أنطون سعادة: الأديب والمُفكر اللبناني والمُلقب بالزعيم، مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، وأحد المنادين بعودة دولة «سوريا الكبرى».
وُلد أنطون بن خليل سعادة في الأول من مارس عام ١٩٠٤م ببلدة «الشوير» بجبل لبنان لأبوين لبنانيين هما الدكتور «خليل سعادة» ووالدته «نايفة نصير».
أتقن «أنطون» القراءة والكتابة على يد مُعلمه «حنا رستم»، ثم التحق بمدرسة «الفرير» الثانوية بالقاهرة، وبعد وفاة والدته عاد إلى وطنه ليُكمل الدراسة الثانوية، هاجر عام ١٩١٩م إلى الولايات المتحدة، فعمل بمحطة للقطارات، ثم انتقل إلى «البرازيل»، فأتقن البرتغالية والألمانية والروسية عن طريق التعلم الذاتي، ثم عكف على القراءة في التاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع، مما ساعده على معاونة والده في إصدار جريدة «الجريدة» ومجلة «المجلة».
بدأ «أنطون» الكتابة في سن مبكرة، فكتب عام ١٩٢٢م عدة مقالات طالب فيها باستقلال «سوريا» وجلاء القوات الفرنسية عنها، كما تناول خطورة مشروع «الحركة الصهيونية» على سوريا الكُبرى.
حاول «أنطون» تكوين حزب سياسي بالبرازيل عام ١٩٢٥م تحت اسم «الشبيبة الفدائية السورية»، بهدف توحيد أبناء الجالية السورية، لكنه فشل، ثُم أسس «حزب السوريين الأحرار» فتوقف بعد ثلاث سنوات، فانتقل للعمل بالمعاهد السورية ﺑ «ساو باولو»، واشترك كذلك ببعض لجان تطوير المناهج هناك، وفي هذه الأثناء كتب أول رواياته «فاجعة حُب».
عاد «أنطون» لوطنه عام ١٩٣٠م، ثم انتقل إلى «دمشق» ليشارك في تحرير جريدة «الأيام» الدمشقية، وعاد إلى «بيروت» لينشئ «الحزب السوري القومي الاجتماعي» فعمل بشكل سري طيلة ثلاث سنوات إلى أن انكشف أمره، فاعتقل هو ومجموعة من معاونيه، وخلال فترة سجنه كتب كتابه الأول «نشوء الأمم»، وبعد خروجه من السجن تم اعتقاله لدعوته إلى حالة طوارئ بالبلاد فتم سجنه فكتب كتابه الثاني «شرح المبادئ»، وبعد انقضاء فترة اعتقاله تم اعتقاله مرة ثالثة، وخرج بعد ثلاثة أشهر فأصدر جريدة «النهضة» ولم تستمر لعام واحد.
انتقل «أنطون» إلى «الأرجنتين» بعد أن قرر قيادة الحزب من المهجر، فكتب هناك كتابه الثالث «الصراع الفكري في الأدب السوري»، وبعد جلاء القوات الفرنسية عن سوريا عام ١٩٤٦م ظلَّ مُلاحَقًا من حكومة «بشارة الخوري» رئيس الجمهورية، وأثناء حرب «فلسطين» عام ١٩٤٨م أطلق حركة مواجهة قومية شاملة، مما استدعى قلق السُلُطات فأصدرت قرارًا بمنع الحزب من العمل العلني، فلجأ إلى «دمشق» فاستقبله «حسني الزعيم» ووِفْق صفقة قام بتسليمه للسلطات اللبنانية فحاكمته وأعدمته في يوم واحد وذلك في الثامن من يوليو عام ١٩٤٩م.
هذا الكتاب سيكون آخر كتاب اقرأه لأنطون سعادة، والذي جاء بناء على توصية صديق، وأقسم أنني لن أقرأ له بعد اليوم كتاباً مهما ارتفعت التوصيات وزادت. بعد جملة الأخطاء الكارثية في كتابه "نشوء الأمم" يعود أنطون سعادة للحديث في تخصصات لا يفقه بها، وهي اللاهوت المسيحي والدراسات الإنجيلية من جهة، والعلوم الإسلامية المختلفة من حديث وتفسير وقرآن، من جهة أخرى، والتي تتطلب قدراً كبيراً من المعرفة التاريخية والدراية في العلوم اللغوية والفلسفية والتي يعوزهم سعادة ولا يتمتع بأي منهم مطلقاً. الكتاب بالأساس جاء ضمن سياق المهاترات التي يشتهر بها عالمنا العربي والإسلامي، وذلك بالرد على صاحب الرأي بدلاً من الرد على الرأي نفسه، من خلال إهانته شخصياً، فالكتاب هنا يناقش محاضرة لرشيد سليم الخوري عن الدين المسيحي والدين الإسلامي، بمحتوى مليئ بالتجريح والتعرض لشخص الخوري بأقبح الأوصاف، كوصفه بالجاهل مثلاً. وأنا لا أنكر أبداً أن الكتاب فيه استعراض للأيات القرآنية والأحاديث النبوية ومقابلتها بالأيات الإنجيلية، ولكن الكتاب بالفعل ليس مجرد استعراض، بقدر ما فيه إهانة لرشيد سليم الخوري شخصياً، وليس ما أقوله هنا حباً برشيد سليم الخوري، فأنا، قبل هذا الكتاب، لم أكن أعرف من يكون رشيد سليم الخوري. وفي الحقيقة، الأسلوب الذي يستند إليه سعادة، كاتباً، لا يشبه إلا مبارزات الزجل الغنائية في القرى والبلدات حيث يسود الجهل ويعتلي الإنسان شعور بالتفوق والشوفينية، كأن يتحدث مثلاً بأسلوب الموبخ و"المعلم" كما نصفها بالدراجة الشامية، والذي "سيعلم" على رشيد سليم الخوري ويفحمه بجزالة رأيه وحدة كلماته.... أنا لم أقرأ ما قاله رشيد سليم الخوري في محاضرته، ولكن لا يوجد رأي يستدعي من الإنسان أن يسلك مسلك الإعلام الرخيص في مقام الأدب والعلم والفلسفة، وذلك من خلال التعرض للأشخاص والتجريح بهم. في هذا الكتاب ملخص رأي سعادة في الأديان في بلاد الشام، أو سوريا كما يسميها، وفيها يظهر بوضوح النظرة الشمولية للدين، والنظرة المسرفة في اختزال الأفراد كمكون لجماعة وليس كأحرار تختلف نظرتهم للدين من فرد لآخر، ربما هناك فرد يصلي أكثر أو أقل من فرد آخر، وربما لا يعبئ بأمر الدين أساساً، الدين هنا من وجهة نظر سعادة منظومة تحكم الأفراد وتقولبهم ضمن جماعات، وهذا الفهم هو ضربة صريحة للأسس العلمانية التي يقوم عليها الحزب السوري القومي الاجتماعي.
This entire review has been hidden because of spoilers.
الكتاب محاولة من أنطون سعادة للتقريب بين الإسلام و المسيحية و اعتبارهما دينا واحدا محاولا توجيه الكراهية و العداء لليهود وحدهم. من حيث المبدأ فكرة التقريب بين الإسلام و المسيحية مهمة خاصة في بدايات القرن العشرين لكني أعتقد أن الكتاب تجاوز الديانتان ككيانات كاملة و ركز على الكتب المقدسة الرئيسية في الديانتين. على أيتها حال أنا أحب هذا الكتاب.