وبحث وتعقيبات ومداخلات الحلقة النقاشية التي قام بعقدها مركز دراسات الوحدة العربية. وارتكزت على فكرة أساسية أحاطت بالفرنكوفونية بما تمثله من أيديولوجيا وسياسات وتحدّ ثقافي. كما أشارت الفكرة إلى التأثيرات السلبية لهذه الأبعاد الايدولوجية في النطاق العربي بشكل عام، وأقطار المغرب بشكل خاص. وبدا أن الفكرة قامت بالحرص على وجوب وعي وإدراك الفارق بين الفرنسية كلغة وثقافة وأسلوب حياة والفرنكوفونية كأيديولوجيا. وتُولي الفكرة بالإضافة إلى ذلك، أهمية بالغة وخاصة لتاريخ الاستعمار الفرنسي، وكيفية محاولة الدولة الفرنسية تجاوز تدهور واندثار هذا الاستعمار، حتى انحساره نهائياً.
يفرّق بلقزيز بين اللغة الفرنسية كوسيلة للتواصل الثقافي وبين الفرانكفونية كشكل من اشكال الايدولوجيا تكرّس للتبعية الثقافية واللغوية من خلال الدفع باللغة الفرنسية في التعليم والجهاز الاداري للحفاظ على الارتباط الاقتصادي والسياسي بفرنسا ويبقي على نفوذها في مواجهة القطب الانغلفوني