قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد
كتاب قوت القلوب للمكي هو من أمهات الكتب في التصوف الإسلامي ، ويعتبر مع كتاب (إحياء علوم الدين) للإمام أبي حامد الغزالي (مجدد القرن الخامس الهجري)من أهم كتب التعليم الصوفي التي لا يستغنى عنها في تربية المريدين وتثقيفهم ثقافة إسلامية صحيحة بعيدة عن البدع والخرافات ، ولا يضاهيهما في ذلك كتاب آخر ، والكتابان نبع ثري للفكر الصوفي ، والوقع أن المقارنة بين الكتابين قد تظلم المكي والغزالي معا فالمكي متصوف عالم والغزالي فيلسوف متأله وكتابات المكي في القوت تختلف عن مثيلاتها في الإحياء بحسب المنهج وشخصية كلا منهما رحمهما الله والرأي عندي (يقول المحقق)أن الكتابين القوت والإحياء يتكاملان والمكي قد جمع أقوال السلف والكثير من الأخبار والأمثال والحكم ، ونفذ إلى سرائر دقت على الأفهام ،والغزالي جمع بين علمي الظاهر والباطن، والقارئ للقوت والإحياء سوف يجد أن الكتابان يجمعان بين الشريعة والطريقة والحقيقة في الدنيا والآخرة ، فمن أراد طريق الله وطريق رسوله، وطريق العارفين بالله،وطريق العلماء من أهل الظاهر والباطن ، فعليه بمطالعة الكتابين ( القوت والإحياء).
الشيخ أبو طالب المكي، الإمام الزاهد العارف، شيخ الصوفية أبو طالب محمد بن علي بن عطية الحارثي، المكي المنشأ، العجمي الأصل. صاحب كتاب قوت القلوب في معاملة المحبوب المشهور في التصوف، الذي أخذ منه الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين.
أردت فقط استرداد لذة الطفولة عند انشغال الوالدين والكبار في أحاديث الرتابة وكآبة الملل. فيغيبوا عنك وتغيب عنهم .. وتعلمك التجربة أن للغياب عصاً سحرية تجعل أحلامك الصغيرة أكثر اقتراباً وتستطيع متسللاً ان تهب طعامك لقطة العمارة.. فيصبح السؤال الأكثر إيلاما لضميرك حينها : (هل يأكل القط الأرز؟؟)..بروح ذاك الطفل الذي يشتهي الغياب أمسكت بهذا الكتاب الصوفي منذ أيام ..وبكف المتمرس في شأن الهروب أحدثت صدعاً في جدار السياق الواقعي للأحداث...وغبت بكل كلي في أحد أشهر كتب أوراد الزهاد واذكار المتصوفين .. في مناجاتهم اليومية لرب العالمين لم أكن أتوقع من قراءتي أكثر من هدوء الذاكر وعزلة الأصم عن صخب الواقع من حوله.. فأخذت أتلو الأحاديث الطوال لمأثور الدعاء والمناجاة عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ووعده بجنة محلها القلب الموقن قبل الجنة في دار اليقين، ولكن عندما مرت عيني ببعض الدعاء الذي كنت أردده خلف والدي في الطواف أجهشت في بكاء كنحيب طفل نسيته أمه في سوق الخضار . .وصار السؤال الأكثر إيلاماً لضميري حينها: (متى كانت مناجاتي الأخيرة لربي الحليم ؟؟)....ربما لن يفعل كتاب كهذا في مرتاح الضمير أكثر مما يفعله كتاب( حصن المسلم لأذكار الصباح والمساء) ...ولكن 160 صفحة من الذكر والتبتل ستصير ألماً لمن له شريان من شغفٍ آثم يضخ دافقاً في حنايا فؤاده والجسد حتى صار معتاداً على المشي بقلبه حذراً بين الناس كمن يمشي بوعاء ُملئ دماً ..إن أمن على ما فيه من الإنسكاب لم يأمن على وجهه العثرة والانكباب .هذا الأخير سيعيّره ضميره ببطء ممشاه إلى الله .. وربما اعتصر شريانه الأثير بالسؤال الأكثر إيلاما: ((يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم ))؟؟؟ لم أجد هذا الكتاب هنا بالرغم من ذيوع صيته بين كتب التصوف الحق ففكرت أن أضيفه لعل آخرون يقرأونه يوما فيقيموه بطريقة أكثر موضوعية مما دفعتني إليه حالتي الوجدانية الحالية والتي أعلم أنها مزرية يرى الإمام الفاضل ابوطالب المكي أن أركان الدين أربعة : الصدق واليقين والرضا والحب...وأرى انا العاصي الغافل أن من وصل ودا ً بالعالم أجمع وقطع ما كان بالله موصول فهوأتعس يتيم.
موقع قرآن دوت لينك هو مبادرة من عدد من الشباب تهدف الى مساعدة الباحثين في علوم القرآن وكتب التراث ومساعدة المستخدم العادي للحصول على اي معلومة بأسهل طريقة ممكنة
"نحمدك يا الله, يا من هيأت القلوب للتيقظ لمرضاتك, وفتحت أقفالها بأسرار معرفتك وأنوار هباتك, ونصلِّي ونسلِّم على من أرسلته بطب القلوب, وأيّدته بما أنزلت عليه من قوت القلوب وتبيين الغيوب, وعلى آله الذين تحققوا برياضة النفوس, وأصحابه السائرين على منهجه المبين, والحمد لله رب العالمين."