السندباد البحري حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة المشهورة ولكن الكاتب الكبير الأستاذ ألفريد فرج يعالجها بشكل جديد تماما فهي عنده ليست مجرد قصة مغامرات في البحر وإنما قصة حياة كاملة في البر والبحر قصة حب وقلق وبحث عن المصير فهي بذلك قصة حياة وجدانية للناس في عصر المغامرات البحرية الكبيرة.
ماذا عساني أن أقول عن واحدة من أشهر قصص ألف ليلة و ليلة؟؟ بالقطع لا أستطيع أن أنتقد مثل هذه المتعة الخيالية..
كنت و لازلت و سأظل معجبا بكل ما هو متعلق بألف ليلة و ليلة.. تلك القصص التي وصلت لقمة الخيال في التاريخ الإنساني.. أراها أفضل حتى من كل تلك الأساطير الإغريقية و الاسكندنافية.. إنها تخترق النفس البشرية و تشرحها .. أبطالها ليسوا مجرد أفراد يحاربون القدر.. لكنهم يحاربون كل شيء.. الزمن.. الطبيعة.. رغباتهم الذاتية.. بشر لديهم أمجادهم و إحباطتهم.. بشر يلجأون إلى رحلات طويلة في داخل النفس و في الخارج للكون من أجل اكتشاف حقيقة أنفسهم
ألفريد يقتبس السندباد من ألف ليلة و ليلة و لكنه يملأ بعض الفراغات ليحكي لنا قصة الحب و الكره.. الغضب و الحلم.. التسرع و الحكمة.. الخير و الشر.. قصة الانسان في أي وقت و في أي مكان.. الإنسان الذي يفعل المستحيل للبقاء على قيد الحياة حتى لو كان هذا المستحيل هو قتل شخص آخر.. نفس الإنسان الذي يري رفاقه يموتون من حوله فيأخذ ممتلكاتهم و يسبح في محيط مجهول حتى يصل لعائلتهم و يسلمها ممتلكات الراحلين.. نفس الشخص الذي يذوب عشقا في فتاة و يهرب بسبب عدم قدرته في الحصول عليها... هو نفس الشخص الذي يستطيع أن يحصل عليها و يمل الحيا ة معاها...
إنه فقط إنسان طبيعي... ينتقل من حالة إلى حالة طوال الوقت.. الحقد .. التعاون.. الانتقام.. الرحمة.. الغضب.. الحكمة.. الحب.. الكره.. لا توجد حقيقة ثابتة في نفسه.. إنه ليس بخير كله و ليس بشر كله.. إنها رحلة طويلة للسندباد حتى يدرك حقيقة وجوده و الهدف من حياته في هذا الكون.. رحلة طويلة شاقة ليدرك من خلالها ما يفتقده فعلا في حياته.. ليتعلم الحقيقة عن الكون.. إنها رحلة أتمنى أن أقوم بها و أصل لنهايتها يوما ما ..