كل الذين لمستُ أصابعهم في الطريق تماثيلَ شمعٍ غدوا.. كُل من نِمتُ في حضنهم، خبتوا... واختفوا كل أمٍ تمسكتُ في ذيلها، كل أنثى عضضتُ على شفتي إثرها كُل مغربِ شمسٍ مسحتُ بهِ عرقي كل خوفٍ تلمّظتهُ، يسحّونَ فوقَ الصبيّ الذي كنتُ، والرجلُ الـ لم أكنهُ
صدر له: ■ (ها هنا جمرةٌ، وطنٌ، أرخبيل) - مجموعة شعرية - عن دار أخبار الخليج للنشر - 2007م. ■ (السكك، البصارة) - مجموعة شعرية - عن دار الإنتشار العربي (بيروت)، وقطاع الثقافة والتراث الوطني (البحرين) - 2008م. ■ (السماء تنظف منديلها البرتقالي) - مجموعة شعرية - عن دار مسعى (الكويت) والدار العربية للعلوم - ناشرون (بيروت) 2010م. ■ (أخطاء بسيطة) - مجموعة شعرية - عن دار مسعى (البحرين) 2012م. ■ (غفوت بطمأنينة المهزوم) - مجموعة شعرية - عن دار مسعى (البحرين) 2014م. ■ (وهذا أيضاً ليس شعراً) - مجموعة شعرية - طبعة إلكترونية pdf بلا حقوق 2014م. ■ (لن أقول شيئاً هذه المرة) - مجموعة شعرية - طبعة إلكترونية pdf بلا حقوق 2015م. ■ (آدم المنسي) مجموعة شعرية - منشورات المتوسط (إيطاليا) 2017م. ■ (موت نائم، قصيدة مستيقطة) - مسعى للنشر (كندا) 2017م. ■ لا شيء يحدث ولا حتى القصيدة - منشورات تكوين - الكويت 2019
كما لو يترك الماء على سجيته أريحيًّا، في صنعة المتمرّس، يلقي بقلبه على عواهنه، عاشقًا، حكيمًا، شكاكًا، أحمقًا، حالمًا، مجدّفًا. هو مهدي.
القلب هو قوام مهدي هنا، يحضر بصفته الآخر، طوال المجموعة، في مفارقة جميلة. وصراحة أجمل.
أن تكون المجموعة مشروعًا واحدًا. ألا يقرأ نص في عزلة عن الآخر، ولكن يتداعى كل واحد منهم إثر الآخر.
مقام الشعر هنا مغاير لما أعرفه. هذه لغة أخرى. لغة بسيطة، تتقصى الواقع تقصّي الفقراء، ولكن يكتبها نبي. أشعر أن في الأمر مسحة من سارد، راوٍ، يجلس خلف الكاميرا لا أمامها، ويتمطّق، منحازًا.
قلبٌ هو، إلى قلبٍ كان يكتب... إلى أناه، ربهُ، بكاؤه المنسي في آخر الغرفة، إلى رأسه المخفي، وآدميتهِ المستمرة المؤجلة..!
يكتبُ لكَ... يسألك: "وماذا تبقى من الضوء حتى تصير؟ ماذا تبقى لتصبح قلباً وتعرفني..؟"
يكتب عن حلمي، حلمه، وحلمكَ عن الخوف المتراكم في القعر.. "هو حلمي.. وأعرفُ كم هو.. مثلي يخاف من اليقظة الآن، مثلي يخاف بأن الحقيقة ليست سوى حلمٍ غارقٍ في الفراغ.."
هذا كتاب يعلِّم القلب آداب الخطأ، كيف نضعه في كفٍّ مفتوحة لا في قفص من النَّدم، وكيف نمرِّر عليه الإصبع كما تمرِّر الأمّ كفَّها على جبين طفل نام باكيًا ثمّ هدأ.
كل مفردة تصطدم بها "أخطاء مهدي البسيطة" ترتد إلى مفردة أخرى، كقرص الهوكي على الجليد، تركله عصا اللاعبين..
مهدي الذي يختزل الحياة في المسافة بين طفلٍ من الشمع وبين القبر أو الجنازة، يعي جيداً أن المسافة ذاتها تختزل أخطاءنا أيضاً.. لذلك أجد أنه لا يمكن قراءة نصوصه في "أخطاء بسيطة" بشكل منفصل، بل أراها نص واحد طويل، حتى ولو جزءه أو فصلهُ مهدي بعنوان لكل جزء أو لكل فصل.. فمن "كمن ليس يعرفني" أولى قصائد المجموعة، حتى يلوّح لنا مهدي "تلويحة للغريق وللوهم" تشعر أن ثمة خيط متماسك لنص واحد.. يبدأ باللقاء والتعريف وينتهي بالوداع والتلويح..
في هذه المجموعة استشعرت كائن الخوف والقلق ذلك الذي ينمو متجذرا معنا منذ الرضاعة ويسير في عادات القرى وأعرافها ومساحة الحلم البسيط التي يتيحها لنا ذلك النمو الذي يحاول ان يحاصرنا كلما حاولنا التحرر منه بتلك العادات والظروف التي تحفر تجاعيد عمرنا.
في هذه المجموعة تستطيع استشعار ذلك واكثر بتنوع لا يشرح لك كيف تكون التجربة النص بل يجعلك مشاركا بها وجزء منها