قتربت في شبه عدوي, من صوت أوكورديون, يعزف عليه رجل غجري بكرش, يضع على رأسه كاسكيت صوف, ولا أعرف كيف تبينت موسيقى أغنية بياف padam padam, وكيف انتبهت لحمالات البنطلون المعلقة على كتفيه, اقتربت منه فارتفع صوت الأوكورديون, وابتعدت عنه فخفت الصوت, ثم مررت بصوت عجوز ظهرها منحني, تجادل بائع خضار, حتى اختفى الصوت, ثم مررت على رجلين بشعريهما الأشيبين, يجلسان على طاولة صغيرة مستديرة, يتناقشان في السياسة بصوت عال, اقتربت منهما فارتفعت الأصوات, وابتعدت عنهما فخفتت وتلاشت الأصوات. لا أعرف إن كنت قد تعمدت الاستماع, أم جاءت كل تلك المشاهد والأصوات, كخلفية ذهنية ونفسية تصويرية لشعوري, شعرت بسخونة في جسدي, وأحسست ببلل خفيف تحت ابطي, وبتعب وشد في ربلتي ساقي. أين ذهب؟ هل سرت في الاتجاه المعاكس؟ ولكنني رأيته يخرج من الكافيه, ويسير في هذا الاتجاه, فهل دخل إلى أحد المحلات التي مررت بها؟ لكني لم أكن أريد التوقف وتضييع الفرصة, ولكن فرصة لماذا؟ هل فقط لأراه؟ ثم ماذا؟ نحيت التساؤلات التي بدأت تبطئ خطواتي, وتبعت حدسي, رغبتي الغامضة التي لا تفسير لها, لا أريد لأي منطق أن يحبطني, لا أريد لأي تفسير أن يضعف طاقتي التي تشبه طاقة الرقص, متعب لكنه يملأ الإنسان بقوة شعورية وروحية هائلة, مثل رقص الإنسان البدائي, الذي يستلقي بعده سابحاً بالعرق, يركض قلبه كحصان بري, يرتفع وينخفض صدره, كبركان يتهيأ للانفجار, ويشعر بعدها أنه تطهر من شياطين الحياة التي لا يفهمها, إلا ببساطة البداءة.
كاتب وروائي كويتي، نشر عدد من المجموعات القصصية، كما نشر رواية بدرية التي نالت شهرة كبيرة في الساحة الأدبية العربية منذ عام 1989م، وكتب عنها الكثير من النقاد العرب نشر كتابين عن فن وعلم التنويم، والعلاج بالطاقة الكونية "ريكي"، حيث يعمل استشاري نفسي واجتماعي، وأستاذ دولي بالتنويم وممثل الجمعية الأمريكية للمنومين وعضو البورد فيها، إضافة إلى تخصصات أخرى في العلاج والتنمية الذاتية حاصل على جائزتين في الأدب، الأولى من مؤسسة التقدم العلمي في الكويت عام 1994م، والثانية جائزة الدولة التشجيعية من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت عام 1997م
كل الأحداث كانت تأمرني لأن أقلب الصفحة التالية في تتابع شديد و اندماج لا يقطعه شئ .. كان التناقض الاجتماعي و الديني الذي بعثر شذى و قسمها لنصفين أمر دقيق و واضح ، الحرية و ضريبة العادات و التقاليد و الزواج الجاف الذي لم يثمر سوى كتلة من الأوجاع النفسية و ردات الفعل المعاكسة شيء لذيذ و مفعم بالخروج عن النص من خلال دينا و مانويل .. لا أخفي أستنكاري لردات فعلها العنيفة ولكن لم أكن لألوم إلا ذلك الوادي الخالي من كل شئ الا الانانية و الاستغلال .. كان وصفه منصفاً بعض الشئ لأحمد و مجحفاً جداً لأن يلقب بشخص ديّن .. فعلاً التشدد في أي شئ يأخذ صاحبه الى الهاوية بطريقة أو اخرى .. لا أضيف سوى أن فصل الموت المدهش كان فعلا مدهشاً في جميع تفاصيله و احاسيسه تمنيت أن يطول هذا الفصل ليأخذني في فصول اخرى .. و نعم كرهت أحمد و تلك ضرتها القبيحة في كل شئ .
اعتقد بأن الكاتب وليد الرجيب يهوى الثقافات واللغات، فكل رواية له تحوي ثقافة ولغة متميزة، أسعد كثيراً بأنه يضيف إلي كلمات جديدة وعادات جميلة.
في ثالث قراءة لي للكاتب أجد أن أسلوبه لا يختلف، عنصر التشويق لا يغيب في رواياته، برغم اختلافي مع بعض ماورد في الرواية ومع البطلة شذى بالتحديد، إلا أنني تعاطفت معها، وكرهت زوجها أحمد بشدة وأثار استفزازي.
من ناحية أخرى، جعل البطلة تكتب رواية تكون بطلتها هي مع اختلاف الاحداث وتشابه قصتهما هو محور ابداع الرواية، وفصولها استمتعت بها اكثرفعلاً الخيال اجمل من الواقع
احببت استخدام النقيض بين الفصول. بين البطلتين. الخياليه والواقعيه. المتمرده والخائفه. المتحرره والمكبوته قصه طرحت اثر التشدد الديني بشكل واقعي. سيده متحضرة وذات دراسات عليا من دوله اجنبيه تتزوج بسن كبيره لارضاء اهلها من متشدد ديني ومع مرور الزمن يزيد خناقه وتزداد رغبتها بالتحرر الي ان يبدأ خيالها بكتابة روايه عن شخصيه بطله هي نقيضها بالواقع. وماتامل فيه ان تكون بنفسها الدفينة. شعرت بالتعاطف الشديد مع بطله الروايه وشعرت بالرومانسيه مع خيالها
في اجتماع نادي القراءة ديوان لمناقشة هذه الرواية نقل أحدهم عن زوجة الرجيب قولها: " إنه يكتب أشياء بسيطة ، إلا أن أحدا لا يستطيع أن يكتب مثله." فعلا هذا ما يصف هذه الرواية بالضبط -السهل الممتنع.
كنت وأنا بقرأ رواية "قمر علي مستنقع" لعلاء الديب كل شوية ابص علي الغلاف اتأكد إن الكاتب رجل وليس أنثي؛ لأن الرواية كانت كلها بصوت امرأة وكان علاء الديب من البراعة أنه مخلنيش أحس لحظة إن الكاتب رجل يحكي بلسان امرأة ولكنه جعلني أعتقد أن الرواية تحكيها امرأة عن نفسها. وفي هذه الرواية يحكي وليد الرجيب بلسان شذي امرأة كويتية تعيش في باريس مع زوجها المتشدد دينيًا وتحاول كتابة رواية عن بطلة تشبهها. والحقيقة الرواية جميلة وممتعة ومشوقة وأسلوب وليد الرجيب سهل، ولكن في أوقات كتير كنت بشعر أن الراوي ليس شذي أنما وليد الرجيب.
أحببت حبكة الرواية و تسلسل الأحداث وأحببت فكرة أنها رواية وفي داخلها رواية أخرى 4 نجوم لأن الكاتب استخدم بعض المصطلحات الإنجليزية لغير حاجة مع أنه يتمتع بلغة عربية مميزة ولا أحبذ ذلك في رواياته. ولكن أستطيع القول أن هذه الرواية من أجمل ما كتب وليد الرجيب غنية بالمعلومات التي تزيد من ثقافة القارئ عن الشعوب والدول الأخرى.
دماغنا لا يستطيع التميز بين الحقيقي والمتخيل وهنا سرد قصة بطلة الروايه التي تتهرب من واقعها المر من خلال الكتابه فهي تعيش حياتين الاولى الحقيقه والثانيه من خيالها ... ( ملاحظتي ان وليد رجيب باغلب رواياته يحب التحرر ويكره الحركه الدينيه )