" أما النهايات التي نقرؤها في القصص فهذه تلفيقات. الانتحارات المقرفة وما شابهها من فنون الموت، كلها كذب. ﻻ أحد ينتحر. تموت البطلة مئة مرة، وتظل على قيد الحياة. ﻻ تصدّقوا المؤلفين الكبار هؤﻻء. قمة المأساة في حياة نساء مدينتنا هي استمرار هذه الحياة. وليس انقطاعها. إنها تستمر وتستمر، وﻻ أحد يسمع بقصصها. لكن الاستمرار ﻻ يبهج القرّاء. إنهم يريدون خاتمة تهزّ المشاعر، وتقنعهم أن وضعهم أفضل بكثير، ومختلف تماماً، لأن البطلة انتحرت لشدّة مأساتها، أما هم فمستمرّون في حياتهم ولم ينتحروا".
ولد هاني الراهب في اللاذقية عام 1939، درس الأدب الإنجليزي في الجامعة الأميركية في بيروت ونال شهادة الدكتوراه من بريطانيا وكان عنوان رسالته (الشخصية الصهيونية في الأدب الغربي)، درّس لسنوات طويلة في جامعة دمشق، ثم سافر الراهب إلى اليمن والكويت، عاد إلى دمشق وتوفي فيها إثر مرض عضال أصابه (6 شباط عام 2000)، كتب الرواية والقصة والنقد الأدبي، له ثماني روايات وثلاث مجموعات قصصية ـ ، صدر آخرها بعيد رحيله وعدد من الكتب المترجمة، نال في العام 1961 جائزة مجلة الآداب اللبنانية وفي عام 1981 نال جائزة اتحاد الكتاب العرب عن روايته (الوباء)
رواية خضراء كالمستنقعات، للكاتب هانى الراهب، تناقش الرواية المعاناة التي تقابلها المرأة فى مجتمعاتنا، من كونها سلعة يستبيحها الرجل فى سوق نخاسته، سلمى.... تلك الشابة الطموحة المتمردة على تقاليد وعادات المجتمع، ترفض وتقاوم نظرة المجتمع الذكورية للأنثى، تتعلم.. تتثقف...تنخرط فى عالمها الجديد، بدخولها مرحلة الجامعة، بما فيها من أمل لخلق حياة أفضل لها، مجتمع الجامعة الذى يخاطب عقلها ويمس وجدانها، ومجتمع أسرتها، المحمل بالهموم والنظرة الدونية للمرأة، كونها لا يحق لها الإختيار لأبسط حقوقها، وطالما الذكر يكون راضياً عن أُنثاه فقد حازت كل مراتب التيه والشرف، فهل تفرض الحياة كلمتها على سلمى، وتنتصر عليها، لغة قوية مفعمة بالحيوية، نص محكم بليغ، الغريب في الأمر أن الرواية تتحدث بلسان البطلة سلمى، .. لسان الأنثى... رغم كون الكاتب رجلا!!
كيف لرجل أن يعيش داخل امرأة و يتكلم عما في داخلها من صراعات وأفكار و تمرد على الإيديولوجيات التي فرضها عليها مجتمعها ...! هاني الراهب أبدع و أجاد في رسم أبطاله و في رسم معالم الشخصية المكانية والزمانية .....