الكاتبة والتشكيلية والمترجمة الإماراتية في هذا الكتاب الأثير تمنحنا فرصة الالتفات الخصيب والمقصود إلى منجزات ١٢ شعباً من شعوب المعمورة في مجال الأدب الشعبي. فقد اصطفت للقارئ العربي من قراءاتها الحكايات الشعبية العالمية ٩ حكايات من الهند والصين واليابان وإندونيسيا وأستراليا ونيجيريا والبرازيل والمكسيك وإيرلندا. ووثقت عن طريق الاستماع الشفهي ٣ حكايات شعبية من أشخاص لغاتهم الأم هي الأمازيغية والبشتونية والفلبينية. -الناشر
عائشة خلف الكعبي، قاصة وأديبة إماراتية، نشرت أوائل أعمالها كقصص قصيرة على صفحات جريدة الخليج، وهي لم تزل على مقاعد الدراسة العلمية بجامعة الإمارات في التسعينات، ثم أبعدها التخصص في علم الأحياء المجهرية وغربتها في الولايات المتحدة عن هوايتها رَدَحاً من الزمن، لكنها عادت حاملة شهادة الماجستير واستظلت بحروفها على شطآن الصفحات الثقافية المحلية والإقليمية حيث كثفت نشر نتاجها القصصي في الفترة من 2004حتى 2007 وهو العام الذي قررت فيه نشر مجموعتها الأولى " غرفة القياس"، والتي صدرت عن دائرة الثقافة بالشارقة، ولم تكتفِ عائشة بالقص فقد بدأت ترسخ نفسها كمترجمة إماراتية لا منافس لها في الساحة تقريبا حين أقدمت على خوض غمار الترجمة الأدبية لأسماء كبيرة من أمثال تشيخوف و طاغور وكالفينو وآخرون كترومان كابوتي و تشارلز بوكاوسكي. وقد تصدت الكعبي في عام 2007 لترجمة الشعر العالمي النسائي حيث تفرد الملحق الثقافي لجريدة الخليج بنشر هذه السلسلة التي أطلقت عليها الكعبي "ربات الشعر" وقد تضمنت تراجم لشعر نسائي من مختلف دول العالم. وكانت المترجمة الإماراتية الوحيدة التي تنشر أعمالها في مواقع أدبية هامة مثل موقع جهة الشعر الرائد الذي كان يديره الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد حيث نشرت ترجماتها الشعرية فيه خلال الأعوام 2007 و2008 ثم لم تلبث عائشة أن بدأت بنشر قصائدها الشخصية كاشفة عن وجه آخر لها كشاعرة حيث استهوتها قصيدة الهايكو وبدأت بنشر نتاجها الشعري على صفحات جريدة الإتحاد وفي موقع ديوان العرب وذلك بين عامي 2009 و2010، وكانت قد عادت للقص مرة أخرى عام 2009 حين همت بنشر قصصها القصيرة جدا على صفحات جريدة الإتحاد فكانت أول إماراتية تصدر مجموعة قصص قصيرة جداً عام 2011 وقد حصدت هذه المجموعة المركز الأول في جائزة المرأة الإماراتية للآداب في ذات العام. وقد تزامن ذلك كله مع افتتاحها لدار اقرأني للنشر والتوزيع في نوفمبر 2011 حيث كانت ثاني إماراتية بعد الشيخة بدور القاسمي تقتحم ميدان النشر. إذ ركزت دار اقرأني منذ نشأتها على الأدب العربي والمترجم. إلا أن رحلة عائشة في عالم النشر كانت قصيرة حيث توقفت الدار رسميا عام 2016 وذلك إبان عمل عائشة في الأمم المتحدة وسفرها المتواصل.
وفيما يلي قائمة بإصدارات عائشة الكعبي:
- غرفة القياس صدرت الطبعة الأولى عن دائرة الثقافة عام 2007 ثم أعادت عائشة طباعتها عام 2012 من خلال دار اقرأني.
- لا عزاء لقطط البيوت صدرت الطبعة الأولى عام 2011 عن دار أزمنة الأردنية والطبعة الثانية عام 2020 عن مكتبة مدبولي المصرية.
- كيف كتبت الرسالة الأولى صدرت عام 2011 عن دار أزمنة الأردنية
- ربات الشعر صدرت عام 2012 عن دار اقرأني
- العالم يحكي صدرت عام 2012 عن دار اقرأني للنشر والتوزيع وعام 2020 عن مكتبة مدبولي في مصر
- وجهنا الواحد صدر عام 2014 عن دار اقرأني
- نصوص خالية من الغلوتين ( نصوص شعرية عن علي و التوحد) صدر عام 2019 عن دار مدارك
- لا أشتري فرحاً مستعملاً (ديوان شعري) صدر عام 2024 عن دار العين للنشر- القاهرة
- كيف لقلبٍ شاغرٍ أن يكون بهذا الثقل؟! (شذرات مترجمة من الشعر العالمي المعاصر) صدر عام 2024 عن دار خطوط وظلال – عمّان
جديرٌ بالذكر أن عائشة تنقلت في مسيرتها المهنية بين العمل أستاذة مساعدة بكلية العلوم – جامعة الإمارات، وأميناً عاماً مساعداً للجنة الوطنية الإماراتية لليونسكو، ثم سكرتيراً أول في سفارة الدولة في باريس بمنصب المندوب الدائم المساعد لدى اليونسكو. ثم تفرغت للعمل الإعلامي فترة من الزمن وعادت للعمل الإداري بعدها مديراً لمركز الاستكشاف في جامعة خليفة ثم عملت كمدير إدارة برامج الحوكمة وتعزيز دور المرأة والشباب في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمكتب أبو ظبي. خاضت تجربة التقديم الإعلامي مذيعة لأخبار "علوم الدار" بقناة أبو ظبي ثم "أخبار الإمارات" بقناة دبي. وهي حاليا مقدمة برامج على قناة بينونة. من ناحية أخرى فإن عائشة فنانة تشكيلية أيضا شاركت في عدة معارض مشتركة داخل الإمارت وخارجها. إلا أنها افتتحت معرضها الشخصي الأول "الفن عبر الأبواب الخلفية" في مجمع الفنون في أبو ظبي بالتزامن مع احتفالات اليوم الوطني الثالث والأربعون لدولة الأمارات العربية المتحدة. وقد حظي باهتمام كبير من قبل النقاد ووسائل الإعلام وشهد إقبالاً جماهيريا غير مسبوق. تقدم عائشة ورش عمل بالتعاون مع مجلس أبو ظبي للتعليم لتعليم الكتابة الإبداعية للأطفال كما تتعاون في مشاريع ثقافية وفنية مع مؤسسات مثل مكتبة زايد والمجمع الثقافي وجامعة الإمارات وهيئة الشارقة للكتاب.
تمتلئ حكايات كتاب "العالم يحكي" التي ترجمتها الأديبة الإماراتية عائشة الكعبي بعدة مواضيع أساسية مثل: الفضول الإنساني الفطري لاكتشاف العالم، والرغبة الملحة بالسفر في المكان والزمان، وتقلبات الحياة المدهشة التي ترفع من شأن الفقير، وتنزل من شأن الملوك والأمراء. كما أنها تعكس أحياناً أنماط وثيمات الحكي السائدة في مناطق معينة من العالم. فهناك قصة هندية، وقصة أمازيغية، وقصة صينية، وقصة برازيلية.. الخ. ويحتوي الكتاب في المجمل على 12 قصة : "الرجل الذي لم يكن يريد شيئاً" وهي حكاية من التراث الهندي، "لوكاس صانع الحبال" وهي حكاية من التراث الفليبيني، "الأرملة والسمكات" وهي قصة من التراث الإندونيسي، "امرأة استحقت الضرب" وهي حكاية من تراث البشتو، "مغامرة ضفدعين" وهي حكاية من التراث الياباني، "حمو والحورية" وهي حكاية من التراث الأمازيغي، "لماذا تعيش الشمس والقمر في السماء" وهي حكاية من التراث النيجيري، "الحصان الخشبي" وهي حكاية من التراث الصيني، "لماذا يهدر البحر؟" وهي حكاية من التراث البرازيلي، "ميامي، الشقيقات السبع" وهي حكاية من التراث الأسترالي، "قصة الأجراس" وهي حكاية من التراث المكسيكي، "الملك ويليام ذو الشجرة" وهي حكاية من التراث الايرلندي. وتدور هذه القصص في الماضي البعيد عنا، في أزمنة شبه أسطورية عجيبة.. كان يتدفق فيها خيال الإنسان ورغباته وآلامه عبر الحكايات بكل عفوية وسهولة واسترخاء. وهذه هي الصفات التي اثمنها بشدة في حكايات هذا الكتاب، وهي أيضاً النوعية التي نفتقدها في العديد من روايات كتابنا الحاليين، الأمر الأكثر اثارة للإعجاب هو أن بعض قصص الكتاب تتصف بأنها غنية بالأبعاد المختلفة (هل تعبير ثلاثية الأبعاد مقبول هنا؟) هذا رغم أنها في النهاية حكايات شعبية!! رواتها في الغالب مجهولون، وتم سبكها بدون الانتباه لتقنيات السرد...الخ، وتم سردها في زمن لم تتواجد فيه حركة النقد الأدبي بالشكل الذي نعرفه اليوم.. أي أنها ليست قصصاً تنتمي لجنس القصة القصيرة المعاصرة. ولكني أعتقد بأن هذا التصنيف لا يحمل اهمية تذكر هنا. حيث أن قصة "الحصان الخشبي" الصينية العتيقة (وهي أجمل قصص الكتاب برأيي) تجمع في "حركاتها" الكثير من الملامح التي ستتواجد في قصص ألف ليلة وليلة لاحقاً، والتي ستؤثر فيما بعد على نشأة وتطور القصة القصيرة الحديثة في العالم الغربي. المثير للانتباه كذلك في القصة -كما في غالبية القصص- أن النفس الأسطوري في الكتاب ليس منعزلاً عن واقع حياة الناس التي تدور الحكايات بينها، بل هي روح أسطورية معايشة لهموم البسطاء والمعدمين والأغنياء والملوك في تلك الازمنة، والتي لا تزال تكرر نفسها -أي الهموم- في زماننا الحالي. فتنتني قصة "حمو والحورية" الآتية من التراث الأمازيغي.. فقد أكدت لي أن العناق الدرامي المأساوي بين: الحب والموت، في حكايات العشق (والعلاقة بين الرجل والمرأة عموماً) القادمة من منطقة الشرق الأوسط هي سمة مشتركة بين قصص الحب العربية، والفارسية، والتركية، والكردية، والأمازيغية (وباقي شعوب المنطقة). ولا غرابة في ذلك، إذ أننا نعيش في هذا الشرق الحزين والمتعب الذي لا يعرف -في الغالب- سرد الحب إلا وسط ركام الدم والعنف والمفارقات الكربلائية المحزنة. ولكي تفهموا قصدي اقرؤوا معي نهاية القصة : "وهكذا وصل حمو إلى السماء السابعة منهكاً وجريحاً فرأى حورية عند النبع وأخبرها انه حمو الأرضي الذي جاء بحثاً عن حوريته ومن حسن حظه انها كانت تعرف صاحبته فأخذته إليها، وهناك التقى الحبيبان وعاشا عيشاً رغيداً في قصر حوريته، وفي أحد الأيام كان يطوف في القصر فشاهد حجراً ضخماً يغطي فوهة تشبه فوهة البركان، كانت زوجته قد حذرته من الاقتراب منها لكنه رفع الحجر بداعي الفضول وأطل برأسه من الفوهة فرأى والدته وقد ابيضت عيناها تماماً من كثرة البكاء وقد كانت تمسك بخروف العيد وهي تنتحب وتبكي ابنها الذي تمنت لو كان معها ليذبحه لها ويحتفل معها بالعيد، وهنا لم يستطع حمو أن يتحمل الحزن الشديد الذي ألحقه بوالدته فألقى بنفسه من الفوهة من شدة اشتياقه إلى أمه، لكن الريح مزقت جسده قبل أن يصل إليها ولم يصل إلى الأرض منه سوى قطرتي دم: إحداهما سقطت على الخروف فذبحته، والأخرى في عين والدته فعادت مبصرة." هل لاحظتم الدراما؟ (وهي طابع لقصص الحب الشرقية) هل لاحظتم أن الحكاية تستلهم بعض تفاصيل قصةالنبي يوسف والنبي إسماعيل عليهما السلام؟ (فرأى والدته وقد ابيضت عيناها من كثرة البكاء.... وقد كانت تمسك بخروف العيد الذي تمنت أن يذبحه ابنها). وتركز حكاية "الرجل الذي لم يكن يريد شيئاً" وهي من التراث الهندي، بكل كثافة على المفارقة الغريبة التي تتكرر في حياة الحطاب الفقير "والي داد" والتي ترمز في طياتها إلى الألم الشرقي القديم من الحقيقة الازلية المستمرة والتي تنص أن الأغنياء يزداد غناهم دائماً وأن الفقراء يزدادون فقراً.
أما حكاية "لماذا يهدر البحر؟" وهي من التراث البرازيلي، فهي أقصوصة جميلة في غاية الرقة والحزن والجمال والشفافية.. تبدو أشبه في أناقتها وجمال تفاصيلها الناعمة، بالآنية الصينية من السيراميك والبورسلين. تذكرت هذه المقطوعة الموسيقية الحبيبة لدى انتهائي من قراءة حكاية "الرجل الذي لم يكن يريد شيئاً "وحكاية "لماذا يهدر البحر؟" http://www.youtube.com/watch?v=Z_na43... شكراً عائشة الكعبي لاختيار هذه الحكايات، وشكراً للترجمة الأمينة، شكراً لاختيار الكلمات الصحيحة في مكانها المناسب. ولعل القراء سيشعرون بأمانة الترجمة إذ أن الكعبي لا تتدخل في سير الأحداث ولا تقوم بالتعليق عليها، ولهذا حافظت هذه "الحكايات الشعبية" على بساطتها الأصلية الباهرة وتدفقها العفوي. ورغم أن الكعبي تكتب القصة القصيرة إلا أنها استطاعت أن تترك مسافة لا بأس بها بين تقنيات القصة القصيرة التي تشكل جزءاً من حرفتها، وبين الترجمة الدقيقة لحكايات الشعوب في هذا الكتاب. كتاب "العالم يحكي.. حكايات من التراث العالمي" صادر عن دار اقرأني الإماراتية في 79 صفحة من القطع المتوسط.
أسلوب عائشة الكعبي في السرد يعطي لكل حكاية هويتها كقاصة ويلبس القصص ثوبا من الأصالة على الرغم من أن الحكايات كلها من التراث العالمي. ستجد في بعض القصص ما يدعو للدهشة حول عالمية التجربة الإنسانية وبعضها بخصوصية البلاد التي أتت منها. ١٢ قصة قصيرة بأسلوب سلس سهل ممتنع تستحق القراءة
(12حكاية) من التراث العالمي ،". قدمتها ،(المترجمة / القاصة )، بشكل جميل. ولعل أجمل الكتب هو ما يقدم لك المتعة الفنية في شكل أدبي متكامل من حيث اللغة والقيمة الأدبية ، وجودة الإخراج. عائشة الكعبي أستاذة ترجمة وتستحق القراءة . كتاب أنصح به .
العالم يحكي عبارة عن عدة حكايات منتقاه من التراث العالمي للشعوب. أسلوب وطريقة السرد ذكرني بفيلم الكارتون الرائع "حكايات عالمية" ومسلسل "كان يامكان" الجميل. للباحث عن عوالم الطفل بداخله، أنصح بقراءة هذه الحكايات الجميلة للتعرف على تراث وثقافة الشعوب من حولك.
وتأتي أهمية هذا الكتاب "العالم يحكي ـ حكايات من التراث العالمي" من كون المترجمة هي أصلا من مبدعات القصة اللواتي لفتت منجزاتهن الإبداعية العديد من النقاد العرب في الإمارات، وهي أيضا ابنة مجتمع عامرة ذاكرته بحكايات الأدب الشعبي الزاخرة بالخيال والمتعة وصراع الخير والشر. لذلك كله، تسلّحت عائشة بإتقانها اللغة الإنجليزية في أبعادها الأدبية، وإتقانها اللغة العربية بصفتها اللغة الأم ولغة الثقافة والحوار الثقافي في مجتمعها الإماراتي، وبخبرتها في التعامل مع ألوان المعاني وانزياحاتها ومراميها البلاغية في الآداب الشعبية التي تترجم عنها. وقد أكّدت لي أنها لم تقم بترجمة الحكايات الواردة في هذا الكتاب ترجمة حرفية، بل إنها قرأتها مرات عديدة إلى أن استوعبت فضاءاتها ومدلولاتها ثم أعادت صياغتها بأسلوبها الإبداعي الشخصي من دون أن تبتعد عن جوهر المبنى والمعنى في النصوص الأصلية ..عياش يحياوي