عندما صدر كتاب (خوارق اللاشعور ) للدكتور علي حسين الوردي مدرس علم الإجتماع بكلية الآداب دعاني حب السلامة إلى التريث والإحجام عن القيام بنقده راجيا أن يكون ذلك لغيري , فأبقى على كثب , مشرفا على المعركة , وآمنا من أخطارها , وذلك لعلمي بأن بعض أنصاف المثقفين بل المثقفين أيضا يجدون في كل جديد لذة , ولا يرغبون في سماع نقد الرأي الجديد وتمحيصه , فيهاجمون بشده أي شخص لا يقبل الرأي الجديد على علاته , ويحاول نقده وتمحيصه .
وبعد صدور كتاب ( وعاظ السلاطين ) الذي لم يكن إلا أشعة من (خوارق اللاشعور ) ! رأيت أن أنشر رأيي حول الكتابين , وأترك الحكم على ما أقرر من نقد الكتابين للقراء الكرام . وهأنذا بدأت بحول الله وقوته .
السيد مرتضى بن محمد إسماعيل العسكري والمعروف بـالعلامة العسكري من أبرز العلماء والمحققين الكبار في الوسط العلمي الشيعي بل الإسلامي، والذي امتاز بذهن وقّاد وقريحة ناقدة وبموضوعية عالية، بعيداً عن التعصب والتشدّد المذهبي والديني. وكان لمؤلّفاته التي اتسمت بالدقة والإبداع الأثر الكبير في الوسط الإسلامي والتي منها: خمسون ومائة صحابي مختلق، أحاديث أم المؤمنين عائشة، التوسل بالنبي والتبرك بآثاره، عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى.
للأسف فإن آية الله المحقق السيّد مرتضى العسكري لم يحقق في هذا الكتاب في بادىء الأمر أي رد حقيقي على (علي الوردي) وناقش في جزء كبير من الكتاب بأمور كالأديرة النصرانية و غيرها مما لم يستلزم، فلا يُمكن إرجاع ظاهرة الإنحراف بالكامل (ولا حتى بصورة ثانوية) لقليل من الأديرة النصرانية التي كان الأغنياء و المنبوذين من الطبقات الأقلوية تذهب لها.
بالرغم من أن ما ناقش فيه السيّد هو حُجة الأخلاق الاولى على المَصلَحية الإجتماعية، إلا أن طريقة عرضه لم تتسم بنفس علمية الدكتور الوردي، و كانت أشبه بالردود بين الكتب الدينية لا الكتب في علم الإجتماع.
أنا لا أنكر أن هنالك دراسات علمية تساند كلام السيّد العسكري، و أنا شخصياً موقفي متهافت بين الأثنين و أجدُهما قد تطرفا فيما قالا، إلا إن كتاب السيّد العسكري لم يحتوي على حواشي علمية، و لا فهم كامل للأسلوب العلمي بعلم الإجتماع، و إن كان مُقابله (علي الوردي) قد خرق القواعد العلمية في كثير مما كتب، إلا إننا عند مقارنة الطريقتين العلمييتين، فإن علي الوردي هو الافضل بين الأثنين.
إن إشكالية الغرائز الإنسانية عندي أنها حقاً غيرية (خيّرة) و إنيّة (شريرة)، و لكن تكون مطرقة السندان بأن الإنيّة أسهلُ الإستحضار عن تلك الغيرية، ولهذا فإن الدعاية النازية بالقتل كانت أسهل بالوصول الى عقول الألمان، بينما دعاية الخير الإسلامية (الوعظ) خلال العصر العباسي لم تصل - و ذلك مع إهمال فرق شخصية الفرد الألماني و الفرد المسلم -
وبهذا فإنني أجد السيّد العسكري أقرب للحق من علي الوردي، و لكن إسلوب الثاني يحصل على أربع/خمس نجوم، و إسلوب الأول غير العلمي يحصل على نجمتين.
بعد قراءةِ وعاظ السلاطين وهو مشروعٌ كنت أؤجلُ قرائتَه وقبل قراءةِ مهزلةِ العقلِ البشري أردتُ أن أطلعَ على بعض الردودِ التي تناولتْ بعض المآخذ على الوردي في كتابِه وعاظ السلاطين. ولكن يبدو أنَّ خياري لم يكن موفقًا، فالرد وان اتفقنا معهَ في الخطوطِ العريضة إلا أن طريقةَ عرضِه غلب عليها التشويشُ وعدمُ انتظامِ الأفكار.
ان السيد ابدع في انتقاده للاستاذ علي الوردي في كتبيه وعاظ السلاطين وخوارق اللاشعوروانا انصح الكاتب بأن يقرأ نقد الكتاب اولا كي يكون مضادا حيويا له من كتاب وعاظ السلاطين
الكتاب حلو وخفيف نظيف، لغته سهلة وواضحة مشكلته اعتماده على مرويات وقصص من مرجعية شيعية فقط صراحة الكتاب مكتوب بنفس طائفي واضح
ذكر في الكتاب نفي الفتح بن خاقان إلى كريت مع انه قتل مع المتوكل في ثورة الأتراك وهنا كانت بداية نهاية الفترة الذهبية للخلافة العباسية
مرور الكرام على محنة ابن حنبل وذكر بالتفاصيل المملة واغلبها مذكورة في الكافي عن مآسي اائمة آل البيت عليهم السلام 14 صفحة للرد على الشذوذ الجنسي 25 منها ذكر فيها اسم أديرة مسيحية في بغداد كان أهل بغداد يقومون فيها بالشذوذ واللهو والمجون أيام اعياد النصارى _ حسب تعبير المؤلف_ بالإضافة إلى أنه اعتمد جرجي زيدان أكبر مدلسي التاريخ الحديث برواياته من كأحد شواهده :)
من قراءتي للكتاب اعتقد أن علي الوردي نسخة قديمة عن محمد شحرور وفهمه الخاطئ للكثير من الأمور والأحكام. مآخذ على رد العسكري على كتاب الوردي الاستعانة ببعض المراجع التي تدس السم في العسل مثل مروج الذهب للمسعودي اعتقد ان الرد وان اتفقت معه في الخطوط العريضة إلا أن طريقة عرضِه غلب عليها التشويش وعدم انتظام الأفكار، كما في الكتاب الأصلي.