ماذا تفعل ميكاج بطلة رواية “مطبخ” عندما تجد نفسها وحيدة دون اسرة،وأنها تستأنس بأجواء المطابخ الدافئة أكثر من أي مكان في العالم؟ كيف تمضي الايام بساتسوكي عندما تفقد حبيبها هيتوشي في حادثة سير وهييراجي حبيبته يوميكو في رواية”خيالات ضوء القمر”. مع هذه الشخصيات يعيش القارئ متعة التعرف على أعمال روائية يابانية معاصرة هي بنانا يوشيموتو الصادرة ضمن سلسلة ابداعات عالمية التي يشرف عليها المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب_الكويت_2001 _ ترجمة بسام حجار. ما يجمع بين الروايتين الاحساس بالفقد والحنين وان الاموات لايرجعون والاشياء ليست سوى الاشياء وتطرح سؤالين هما: هل الماضي يسكننا للابد أم ان هناك أمل قابل على الدوام ان يولد من جديد؟ باقتضاب مفرط في كثافته تروي لنا بنانا يوشيموتو حقيقة المشاعر التي تتغذى بالمفارقات والمتناقضات،كما تروي سير الحيرة والضياع في حياة أشخاص افتقدوا معنى أن تستمر الحياة. ابطال بنانا ليسوا أبطالا لانهم اختاروا أن يكونوا هامشيين، وهامشيتهم هذه لا تتأتى من فقدانهم المكانة الاجتماعية بل من موقفهم الرافض أي صلة مما تقدمه الحياة لانهم يعلمون أن الحياة لن تلبث أن تستعيده فيفقدونه. “مطبخ” و”خيالات ضوء القمر” روايات ممتعة رغم بساطة الفكرة التي تجاور الخيط الفاصل بين الغفلة عن العيش وبين الانتباه اليه كمادة سردية تستحق ان يكتب عنها. الماضي عند الروائيين الشباب اليابانيين لم يعد بطلا روائيا ولم يعد مثالا للغبطة،كما لم يعد منهلا للحنين والافكار لم تعد ذريعة للسرد الروائي. فالافراد والاشياء وتفاصيل العالم الصغيرة أصبحت هي ما تستحق الكتابة عنها أي الجواهر البسيطة لحياة تتسع لمصير واحد ولا تتسع للمصائر التراجيدية ،لقد اكتسب الكتاب الجدد في اليابان كل تقنيات الرواية الغربية الحديثة واختبروا الى أقصى ما يجيزه الاختبار أنماط عيشهم المتناقضة، أما السمة الغالبة في نتاجهم فهي الميل المعلن الى الاقتضابية التي تجمع عناصر الرواية مكتملة في متوالية سردية لاتتجاوز صفحاتها المائة.
Banana Yoshimoto (よしもと ばなな or 吉本 ばなな) is the pen name of Mahoko Yoshimoto (吉本 真秀子), a Japanese contemporary writer. She writes her name in hiragana. (See also 吉本芭娜娜 (Chinese).)
Along with having a famous father, poet Takaaki Yoshimoto, Banana's sister, Haruno Yoiko, is a well-known cartoonist in Japan. Growing up in a liberal family, she learned the value of independence from a young age.
She graduated from Nihon University's Art College, majoring in Literature. During that time, she took the pseudonym "Banana" after her love of banana flowers, a name she recognizes as both "cute" and "purposefully androgynous."
Despite her success, Yoshimoto remains a down-to-earth and obscure figure. Whenever she appears in public she eschews make-up and dresses simply. She keeps her personal life guarded, and reveals little about her certified Rolfing practitioner, Hiroyoshi Tahata and son (born in 2003). Instead, she talks about her writing. Each day she takes half an hour to write at her computer, and she says, "I tend to feel guilty because I write these stories almost for fun."
روايتان للكاتبة اليابانية"بنانا يوشيموتو"...بين دفتي كتاب
أما عن روايتها الأولى"مطبخ" فقد لمتها بداية لاختيار العنوان...فذاك الكم الهائل من الحب والحزن والوجع، كان بإمكان الكاتبة أن تؤطره بعنوان أجمل، ولما فكرت بسبب اختياره عنوانا، خطر لي ذاك المكان الذي هو بؤرة الحياة ومركزها في المنزل، وهو المكان الذي يشهد أغلب أنشطتنا اليومية، والذي يرتبط كثيرا بذكرياتنا الحميمية، وهو ما جعل بطلة الرواية "ميكاج" تلجأ له لما ماتت جدتها، وغدت وحيدة، وتجد فيه سلوتها، فتركن إلى دفئه محاوِلةً تجاوز حالة الفقد والحزن والألم الذي ألمّ بها..فالمطبخ الذي يطالعنا الحديث عنه في بداية الرواية هو البطل الأول الذي يساهم في إعادة التوازن لتلك الروح القلقة.
يا لبساطة الفكرة...ويا لجمال معالجتها من "بنانا يوشيموتو"...قدمتها بلغة بسيطة لا تخلو من جمل أدبية جميلة، وبتكثيف للمشاعر يخترق القلب...كيف نخرج من حالة الفقد لما تستبد بنا، كيف نعالج حزننا لما يصبح شعورا دائما مسيطرا؟؟كيف نمضي بعد أن كبلنا هذا الفقد بخوف من فقدٍ يتكرر؟؟
ميكاج تتعرف على يوشي الذي يقف بجانبها دون أن يعرفها سابقا، ويعرض عليها السكن معه ومع والدته، لتمارس هناك هوايتها بالطبخ والاهتمام بالمطبخ بعد أن ظل مدار اهتماماتها، بل كان أول مكان تفحصته ولفت انتباها في شقة يوشي، لتنشأ بينهم علاقة صداقة متينة، تتراوح بين القوة والضعف، وبعد تعرض الأم للقتل، تقدم ميكاج الدعم ليوشي في معاناته، مما يمنحها سببا في الحياة، ويمنحها هدفا تحيا لأجله، ومشاعر دافئة تعوضها عن دفء أسرتها.
نفس الثيمة تربط الرواية الثانية بالأولى..ففي "خيالات ضوء القمر"، تتحدث الكاتبة عن الفقد وكيفية التغلب على المشاعر والوحدة التي يخلفها بحكاية أخرى.
ساتسوكي تفقد حبيبها في حادث سير، مما يصيبها بالحزن العميق، ويجعلها تقف عند حدود الزمن فلا تستطيع تجاوزه، فـ"هيتوشي" يظهر بأحلامها ويحدثها، فتشعر دائما بوجوده حولها وفي حياتها، حتى تقابل "أورارا" التي تساعدها على رؤية روح"هيتوشي" في ظروف خاصة على حافة النهر، لا تتكرر إلا كل مائة عام، فتودعه مرتاحة...
"ومع تسلل أنوار الفجر الأولى بدأ كل شيء يتلاشى على مهل، وأمام ناظري راح هيتوشي يبتعد شيئا فشيئا راح يلوح بيده مبتسما وبدوري أومأت بيدي"
الموت يجمع بين أبطال روايتيها...وبين الروايتين أيضا...رائحته تعبق بالمكان
ورغم أن الفكرة في الرواية الأولى مبتكرة، ولكنني عشت الثانية أكثر...قد تستمر الحياة فعلا ونستمر معها بالمسير، ولكن يبقى عبق الفقد يحوم حولنا، يحيل حياتنا قفرا بعد أن كانت بالأحبة حدائق غنّاء
“الفراق والموت أمران شديدا القسوة. لكنّ حبًّا لا يُشعرك بأنّه هو الأخير، لا يستحقّ العناء، حتّى لتمضية الوقت!” روايتين قصيرتين يجمع بينهم الاحساس بالفقد والحنين ومشاعر التخبط والضياع واختيار الابطال بأن يكونوا مهمشين خوفا من استرداد الحياة ما اعطتهم لهم يوما ما وحقيقة افتقاد معنى ان تستمر الحياة
أحببت هذه "الشوسيتسو"*، التي ذكرتني بذلك العجيب موراكامي فروح النص عند كليهما واحدة وإن اختلفت الطريقة. بنانا يوشيموتو أقل ثرثرة بالمقارنة بالنفس الماراثوني لموراكامي، فبين دفتي هذا الكتاب الذي لا تتجاوز صفحاته 183 صفحة فقط قصتان قصيرتان، وفي المقابل موراكامي يكتب مجلدات!!!.
بالمناسبة أحب أن أقول أن هذين الشخصين يكتبان نوعاً من الأدب أجد نفسي لا أستطيع التعبير عنه أو وصفه، باختصار شعور رائع بالدفء داخلياً أثناء القراءة (وأحياناً كثيرة يبقى ذلك الشعور لأيام بعد القراءة)، كتابات تصلح للهروب قليلاً من وضع مربك. خطر على بالي الآن مصطلح "أدب الأزمات" فعلا هو كذلك عل الأقل بالنسبة لي في هذه الأيام الباردة.
الترجمة جيدة جداَ
_____ (*) من مقدمة الرواية: الشوسيتسو تعني حرفيا "الشيء الصغير" أي النص السردي المقتضب.
اليابانيين الجدد أمثال بنانا وهاروكي موراكامي يملكون أفكار جيدة ومبتكرة ،ولكنني لا أشعر عند قراءة أعمالهم بأنني أقرأ لياباني مثلما هو مايحدث مع غير أدباءهم ربما الأمر أخف وطأة مع بنانا ولكن الأمر شديد جدًا مع هاروكي موراكامي فأشعر فعليًا بأنني أقرأ للأجنبي غربي ليس بشرقي.
فكرة الروايتين الصغيرتين غير مبتكرة وليست جديدة علي إنها تتحدث عن الفقد بصورتين مختلفين ولكن ما تريد أن توصلها "نحن لا نكون نحن حين تفقد من نحب "
استمتعت مع البطلة ميكاج أكثر من البطلة الآخرى ربما لطول قصتها .
مع أن الروايتين تتحدثان عن الفقد وألم الخسارة إلا أن الجو العام للروايتين مليء بالدفء والصداقة والحنين. احببتها جداً تذكرني بالغابة النرويجية لموراكامي.
رواية مطبخ. رواية قصيرة من 112 صفحة، تروي قصة "ميكاج" التي تحاول أن تتجاوز ألمها بعد موت جدتها التي كانت آخر فرد في عائلتها وأن تحتضن مشاعر الحب التي أصبحت تتكون نحو "يوشي" وهو صديق جدتها الذي كانت تلتقي به عند بائع الزهور باستمرار. إنه طالب جامعي يعمل بنصف دوام في محل لبيع الأزهار، له احترام كبير للمرأة نتيجة تربية أمه له، التي هي في الواقع متحولة جنسية قررت أن تغير جنسها بعد وفاة والدته الحقيقية بعد معاناة من مرض السرطان. فكرة أن يغير رجل جنسه لأنثى لمجرد أنه واثق من رغبته في اللإخلاص لذكرى علاقة الزواج الأول تثيرني كثيرًا، فهو شخص قرر أن يهتم بتربية وتعليم ابنه على أن يتزوج من جديد لهذا كان الحل أن يتحول لامرأة ليحظى ابنه بأم رائعة ومميزة ما يميز حياة هذه الفتاة العشرينية هو موت جميع أفراد عائلتها وشعورها بالآمان في المطبخ لدرجة أن تنام فيه وتتمنى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة في المطبخ. تقرر أن تتعلم فن الطبخ في المدرسة بسبب براعتها كما تتعايش مع مشاعر ألمها وخوفها وفرحها بشكل استثنائي... أما ما يميز الرواية هو بساطة لغتها واهتمامها بوصف مشاعر البشر وملامحهم وأحوالهم
الحدث الرئيسي الذي سيحدث هو أن يوشي برفقة والدته سوف يقومان بدعوة ميكاج للإقامة معهما في المنزل لدعمها حتى لا تبقى وحيدة بعد وفاة جدتها.. وهكذا تتطور العلاقة بينهما وتعرف ميكاج قصة الأسرة الجديدة وعلاقة جدتها بهذا الشاب ولماذا كان متأثرًا جدًا بوفاتها، كما تتعرف العائلة المستضيفة بشغف ميكاج الكبير بالطبخ والمطابخ وكل ما يتعلق بها من أدوات وأواني وطعام
من أفضل الروايات اليباناتية التي أعرفها استمتعت لقراءتها مرتين
كتاب رقيق جدا يضم بين دفتيه روايتين كلتيهما تتحدثان عن الحزن ذلك الحزن الذي يَعقب فقدان من نحب الإحساس بمرارة الثكل أن الحياة أصبحت صماء لا تعني شيئا لا تهتم بأمرها و لا تُعنَي بها
و لكن مع الوقت , تجد نفسك تنجرف مع التيار قد لا يتداوي الجرح مع الزمن , إلا أنك تعتاد عليه و تألفه و قد تصبحان صديقين في نهاية الأمر
و لعل أبلغ تعبير عن الروايتين هو ما جاء علي لسان ساتسوكي في النهاية :
"بعثة تنتهي , بعثة تبدأ هناك أناس سوف نلتقيهم ذات يوم , و هناك آخرون لن نراهم بعد اليوم , و هناك من يبتعدون مع الوقت , و من نصادفهم عابرين فقط, نتبادل التحية لدي عبورنا , و كلما فعلنا نزداد صفاءً . و من دون أن أحيد بنظري عن النهر , يجب أن أواصل العيش "
عبارة عن روايتين قصيرتين، وكلاهما يشتركان بالفقد والإشتياق لأشخاص ماتوا الأولى مطبخ: فتاة تفقد جدتها، عائلتها الوحيدة، الثانية خيالات ضوء القمر: فتاة تفقد الشخص الذي تحب بحيث يبدو لها وكأن مواصلة الحياة مستحيلة، الأدب الياباني شديد الرقة، وتفوق برأيي ع��ى آداب كثير من الثقافات سأتحفظ عن تحديدها
قبل ما اتكلم عن الرواية احب اوجه شكري لعدة اشخاص مش واخدين حقهم 1-اولا صناع ال البي دي اف انتوا نعمه من ربنا وبتعملوا عمل عظيم مفيش كلام يوافي تعبكم ومجهودكم 2-ثانيا المترجمين وبخص هنا المترجم بسام حجار مترجم الروايتين انا جربت ترجمة الافلام فترة واي حد جرب الترجمه عارف هي شاقه قد ايه ممكن تبقي لغتك الانجليزية او غيرها قوية جداً ومع ذلك متقدرش تترجم صعوبة الترجمه مش في فهم النص ولكن في ايجاد اللغة والتعبيرات المناسبة والدقيقة للترجمة فلما نتكلم عن ترجمة رواية فيها الكم ده من التشبيهات والالفاظ المنمقة والتعبيرات الانيقة والخلابة يبقي لازم نرفع القبعة للمترجم ونشكره جدا 3-ثالثا دور النشر العربية وخاصة اللبنانية منهم فمع حصار الازهر والمنشآت الدينية ف وطننا العربي فأحب اتوجه لدور النشر اللبنانية والسورية بكل التبجيل والاحترام لولاكم كانت هتضيع من بين أيدينا كنوز لاتحصي ...... اما عن الرواية فأحب اخص رواية خيالات ضوء القمر بما اني علقت سابقا عن رواية مطبخ بنانا اصبحت من كتابي المفضلين اللي بياخدوني لدنيا تانيه ويرفعوني لسماء غير سمانا لاتضاهي موراكامي عندي ولكنها رائعه تتعمق في النفس البشرية تشد القارئ ببساطة احداث روايتها وتتعمق داخل روحه بفلسفتها الرائعه الغير مبالغ فيها كلمات انيقة وتشبيهات رائعه وجمل حوارية ممتعه غير ممله بالمرة روعة بنانا في بساطتها الاخاذة روايتين رائعتين انصح بيهم
في مقطع في القصة الثانية قالت الكاتبة على لسان إحدى الشخصيات: "عندما يأكل أحدنا مثل هذا الطعام اللذيذ لا يندم أنه جاء إلى هذه الدنيا" أرغب بقول الشيء نفسه بعد قراءة هذا الكتاب، حين يقرأ أحدنا كتابًا بهذا الجمال لا يندم أنه جاء إلى هذه الدنيا. دائمًا كان هذا الشعور هو ما يبقى بعد قراءة كتاب جيد. سعيدة لأنني عرفت كاتبة جديدة أقرأ لها.
"أود ان اكون سعيدة، وبدلاً من أن أشقى كثيراً في جرف مجرى النهر، فلأستسلم لغواية حفنة من شذرات الذهب. وآمل أن يكون كل من احببتهم اكثر سعادة في المستقبل." تمت 💙💙💙
كنت قد قرأت مقالاً عن علاقة بعض الكتّاب العميقة بالمطابخ - مثلي تماماً- وكان من ضمنها جزء يتحدث عن بنانا وروايتها "المطبخ" فإذا بي أنقاد بلا تفكير لقراءة هذا الكتاب وأقع في غرام دقتها في تمثيل حالتي وتعلّقي بالمطابخ تحديداً، تشبهني كثيراً هذه ال"ميكاج" ، الكتاب عبارة عن روايتين قصيرة تتحدثان عن الفقد، الفقد بسبب الموت تحديداً، كم أدهشتني ولمستني قدرتها على الوصف، سأشبه براعتها في السرد بأنني كنت أشعر كما لو أنني أعايش الأحداث، كما لو كنت أشاهدها أمامي كمسلسل أو فيلم أو شريط فيديو، على الرغم من بساطتها في السرد إلا انها استطاعت وصف صور حقيقية للغاية بطريقة مذهلة, ولابد أن أشيد على براعة وعبقرية بسام حجار في الترجمة كعادته، ولغته واختياره الذكي للعبارات التي لولاها لما كان الكتاب سيكون بهذا الجمال.
الكتاب عبارة عن قصتين، تدرجات تحت تيمة الموت و الفقد، وكيف للإنسان أن يحيا بعد أن باعد القدر بينه و بين أعز و أقرب الناس اليه، ذلك البعد الذي لا قرب فيه بعد ذلك. نجحت الكاتبة في إيصال أفكارها، بل في إيصال أحاسيسها التي دبجتها في سطور قليلة، تحمل جميع معاني الشجن و الحزن و الوحدة، واستطاعت أن تنقل القارئ مكان أبطالها، يحبون المطابخ كميكاج، بطلة الحكاية الأولى، و يحسون بألم الوحدة و اليتم، وأن يطالعوا النهر كساتسوكي بطلة الحكاية الثانية، و يعيشوا معها ألم الفقد الفجائي.
هذا الكتاب يحتوي على روايتين قصيرتين الأدب الروائي الياباني فيه حميمية تصل به حد الشعر! خاصة إذا ما كان النص يستخدم ضمير المتكلم فيبدو الراوي/ة كأنه يحدث نفسه الشفيفة أو يبوح لشخص مقرب بلطافة وعمق..الرواية اليابانية تمتلك العذوبة والخصوصية!
ككل الأشياء الغير منتظرة والعَرَضية تحدث عندما يكتنف العالم نوع من الغموض والإبهام وعدم الفهم الناتج عن الفقد ثم الوحدة المستتبعة للتشوش والضجيج الذى تبثه فوضى العالم، تمشى وحيدا فى الليل تتأمل السماء تجذبك النجوم وتتوحش الفراغ القاتل من حولك ثم يأتى من الخلف من يربت على ظهرك ويأخذك من يدك فى تمشية لحظية تُشعرك - ولو وهماً- أنك لم تكن وحدك أبدا، بدون أى مقابل كأطياف تأتى ثم تذهب.. خفيفة لا تُثقل على روحك مثقال ذرة، وإنما تخفّف كآبة أثقلتك حتى ظننت أن الأرض تجذبك جذبا إليها، فترتفع قدمك لحظات مقتطعة من الزمن تمنحك قدرا يسيرا يكفيك زاداً لتكملة المسير حتى تنتهى الرحلة وينتهى وجودك على الأرض، هؤلاء هم الطيبون، لا ينتظرون شيئا، يمنحونك ما لم تكن ترجوه، صُحبة للوَنَس ورفقة دقائق كنسائم ترطب وجهك من حرّ الطريق، وعندما يرحلون يتركون فقداً غير مؤلم كأنهم ما زالوا هنا، وتأتنس بما يبقى.
"هناك أناس سوف نلتقيهم ذات يوم، وهناك آخرون لن نراهم بعد اليوم، وهناك من يبتعدون مع الوقت، ومن نصادفهم عابرين فقط، نتبادل التحية لدى عبورنا، وكلما فعلنا أزداد صفاء. ومن دون أن أحيد بنظرى عن النهر يجب أن أواصل العيش"
"الموت لا يوجع الموتى .. الموت يوجع الأحياء" محمود درويش.
روايتان قصيرتان عن التعامل مع فقد الأحباب والتعافي من صدمة وألم الفراق. في كل رواية شخصان يساعد كل منهما الآخر على التعايش مع الفقد وما يخلفه من وحدة، في الأولى "مطبخ" فقد العائلة، وفي الثانية "خيالات ضوء القمر" فقد الحبيب/الحبيبة. . الإيقاع هادئ، والسرد يركز على التفاصيل الصغيرة البسيطة، ما قد يسبب مللا للبعض. ذكرني أسلوب الكاتبة بأسلوب يوكو أوجاوا. أعجبني التقاطها لبعض التفاصيل التي لا يشعرها إلا الوحيدين. . غريب ما قد يذهب إليه البعض من أجل التواصل مع الراحلين، في الرواية شخص يقرر تغيير جنسه، وفي الأخرى شاب يقرر ارتداء تنورة حبيبته. ربما لا يرى الكثيرون معنى لتلك التصرفات لكن ليس من حق أحد استهجان تصرف غير مضر قد يسبب بعض الراحة والعزاء لمن يعاني.
أسلوب الروايتين رقيق بسيط سلس. أحببت "مطبخ" واستمتعت بها أكثر، بينما شعرت ببعض الملل في أجزاء من "خيالات ضوء القمر".
" غير أن هناك دوما في الكلمات مقدارا من الفظاظة والتي من شأنها أن تطمس أبهى ما في هذه اللحظة الناعمة "
يمكن لهذه المجموعة ان تُعنون بـ ( تساؤلات الفقد ) تلك التي تصيب لعنتها الواحد ما ان يفقد عزيزا ويبدأ بتلمس الاشياء من بعده ويُذهله خواءها وبرودتها ، انذاك تصبح العلاقات مع الاخرين متوازية مع فقده ، يقترب لا اراديا ممن يشبهونه بالشعور ويقتربون هم منه كذلك . قصتان اثنان يعاني كل ابطالهما من فقد احد الاحباء ، وهم مجبرون مع ذلك على المضي قدما لأن الطريق لم ينتهي بعد . هذه حكايات بالغة في الانسانيه تلمس اي قلب عانى من موت احد احباءه ، تقترب منه وتلمس شعوره وتمنحه سلوى قصيرة .
في كثير من المواضع شعرت ان الترجمة لم تكن جيده ولذا انقصت نجمه
القراءة لبنانا يوشيموتو أعادتني لغريغوار دولاكور، النبرة الهادئة ذاتها المُستغرقة في يأسٍ مُنضبط، ومتماسك.. عوضاً عن النبرة الدرامية الكلاسيكية الفجّة، والصارخة. وهي ثيمة البؤس الحداثي/ العصري، حيث لا وقت كافٍ للإقرار بوجود مشكلة، لاوقت للإقرار بحقيقة الأشياء.
يسـتمر الأدب اليـابـاني بسـرقة قلبي , لا اعلم من اين ابـدأ فـكلا الروايتين قد تميزت بطريقتها الخاصة..
كتــاب رقيق وجميـل يضم بداخله روايتين يتـجسد الحـزن والفقـد بينهما ولكن لكل واحده منهمـا طريقتها الخاصة لتجـاوز ذلك الحـزن وذلك الضيـاع الشـخصي
رواية "المطـبخ" ,, ربما يكون العنوان قد ظلمها قليلا ولكن من غامر وقبل الرهان ودخل الى عالم "المطبـخ" سوف يرى ان الأسم مجرد اسم يمتلك اهمية كبيرة قي قلب بطلة الرواية .. وان المشاعر والرومانسية والحزن والفلسفه العميقة لكل الشخصيتين سوف تملئ قلبنا وعقلنا بسـرعة كبيرة ويـزداد شغفنـا بهمـا بكل صفـحة ننهيـها,,
اما روايــة "خيــالات ضوء القـمر" لا انكر ان العنـوان قد تمكن من قلبي واعطى اهمية للرواية قبل ان اقرأها حتـى ,, وفي كل صفحة انهيها يزداد شغفي بهذه الرواية ويزداد فضولي لمعرفة كيف تنتهي ...
عشقت كل الروايتين وحتمـا سوف ابدأ بالبـحث عن المـزيد من المؤلفـات للـمتميزة "بـانانا يوشيـموتـو" , وأتمنى ان تـكون جميع مؤلفـاتها من الـمترجم الأكثر من رائــع "بســام حجـار"
لستُ حزينة، لا يمكنني وصف هذا الشعور الذي تركه الكتاب فيَّ، ربما أنا فارِغة.كما لو إن أحدهم قام بإفراغ جسدي من المقدرة على الاحساس. تركتُ مطبخ و أنا أحدق بحبي للطهو عندما أكون مهمومة. و تركتُ خيالات ضوء القمر و أنا اتسائل حول الحب الذي يبقى فينا تجاه الآخرين مهما حدث. كلاهما تركا في روحي ما لم يتركهُ أي كتابٍ مُسبقًا، كِلاهما كانا بمثابة حضنٍ دافئ و حزين في ذات الوقت. و مجددًا سلسلة ابداعات عالمية تأخذ قلبي ..
"الموت عبء ثقيل، وما كان ينبغي أن نتعرف إليه في سن مبكرة، ولكن لم يكن لدينا الخيار.. في الأيام المقبلة سوف تواجه في حياتك أمورا مؤلمة، ومربكة، وربما مقززة، ولكن إن كنت تشاء أود أن نسير معا نحو شيء ما... أشد قسوة ربما لكنه أكثر حياة! لا داعي أن تشغل بالك بهذا الآن، ولكن حين تستعيد قواك... ولكن أرجوك، لا تختف على هذا النحو!" ... "عندما يأكل أحدنا مثل هذا الطعام اللذيذ لا يندم لأنه جاء إلى هذه الدنيا!"
هل فقدت أحدهم يوما ثم استحالت حياتك سيرا في طرق العتمة وخلال سيرك ألم تهتدي الى طريقة تضيء بها ظلام حياتك ؟؟
يبدو أن ميكاج استطاعت أن تصنع أطباق سعادتها المؤقتة في "المطبخ " بعد أن ودعت جدتها وانتقلت للعيش مع يوشي وأمه "المخنثة" ثم مقتلها الخاطف وتلاحم الاثنان في لحظات الصمت والحزن والطعام ثم العودة الى أحضان الواقع الحي بعيدا عن معايشة مأساة الموت !
......
لاحظت التعريج على قضية تحويل الجنس في الأدب الياباني ومحاولة جر التعاطف معها-أعجبتني هذه الجملة كتعبير عن الحالة النفسية فقط ..سئمت كوني رجلا!! الرجل :أن: يسئم كونه يتحمل من عبء الحياة مالا يطيق وكذا المرأة!!- أيا ما كان ففي النهاية هذا البلد البعيد مثالي النظام فاقد الروح والدين على ما أظن فلا عتب اذا كانت دائما الوحدة والظلام والبحث الدائم عن اشباع الروح سمة غالبة على الكتابة !
يبقى للفكرة جمالها واختزالها في كيفية تحويل طاقتك السلبية البائسة من وحدة ووجع الى نجاح وان كان في مطبخ !
...... يبقى المطبخ وأنا اذ يبدو لي أن في هذه الخاطرة من السلوان ما يفوق اعترافي لذاتي أني وحيدة !!
.......
خيالات ضوء القمر
أحببتها كثيرا ولامستني لغة الحزن بشدة ماأعجبني هو"استدفاء" الأخ بظل حبيبة أخيه من وجع فقده المفجع لأخيه وحبيبته في آن واحد ...نعم قصة تبدو مكررة أو حتى ذات حزن رومانسي ساذج للبعض الا أن لغة الأنين ومحاولة تخطي الحزن بخيالات ضوء القمر كانت رقيقة جدا وجميلة ... ويبدو أن تنورة هييراجي أقصد يوميكو رسمت بسمة على وجه الموت بالعودة الى الحياة :)
..........
اود أن أكون سعيدة وبدلا من أن أشقى كثيرا في جرف مجرى النهر فلأستسلم لغواية حفنة من شذرات الذهب وآمل أن يكون كل من أحببتهم أكثر سعادة في المستقبل.
هيتوشي.
لا أستطيع أن أبقى هنا. يجب أن أتابع تقدمي لأن الوقت ينقضي ولا سبيل لايقافه يجب أن أرحل . بعثة تنتهي..بعثة تبدأ ..هناك أناس سوف نلتقيهم ذات يوم , وهناك آخرون لن نراهم بعد اليوم وهناك من يبتعدون مع الوقت ومن نصادفهم عابرين فقط . نتبادل التحية لدى عبورنا . وكلما فعلنا ازداد صفاء . ومن دون أن أحيد بنظري عن النهر يجب أن أواصل العيش .
ولكن على الأقل , ليبق ذلك الحضور الطفولي للفتاة التي كنتها بقربك الى الأبد !
حول " مطبخ " : هذه القصة - وهي أول قراءاتي في الأدب الياباني - كانت ساحرة بطريقة غريبة ! .. في البداية لم تعجبني , وفي النهاية أيضاً , إذ جاءت الخاتمة مبتورة ومفاجئة برأيي .. لكن هو ذاك السحر في الجو الياباني بشكل عام بالإضافة إلى غرابة بعض التفاصيل بحد ذاتها هو ما أعجبني .. استطعت الشعور بكل تفصيل صغير .. رأيت أشجار الساكورا على حافة الطرقات واستمتعت بمرأى المدينة ليلاً من خلال نافذة كبيرة بعرض الحائط من شقة في الطابق التاسع .. سمعت مواء القطة التي تستقبل الفتاة الوحيدة الحزينة عندما تعود من عملها كل ليلة , بعض هذا لم يكن موجوداً في الرواية بالطبع , إلّا أن خيالي حول الجو الياباني في مدينة طوكيو المزدحمة هو ما جعل إحساساتي هذه قوية بشكل لا يصدق .. سأكمل الآن مع رواية خيالات ضوء القمر لنفس الكاتبة إذاً ^_^
حول " خيالات ضوء القمر " : قصة رقيقة وتنتمي لمدرسة الواقعية السحرية ( المدرسة التي أعشقها في الأدب ) , كان حضور الموت قوياً أيضاً مثل رواية " مطبخ " .. كم اشتهيت الرسم وأنا أقرأها .. حضور الجو الياباني الساحر كان في كل تفصيلة أيضاً ..
وجدت فيها ما وجدته في قراءتي للأعمال اليابانية دائمًا الحديث عن الوحدة والإغتراب واضطراب الهوية الجنسية والتساؤل حول الهوية الغربية السائدة ودائمًا ماتجد تلك الأعمال الإهتمام من القراء في اليابان لأنها تعبر عما بداخلهم
قرأت في الأدب الياباني لهاروكي موراكامي و ياسوناري كواباتا والآن مع بانانا يوشيموتو وأتطلع لقراءة كُتاب آخريين من اليابان
هناك أناس سوف نلتقيهم ذات يوم , و هناك آخرون لن نراهم بعد اليوم, و هناك من يبتعدون مع الوقت, و من نصادفهم عابرين فقط, نتبادل التجية لدى عبورنا و كلما فعلنا إزددنا صفاء