خلق الإنسان خلقاً مريماً، وجعل من خلقه ألوناً وصنوفاً وطبائع مختلفة ليتعلم كل منهم كيف يصنع بيبه وبين الآخر جسراً يعبر إليه من خلاله. إن نقطة الماء تستمد وجودها من كونها جزءاً من كيان واسع إذا إنعزلت عنه جففتها الشمس في ثوان معدودة. وكذلك الإنسان يستمد وجوده من إتصاله بالكون حوله، فهو لايملك إلا أن يتصل بربه أولا ثم بنفسه ثم بالآخرين، المختلفين عنه قبل المتشابهين. ومن هنا كان أمام كل من مهمة ليست باليسيرة، لكي يتعلم فناً من أرقى الفنون ويكتسب مهارة من أهم المهارات. يتعلم فن التعامل مع الاخرو يكتسب مهارة الإتصال به، وهذا ما نرنو إليه من خلال هذا الكتاب الذي يحمل في طياته رسالة مؤداها أن كلاً منا يعيش وفي داخله نموذج يرى العالم من خلاله ليقابل كل يوم آخرين لكل منهم أيضاً نموذجه الخاص به، فيألف هذا وينفر من ذاك. وتكمن المهارة في أن يتخلص كل منا من أسر نموذجه ويتعداه إلى ما هو أبعد منه، فيفتح الأبواب الموصده أمامه، كل بمفتاحه.