Jump to ratings and reviews
Rate this book

ديوان زهير بن أبي سلمى

Rate this book
The Poetry Of Zuhair Abi Salmai in the Arabic Language.

82 pages, Hardcover

First published January 1, 2005

23 people are currently reading
336 people want to read

About the author

زهير بن أبي سلمى

4 books44 followers
هو زهير بن أبي سُلمى المزني
حكيم الشعراء في الجاهلية وفي أئمة الأدب من يفضّله على شعراء العرب كافة. قال ابن الأعرابي: كان لزهير من الشعر ما لم يكن لغيره: كان أبوه شاعراً، وخاله شاعراً، وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب وبجير شاعرين، وأخته الخنساء شاعرة. ولد في بلاد مُزَينة بنواحي المدينة المنورة وكان يقيم في الحاجر (من ديار نجد)، واستمر بنوه فيه بعد الإسلام.
أقوال عنه

قيل كان ينظم القصيدة في شهر, ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تسمى الحوليات
إنه، كما قال التبريزي، أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء، وإنما اختلف في تقديم أحد الثلاثة على صاحبيه، والآخران هما امرؤ القيس والنابغة الذبياني.
وقال الذين فضّلوا زهيراً: زهير أشعر أهل الجاهلية، روى هذا الحديث عكرمة عن أبيه جرير. وإلى مثل هذا الرأي ذهب العباس بن الأحنف حين قال، وقد سئل عن أشعر الشعراء. وقد علّل العبّاس ما عناه بقوله: ألقى زهير عن المادحين فضول الكلام كمثل قوله:
فما يَكُ من خيرٍ أتوه فإنّما توارثه آباء آبائهم قبْل
وكان عمر بن الخطاب شديد الإعجاب بزهير، أكد هذا ابن عباس إذ قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في أول غزاة غزاها فقال لي: أنشدني لشاعر الشعراء، قلت: "ومن هو يا أمير المؤمنين؟" قال: ابن أبي سلمى، قلت: وبم صار كذلك؟ قال: لا يتبع حوشي الكلام ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلا ما يعرف ولا يمتدح أحداً إلا بما فيه".
وأيّد هذا الرأي كثرة بينهم عثمان بن عفان، وعبد الملك بن مروان، وآخرون

واتفقوا على أنّ زهيراً صاحب "أمدح بيت... وأصدق بيت... وأبين بيت".
فالأمدح قوله:

تراهُ إذا ما جئْتَه مُتَهَلِّلا كأنَّك تُعطيه الذي أنتَ سائلُهْ
والأصدق قوله:

ومهما تكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ وإنْ خَالَها تَخْفي على الناس تُعْلَمِ
وأما ما هو أبين فقوله يرسم حدود الحق:

فإنّ الحقّ مقطعُه ثلاثٌ يمينٌ أو نفارُ أو جلاءُ
قال بعضهم معلّقاً: لو أن زهيراً نظر في رسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري ما زاد على قوله المشار إليه، ولعلّ محمد بن سلاّم أحاط إحاطة حسنة بخصائص شاعرية زهير حين قال: "من قدّم زهيراً احتجّ بأنه كان أحسنهم شعراً وأبعدهم من سخف، وأجمعهم لكثير من المعاني في قليل من الألفاظ، وأشدّهم مبالغة في المدح، وأكثرهم أمثالاً في شعره". وسنورد لاحقاً جملة أخرى في مثل هذه الخصائص التي تطالعنا بها أشعاره والتي تكشف عن أهمية شعره وقيمته.
[عدل]من حياته وشعره

كانت ولادة زهير في بني غطفان. وبين هؤلاء القوم نشأ وترعرع. ومنهم تزوّج مرّتين. في الأولى تزوّج أم أوفى التي يذكرها في مطلع معلقته:
أمِن أمّ أَوفى دمنةٌ لمْ تكلّم بحوْمانَةِ الدرّاج فالمتثلّم
وبعد طلاقه أم أوفى بسبب موت أولاده منها، اقترن زهير بكبشة بنت عمّار الغطفانية ورزق منها بولديه الشاعرين كعب وبجير.
لكن زهيراً- كما يفهم من حديثه وأهل بيته- كان من مزينة- وما غطفان إلا جيرانهم، وقِدْماً ولدتهم بنو مرّة وفي الأغاني حديث زهير في هذا الشأن رواه ابن الأعرابي وأبو عمرو الشيباني، ولم نر ضرورة إثباته.

ولعلّ البارز في سيرة زهير وأخباره تأصّله في الشاعرية: فقد ورث الشعر عن أبيه وخاله وزوج أمه أوس بن حجر.
ولزهير أختان هما الخنساء وسلمى وكانتا أيضاً شاعرتين. وأورث زهير شاعريته لابنيه كعب وبجير، والعديد من أحفاده وأبناء حفدته. فمن أحفاده عقبة المضرّب وسعيد الشاعران، ومن أبناء الحفدة الشعراء عمرو بن سعيد والعوّام ابنا عقبة المضرّب..
ويطول الكلام في وراثة زهير الشعر وتوريثه إياه. يكفي في هذا المجال الحوار بينه وبين خال أبيه بشامة بن الغدير الذي قال حين سأله زهير قسمة من ماله: "يا ابن أختي، لقد قسمت لك أفضل ذلك وأجزله" قال: "ما هو؟"، قال: شعري ورثتنيه". فقال له زهير: "الشعر شيء ما قلته فكيف تعتدّ به عليّ؟"، فقال له بشامة: "ومن أين جئت بهذا الشعر؟ لعلك ترى أنّك جئت به من مزينة؟ وقد علمت العرب أن حصاتها وعين مائها في الشعر لهذا الحيّ من غطفان، ثم لي منهم وقد رويته عنّي".
فإذا تحوّلنا من شاعرية زهير إلى حياته وسيرته فأول ما يطالعنا من أخباره أنه كان من المعمّرين، بلغ في بعض الروايات نحوا من مئة عام. فقد استنتج المؤرخون من شعره الذي قاله في ظروف حرب داحس والغبراء أنه ولد في نحو السنة 530م. أما سنة وفاته فتراوحت بين سنة 611و 627م أي قبل بعثة النبيّ بقليل من الزمن، وذكرت الكتب أن زهيراً قصّ قبل موته على ذويه رؤيا كان رآها في منامه تنبأ بها بظهور الإسلام وأنه قال لولده: "إني لا اشكّ أنه كائن من خبر السماء بعدي شيء. فإن كان فتمسّكوا به، وسارعوا إليه".
[عدل]أخبار عنه

ومن الأخبار المتّصلة بتعمير زهير أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إليه "وله مائة سنة" فقال: اللهم أعذني من شيطانه"، فما لاك بيتاً حتى مات. وأقلّ الدلالات على عمره ا

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
39 (33%)
4 stars
40 (34%)
3 stars
29 (25%)
2 stars
6 (5%)
1 star
2 (1%)
Displaying 1 - 20 of 20 reviews
Profile Image for د.سيد (نصر برشومي).
343 reviews732 followers
April 9, 2025
مطلع المعلقة يا زهير سؤال وجود
لقد وضعت استهلال قصيدتك
بشاعرية جمالية خبيرة بالحياة
علامات تستخضر شخصية الرفيق، والأمكنة، لخط الرحلة
ام اوفى اسم شخصية
لكن الكلمات لها جذورها الاشتقاقية
أسماء الشخصيات لها دلالات
الوفاء الذي يصاحب الإنسان لكل ما هو مدين له
الوفاء للأهل
للبيت الأول
للجيران
لنبع الجمال
الذي منح الحب مرجعيته ومعناه
سيكون الوفاء للبدايات
لعالم التفتح
حومانة.. الدراج... المتثلم
أماكن ولكن لها دلالات
يحوم الناس حول الحقيقة والمكاسب والمجد والشهرة
الغذاء المادي والمعنوي
المدارج التي تقطعها الشخصيات في سبل الدنيا
مدقات بين الصخور والجبال
تصعد فيها الخطوات سعيا للمطالب
المتثلّم: النقص، الكسر، عدم الاكتمال مهما قارب سعينا القمم
هذه هي دلالات اسم الشخصية وأسماء الأماكن
استهلال رمزي جميل لقصيدة
تنتهي بالحكمة من حكيم شاهد على أزمة المجتمع القبلي
رجل مل ما يحدث من صراع بلا هدف
وقال كلمته على ستار العصور مستخلصا قانون فلسفة القوة
وكأن نيتشة ينظر إليه ويعيد قراءته
افتتاحية زهير
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
بحومانة الدراج فالمتثلم
70 reviews87 followers
March 20, 2016
أشعر أهل الجاهلية وأحكمهم ونابغة الشعر وبيانه ..
كان عمر بن الخطاب  شديد الإعجاب بزهير، أكد هذا أبن عباس إذ قال: خرجت مع عمر بن الخطاب  في أول غزوة غزاها فقال لي: أنشدني لشاعر الشعراء، قلت: "ومن هو يا أمير المؤمنين؟" قال: ابن أبي سُلمى، قلت: وبم صار كذلك؟ قال: لا يتبع حوشي الكلام ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلا ما يعرف ولا يمتدح أحداً إلا بما فيه". وأيّد هذا الرأي كثرة بينهم عثمان بن عفان وعبد الملك بن مروان وآخرون ..
Profile Image for محمد عبادة.
Author 28 books251 followers
September 17, 2015
ظللتُ منحازًا إلى امرئ القيس بين رفاقه الثلاثة النابغة والأعشى وزُهيرٍ منذُ بدأت علاقتي بتاريخ الشِّعر العربيّ وأنا أودّع طفولتي إلى صِبايَ ومراهقتي .. مازالت تروقُني بوهيميّة امرئ القيس ونزَقُه الذي لا يُنازَعُ وبكارةُ تعبيرِه الشِّعريِّ ..
لكنّني اكتشفتُ أنّ لزهيرٍ جِذرًا باسمِه بين جذور الشعرية العربية غيرَ منازَعٍ أيضا ..
المتأمل في قصيدة الرجل يرى شيئًا أهمَّ وأعمقَ من الاختزالِ الساذَجِ الذي تضمُّه المقولةُ الشهيرةُ: "وزُهيرُ إذا رَغِبَ" .. ذلك أنّ الرجُلَ يمثّلُ نموذجًا فريدًا في الحقيقةِ من الالتزام المبكر للشاعر/ الأديب بقضايا أمّتِه ..
وكيف ولا وهو قد وقفَ معلقتَه وهي أشهرُ ما كتب على مدح هرم بن سِنان والحارثِ بن عوفٍ لما بذلاه في سبيل الصلحِ بين عبسٍ وذبيان وحقن دماءِ القبيلتين على إثر ما جرى خلال حرب داحسٍ والغبراء؟
وكنتُ أنظرُ إلى مقولة سيّدي عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فيه: "لا يعاظلُ في الكلام ويتجنبُ حوشِيّه" بعينِ الاستخفافِ بعضَ الشيء، معلِّقًا بأنّ الشاعرَ بين كبار الصحابةِ كان أبابَكرٍ المثقفَ الموسوعِيَّ بمعايير عصره، وليس عمر .. لكنّي اكتشفتُ لمقولة عمر بن الخطاب وجاهةً لا تُجحَدُ كذلك .. زهيرٌ يبذرُ آثارَه في متلقّيه دون كُلفةِ مشقّةٍ بالفعل، كما أنه يحقق (أخلاقيةَ) العمل الفني بشكلٍ مباشرٍ دون أن يخرجَ العمل ممجوجا ..
زهيرُ جديرٌ بإعادة القراءة ..
فلنقرأهُ من جديد.
Profile Image for Huda Aweys.
Author 5 books1,454 followers
March 31, 2015
من اجمل و أغنى المعلقات التى اطلعت عليها الى الآن
شاعر حكيم يقطر لسانه حكمة و أدب
Profile Image for Nesrin  saad.
359 reviews43 followers
August 21, 2017
المعلقة و إلا ليت شعري كانتا الأجمل على الأطلاق
Profile Image for Afaf Ammar.
986 reviews577 followers
November 14, 2024
"وَأَبيَضَ فَيّاضٍ يَداهُ غَمامَةٌ
عَلى مُعتَفيهِ ما تُغِبُّ فَواضِلُه"

زهير بن أبي سُلمى ربيعة بن رباح المزني، أحد الثلاثة المقدمين على جميع الشعراء،
وصفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أشعر الشعراء،
وجدت شعره رصينًا، عذبًا، ومهذبًا
شعر رجل عربي حكيم، فصيح، شريف، تقي ومتعفف

"تَراهُ إِذا ما جئتهُ مُتَهَلِّلاً
كَأَنَّكَ مُعطيهِ الَّذي أَنتَ سائِلُه"
Profile Image for حسن.
191 reviews62 followers
July 29, 2021
فكرت كيف لي أن أكتب مراجعة لديوان، وليس أي ديوان، فلم أجد خيرا من أن أكتب شيئا من تأملاتي أو ملاحظاتي -سمّها ما شئت- على قصيدة (صحا القلب عن سلمى)، ولم أختر المعلقة؛ لأنها دائما هي أول ما يُذكر عند تناول شعر زهير فقد كثر الحديث عنها. وأشير قبل أن أبدأ إلى كون هذه مجرد ملاحظات وتأملات وتوقعات وحدس لم تكتب بعد بحث أو طول دراسة لذا يحتمل بل يتوقع منها الخطأ في كثير منها، كما أود أن أشير إلى أنه لا يُبعد تأثري بكلام أبي قيس محمد رشيد عامةً، ومقدمة شارح الديوان، والدكتور عبدالفتاح يوسف، ومراجعة نصر برشومي في هذا الموقع، وربما وُجد غير هذه الأربعة فما نظرة المرء إلا مجموع من المكتسبات.

تنتمي القصيدة إلى المدائح، كحال معظم قصائد الديوان، وأغلب هذه المدائح قيلت في هرم بن سنان، حتى أقسم هرم بن سنان ألا يسلم عليه زهير إلا أعطاه، فكان زهير إذا مر بقوم فيهم هرم يقول: عموا صباحًا غير هرم، وخيركم استثنيت. إلا أن هذه قيلت في حق حصن بن حذيفة بن بدر سيّد ذبيان الذي لم يخضع لعمرو بن هند على حساب إذلال قومه.

تنقسم القصيدة كعادة القصائد الجاهليّات إلى أقسام ثلاثة: النسيب[المحبوبة/الأطلال/الخمرة...إلخ]، الرحيل[وصف الناقة/وصف الفرس/رحلة الصيد/الثور الوحشي...إلخ]، موضوع القصيدة[مديح/هجاء/فخر...إلخ] وهو هنا المديح. ولا يعني هذا التقسيم بأن القصائد الجاهلية مفككة بل هو بناء يُكمل بعضه بعضا، كأن يبكي شاعرٌ أولًا على الأطلال ويشكو همّه الثقيل ثم يركب ناقته طالبا التسلية ومتجهًا بها إلى الممدوح ثم يمدحه، ألا ترى في هذا تكاملا واتصالا وإن كانت البداية أطلال والوسط ناقة والنهاية مديح؟ ويختلف المطلع الطللي حسب موضوع القصيدة ليكون متناسبا معها فيختلف من شاعر لشاعر وربما من قصيدة لقصيدة وإن بدت الفكرة واحدة، هنالك رابط بين أجزاء القصيدة وتناسب وإن خفي هذا على القارئ أحيانا أو وصل إليه بعد صعوبة وتنقيب. [راجع مثلا رأي أبي قيس محمد رشيد في العلاقة بين "أمن أم أوفى دمنة لم تكلم" و "لعمري لنعم الحي جر عليهم*بما لا يؤاتيهم حصين بن ضمضم" في المعلقة وفي مقدمة المعلقة وما بها من إسقاطات وعلاقتها ببقية القصيدة ومناسبتها ككل، وليست كل القصائد ترتبط بمثل هذا الرابط الذي يكاد يكون مخفيًا فبعضها يكون أكثر وضوحا].

تبدأ القصيدة بالنسيب وينقسم هذا النسيب هنا إلى ثلاثة أقسام، إذ يبدأ أولا بالحديث عن سلمى وصحيان القلب حيث يقول:
"صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله
وعُرّي أفراس الصِّبا ورواحله
وأقصرت عما تعلمين وسُدِّدت
عليّ سوى قصد السبيل معادله"
ويحق لنا السؤال هنا من سلمى؟ أو بشكل أدق: ما المقصود بسلمى؟ فبما أن هذه المقدمة تقليد فني فيجوز أن تحمل بعدًا آخر غير الظاهر، كمن فسّر (سعاد) في (بانت سعاد) بالدنيا، أو الحياة الجاهلية، أو السعادة التي بانت ويُأمل وصلها في يثرب. وعليه حق لنا التساؤل عن سلمى هنا، أهي السلامة من الذل؟ أم هي محبوبة حقيقية؟ أم هي شيء آخر؟

بعد هذا ينتقل للحديث عن متضادتي الشيب والشباب، ومثل هذه المقارنة بين الشيب والشباب وجريان الدهر كثير في الشعر الجاهلي لا أعرف علّته يقينا ولكن الإنسان في كل دهوره وعصوره مفجوءٌ بسرعة جريان الزمان. وفي آخر هذا الفصل من القصيدة يتحدث عن الأطلال العافية ويذكر عددا كبيرا من المواضع لا أدري إنْ كان لها اتصال مباشر مع مناسبة القصيدة كأن تكون هذه المواضع هي مواضع ديار أحد الخصمين عمرو بن هند فتكون كناية عن خسارته أو حصن بن جذيمة فتكون كناية عن حفظه لديار القبيلة مثلا أو غير ذلك، أو أنها ديار المحبوبة وقف عليها متذكرا وللأمر اتصاله بالشيب والشباب، أو حتى أنها مجرد تقليد فني متّبع فيكون شاعرنا قد بكى على الأطلال كما بكى ابن خذام. ويرى شارح الديوان أن ابن أبي سلمى لم يكن من الشعراء المتيّمين وإنما كان يتغزل متّبعًا التقليد السائد.

ينتهي هذا الفصل بقوله:
"وغيثٍ من الوسمي حوٍّ تِلاعه
أجابت روابيه النِّجا وهواطله"
ولعلّه قصد بذلك اندثار هذه الديار أو تبدّل معالمها بفعل عوامل الجو كالمطر. وقد لا يكون التبدل ماديا وإنما هو في الأحوال.

بالنسبة للفصل الثاني من القصيدة وهو فصل الرحيل ففيه وصف الفرس السريعة القوية، وفي الفصل أيضا حديث عن رحلة الصيد وما أرى جزء فصل الصيد في هذه القصيدة إلا تتمة لجزء فصل الفرس وإبراز صفاته. ولا تعليق على الأبيات نفسها عندي إلا أنني لابد أن أشير إلى أن الناظر في قصائد الجاهليين والمدقق في هذا الفصل تحديدا فصل الرحيل عندما يتأمل في أوصاف الإبل وأوصاف الخيول ليتعجب من هذه الدقة في الوصف، يتعجب من معرفة هؤلاء بعادات هذه المطايا وطباعها وأشكالها وحركاتها وسيرها وتشريحها حتى إنهم ليجعلون للناقة اسما حسب حالتها؛ فالهامل هي الإبل السائبة، والعرجاء تطلق على الإبل التي تشرب مرة صباحا ومرة مساء، والعيس هي الإبل البيضاء التي يخالط بياضها شقرة، وغير هذا، وأسماء لطرق سيرها فهنالك التبغيل، والإرقال، وغيرهما؛ لذلك كلّما قرأت وصف النوق في شعر الجاهليين ثم فهمته بعد لأي تذكّرت قول الله عزّ وجلّ:{أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت}.

أما الفصل الأخير فهو المديح، والمديح بالطبع يكون في الصفات التي تميّز صاحبها وترفعه في العصر الذي قيلت فيه القصيدة؛ لذلك قد تجد كثيرا من القصائد الجاهلية تتناول الممدوح من حيث كونه حليمًا أو قويًّا أو عزيزًا أو كريمًا أو غيرها من الأمور التي تميّز الإنسان وتكسبه مزيدا من القيمة عند الناس، ولهذا لا أظن من الصواب أن يُضعّف شعر لأنه مدح بمثل الصفات المعروفة التي طرقت في كثير من المدائح قبله؛ لأن المحاسن محدودة وإن كثُرت، وإنما العبرة بالأسلوب التي قيلت به الأبيات، بالصور، بالتراكيب...إلخ.

ومن الأمور اللافتة في القصيدة هو ذكر الماء في الفصول الثلاثة كلها، فهو يقول في الفصل الأول:
"وغيث من الوسمي حو تلاعه..."
ويقول في الثاني واصفًا سرعة الفرس:
"فتبَّع آثار الشياه وليدُنا
كشؤبوب غيثٍ يَحفِشُ الأُكْمَ وابلهْ"
ويقول يصف كرم الممدوح وكثرة عطاياه:
"ترى الجند والأعراب يغشون بابه
كما وَرَدت ماءَ الكُلابِ هوامِلُهْ"
فهل يكون الماء بصفتيه: خصوصيته في الإحياء وحاجة كل الناس إليه، بالإضافة إلى سرعة جريانه وقوّة تدميره هو الخيط الرفيع الواصل بين هذه الفصول الثلاثة؟

والقصيدة جميلة كلّها، وفصلها الأخير أجملها عندي، ربما بسبب سهولة ألفاظه خصوصا بالنسبة للفصلين السابقين، أو ربما بسبب الصورة البديعة التي رسمها زهير في وصف ممدوحه، ولا أريد أن أطيل فأذكر القصيدة كلها، أو أذكر الفصل الأخير كاملًا، ولكن سنتحدث عن بعض أبيات هذا الفصل الأخير.
يقول ابن أبي سلمى:
"أخي ثقة لا تُتلف الخمر ماله
ولكنّه قد يُهلك المال نائله

تراه إذا ما جئته مُتهللا
كأنك تعطيه الذي أنت سائله"
انظر كيف هو كرم الممدوح وبشره وسماحته حتى أنه قد يتلف ماله بكثرة عطاياه ولا يكون إلا متهللا متبسمًا إذا أعطى كأنه من نال لا من أعطى السائل.

ويقول:
"فلو لم يكن في كفّه غير نفسه
لجاد بها، فليتّق الله سائله"
فالممدوح هنا ليس كريمًا لمجرد أنه ذو يسار وإنما الكرم طبعه وسجيّته حتى أنه لو لم يملك إلا نفسه لما تورّع من أن يجود بها؛ لذا فليتّق الله سائله وليطلب المعقول فإن الممدوح لا يردُّ سائلا.

وهكذا يكمل ابن أبي سلمى بقيّة أبياته في مديح حصن، والمديح لم يقتصر على الكرم والسماحة وإنما تحدث عن رفعة نسب الممدوح، وحلمه، وقوّته، وإنما فضّلنا عدم نقل كل هذه الأبيات هنا؛ لكيلا نطيل أولا، ولأن ماذكرناه من أبيات قليلة احتوى صورًا بديعة هي عندي حقيقة بالتأمل، ولا يعني هذا أن بقية الأبيات خلت من هذا ولكن ذكرت هذه الأبيات لأنها أكثر مالفتني أثناء قراءة القصيدة.

القصيدة جميلة كلّها وكذلك الديوان، وهو ليس بالصعوبة التي قد يظنها من لم يلج لجاج الشعر الجاهلي بعد، ولكن على قارئ الشعر الجاهلي أن يلم ببعض الأمور قبل الخوض فيه، لعل من أهمها فكرة بنية القصيدة عندهم وطريقة التخلص والانتقال من قسم إلى آخر وعلاقة وارتباط الأبيات ببعضها، أما بالنسبة لصعوبة المفردات وبعض التراكيب فحلّها في حاشية الكتاب بالإضافة إلى قراءة الشروح أو الاستماع إليها إن وُجدت. لا أدعي أنني فهمت كل حرف من الديوان، بل فاتني الكثير لكنني استفدت منه واستمتعت، الشعر الجاهلي بحر غزير كلما مشيت فيه خطوة -وإنْ قصيرة- أو فهمت فيه فكرة -وإنْ بسيطة- وجدتني أعجب به أكثر فأكثر، ربما يقرأ المرء القصيدة مرات ومرات وفي كل مرة قد يفطن إلى معنى جديد أو فائدة جديدة لم يلاحظها في قراءته السابقة أو لم يفهمها قبل استماعه للشرح.

ملاحظة: لا يجب أن يفوّت أي قارئ لهذا الديوان الاستماع إلى شرح المعلقة، شخصيا استمعت إلى الشرح المختصر لأبي قيس محمد رشيد على معلقة زهير وقد استمتعت واستفدت كثيرا بهذا الشرح على اختصاره. وددت أن أستمع للشرح المطوّل إلا أنني لم أجده للأسف.

حسن
٢ يوليو ٢٠٢١م
Profile Image for ميقات الراجحي.
Author 6 books2,333 followers
March 14, 2016
عندما قرأت صبح الأعشى والأغاني ومعجم الأءباء للحموي وجدت الكثير من شعر زهير وأعجبتني قوة كلماته رغم صعوبة شعره لكنه راق لي جداً
Profile Image for Chaimae Driyae.
132 reviews5 followers
December 21, 2022
"ومن يَّكُ ذا فضلٍ فيَبخَلْ بفضلِهِ *** على قومِهِ يُستغنَ عنهُ ويُذمَمِ" أتممت حفظها وأحببتها جدا
Profile Image for Huda Ali.
130 reviews121 followers
Currently reading
June 8, 2020
فَلا تَكتُمُنَّ اللَهَ ما في نُفوسِكُم
لِيَخفى وَمَهما يُكتَمِ اللَهُ يَعلَمِ
يُؤَخَّر فَيوضَع في كِتابٍ فَيُدَّخَر
لِيَومِ الحِسابِ أَو يُعَجَّل فَيُنقَمِ
\\
سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش
ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ
رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب
تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ
وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ
وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَمي
وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ
يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ
وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ
عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَ
مِوَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ
يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ
وَمَن لا يَذُد عَن حَوضِهِ بِسِلاحِهِ
يُهَدَّم وَمَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ
وَمَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلقَها
وَلَو رامَ أَسبابَ السَماءِ بِسُلَّمِ
وَمَن يَعصِ أَطرافَ الزُجاجِ فَإِنَّهُ
يُطيعُ العَوالي رُكِّبَت كُلَّ لَهذَمِ
وَمَن يوفِ لا يُذمَم وَمَن يُفضِ قَلبُهُ
إِلى مُطمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمجَمِ
وَمَن يَغتَرِب يَحسِب عَدُوّاً صَديقَهُ
وَمَن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ
وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ
وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
وَمَن لا يَزَل يَستَحمِلُ الناسَ نَفسَهُ
وَلا يُغنِها يَوماً مِنَ الدَهرِ يُسأَمِ
Profile Image for هَديـل.
16 reviews7 followers
October 14, 2015
أحبّ زهير جدًا، وديوانه كان رفيق ممتاز.
Profile Image for Rahaf Sy.
122 reviews22 followers
August 18, 2017
أشعر أهل الجاهلية وأحكمهم ونابغة الشعر وبيانه ..
كان عمر بن الخطاب  شديد الإعجاب بزهير، أكد هذا أبن عباس إذ قال: خرجت مع عمر بن الخطاب  في أول غزوة غزاها فقال لي: أنشدني لشاعر الشعراء، قلت: "ومن هو يا أمير المؤمنين؟" قال: ابن أبي سُلمى، قلت: وبم صار كذلك؟ قال: لا يتبع حوشي الكلام ولا يعاظل في المنطق، ولا يقول إلا ما يعرف ولا يمتدح أحداً إلا بما فيه". وأيّد هذا الرأي كثرة بينهم عثمان بن عفان وعبد الملك بن مروان وآخرون ..
Profile Image for Abeer.
30 reviews1 follower
March 13, 2023
الوُدّ لا يخفى و إن أخفيتهُ
و البُغضُ تُبديهِ لك العينانِ
Profile Image for ميقات الراجحي.
Author 6 books2,333 followers
March 14, 2016
عندما قرأت صبح الأعشى والأغاني ومعجم الأءباء للحموي وجدت الكثير من شعر زهير وأعجبتني قوة كلماته رغم صعوبة شعره لكنه راق لي جداً
Profile Image for Bochra.
134 reviews9 followers
February 17, 2024
إنّه الشعر الجاهلي يا جماعة الصوت الأصيل للّغة العربيّة ... وهذا زهير بن أبي سلمى صوت العقل والحكمة وشعر الاتّزان الصادر عن رجل معمّر بدا له ما لم يبد لغيره من الجاهليين... هذه بعض الأبيات التي أحبّ أن أحفظها عن زهير:
فلو كان حمد يُخلد النّاس لم تمتْ*** ولكنّ حمد النّاس ليس بمخلد
ولكنّ منه باقياتٌ وراثة*** فأورث بنيك بعضها وتزوّد
تزوّد إلى يوم الممات فإنّه*** ولو كرِهَتْهُ النَّفْسُ آخرَ مَوْعد
***/////****
قومٌ أبوهم سنانُ حين تنسُبُهم*** طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
جنٌّ إذا فزِعوا إنسٌ إذا أمِنوا*** ممدرّدون بهاليلٌ إذا جَهدُوا
لو يُعْدَلون بوزن أو مكايلة *** مالوا برضوى ولم يُعدَل بهم أحدُ
***/////***
لو نال حيٌّ من الدّنيا بمنزلة*** وسط السّماء لنَالَتْ كفّه الأُفُقا
أخي ثقة لا تُتلِفُ الخمرُ ماله*** ولكنّه قد يُهلكُ المالَ نائلُه
تراهُ إذا ما جئْتَهُ متهلّلاً*** كأنّك تُعطيه الذي أنت سائِلُه
وذي نسَبٍ ناءٍ بعيدٍ وصَلْتَهُ**** بمالٍ وما يدري بأنّك واصِلُهْ
وذي نعمَةٍ تمّمتها وشكرْتَها *** وخَصْمٌ يكادُ يغلِبُ الحقَّ باطِلُهْ
دفعتَ بمعروفٍ من القَوْلِ صائبٍ*** إذا ما أضلّ النّاطقينَ مفاصلُهْ
وذي خَطَلٍ في القول يحسبُ أنّه*** مصيبٌ، فما يُلمِمْ به فهو قائله
عبأتَ لهُ حِلْمًا وأكّرمتَ غيرهُ *** وأعْرَضْتَ عنه وهو بادٍ مقاتله
صورة الحرب:
وما الحربُ إلاّ ما علمتم وذقتم*** وما هوَ عنها بالحديث المرجّمِ
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً *** وتضْرَ إذا ضرّيتموها فتضُرَمِ
فتعْرُكُكُمْ عرْكَ الرّحى بثِفالها*** وتَلْقَحْ كِشافًا ثمّ تُنْتَجْ فتُتْئِمِ
فتنتجْ لكم غِلْمانَ أشأمَ كلّهُمْ**** كأحْمَرِ عادٍ ثمّ تُرْضع فتفطِمِ
****///*****
سئمتُ تكاليف الحياة، ومن يعِشْ ***ثمانين حولاً لا أبا لك يسأمِ
أعلمُ ما في اليومِ والأمس قبلهُ*** ولكنّني عن علْمِ ما في غدٍ عَمِ
رأيت المنايا خبطَ عشواءَ من تُصبْ*** تُمِتْهُ من وتُخطئ يُعمَّرْ فيَهْرَمِ
ومن لم يُصانِع في أمورٍ كثيرة*** يضرّس بأنيابٍ ويوطأ بمنسَم
ومن يجعلِ المعروف من دون عرضِهِ*** يَفِرْهُ ومن لا يتّق الشّتمَ يُشْتَمِ
ومن يكُ ذا فضْلٍ فيبْخلْ بفضله*** على قومه يُسْتغنَ عنه ويُذْمَمِ
ومن يوفِ لا يُذمَم ومن يُهْدَ قلبُه**** إلى مطمئنّ البرِّ لا يتجمجمِ
ومن هَاب أسباب المنايا يَنَلْنَهُ **** وإن يرقَ أسباب السماء بسلّم
ومن يجعل المعروف في غير أهله*** يكُن حمده ذمّا عليه ويندم
***////****
ألا ليت شعري هل يرى النّاس ما أرى*** من الأمر أو يبدو لهم ما بدا ليَا؟
بدا ليَ أنّ الله حقٌّ فزادني *** إلى الحقّ تقوى الله ما كان باديا
بدا ليَ أنّ النّاس تفنى نُفوسهم*** وأموالهم ولا أرى الدّهر فانيا
أراني إذا ما بتُّ بتُّ على هوًى *** وإنّي إذا أصبحتُ أصبحتُ غاديا
Profile Image for Ahmed Al-Shauk.
63 reviews
Read
January 7, 2025
واعتنى بالديوان وشرحه حمدو طماس . يقول طماس : طبع ديوان زهير بن أبي سلمى مرات عديدة ، وجل هذه الطبعات اعتمد على نسخة برواية البصري الأصمعي . وإذا أردنا أن نستعرض ديوان زهير فإننا نجد أغراض الشعر لديه تتناول موضوعات محددة كان جلها في المدح والنسيب والهجاء ووصف الصيد ، ويتخلل ذلك شيء من الحكم ووصف لمكارم الأخلاق .
Profile Image for إيم.
592 reviews14 followers
Read
January 1, 2022
عجيب انه ينقح شعره كثير وينتهي من القصيدة في سنة.
Displaying 1 - 20 of 20 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.