عجبني هذا الكتاب بصراحه .. لا أدري لماذا شعرت بالصدق في كلام هذا الرجل .. وقد كان مهندس العلاقات المصرية السوفيتية في الفتره مابين ثورة يوليو حتى عام 1972 وهو أحد أهم صناع السياسة الخارجية المصرية بلاشك في هذه الفتره .. وقد عينه السادات وزيرا للخارجيه في عام 70 حتى 72 وبقى يعمل مستشارا للشئون الخارجيه للسادات حتى زيارة السادات للقدس .. وقد استقال إحتجاجا عليها ..
من أجمل ما قرأت في السير الذاتية السياسية أو التى تركز على السياسة بالأساس من ناحية الأسلوب والصراحة ،بغض النظر عن اختلافك أو اتفاقك عما حدث في تلك الفترة من تاريخ مصر ، يبقي مراد غالب كأحد أهم الشخصيات التى شكلت هذه الفترة.
دخل مراد غالب عالم السياسة منذ أيام الخلايا السرية قبل ثورة يوليو 1952 ولفترة استمرت 50 عامًا كانت فترة مليئة بالأحداث المهمة. يشكل تاريخ مصر في تلك الفترة نموذجًا مهمًا لأوضاع المنطقة. كما لا أنكر إنجازات تلك الفترة ولكنها كانت مليئة بالأخطاء التي نستطيع أن نستخلص منها الكثير من العبر. تنقل الكاتب بين العديد من المناصب فكان تارةً سفيرًا هنا وهناك وتارةً وزيرًا، تعامل في عمله مع عبد الناصر والسادات تعاملًا مباشرًا مكنه من تحليل شخصية وسياسة كل منها. كما كان أمينًا في نقل الأحداث، موضوعيًا في تحليلها وهذه صفات الكاتب التاريخي والسياسي الناجح.
مراد غالب، راسم السياسة المصرية السوفييتية لعقد من الزمان المذكرات تبدأ كجلسة شاي حتى انتقال السفير مراد غالب إلى الاتحاد السوفييتي، هنا تبدا الأحداث في السخونة، و يبدأ القاص-وليس الكاتب- بسرد مفصل الوقائع، لا ينسى أبداً مراد غالب حسه الدبلوماسي حين الحديث عن السادات الذي يلفظه من اعماقه، وكيف كان متزلفاً لزجاً ومجرد ظل للمشير في بادئ الأمر، يلقي الرجل ظلالاً من الشك حول عمالة السادات للغرب، و يظهر سوء تصرفه أثناء حرب يوم كيبور. المذكرات جيدة في المجمل و ألوم كاتبها على عدم الجواز إلى تفاصيل أكثر و الغوص في أعماق رجل بحجم مراد غالب.
سمعت بالوزير مراد غاب من برنامج شاهد على العصر. و وجدت حلقاته ممتعة و سرده لطيف - رغم سماجة احمد منصور مقدم البرنامج احيانا. و أمصيت سنوات اسعى للحصزل على الكتاب. و الذي توقعته موسوعة سياسية و تاريخية. اتيح لي اخيرا الحصول على الكتاب. و للأسف وجدته اقرب لكراسة الذكريات. و سرده مشابه جدا للقصص و النوادر التي ذكرها في برنامج شاهد على العصر. نعذر المؤلف في هذا. و لكن كان الامل ان يكون هناك كتاب اكبر يشمل معالجات اعمل لملفات مثل العلاقات المصرية السوفيتية، و العلاقات مع ليبيا، و احداث الستينات حتى حرب حزيران. مراد غابي كان لاعب مركزي في هذه الملفات وا ظنه لم يقل كل ما في جعبته.