لا أقرأ الشعر ، عادة اسمعه مغنى و هذه حدود علاقتي مع "الشعر" الذي تغير شكله كثيرا في الفترة الأخيرة. و رغم أن أحسب نفسي متذوق جيد له بنوعه الغنائي، إلا أنه ليس من السهل أن تستسيغني مجموعة شعرية ما. بيد أن القدمين العاريتين "أثارتني" نوعا ما.
سأحاول قدر الامكان الابتعاد عن المجاملة، ولأني أريد أن أكون منصفا وجدت نفسي أبحث عن تبرير لتقبلي إلى شذرات منى الصفار كإضافة مفيدة إلى القارئ بخلاف "الهراء" الذي عادة ما نجده فيمن يعتبرون أنفسهم شعراء حداثيين.
أتوقع ، و أقول أتوقع لأني لست ناقد ولست حتى قارئ للشعر .. وبالتالي ما أقوله شعور و توقع قد يصيب أو يخطئ. و توقعي أن تميز النصوص التي وردت في المجمموعة كان في تأطير الصور الخيالية في إطار يمكن للعقل البشري تصوره و تخيله، إذ رغم خروجه عن المألوف و المعقول كان من الممكن أن نتلمس إحساس من "أوقعوا قلوبهم من جيوبهم الخلفية" و "أنتظروا الحب من نافذة"
ثمة ربط مقنع بين قبلة في الفم و تمتمة صلاة ، ثمة حجج دامغة في سطور قصيرة تحمل في طيها تجربة كاملة ذات شعور وقيمة و معنى استطاعت منى الصفار إيصالها بتراكيب لغوية نجحت في عدم الوقوع بخطأ "صفها صفا عبطيا كما يفعل البعض" وبالتالي قدمتها في هيئة قريبة للقلب.
نصوص شديدة التكثيف، خاطفة، ولكن من غير أن تتخلى الشاعرة عن جماليات اللغة، بلاغاتها، مجازاتها، حساسية الجملة الشعرية ورهافتها، استمتعتُ كثيراً بالقراءة وكأني أتجول في حديقة من أشجار الشعر.
وأيضا ؟
لا يمكنني تجاهل تمكّنها من إدهاش القاريء، وهي سر افتتاني بهذا الكتاب القصير الذي كومضة برق.
أحفظُ قلبي عن أكفِّ العابثين وقد يقع مني متثاقلا لن أمنحه مساحة للسقوط
كان قلبها بمثابه الوادي المقدس طوى فلابد لنا حين ندخله من إن نخلع نعلينا ونتجول فيه على قدمين عاريتين فللقلب طقوسه التي لابد من اتباعها لنستمع لبوحه رائع رائع
النّصّ المشظّى الأقرب للشذرات منه لنص واحد، أظن أنه لا يراد له أن يصنّف منذ المقام الأول، ولا أن يلمّ بين دفتي كتاب أصلا؛ يخرج أشبه بما قد خرج، صورًا نافرة، منفردة، تشيّئ المشاعر ولا تؤنسنها، وإن كانت الصفار تطلّ صراحة من الخلف.
أحترم شجاعتها. ولكني لا أشعر أنّها وفّقت في تجربتها هذه.
كان لطيفًا ليغلب الملل داخلي، ويخرجني من زوبعة الثرثرة غير المجدية، من الوقت الذي لا يمرّ سريعًا .. أحببتُ غرابة الغلاف، مهضوم .. تمنيت لو أنني مضيتُ بعده بقلبٍ عارٍ نحو الورق.