نقرأ في الجزء الثاني من هذا الكتاب عن الحقائق البشعة لجيش الاحتلال الفرنسي في مصر بقلم شهود الحملة العيان, تلك الحقائق التي طمسها كل من رأى في نابليون بونابرت عبقريا معصوما من الخطأ, كما سبق أن تجاهلها المؤرخون الاستعماريون بسبب عنصرية واضحة في كتاباتهم. وأهم ما يقدمه هذا الجزء للقاريء, خطابات كليبر حاكم مصر بعد رحيل بونابرت, التي يقول فيها صراحة ما ينكره كل من مجَّد الجيش الفرنسي, قبل أن ينتهي عصر الإمبراطوريات الاستعمارية
الكتاب من جزئين اشترتهم م مكانين منفصلين وعاى فترة ،وهما من القطع الصغير بتاع كتب الهلال اللي باحبها وشايف فيها حاجات كويسة جدا من غير بهرجة إخراج،الفكرة العامة للكتابين-وأنا بعاملهم ككتاب واحد-هي تحدي فكرة إن الحملة الفرنسية على مصر هي بداية التنوير ومصر الحديثة وإن الخقيقة إنها كانت حملة استعمارية بغيضة وفاشلة وإن تأثيرها كان محدود جدا وده بيفكرني بكتاب تاني بتاع كل رجال الباشا لخالد فهمي اللي كان بتحدى فكرة تانية إن محمد علي هو باني مصر الحديثة وإنه كان طاغية شرقي داهية وبس وأنا ما كنتش مع الكاتب في تصوره هناك ،لكن هنا وبالإضافة لكتابات تانية قريتها بدأت أقتنع إن الحملة الفرنسية على مصر "تزامنت "مع تغيير كبير في تاريخها وتحول كانت بدأت تدخل فيه فعلا من نهاية القرن التاسع عشر مش إن هي اللي سببته يمكن كان ضخامة الحدث نوح من الريح اللي زادت النار اشتعال-نار التغيير-لكن ماكانتش أبدا جزء من النار وحطبها نفسه،عجبني إن اللي كاتب واحدة ست ،وإنها ربطت الكتابة بتدراستها وتجربتها الشخصية في المدارس الفرنسية وفي مجهود واضج جدا لكن شفت إن الكتاب والعرض مش هقول. مش منظم لكن فضفاض أوي وكان محتاج تنظيم وإحكام أكتر من كده ،الملاحق في آخر الكتاب ظريفة جدا وأضافت لجو الكتاب أوي
في الجزء الثاني من كتابها الحملة الفرنسية، تستقرأ ليلى عنان صورة نابليون من خلال شهادات معاصري الحملة من الفرنسيين بالذات، ثم صورته كما تبدو في الأدبيات اللاحقة على الحملة سواء الفرنسية أم العربية؛ وتتعرض لحملة المؤرخين الفرنسيين الجدد على الصورة الوهمية لنابليون، منهية الكتاب بمناقشة عميقة لموضوعية التاريخ وتناوله في الغرب عامة.
"قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ فأحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ " سياسية الحملة الفرنسية على مصر تتلخص في الجملة التي عاتب به الله أحد أنبياءه عليهم السلام بأنه أخذ الجماعة بذنب الواحد ، أنتهي الجزء الأول الذي كان متحوراً حول الحالة التاريخية التي خلقت و أوجدت الثورة الفرنسية و الخلفية التي كان ينتمي إليها جنود الحملة من الچنرال بونابرت لأصغر جُندي .
كان السلب و النهب و الإغتصاب هو السمة الغالبة على الجنود وقتها فمؤرخون الحملة يذكرون هذه الوقائع بأسلوب عفوي بدون أستنكر أو ستشنع بسبب كثرتها و شيوعها بفجاجة شديدة فتقرأ لهم و هم يتحدثون عن رغبتهم في تطوير الشعب المصري ليصبح موكباً للتنوير و لكن باستخدام البرود و الدم و هتك العرض تجدهم لا يفهمون لماذا الشعب كرهاً لهم دائم المقاومة كثير الثورة بعد كل هذا بل يرجعون ذلك إلى إنه محض تطرف ديني أعمى يشوش رؤيتهم للحقيقة و قدرتهم على فهم الغاية من وراء ما تفعل فرنسا و يرفضون بكل قوة أي محولة للتعايش السلمي مع المستعمر الكافر حيث إن و حتي تصور فرنسا لهذا التعايش لا يخلو من السلب و النهب و الأغتصاب ولكن بصورة أقل من لو قاومت و يا عجبي .
تشير الكتابة إلى إن نابليون غزا مصر بدون أعلان الحرب على الباب العالي مباشرةً و أنما أتى مسلماً لتخليص الناس و حاول دائماً التأكيد على هذه الأكذوبة و أنهم هنا فقط لتخليص العوام من ظلم المماليك و العجيب أن هذه الخدعة إنطلت على جنوده البلاهاء و لكن مع الوقت بعد تحرك الباب العالي ضد فرنسا في تحالف مزودج بينه و بين إنجلترا و روسيا أدرك الجميع أنا هذا الكلام محض هراء لا أكثر و أنهم هنا لأنهم مُعتدون لا أكثر .
تندلع ثورة القاهرة الأولى و يبدأ العنف المسلح و قذف القاهرة و يبدأ الأهالي في الهجوم على أفراد الحملة فيرد نابليون بأفعال شنعاء من حرق القرى بأكملها و ذبح سكانهُا فكانت سياسية الأرض المحروقة هي الأداة التي يقمع به كل معارضاً فنجده يحرق قرية لأن أهلها قتلوا موظفاً له ، الأسكندرية يسويها بالأرض و لا يتوقف بطشه عند مصر فقط بل و حينما نصل ليافا المذبحة الأشهر التي على رغم من إستسلم حمايتها العثمانية فيها أعمل فيهم السيف و أزهق روح أكثر من ٤٠٠٠ نفس.
نجد أن الفرنسيين لم يتخلوا أبداً عن روحهم الصليبية و لما ينسوا ما نزل على لويس التاسع و أصحابه حينما قاموا بحملتهم المشؤومة على مصر و إنتهت بهزيمة مذلة لهم نجد أن المؤرخين دائمين الذكر لهذه المسألة و يأكدون أن فعل الجنود أنما هي قولنا :" هذه بتلك ".
لما يضف الفرنسيين لمصر شئ لا مدرسة لا مشفى لا شيء حتي الطابعة أخذوها معهم عند رحيلهم العلوم التي قيل إنهم سيبهرون بها العوام لم تكن أكثر من منطاد فشل بدلاً من أن يثير رعب الناس أثار سخريتهم بل إن التعليم كان مزدهراً قبلهم على حد وصف قصصيهم حتي المؤرخون المحاليون في فترة ما بعد الحملة مثل رفاعة الطهطاوي و سليمان الفرنساوي حينما يذكرون مصر بتفاصيلها يمرون على الحملة مرو الكرام لما يشهد التغلغل الفرنسي في مصر أي أثر واضح إلا في عهد الخديوي إسماعيل باشا الذي وجه قبلته إلى فرنسا .
رفض العامة لهم جعل الفرنسيون يحاولون إن يغيروا في الديموغرافية المصرية بفتح باب الهجرة لليونان ليحلوا محل المصريين لكن هذا المخطط رغم إنتعاشه قليلاً إلا أنه فشل .
هذه الإضطرابات خلقت عند الجنود حالة من اليأس و السخط دفعتهم للإنتحار أو تسليم العريش للقوات العثمانية بدون قتال أو الهروب للخندق العثماني و الإنضمام لهم .
حلم التنوير الذي جاء مع الحملة كما يهم بعض المتثقفة أمثال طه حسين حينما وصف الحملة بالفتح العظيمة و النصر المُبين لم يكن أكثر من أضغاث أحلام فحتي على المستوي الفرنسي فقد فقدت فرنسا أغلب شعارات الثورة فالرق عاد و التعذيب عاد و أبشع حرية الصحافة قد قيدت العياقبة حبسوا و أكلت الدبة صاحبها و خرجنا من النظام الملكي إلى النظام الأمبرطوري الذي أسسه نابليون بونابرت لإشباع رغبته الشخصية في الحصول على المجد الزائف فحتي الشيطان تبرأ مما كان يدعوا .