حين يمسك الشاعر مصباحه الخافت، وحين يقترب من ذاته أكثر.. تتحول قصائده إلى ومضات يائسة ويشي لقارئه بحقائق نادرة. في "ما يشبه كلاماً أخيراً" قصائد تجمع في نسيجها كل هذا، فهي أسيرة حزنها الداخلي ونبعها الملتبس. هذه القصائد تستقبلنا بالحيرة وتفتح ابواباً مشرعة لاسئلة عميقة تمنحنا في الوقت نفسه اجوبة قلقلة هي سرَ الشعر وسر كتابته. في قصيدة تحت عنوان "أسئلة.." يقول الشاعر نزيه أبو عفش: "كيف لي أن أواسي الحياة؟/ كيف لي أن أردَ إليها الورود التي أذبلتها المحن؟/ كيف أرخو ثقوب سماواتها وهي تشجب شيئاً فشيئاً/ فيكسبها الخزف لون بياض الكفن؟! (...)/ أن الغبار الذي يتلألأ في أعين الميتين/ ومضة من حياة؟! (...)". في الكتاب (18) قصيدة تنتمي لقصيدة النثر وزعها الشاعر على مجموعتين، المجموعة الأولى بعنوان: "لا أرى الليل" والمجموعة الثانية بعنوان "أسماء".
ولد في مرمريتا عام 1946. تلقى تعليمه في مرمريتا، وعمل في التعليم، كما عمل محرراً وموظفاً.
مؤلفاته: 1- الوجه الذي لا يغيب- شعر- حمص 1967. 2- عن الخوف والتماثيل- شعر- دمشق 1970. 3- حوارية الموت والنخيل- شعر - دمشق 1971. 4- وشاح من العشب لأمهات القتلى- شعر- بيروت 1975. 5- أيها الزمن الضيق- أيتها الأرض الواسعة- شعر- دمشق 1978. 6- الله قريب من قلبي - شعر- بيروت 1980. 7- تعالو نعرّف هذا اليأس- كتابات- بيروت 1980. 8- بين هلاكين - كتابات وشعر- دمشق 1982. 9- هكذا أتيت ، هكذا أمضي، شعر- بيروت- 1989. 10- ماليس شيئاً- شعر- قبرص- 1992. 11- مايشبه كلاماً أخيراً - شعر- دمشق - 1997.
يبدو أن جيل الثمانينات والتسعينات يحمل نفس روح التفعيلة للشعراء وقتها وهذا يبدو في أغلب الشعراء الذين تزامنت مجموعاتهم مع ذلك الوقت، إلا أن نزيه يبدو أجمل في النثر حيث بدت بعض ملامح التجربة والثيمة التي أعرفها في هذه المجموعة التي في ٩٧ مفرداته التابوهية عمقه وتمرده على الكون في اعادة تكوين آخر داخل القصيدة .
هو شأن الخريف كأن كل شيء تمر عليه أصابعنا يتقدم في العمر. / إذن، اغفروا لنا أننا أبناء وقت فاسد، وأرض عاثرة، وأهل أموات إغفروا لنا أننا لا نجرؤ على معاتبة طاغية، أو نبي، أو محصل ضرائب إغفروا لنا أننا خائفون وتعساء، وليس لأحد منا غير قلب واحد يتحصن به في مواجهة هذا الجنون، الجنون إغفروا لنا أن الحياة ماضية، والذاكرة ليست عمياء إغفروا لنا أنن بشر إلى حين.