يدرس الجزء الأول من كتابٍ "الدين والعلمانية في سايق تاريخيّ" (496 صفحة من القطع الكبير) للدكتور عزمي بشارة "الدين والتدين"، وهو في منزلة المقدّمة للجزءين الثاني والثالث اللذين يتناولان "العلمانية والعلمنة".
على خلاف ما هو شائع في اقتراح العناوين اللافتة للكتب التي تُعالج ثنائيّات المفاهيم الرائجة، "كالإسلام والديمقراطيّة" و"الإسلام والعلمانيّة" وكأنّها مفردات ذات معانٍ قائمة بذاتها، يقترح عزمي بشارة صيغةً أخرى لا تصبغ صيغة العنوان فقط، بل ما يستوجبه مضمون البحث من صيغٍ موافقة وملائمة للعنوان.
فعلى مستوى المضمون هذا، لا تكمن إشكاليّة البحث في الدين (كدينٍ بذاته)، بل في "أنماط التديّن"، وليس في هذا الأمر اجتهاد في اللّغة فحسب، بل جهد معرفيّ لمقاربة ما يجب مقاربته وإدراكه على مستوى التاريخ الفعليّ، أي على مستوى "ما جرى وما يجري" فعلًا في السياقات التاريخيّة لحالات تمثّل الدين، باعتبارها ظواهر اجتماعيّة، متغيّرة ومتبدّلة ومتحوّلة.
على أنّ أنماط التديّن كظواهر متحوّلة لا تنفصل أبدًا عن أنماط العلمنة المتداخلة معها كبنيةٍ قائمة بذاتها في مجتمعٍ ما. فالفرق بين أنماط التديّن في دولٍ ومجتمعات معيّنة، يتحدّد - كما يقول عزمي بشارة في مقدّمة كتابه "الدّين والعلمانيّة في سياقٍ تاريخيّ" - بنسبةٍ كبيرة، بأنماط العلمنة التي تمّت والتي تعرّض لها المجتمع، وكما أنّ أنماط العلمنة يتحدّد فعلها بدرجات التديّن وأنواعه.
مشروع عزمي بشارة في هذا الموضوع، مشروع معرفيّ تراكميّ، بدأ البحث فيه منذ عقدٍ ونصف ولا يزال الحفر والإغناء فيه قائمين تحت عنوانٍ واسع وعريض "الدّين والعلمانيّة في سياق تاريخيّ".
يصدر أوّل ثلاثة أجزاء من هذا المشروع حاملًا عنوانًا فرعيًّا هو "الدّين والتديّن" عمومًا. هذا الكتاب هو مقدّمة نظريّة للبحث. أمّا الجزءان الآخران فيجري العمل في إعدادهما تباعًا، وموضوع الثاني هو العلمنة في أوروبا، وقد شارف على الانتهاء، والثالث موضوعه نماذج عثمانيّة وعربيّة عن عمليّة العلمنة، وهو قيد الإعداد.
يتضمن الجزء الأوّل الذي صدر بعنوان فرعي "الدّين والتديّن" فصولًا خمسة. يعالج الأوّل العلاقة بين ما هو مقدّس وأسطوريّ ودينيّ وأخلاقيّ، معالجة جدليّة، ففي موضوعة علاقة الدين بالأخلاق، وهي العلاقة الأكثر تعقيدًا "يصعب فصل الدين عن طاعة ما يمليه، ولكن لا بدّ من التعامل معه (الدين) كظاهرة باتت مختلفة عن الأخلاق. في الفصل الثاني، يعالج المؤلّف مسألة التديّن من منطلق أنّ "الدين هو ظاهرة لا تقف وحدها من دون تديّن (..)، على أنّ التديّن بصفته ظاهرة اجتماعيّة لها دينامية تطوّر وحيّز دلالي واجتماعيّ كافٍ يسمح بوجود تديّن من دون إيمان". يتطرّق بشارة في الفصل الثالث إلى نقد محاولات دحض الدين (في نقد نقد الدين)، إذ يتطرّق بالتحديد إلى نقد محاولات دحض الدين التي يعدّها بعض المنظّرين العرب "جهدًا تنويريًّا تقدميًّا". في الفصل الرابع (تعريفات)، يتناول الباحث المحاولات المختلفة لفهم الدين، وتحديدات الدين والتديّن نظريًّا، ليصل إلى اعتبار جهد تعريق الدين وتحديده جهدًا علمانيًّا حتّى لو قام به باحثون غير علمانيّين، وإلى النتيجة التي تقول "إنّ فهمنا للدين يتغيّر بحسب العلمنة وأنّ أنماط التديّن في مجتمعٍ من المجتمعات تتأثّر بأنماط العلمنة التي تمرّ بها". الفصل الخامس وعنوانه "انتقال من مبحث الدين والتديّن إلى مبحث العلمانيّة" هو الجسر الواصل ما بين الجزء الأوّل والجزء الثاني من مشروع عزمي بشارة. وعنوان الجزء الثاني من الكتاب هو "العلمانيّة ونظريّة العلمنة". وبهذا يكون الفصل الخامس من الكتاب نتيجةً وبدايةً في الوقت نفسه، ومضمونه: قناعة أنّ الدين ظاهرة اجتماعيّة متغيّرة وقابلة للدرس (...)، إنّه "إنسانيّ وإرادوي واجتماعيّ ونسبيّ ومتنوّع"؛ والعلمانية ليست نظريّة علميّة، ولا تعني العقلانية بالضرورة، بل هي ثقافة وأيديولوجية تطوّرت تاريخيًّا، وتمخّض عنها نظريّة سوسيولوجية في فهم تطوّر المجتمعات كصيرورة من العلمنة". وهذا هو موضوع الجزء الثاني من الكتاب.
عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ورئيس مجلس أمناء معهد الدوحة للدراسات العليا. مفكر وباحث عربي معروف، نشر الدكتور عزمي بشارة مئات الأوراق والدراسات والبحوث في دوريات علمية بلغات مختلفة في الفكر السياسي والنظرية الاجتماعية والفلسفة، ومن أبرز مؤلفاته: المجتمع المدني: دراسة نقدية (1996)؛ في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي (2007)؛ الدين والعلمانية في سياق تاريخي (جزآن في ثلاثة مجلدات 2011-2013)؛ في الثورة والقابلية للثورة (2012)؛ الجيش والسياسة: إشكاليات نظرية ونماذج عربية (2017)؛ مقالة في الحرية (2016)؛ الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة (2017)؛ في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟ (2018)؛ تنظيم الدولة المكنى ’داعش‘: إطار عام ومساهمة نقدية في فهم الظاهرة (2018)؛ في الإجابة عن سؤال ما الشعبوية؟ (2019)؛ والانتقال الديمقراطي وإشكالياته: دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة (2020)، ومنها كتبٌ أصبحت مرجعيةً في مجالها.
كما أنجز بشارة عملًا تأريخيًا تحليليًا وتوثيقيًا للثورات العربية التي اندلعت في عام 2011، ونشره في ثلاثة كتب هي: الثورة التونسية المجيدة (2011)؛ سورية درب الآلام نحو الحرية: محاولة في التاريخ الراهن (2013)؛ ثورة مصر (في مجلدين 2014). تناولت هذه المؤلفات أسباب الثورة ومراحلها في تلك البلدان، وتعد مادةً مرجعيةً ضمن ما يُعرف بالتاريخ الراهن، لما احتوته من توثيق وسرد للتفاصيل اليومية لهذه الثورات مع بعدٍ تحليلي يربط السياقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكل ثورة في ما بينها.
Azmi Bishara is the General Director of the Arab Center for Research and Policy Studies (ACRPS). He is also the Chair of the Board of Trustees of the Doha Institute for Graduate Studies. A prominent Arab writer and scholar, Bishara has published numerous books and academic papers in political thought, social theory, and philosophy, in addition to several literary works, including: Civil Society: A Critical Study (1996); On the Arab Question: An Introduction to an Arab Democratic Statement (2007); Religion and Secularism in Historical Context (3 volumes 2011-2013); On Revolution and Susceptibility to Revolution (2012); The Army and Political Power in the Arab Context: Theoretical Problems (2017); Essay on Freedom (2016); Sect, Sectarianism, and Imagined Sects (2017); What is Salafism? (2018); The Islamic State of Iraq and the Levant (Daesh): A General Framework and Critical Contribution to Understanding the Phenomenon (2018); What is Populism? (2019) and Democratic Transition and its Problems: Theoretical Lessons from Arab Experiences (2020). Some of these works have become key references within their respective field.
As part of a wider project chronicling, documenting, and analyzing the Arab revolutions of 2011, Bishara has also published three key volumes: The Glorious Tunisian Revolution (2011); Syria's Via Dolorosa to Freedom: An Attempt at Contemporary History (2013) and The Great Egyptian Revolution (in two volumes) (2014). Each book deals with the revolution’s background, path, and different stages. In their narration and detail of the revolutions’ daily events, these volumes constitute a key reference in what is known as contemporary history along with an analytical component that interlinks the social, economic and political contexts of each revolution.
* مخلص الكتاب * حولت العلمانية موقفها الإيدولوجي من تحييد الدولة في شؤون الدين إلى موقف يقصي الدين من الحيز العام - العلمانية من علم أو من عالم ؟ الحقيقة أنها من عالم بمعنى المقابلة بين دين ودنيا وليس كما يريد البعض ربطها بالفكر العلمي - كان البطل في عمليات طرد البروتستانت من فرنسا والكاثوليك من بريطانيا وكل الأقليات الدينية الأخرى هو الدولة الوطنية وهي التي اسست للصراع اللاحق بين الكنيسة والدولة - فكرة العلمنة متعلقة ببناء الدولة الوطنية وهي عملية لم تجري بشكل محايد اخلاقيا - الدولة حاولت أن تسرق القداسة من الدين في مفهوم القومية والوطنية والشهادة ونصب الجندي المجهول - يجب أن ننتبه إلى أن العلمانية فيها دائما توتر في أنها تدعى علنا موقف محايد من الدين ولكنها تخفي تقديسها لقيم دنيوية بديلة قد تتحول لاحقا إلى دين جديد - مفهوم حق الملوك الإلهي في الحكم لم يكن من القرون لوسطى وإنما نشأ من بداية الحداثة - نشوء مفهوم حق الملوك الإلهي في الحكم ناجم عن صعود الدولة الوطنية وادعائها التواصل المباشر - لايوجد فكر عقلاني في العلوم الاجتماعية ليس لديه أساطير تأسس عليها - الثورة المجيدة في التاريخ البريطاني لاكانت ثورة ولاكانت مجيدة وسببها أن الملك كان يعتنق الكاثوليكية وأرادو الإتيان بملك بروتستانتي لذا فهي انقلاب ولايوجد أي بعد شعبي فيها - رسالة جون لوك في التسامح الذي تعتمد عليه كل العلمانية الأمريكية وصياغة دستور دولتهم يدعو للتسامح مع الفرق البروتستانتية المنشقة وليس مع الكاثوليك أو(الملحدين) الذين يصفهم بالكذب واللاأخلاقية وأصحاب الولاء المشبوه - الموقف الفرنسي الحاد من التعليم الديني كان بثأثير من الفيلسوف أوغست كونت الذي كان وزير التربية وقتها متأثرا فيه - النموذج الذي فرضت فيه علمانية متصلبة من النوع الفرنسي على جمهور متدين هو النموذج التركي فنشأت الحاجة للاستبداد - العدالة والتنمية التركية حينما وصلت للحكم انقذت البلاد من حكم قومي فاشي
قدمت له مراجعة وقراءة في 20 صفحة ستنشر قريبا في مجلة علمية محكمة.. وهنا سأذكر النقد فقط للاختصار
_الكتاب:الدين والعلمانية في سياق تاريخي(الجزء الأول). _المؤلف:د. عزمي بشارة . _ الناشر:المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة/بيروت. _ سنة النشر: الطبعة الأولى، 2013م. _ عدد الصفحات:496 صفحة من القطع الكبير.
انطلق المؤلف في هذا الكتاب من مستند علماني؛ حيث كان يضع حدود الدين ويفصله عن غيره من الظواهر، كما كان يتخذ من المنهج التحليلي والوصفي طريقا لإيصال هذه الفكرة، وقد نجح في ذلك. لقد استغربت أثناء تصفحي الأول للكتاب من تأخير فصل التعريفات كفصل رابع، ومع أنه كسر للنمط المعروف في التأليف إلا أن القارئ يفاجأ عند قراءته للكتاب بأن هذا الترتيب أكثر تميزا، بل ويجده الأفضل في البناء المنطقي والاستدلالي؛ حيث يكون قد اتضحت أمامه حدود الظاهرة والفرق بينها وبين الظواهر الأخرى، فيصبح أكثر استعدادا للخوض في التعريفات.
إن طريقة السرد المعرفي الكامل لأي كتاب يزيده قوة وإقناعا ويجعله أكثر حيادية، وأجد هذا الكتاب قد نجح في ذلك كثيرا عبر جميع فصوله عدا الفصل الثالث، فمع كوني مؤمنا إلا أن طريقة عرض المؤلف لهذا الفصل كانت تبدو غير حيادية، بل أجد المؤلف خالف شيئا من منهجه العلمي المعتاد حيث اتخذ موقفا استباقيا مضادا من الإلحاد، وباشر مناقشته والدفاع عن الأديان، مما جعله يظهر بمظهر مؤمن بالفكرة وحديثه يأتي للتأكيد لا تابعا للنتائج. وكنت أتمنى أن يتغير الوضع في المحور الثاني عند حديثه عن ماركس، فيتخذ منه طريقا لشرح فكرة الطرف الآخر، وبيان أهم استدلالاتها، ومن ثم ينقدها، لكن المؤلف اكتفى بذكر الفكرة العامة من أن الدين أداة للسيطرة، وباشر الرد عليها عبر الجزم بأن هذه الفكرة كانت ردة فعل من الكنيسة ونحوها. قد يرى البعض أن ذلك من حق المؤلف حيث أنه يطرح هذا الفصل في سياق الحديث عن الدين، وليس هناك حاجة في ذكر الطرفين، ولكني أرى أن هذا الكتاب جزء من مشروع يتحدث عن فكرة واحدة، هي الدين والعلمانية في سياقها التاريخي، وبما أن الإلحاد أحد الوجوه للعلمانية بحسب التاريخ، فأتوقع أنه كان من الأولى التوسع في ذكر وجهة النظر الأخرى لا الاكتفاء بدحضها دون تعريض لاستدلالاتها وشيء من قوتها، خصوصا وأن لها حضورا ملموسا نستطيع أن نطلق عليه ظاهرة. وتجاهله يخل بالفكرة قبل المنهج.
مع كل ذلك إلا أن هذا الكتاب سيضيف للمكتبة العربية مرجعا مهما، وأساسا معرفيا مميزا لكل باحث ومهتم في مثل هذا المجال، خصوصا وأنه يعتمد وينطلق من المصادر الأم لأهم الأفكار والموضوعات المطروحة (محاولا الرجوع للغاتها الأصلية، والمؤلفة بها). فتحية خالصة أقدمها للـدكتور: عزمي بشارة على جهوده وإضافاته القيمة والمتتابعة للمجتمع والمكتبة العربية.
الكتاب صعب جدا, فيه دراسات متعمقة للاسطورة والخرافة والعلاقة بين العلم والدين ، وشروحات طويلة لظاهرة التدين و نفصيل ودراسة لانماط التدين ، هذا الكتاب يحتاج للقراءة عدة مرات لانه مرجع في الحقيقة وليس كتاب عادي ، لابد من قراءته مرة اخري لتدوين بعض الملاحظات ...لا استطيع كتابة تعليق عليه
نستطيع عد هذا الكتاب على أنه مرجع وبحث حول أصول الدين والعلمانية، بالرغم من تركيزه حول فكرة الدين في هذا الجزء. صنفته على أنه مرجع لأن الكاتب يعتمد على أسلوب السرد العلمي المعمق المدعم بالأدلة والمقولات من المراجع الأم لكل موضوع يتم مناقشته. يأخذ بذلك الكاتب منحاً محايداً تجاه هذه الافكار، ويحاول ألا يدلي برأيه في شتى المواضع، وإنما يعرض الافكار بشكل موضوعي قدر الامكان. نجح عزمي بشارة في ايصال افكاره بموضوعية تامة برأيي، فيما عدا فصل واحد من هذا الكتاب، وهو الفصل الثالث، الذي كنت اتمنى ان يتم السرد فيه بقدر اكبر، ولكن قد أبرر ذلك بعدم اتساع المجال للاسهاب في كل المواضيع والنقاط بشكل كبير، وخصوصاً ان الاسهاب في هذا الفصل قد يحيد الكتاب عن مساره الاساسي، ولكن برأيي ان الاسهاب هنا كان سيدعم الكتاب اكثر، ليصل لمرحلة قريبة من الكمال في عرض الموضوع.
إن الجهد المبذول من عزمي بشارة للخروج بهذا المؤلف قد أعطاه درجة لا تقل في مستواها عن أهم الأعمال التي تحدثت عن العلمانية والعلمنة في العالم أجمع. فهذا العرض التاريخي المسهب والدقيق والمزود بالمصادر الرصينة وعرض تفاصيل نظريات بشارة نفسه في الدين والتدين والايمان والظواهر الدينية والطقوس والمقدس وغير المقدس والعلمنة والعلمانية والربوبية والالحادية أنتج مؤلفا عائلا في محتواه وأبعاده الفكرية ويستحق أن يقرأ ويدرس أيضا في كل كلية من كليات العلوم السياسية العربية. يعتبر هذا الجزء مقدمة لما سيليه من تفصيل للعلمنة والعلمانية ونظرياتها وتطبيقاتها.
هذا الكتاب هو مشروع مكتمل فلسفيا وسوسولوجيا حيث يمس اعقد المواضيع الفكرية في العالم العربي الدين والعلمانية حيث يقدم نظرية مكتملة تحلل الظاهرة الدينية من الايمان والسحر والاسطورة والتدين والاخلاق بالفصول الاولى ويقدم نقدا لنقد الدين وخاصة كارل ماركس وايمانويل كانط وهيغل وماكس فيبر. حيث يختم بالتعريفات التي كانت من المفروض ان تكون في البداية. لكنه يعتبر ان هذا التعريفات غير مهمهة في مثل هذا البحث. اخيرا هذاالكتاب من اميز الكتب الفكرية التي الفها المفكرون العرب وخاصة في موضوع الدين والعلمانية
هذا الكتاب ليس لاجل الشخص الذي يبحث عن شرح العلمانية و الدين بطريقة مبسطة لان بشارة ابحر بنا في محيط من النقاشات و النظريات الخاصة بهذا الشأن مما يجعلك تشعر بحالة من الضياع في بعض الاحيان او الشعور بانك لم تكن صاغياً بما فيه الكفاية
بكل الاحوال، عزمي لم يبخل بالمعلومات في هذا الجزء من كتابه الرائع.
و هذه نبذة بسيطة منه:
"لا شك في ان تطور العلم و المعرفة يضعف الايمان الذي كان قائما في مجالات محددة كان الانسان يعتبر معارفه في شأنها معارف يقينية ايمانية الطابع. هنا يغير العلم مجال الايمان، تضييقاً و توسيعاً، لكنه لا يغير طبيعة الايمان باعتباره ايماناًلا يثبته العلم و لا يدحضه. يصاغ الايمان في عقيدة تعززه تجربة دينية في التفاعل مع المقدس و تزعزعه بيئة المعارف الجديدة من دون ان تدحضه علمياً."
كتاب آخر مع عزمي بشارة، و أعتقد أني لم أقرا كتاب بهذا القدر و الإلمام و التناول الموضوعي التاريخي لظاهرة الدين و القَداسة في إطار الفكر الإنساني من قبل، و تفاعل هذا مع عملية القَلنة أو العَلمنة التي صار دلالة أو جسر لعملية التحديث للمجتمعات، لكن العَلمنة كما يَطرح هذا الكتاب ليس مرادف للعقلنة حيث تبقي مجالات علمانية كثيرة نزدهر فيها تجربة المقدس و تتواصل فيها ممارسات طقوس و شعائر جماعية شبه دينية في ظلها، و انفعالات عاطفية تصل الي الشعور الديني في الانتماء لها، يأتي الطرح الديني لشعور الإنسان بالاغتراب الوجودي نتيجة فصله عن الطبيعة الموحشة فعلي رغم من روعة الوجود و تجربته إلا أن الحياة اليومية لا تشكل إجابة كافية عنه و الدين و الفلسفة يجيبان عن أمر ما أكثر شمولية يمكن يملأ وجود الإنسان معني و غاية، والفلسفة تتبني نهجان، أحدهم تحليل خالي من البعد الديني و الثاني هي التي تخرج من الإنسان نحو الخارج و تقع في اطار العدمية، أي أنها لا تجد معني خارج حياة الإنسان نحو الخارج و تصبح العدمية فلسفة يصبح انعدام المعني هو المعني، أما من يجد معني في الانسجام مع الإنسانية فهو يثبتها مكان الله، و نجد تلك النزعة في فلسفات كثيرة كما عند كانت و حتي في نظرية العدالة عند جون رولز ووجودية سارتر و غيرهم.
و هذا لعل اعتبار الدين نوعًا من فلسفة بدائية، أو نظريات معرفة بدائية هو من مخلّفات العلمويّة الموروثة من مرحلة التنوير الأولي، و سيادة عقيدة التقدم من القرن التاسع عشر، التي تخلط ما بين نظامي المعرفة الدينية و المعرفة العلمية، لا بالمعني الفلسفي الكلي، بل هي أساسا تجربة وجدانية كلية تصاغ لاحقا في جمل إيمانية و معرفية، و هي تبقي دوما في طور التعريف، و هذا ما يجعل منها تجربة تتكون باستمرار، لا تجربة مكونة ناجزة، و تتميز التجربة الدينية الوجودية من التدين الذي بختزل إلي يومية نمطية.
تتميز التجربة الدينية في أنها توجه نحو اللانهائي، أو المطلق الذي يتجاوز الواقع الملموس، و بهذا تشترك في التجربة الفنية أيضا، و نري أن اجتماع العناصر الأربعة أعلاه يقربنا في فهم ما يميز التجربة الدينية و لا يختزلها، فهي ظاهرة متغير التسمية و التعريف تاريخيا. و بهذا يتوصل الكتاب أن الدين صيغة معرفية، يكمن في جوهره ليس منظومة معرفية، و هو في بعض تمظهراته أنه يقدم لحامله تفسيرا معينا للعالم يقوم علي الميثولوجيا، و لا شك في أنه وجدت دوما تفسيرات دينية للكون و للبيئة الاجتماعية، أي كان تعريف هذا الجوهر، و الدين ظاهرة لا يحيا علي الجوهر وحده، ففي الحداثة مثلا يتخذ الدين وظيفة منح المعني و الهوية و الانتماء في قطاعات من السكان، إضافة إلي وظائفه الأخري، و لا يمنح في قطاعات أخري، و هي وظيفة لا تقتصر عليه، لكنه ينافس عليها مجالات أخري ايضا مثل علم النفس أيضا.
و ما تتميز به التجربة الدينية هي الميثولوجيا الأقرب إلي التجارب مع بعض الحاجات الإنسان الأولية إنسانية للدين، و تقصد حاجات مثل تتجاوز الغربة الإنسانية من عالم أصم خالِ من أي مبدأ يفسره، و من ظواهر لا يفقه لها معني، و لتجاوز الخوف من الموت و انعدام المعني، و كلها حاجات تجيب عنها بداية الأبعاد الميثولوجية التي ترسب في الديانات و العقائد، و تمنح وظيفة الأسطورة التفسيرية عزاة لمعني الموت، و لمعني الكوارث و المصائب التي تحل بالإنسان. و للأسطورة منطق و طريقة و يأتي الطقس الشعائري لتكرار الأسطورة فالخمر من يد الكاهن بعد القداس، و هي ترمز لجسد المسيح و دمه، و هي بدورها تضرب في التراث الأسطوري التموزي المتوسطي و دمه هو النبيذ، وتموز هو المسيح، و علي عكس تموز الذي ينبعث من دورة الطبيعة و ينبعث المسيح من دورة الروح.
و لهذا لم يتم النظر للدين علي أنه خرافات عند إميل دوركهايم أو كارل ماركس أو ماكس فيبر و جورج زيمل و أوغست كونت بل أنه عنصر اجتماعي دمجي أساسي في التحولات السريعة الجارية في أوروبا، أنه يساهم في بلورة الجماعات البشرة و تماسكها، و علي رغب تنبأهم بانحسار دور الدين هذا ما حصل عكسه في القرن الحادي و العشرين.
استنتج فيبر في البلدان التي نشأت فيها الرأسمالية أن نمطًا معينًا من البروتستانية المتحدرة من الكالفانية و القائمة علي أخلاقيات التقشف و الشهور بالواجب باعتباره جزءًا من العبادة، و ساهم في التشجيع نشوء الرأسمالية، و ناقش تأثير الثقافة يشكل عام في السلوك الاقتصاد فأكد دور الدين و الجماعات الدينية تحديدًا في وضع دوافع و للدقة محركات السلوك الناس العملي.
و يضف دوركهايم إلي أن الدين عبارة عن تسامِ للجماعة من أجل إعادة إنتاجها باعتبارها حالة من الوحدة و أنها تتشارك نفس المصير و تسلك نفس حركة التاريخ. و للدين وظيفة اجتماعية لا تقدر عليها الأطروحات العلمانية في أنها تعطي الدعم العاطفي و المصالحة مع المحيط و المصير و منح المعني و العزاء للفشل و الشعر بالذنب، و نقطة ارتكاز مطلقة في مراحل التقلبات النفسية و العاصفة، و للشعائر المشتركة شعور فردي بالانتماء إلي ما يربط الماضي بالحاضر و المستقبل ، فتمنح الفرد هوية و معني، و يجعل الكون مهما للفرد، و يكتسب الإنسان بين الولادة و الموت معني و أهمية و يرافق الدين مراحل نشوء الفرد و بلوغه و يساهم في بناء تلك الشخصية أيضًا. لهذا تحول الدين إلي أيديولوجيا عندما تسرب فهمه الوظيفي إلي صانعي الأيدولوجيات، و إن كان الدين المؤسسة المجتمعية للمقدس بإعادة انتاج الوعي الجمعي للبني الجمعية أيضا، فإن الشعائر و الطقوس هي آلية إدارة المقدس بإعتباره الواسطة بين العادي و المقدس، و انتاج عضويته و تجديد حيويتها أيضا. و لإدراك أهمية الجماعة و الطبيعة القدسية الكلامية نجدها في رسالة بولس " أنتم شعب المسيح، أنتم نسل مختار، كهنوت ملكي، أمة مقدسة، و شعب اصطفاه الله لإعلان فضائله" و من الضروري التذكير بأن وجودة مؤسسة دينية مبلورة وواضحة المعالم و الحدود يسهل من عملية ارتباطها و إخضاعها للدولة، و أن عدم مركزية المؤسسة الدينية إلإسلامية، و عدم وضوح شكلها قد صعب علي الدولة تنظيم العلاقة معها و مأسستها، و صعب بالتالي إخضاعها لها، مما جعل حالة من الاشتباك و التشابك في آن واحد بين المجال الشرعي و السياسي.
يتطرق الكتاب أيضا إلي مفهوم الأخلاق و عقلنتها ، و هل للأخلاق أصل مطلق أو يمكن ايجاد منظومة أخلاقية دون وجود أصل مطلق كتشاريع حمورابي، أو وجود دين دون منظومة أخلاقية كآلهة الأوليمب مثلًا، و يتبين الكاتب أن الاحتمالين واردين، و أن الأخلاق يمكن أن تتواجد بمنأي عن دين أو نزعة مطلقة و الدين كذلك يمكن أن يتواجد دون منظومة أخلاقية.
الكتاب فيه الكثير من الفصول و الموضوعات و يتطلب قراءة متأنية و اطلاع و المام بسيط ببعض المصطلحات الفلسفية.
أظن أن بشارة ليس مضطراً أن يكتب بهذه اللغة الصعبة والشاقة، إذ يذهب جل وقت القارئ في تحليل الألفاظ وليس الأفكار، مقدمة متعبة جداً، مع كونك ستلتقط بعض الأفكار الجيدة، في مقابل أفكار نختلف فيها مع الكاتب تماماً، أرى أن بشارة يعوّم أحياناً في تنظيره، وأحياناً أخرى يعطي أمثلة تدل على صحة رأيه، في حالة التعويم والغموض أشك في صفاء الفكرة تماماً لدى كاتبها .
عزمي بشارة تناول موضوع الدين كظاهرة اجتماعية ، وكان النقد الموجه ليس لذات الدين ولكن لانماط التدين والمقدس وتداخل الاساطير خلالها ، انتقد بشارة نقاد الدين والذين وصفوه باللاعقلانية ، موضوع الكتاب شيق ومهم بالوقت نفسه .
الكتاب عبارة عن بوست فيسبوك طويل جدا .. من حيث انه لا يقدم معرفة بمعنى معرفة لانه مجرد معلومات و اقتباسات لتبهر الناس
للمهتم بدراسة الدين ، انصحه بقراءة كتاب "دين الانسان" لفراس السواح ليعلم ان كتاب بشارة لا يعدو اولا ان يكون مجرد "كلام" عن الدين عوضا عن كونه دراسة ... و ثانيا ليعلم الاخطاء الكبيرة جدا عند عزمي مقارنة بالدراسة الحقيقية التي تدرس تاريخ الظاهرة ايضا
من ناحية التعقيد فكتاب السواح اعقد بكثير لكنه مكتوب بصيغة و لغة مفهومة تجلعه افضل من كتاب (او كلام) بشارة بمراحل ما جعل كتاب بشارة بهذا السوء برايي هو الاتي: 1- اللغة: لغة بشارة معقدة دون اي داعي، و الدليل هو ان السواح شرح نظريات اعقد بكثير بلغة اسهل و ابلغ ايضا 2- لا يوجد اي امثلة توضح افكاره المبعثرة 3- لا يوجد ما ينظم الفقرات و الجمل معا، تشعر ان بشارة يكتب كل ما يخطر له عن الموضوع، او انه قرأ كتابا و يكتب ما فكر به بعد ذلك و هذا هو العيب الاكبر في اي كتاب ، لشخص قرأ مثلا للمسيري و عرف معنى "مشروع فكري" عندما يقرا فقرات/افكار/كلام بشارة لا يستطيع الا يراه عبثا. 4- البحث السيء جدا في موضعات الكتاب مثلا الاسطورة، ما هي الاسطورة؟ و لماذا وجدت؟ و كثيير من الاسئلة الاساسية جدا في الموضوع اما الا يجيب عنها او ان يجيب عنها بشكل خاطئ و الدليل هو الدراسة التاريخية في كتاب السواح 5- يذكر بشارة فجأة فيلسوف او باحث و يقتبس منه، لا تعلم ما هي مدرسته ولا فكرته العامة ، و لا يذكر بشارة اراء اخرى في الموضوع، ثم ينتقل الى فكرة/خاطرة اخرى قبل ان يتم دراسة الفكرة الاولى و بحثه فيها بينما السواح يذكر مجموعة كبيرة من الاراء و النظريات التي تحاول تفسير موضوع ما مرتبط بموضوع الكتاب العام ثم يقدم تفسيره و نظريته الخاصة و يقدم اوجه قوة و قصور كل نظرية ... عزمي يسبح في الغيوم ، لا هدف عام من الكتاب و لا بناء للوصول لفكرته ولا اي شيء، لا يجدر بها ان تسمى دراسة و لا تعدو ان تكون بوست فيسبوك طويل جدا
اذا لم تكن تبحث عن معرفة ، اقرا الكتاب كدغدة لثقافتك يا مثقف و اشعر بالانبهار (كما يريد لك عزمي ان تفعل) و اشعر ايضا بان الكتاب عميق و عظيم لانك لم تفهم
الدين والعمانية في سياق تاريخي .. الجزء الأول عزمي بشارة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات تفسيري (يدرس العلاقة بين الدين والعلمانية بتناول فلسفي تاريخي )
تعليق: يعالج الكتاب في هذا الجزء الأول العلاقة بين الدين والتجربة الدينية والفرق بينهما، حيث سنجد في نهاية الكتاب أن الدين شيء والتجربة الدينية شيء آخر تماماً. ينقسم الكتاب إلى خمسة فصول يتناول الكاتب في الفصل الأول موضوع المقدس والأسطورة والدين والأخلاق ويبين المشترك والتباين بين هذه المصطلحات، ثم ينتقل في الفصل الثاني إلى دراسة التدين ويخلص فيه إلى وجود تدين من دون إيمان ولكن لا يوجد دين من دون تدين، في الفصل الثالث يتناول موضوع نقد نقد الدين عند كل من كانت وهيغل وماركس وفيبر ويخلص إلى أن الدين ليس مجموعة من الخرافات والأضاليل أو إيديولوجيات للسيطرة وأن هذه النظرة للدين لا تساهم في فهم الظاهرة الدينية بصفتها ظاهرة اجتماعية، وفي الفصل الرابع المسمى (تعريفات) يحاول الكاتب تعريف الدين ويضع نظريات مهمة في فهم الدين، أما الفصل الخامس والأخير فيجعله الكاتب بوابة نحو الجزء الثاني من الكتاب حيث ينتقل من مبحث الدين والتدين إلى العلمانية ويخلص إلى أننا لا يمكننا فهم التدين في عصرنا من دون فهم العلمانية والعلمنة. توقفت قليلاً عند حيادية الكاتب في بعض المسائل بخصوص تفسيرات الدين فهو عرض أراء المدارس والفقهاء ولكنه لم يوضح لأيها يميل ولو أورد ذلك لكنت استمتعت بالكتاب أكثر ، على كل حال فقد جاء الكتاب بلغة فلسفية فكرية صعبة على القارئ، فهذا الكتاب لم يكتب للقارئ العادي إنما لأهل الاختصاص. ولكن على الرغم من ذلك فقد جاء الكاتب بتلخيص لبحثه في بداية الكتاب وحدد الأهداف التي يرمي إليها في مقدمة كل فصل. وهذا ما أفتقده في الكتب العربية بالمجمل.
هوامش على الكتاب:
• تتحدد أنماط العلمنة في أي مجتمع بدرجات تدين أفراده وأنواعها ومدى هيمنة الثقافة الدينية عليهم. • لا يمكن الاستخفاف بشأن الدين في حياة البشر مؤمنين أكانوا أم غير مؤمنين لأن الدين أحد أهم مركبات الثقافة. • "هو هي، هي لا هو، بل هو هو" ابن عربي. هو: الله، هي: الصورة التي يتجلى فيها الله. • زيوس تعني السماء الساطعة. • لا يعني تكرار العبادات التأثير في الله سحرياً بواسطة التمسك بمعادلة وتقنية دقيقة، بل يعني أن المقدس ثابت لا يتحول وكذلك العلاقة معه. • إذا كنا نطيع الخالق لأنه خير كله، فهذا يعني أن لدينا فكرة عما هو الخير كي نحكم على أن الخالق خير كله، وعينياً تتوافر لدينا فكرة عن أن الأوامر الصادرة عنه هي أوامر خيّرة. إذاً يجب أن نكوّن فكرتنا عن الخير قبل فكرتنا عن الدين، أي أن الأخلاق سابقة على الدين. • إن العقل البشري يفترض وجود الله وخلود الروح والثواب والعقاب لكي يضمن العلاقة بين السعادة والواجب الأخلاقي. • هناك إشكالية حول كون الله كامل الخير وكلي القدرة، فإذا كان كامل الخير فإن الشر موجود لأنه غير قادر على منعه، وهذا يعني أنه ليس كلي القدرة. وإذا كان كلي القدرة ولكنه لا يريد أن يمنع الشر، فهذا يعني أنه ليس بكامل الخير. • إذا كان الإنسان حرا وقراره أخلاقي يحاسب عليه في الآخرة فهذا يعني أن الله مقيد (وليس حراً)، كما يعني هذا أنه ليس كلي القدرة ولا يقرر جميع ما يفعله الإنسان. وإذا كان الله كليّ القدرة ولا يترك للإنسان هامش حرية فلا مجال لمحاسبة الإنسان على أفعاله، لأنها جرت بإرادة الله وليس بإرادة الإنسان. • فكأنه لم يتلق من الدين إلا قشوره ولم يعلق به إلا أسماؤه وقلبه في غطاء كثيف عن حقيقة الدين بل عن حقيقة نفسه. الغزالي. • التثليث أسطورة أخترعها لاهوتيو القرن الرابع لتصبح عقيدة. • إن مساهمة نيوتن في نشر نمط التفكير العلمي والتجريبي بالذات هي التي خلدته، لا أفكاره الفلسفية عن العقائد ولا انحيازه إلى التاريخ التوراتي وإلى الرواية التوراتية في فهم تاريخ العالم. • كيف تستقيم الحرية مع الجبر؟ وكيف يستقيم عدل الله مع ضلال البشر وهو كلي القدرة؟ وكيف يصدر عن الله شر؟ وكيف يجوز القول لحل هذه المعضلة إن الشر يصدر عن الشيطان الذي يضل البشر، لا عن الله من دون أن نقع في الثنائية المانوية بين مبدأي الخير والشر؟ وكيف نعتقد أن الإنسان يخلق أفعاله السيئة وليس الله من دون الادعاء أن الإنسان بذلك أكثر حرية من الله لأنه يختار بين الخير والشر، في حين أن الله خير كله؟ • استخدم المعتزلة العقل لا في فهم الله فحسب، بل أيضاً لغرض تبيان طبيعة الله العاقلة كلياً، التي لا يمكن أن تتناقض مع العقل، واستخدم الأشاعرة العقل لتبيان أن الله لا يمكن أن يستكشف بواسطته، أي أنهم استخدموا العقل لتبيان قصور العقل. أي استخدمت الأشعربة المنهج المعتزلي لتدعيم موقف لا أدري. • العصمة البابوية أصبحت عقيدة في عام 1870 وأصبح المؤمنون مضطرون إلى القول بها تحت طائلة الحرمان الديني والعقاب المدني. • يدعي المعتزلة أن الإنسان يخلق أفعاله، وأن من غير الجائز أن يقال إن الله جعله يفعل الشر. أما الرد على المعتزلة بأن الإنسان يختار أفعاله، فيقوم على أن الله لا يريد للإنسان أن يفعل إلا الخير وأن الإنسان حين يفعل الشر إنما يتغلب بإرادته على إرادة الله! • الحكمة هي صاحبة الشريعة وأختها الرضيعة. ابن رشد. • الدين تنهيدة المظلوم المقموع وقلب عالم بلا قلب. كارل ماركس. • غالبا ما يلتقي العلمانيون المتطرفون وخصومهم من المتدينين الذين يطلق عليهم اسم "الأصوليين" في تجاهل للدين الحقيقي الاجتماعي القائم، في حالة الإسلام مثلاً نجد أن ما يجمع الإسلاميين المتطرفين وخصومهم على حد سواء هو تجاهل واقع الإسلام في حقيقته الأنثروبولوجية، أي كما يمارسه المسلمون بشكل عيني، أي باعتباره حقيقة عينية على الأرض، فهؤلاء ينفون الشرعيّة الإسلامية عنه، ويّدعون أنه ليس الإسلام الحقيقي الصالح، ويقفزون عنه إلى عقيدة أخرى غير الإسلام المعيش الذي اصطلح عليه المسلمون. والآخرون يدّعون أنه من عناصر الفساد والتخلف أو يدّعون أنه مجموعة خرافات وأباطيل، أو يقللون بالمجمل من أهميته ويعتبرون تضخيمها أمراً مصطنعا. أدى ذلك عملياً إلى إهمال دراسة التدين الشعبي والتدين عموماً في واقع المجتمعات الإسلامية، كما أدى إلى تجنب دراسة دوره الفعلي الواقعي في المجتمع والأخلاق والسياسة، ويتحمل مسؤولية هذا الإهمال أصحاب الفكر الإسلامي وأصحاب الفكر العلماني على حد سواء. • معنى أخناتون أي ما يفرح آتون. • إن غياب مؤسسة دينية واحدة موحدة واضحة المعالم في المجتمعات الإسلامية أدى إلى جعل هذه المجتمعات أكثر دينية. • لقد أصبحنا لكم قادة، وعنكم ذادة، نحكمكم بحق الله الذي أولانا، وسلطانه الذي أعطانا، وإنما أنا سلطان الله في أرضه وحارسه على ماله جعلني عليه قفلاً، إن شاء يفتحني لإعطائكم وإن شاء يقفلني.. الخليفة المنصور. • العلمانية بدأت مصطلحاً دينياً حيث تحدد الكنيسة شعبها أو رعيتها بتسميتهم "العلمانيين" في مقابل رجال الدين. والعلمانيون بالمعنى الأصلي الكنسي متدينون، إنهم رعية كنسية، لكنهم ليسوا رجال دين. إنهم الشعب الذي يتبع الكنيسة. والعلمانية هي أيضاً صفة تطلق على رجال الدين الذين يخدمون في البلدة في مقابل رجال الدين في الكنيسة والدير أي في مقابل المترهبنين.
فيما يلي وصف للتجربة و ليس للكتاب: قد تكون لا تعرف أي معلومة/نظرية/وجهة نظر مذكورة في الجزء الأول من هذا العمل ( أصر على وصفه بهذا الشكل لأنه غائي و جزء من مجهود بانورامي - لكن يمكنك تسميته كتاب إذا كان هدفك فهم ظاهرة الدين أو الدين كظاهرة بمعزل عن دور أنماط التدين في العلمنة أو العلمنة في أنماط التدين) و قد تكون تعرف بعضها أو حتى تكون مطلعا عليها جميعها، لكن الآلية المتبعة في السردية مشابهة لآلية "الذكاء" البشري، فالدماغ البشري مكون من عدد كبير جداً من الخلايا؛ مترابطة مع بعضها بما يسمى بالمشابك؛ زيادة عدد الخلايا لا يزيد "الذكاء"، لكن زيادة عدة المشابك الفاعلة/النشطة، و هذه الأخيرة يزداد عددها بممارسة أنشطة فكرية هو ما يزيد "الذكاء ". بالعودة إلى هذا العمل، فهو مليء بالمشابك النشطة، و رتب بناءً على هذه الآلية (بتصوري )، لذا لا تستغرب عندما تجد نفسك فجأة مدركاً المشترك بين ماركس و ابن تيمية فيما يخص الدين!!. إذا كنت تعتبر "الكتاب" كياناً تمنحه قدرا من حياتك ( وقتك و ذلك بقرأته ) + مالك ( الذي هو وقتك بمنظور ما و بالتالي حياتك أيضاً ) فهذا " الكتاب " حتى بهذا المعيار يستحق القراءة
يمثل الجزء الاول من هذا الكتاب جرعة ممتازة ودسمة وقوية من افكار وطروحات د.عزمي عن الدين والتدين وضرورة فهمهما وينتقل بنا الى افق اوسع واشمل لهذه الظواهر ومن ثم العلاقة بين السحر والعِلم مع ذكر نماذج تأريخية لكلاهما، واخيراً لا أنصح بقرائته إن كنت مبتدئاً الا اذا كنت ذا طموح ومحب لعزمي كما هو حالي😁 فما عليك سوى البحث عن مقدمات في هذا الموضوع ومتابعة محاضرات د.عزمي على اليوتيوب او مصادر اخرى للتعود على نمط كتاباته