الجزء الثانى من المجلد الثالث - يُعرف أيضًا باسم: الحضارة الرومانية ----------------------------- كتاب موسوعي تاريخي ضخم من تأليف الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي ويل ديورانت وزوجته أريل ديورانت. فهي موسوعة في فلسفة التاريخ، قضى مؤلفها عشرات السنين في إعدادها، فقرأ لذلك عشرات المؤلفات وطاف بجميع أرجاء العالم من شرقية إلى غربية أكثر من مرة. وحسب القارئ دليلا على الجهد الذي بذله في إعداد العدة لها أن يطلع على ثبت المراجع العامة والخاصة الذي أثبتناه في آخر كل جزء من هذه الأجزاء. وقد كان يعتزم في بادئ الأمر أن تكون هذه السلسلة في خمسة مجلدات، ولكن البحث تشعب والمادة كثرت فزادها إلى سبعة، ثم تجاوزت هذا العدد الذي قدره لها أخيراً فقررها في 11 مجلد. يتحدث فيها عن قصة جميع الحضارات البشرية منذ بدايتها وحتى القرن التاسع عشر ويتسم بالموضوعية، وبالمنهج العلمي استمر في كتابته على مدار 40 عامًا من عام 1935 حتى عام 1975
والخلاصة أن هذه السلسلة ذخيرة علمية لا غنى عنها للمكتبة العربية ولعشاق التاريخ والفلسفة والأدب والعلم والفن والاجتماع وجميع مقومات الحضارة
تمت ترجمة الكتاب إلى العربية وأصدرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية ودار الجيل في بيروت النسخة العربية تتكون من 42 مجلد بترجمة احترافية من د. زكي نجيب محمود، ود. محمد بدران، ود. عبد الحميد يونس ود. فؤاد أندراوس
William James Durant was a prolific American writer, historian, and philosopher. He is best known for the 11-volume The Story of Civilization, written in collaboration with his wife Ariel and published between 1935 and 1975. He was earlier noted for his book, The Story of Philosophy, written in 1926, which was considered "a groundbreaking work that helped to popularize philosophy."
They were awarded the Pulitzer Prize for literature in 1967 and the Presidential Medal of Freedom in 1977.
يقول ماركس أووليوس متحدثا عن ان الانسان لا يستطيع الحكم على موضع عنصر أو حادثة في نظام الأشياء إلا إذا رأى هذه الاشياء كلها، لأنه من ذا الذي أوتي القدرة أن ينظر إلى الأشياء هذه النظرة الجامعة ويدرك علاقاتها ببعضها البعض؟ والحكمة تكون في الاعتراف بعجزنا وفِي العمل على ان نكون اجزاء مع الأجزاء المتناسقة لنظام الكون، وأن نحاول أن نستشف ما وراء جسم العالم من عقل، وأن نتعاون معه راضين مختارين. ومتى ادرك الانسان هذه الفكرة ادرك ان العدل فيما يحدث: اي ان كل شيء يحدث وفقا لمنهج الطبيعة. ولا يمكن ان يكون شيء يحدث وفق منهج الطبيعة شرا. وكل شيء طبيعي وجميل في نظر من يفهم؛ وكل شيء يقرره العقل العالمي العام اي المنطق الكامن في جميع الاشياء.
نكمل رحلتنا في الجزء الثاني من المجلد الثالث من قصة الحضارة الحضارة الرومانية الحضارة الأقوى في التاريخ نعرف عن دومتيان وتيرون وكلوديوس وتيطس وتراجان وهادريان وكمودوس وماركوس اورليوس ونعرف عن القوانين الرومانية مهد كل القوانين والالعاب والثقافة
إمبراطورية نشأت من العدم ثم أصبحت مركز القوة العالمية ثم إضمحلت فأنقذها رجال من خيرة رجال التاريخ فإزدهرت مرة أخرى لكن سنة الحياة لا تسمح بإزدهار مستمر فكان عليها أن تضمحل مرة أخرى . وهكذا تلخص أهم سمات التاريخ فى مدى قرنين من الزمان فى هذه البقعة من الأرض التى شهدت سماحة قيصر وقوة أغسطس ثم طغيان نيرون وفساد دومتيان ثم عقل تراجان وحكمة ماركوس أوريليوس وأخيراً خلاعة وإرهاب كمودس إبن ماركوس أوريليوس الذى كان أسوء خلف لخير سلف.
في الجزء الثاني من مجلد الحضارة الرومانية, تصل الإثارة والمتعة أقصاها عندما نقرأ عن عظماء الجمهورية آنذاك, من أوكتافيان, فكاليجولا ونيرون, فنيرفا وتراجان وهدريان ثم ماركوس أوريليوس... ثم نقرأ عن عظماء أدابهم وفكرهم كهوراس وفرجيل وسينكا وماسناس... حروب الرومان في المانيا غزو بريطانيا وحريق روما الذي اتهم فيه نيرون الإمبراطور الذي اغتال أمه... كتاب ممتع جدا وغني بالمعلومات الثمينة ويأتي في مقدمتها الحديث عن القانون الروماني والذي يعد أثمن ما أنتجته الحضارة الرومانية عبر تاريخها.
مما لا شك فيه ان الحضارة الرومانية بدأت بالازدهار بي عهد قيصر واغسطس (اكتافيان) وهادريان وفيسبازيان بخفض الضرائب وتحرر المرأة وازدهار العمارة وبناء الطرقات وتوزيع الاراضي على الفقراء وحرية المعتقد ولكن بالمفابل هناك ديكتاتورية وظلم وابادة في عهد نيرون وكومدس وكان الفن له نصيب من الازدهار في هذا الجزء نستطيع ان نسميه بالعصر الذهبي
كتاب جميل وعند قراءته يمكن أن يفهم القارئ تاريخ المسيحية وكيف ظهر السيد المسيح عليه السلام في الشرق لينتشر أتباعه في الغرب.. اعتقد ان الصورة يتكون أوضح في الجزء القادم.
فى المحطة الثانية من رحلتنا مع روما نشاهد امبراطوريتنا الوليدة تكاد تتمزق من ازمتها الداخلية ، يروى لنا ديورانت تلك المحطة فى مجلد دسم ممتلئ بالافكار و بالاحداث التاريخية المؤثرة
ينجح ديورانت مرة أخرى فى ان يدخلنا فى داخل المشهد الثورى و يصمم صورة ثلاثية الابعاد ل الاخوين جراكس و من جاء بعدهما انتهاء بقيصر العظيم
بلد اجتاح العالم عسكريا ، انتصر على كل اعداوه و منافسيه ابتداء ب قرطاج الحزينة التى ملحت ارضها و ركبتها اللعنة ، الى اليونان محطة تنوير العالم السابقة ، و كل ما بينهما ... يتخيل القارئ للوهلة الاولى ان كل تلك الانتصار و كل تلك "الاصفار" امام ارقام الوارد على الخزانات و ضرائب الحرب على الامم المغلوبة و وارد القمح و خلاقه سيسهل من حياة روما
لكن حتى للنصر وجه أخر كما للهزيمة ... فحينما كان هانيبال على ابواب روما متوعدا لها بالذل تضافر المجتمع و التحم و باعت النساء الحلى و كادت ان تحارب من اجل بلدها فيما بدا لهم الرمق الاخير ، بينما حين انتصر الرومان لم يزدهم النصر الا بؤسا
يمكن تفسير الامر انطلاقا من القاعدة الشهيرة للعرض و الطلب ، عندما يزيد القمح يقل السعر ، و حين يتضاءل السعر يكف الفلاح عن زراعته ، و حين تتعطل الفلاحة ينتقل هؤلاء الى المدن متبطلين متعطلين منتظرين اموال الدولة و الطعام الجاهز ، و حين يتحول الفلاح ذو الجسم الرياضى القوى الى متبطل فى المدينة يحدث تحولين فى منتهى الخطورة على المستوى الاسترايجى ...الاول انك صرت تعتمد على غذاء الخارج الجاهز بما يحمل القيادة السياسية هم فوق هم ، و الثانى انك تخسر جندى معافى فى الاحتياطى و تلجأ للمرة الاولى فى تاريخ روما الى المرتزقة فتتحول الحرب من وسيلة للدفاع عن وطن الى مسألة عرض و طلب من نوع جديد
و عندما يجلب الرقيق بمئات الالاف تنخفض احتياجات السوق الى العامل الحر متوسط الحال ، و ينفذ الترف و التطرف السمج الى فئة الاغنياء و كالعادة يزداد الفقراء فقرا و الاثرياء ثراء ************* ترف مستفز و انتقام قاسى من الامم المغلوبة كانا الطريق الذهبى للثورة ، لتطالعك ثورة الرقيق الاولى و الثانية و تقرأ اسماء سبارتكوس و غيره ... لتصدمك تلك الاعداد التى نكل بها عقب احباط كل واحدة من تلك الثورات ، ثورة ابوليا ١٨٥ ق م وحدها الى الى تحولين ٧ الاف من الرقيق الى العمل بالمناجم و هو نوع بائس من الحكم بالاعدام يعلمه قارئ تلك الحقبة جيدا خاصة لان اثينا من قبلها قد استخدمته
و فى عام ١٣٩ ق م تقوم حرب الارقاء الاولى التى تبدأ باجتماع العبيد لقتل احرار المدينة لتهل افواج الارقاء من كل فج عميق ليزداد عدد الثوار من اربعمائة الى ٧٠ الف فى وقت قياسى ليتحل هذا الجيش الصغير على الجزيرة أجرجنم حتى عام ١٣١ ق م قبل ان يرسل جيش اخير لينهى على الامر تماما تلك المرة
و تستمر الثورات الصغيرة منها و الكبير الى ان يأتى جراكس ************** ساحرة شخصية الاخوين "جراكس" مهما اتفقت او اختلفت مع افكارهم ، ان تجمع الفقراء على ثورة بيضاء تشريعية فى المقام الاول ليعاد توزيع الاراضى -ربما ترتكب وسط كل النية الطيبة خطأ فادح كقانون الحبوب الى يجبر الدولة على توزيع القمح على اهل روما و ما ترتب عليه لاحقا من كوارث- و لضمان حياة كريمة للطبقة الاقل من الاحرار
تزداد الشخصيات ساحرية عندما تتجلى الدراما فى موت جراكس الكبير منتحرا مفضلا الموت بيده على الاسر ، و موت جراكس الصغير و تجز رأسه بيد الفقراء انفسهم لتبدل وزنها ذهبا من اعدائه ثم ينهب بيته *************** لتبدأ معمعة الحرب الاهلية بين صولا السعيد كما اطلقوا عليه و بين ماريوس ... حرب انهكت الرومان و تفاصيلها امر يستحق الدراسة فى كيفية تدمير الدول ل نفسها و استهلاك مواردها و بشاعة الحروب التى تنشأ بلا اسباب منطقية
و يكفى مثال لمعركة واحدة بين طبقتى الاشراف و الفرسان بقيادة اكتافيوس المحافظ و سنا المتطرف ليقتل عشرة الاف من الطرفين فى يوم ليفوز اكتافيوس و يفر سنا الى خارج روما معلنا تحرير العبيد مستعينا بهم ليكون جيش يقدر على المحافظين فيدوم الارهاب عام كامل تزين رؤوس الاشراف الساحات العامة و يقرر اكتافيوس ان يموت مرتديا كامل ملابسه الرسمية منتظرا اعداءه فى مكان عمله اليومى ************ و وسط الحرب الاهلية و الخارجية و الثورات و الاضطراب تتحول -كالعادة- الجمهورية بديموقراطيتها الى نموذج النخبة الالجريكى الاضيق ، و منها بالضرورة الى شبه الملكية
و كأن العالم تهيأ لقيصر....
لا يخفى ديورانت اعجابه بقيصر و ربما يتمثل ذلك فى خفضه قليلا لمعيار شكه المعتاد ليروى لنا قصص مثيرة و احيانا خارقة عنه من النوع الذى عادة يتجاوزه ديورانت ... لكن قيصر لا يحتاج لذلك فيما اظن فيكفيه اننا بعد اكثر من عشرين قرن مازالنا نتعجب من قدراته القتالية و النظامية التى حولت روما الى اشراقات عصرها الذهبى الذى سيدشنه اغسطس وريثه الفكرى ********* ( وقُضِيَ على الثورة في أكتيوم، كما قضي على الجمهورية في فرسالس وأتمت رومه الدورة المشتومة التي يعرفها أفلاطون ونعرفها نحن: ملكية، فأرستقراطية، فاستغلال ألجركي، فديمقراطية، ففوضى ثورية، فدكتاتورية. وانتهى مرة أخرى، في جزر التاريخ ومده، عهد من عهود الحرية، وبدأ عهد من عهود النظام).....هكذا انهى ديورانت هذا المجلد من قصته الطويلة فقط ليحمسنا و يدفعنا مسرعين الى المجلد رقم ١٦
يعود اغسطس الي روما بعد انتصاره علي انطونيوس وكيلوباطرا ليجد روما المنهكة من الحروب في استقباله فالمدن قد دمرت ونهبت جراء السلسلة الطويلة من الحرب والثورات وكان الرومان فى انتظار المخلص اغسطس الذي استطاع ببراعته السياسية ان ينقذ روما وان يؤمن حدودها وينعش خزانتها الخاوية بكنوز واموال مصر والشرق المهزوم .لتزدهر روما تحت حكم الدكتاتور الذي جمع في يده جميع السلطات التشريعية والتنفيذيه والقضائيه
بعد موت العسكري والسياسي العظيم اغسطس نري الجانب الاخر من الحكم الملكي المطلق فيحكم روما ويتحكم فى مصائر الرومان الطغاه بداية من تيبريوس ثم المجنون كاليجولا وكلوديس ونيرون الذي انتهي موته بحرب الاباطرة الثلاثة التي تنتهي بأنتصار فسبازيان وتربعه علي عرش الامبراطوية .ليعيد الاستقرار والامان والازدهار مره اخري لروما بعد عقود طويلة من الفوضي
يتحقق اخيرا حلم افلاطون فيصبح امبراطور روما فيلسوف علي يد الاباطرة نيرفا والعظيم تراجان الذي اعادة هيبة روما وتوسيع حدودها وضم ارض مابين النهرين وشمال بلاد العرب وباراثيا للامبراطوية ويتولي من بعدها هدريان الشبيه الي حد كبير بأغسطس فلم يشغل باله بالفتوحات وعمل علي تنظيم .الامبراطورية وعامل جميع الولايات معاملة روما وازدهر فى عهده الشرق وراجت التجارة وكان الرومان في عهده اسعد شعوب العالم في هذا الجزء يظهر خطر الجرمان مرة اخري فتعلن القبائل الالمانية الحرب علي روما لكن الفيلسوف المحارب ماركس اوروليوس يتمكن من دحرهم .ويتنهي عهد الرخاء والامن والحرية علي ايدي كومودس
هل يبالغ ويل ؟ في استخدام الافعال المبنية على افعل اجمل افضل اروع اكبر ... لااعتقد انه كان مرغماا على ذلك لان الحضارة دائماا ماتتحدث عن نفسها مشيرة الى اثارهاا على وجه الارض فمبال صاحبنا الا يكون منتشياا ومتفاجئاا وايضا وسيلة ناقلة لتلك الحياة .. اناا لاقبل كل مايقوله كحقيقة لان الابحاث تؤكد بعض اختلافها حاليا ولكني اتذوق كل حالاتها لان التأريخ وقائع فيها بعض احتمالات ملفقة او قبلت كما هي بوجهها التي تظهر عليه .. فعلينا ان نقلبه على اوجهه قبل ان نقلب صفحته ... وان نتذوقه ونستمتع به قبل ان ينسى ...