"ومع ذلك فلست أنكر شيئاً. بريقك الساطع الذي يغري. سرابك الذي يحرّك الظامئ فإذا وقف عليه لم يجد شيئاً... نجحتِ في التوفيق بين المتناقضات. تكلفين بما تمدّك به باريس من عطر ولباس وحذلقة كلام وبريق رأي وتستمسكين بعمق أصالتنا: بطبخنا ورقصنا... واستعبادنا! بناء لن يستقيم يا أمينة هذا الذي تحشرين فيه فضلات باريس وقوالب الماضي العتيق. اختاري بين الأمرَين يا أمينة. أما هذا التلفيق فليس يستقيم على المدى الطويل. وأما التوليف فلست أدري إن كنت قادرة عليه، لأن الجهد ليس من شيمك والعمل ليس من طبعك. فلآخرين أن يشتغلوا لحسابك... هكذا ألفتِ، وعلى هذا درجت... والأسوأ أنك تحتقرين كل من ينبعث منه عرق الجهد والكدّ والكدح...".
صدرت الرواية سنة 2019 أول الأمر وهي قصة يوسف الرجل العصامي الذي يؤمن بالاشتراكية العلمية ويتدرج في الحياة والعمل والنضال النقابي. قصة كما عاشها من الداخل والخارج كبر يوسف في "حكم يتيم الاب" في احدى مناطق الأطلس الكبير واعتمد على المدرسة لتسلق السلم الاجتماعي أو كما يعرف بالفرنسية. Ascenseur social ليجد نفسه امام كل الخيبات وأن هذا المصعد معطل في أغلب الأحوال أو انه يوصلك من التهميش واللامبالاة إلى الغبن والنفور فتتوالى الصدمات ويكتشف أن ما خالها الحقيقة كما توجد بالكتب ليس لها مكان في الواقع فينتقل من مفاجئة إلى عقبة ومنها إلى خيبة تلو الأخرى ابتدأت بالعاطفية منها ولم تكن آخرها ثم يكتشف أنه أمام سوق كبير كل شيء هو مجرد بضاعة لها مقابل مادي أو اعتباري ولا شيء غير قابل للمساومة … من الخارج تحكي زوجة يوسف حياته وصراعاته مع نفسه أولا ومع واقعه ثانيا كما رأتها هي.
وكما عودنا حسن أوريد في رواياته فهذه الرواية وبالاضافة إلى جمال اسلوبها وقيمتها السردية فإنها عبارة عن ذريعة ليؤثث لدراسة الظاهرة الاشتراكية العلمية ويضعها موضع التحليل في المغرب منذ نهاية السبعينات والثمانينات وبداية التسعينات حينما انهار حائط برلين على رؤوس الجميع وكان له في الرواية مآرب أخرى…
الرواية وكما يقول الكاتب هي الكذب الصادق أو الصدق الكاذب وهذه الرواية بالذات لها بعض النصيب من كليهما وبالنظر إلى أسلوب الكاتب الذي يقبل عدة مستويات من القراءة والتحليل فأنها تعد بالكثير لفهم ما آلت الأمور أثناء وبعد ثنائية القطبية
ينطلق بنا الأستاذ #حسن_أوريد في روايته #الحديث_والشجن لسرد حياة يوسف المثقف معتنق فكر الإشتراكية العلمية والذي نشأ فقيراً وتدرّج رويداً في سلم العلم والحياة.. خاض يوسف تجربة عاطفية ربطته بأمينة المتموقعة في المعترك المقابل والنقيض.. معترك الأثرياء والرأسماليين.. تحابا في البداية لكن سرعان ما بدأت الفوارق الثقافية تظهر والهوة تتسع ليفترقا في الأخير.. يعاود يوسف المحاولة لكن هذه المرة مع فوزية الأستاذة المثقفة الودود.. وبالرغم من بعض الحزازات نجحت حياة يوسف مع فوزية.. فأثبت الكاتب من وجهة نظره أن ثقافة ووعي الشخص يساعد على انشاء رابطة متينة تقوم على مبدأ التفاهم واحترام الرأي.. رواية جميلة بلغة بليغة ومتماسكة.. قراءة ممتعة..
اذا كنت تقرأ كتاب ولا يعطيك فرصة للتحليق فأغلقه! حسن اوريد المبدع، العذب والرصين كالعادة، لغة ساحرة، فلسفة عميقة، إبحار داخل الاحاسيس والمشاعر. الحديث والشجن ليس كتاب هو تجربة حياة. ٥ نجمات بدون ادنى شك.
بطريقةٍ ما، نولدُ جميعاً حَالِمين : نحلُم بعالم جميلٍ، فَندعو واقِعنا ليكون بجمال خيَالنا. ثُمّ نَجنِي على أنفُسنا محاولين تغيير واقعٍ مُخجِل.. نُناضِل دُونما هوادة، تكون أصواتنا قد بُحّت لأَجْلِ لا شيءَ تقريباً، لأَجلِ واقعٍ لا يتحرّك قيد أنْمُلة. فبين ماهو كائن وما ينبغي أن يكون، هناك الكثير ممّا يُحكَى، وإنّه لحديثٌ ذُو شُجون..
نُتابع من خلال أحداث الرّواية قصّة الشاب يوسف، شابّ مثقّف ذو فكر تنويري، يكرس حياته للخَوضِ في غمار التّجربة الاشْتراكيّة لكّنها تسلبه حياته، ذلك أن حياته السياسة ما لبثت تستدرجهُ وتشغلُ فكرهُ عن حياته العاطفيّة، يحب أمينة، يتزوجها، ثم لا تلبث المشاكِل أن تنشُبَ بينهُما لانشغاله الدّائم بالسياسة رغم حبّه الكبير لها. أمينة التي أحبها بصدقٍ، من جهة، وأبوه الذي تخلّى عنهُ وهو بَعدُ رضيعٌ، من جهةٍ أُخرى : تجربتان ثقيلتان لكنّهما تأبيان الاندثار، تستمرّان في مُرافقته وتمنعانه من عيش حاضِره والتخلّص من ماضيه.
لكّنه يتزوج مرة ثانية من فوزية في محاولة لنسيان زوجته السابقة دون جدوى، لأنّ التّخلص بسهولةٍ من تجارِبنا الفريدة لأمرٌ مُحال. تتطوّر الأحداث ويتلاشى اندفاع يوسف شيئا فشيئا، يتوقف عن إبداء آرائه السياسية بحماس، يقرّر أن يعيش فحسب، لكنّه يتعرّض لحادثة سير ويلقى حتفه، ثم تُنجِب فوزية طارقاً، وتأتي به إلى الدّنيا يتيماً..
This entire review has been hidden because of spoilers.
🌿 كتابي الثالث للسياسي و الكاتب المغربي حسن أوريد .. تجربتاي السابقتان كانتا ناجحتين جدا, لتليهما هذه الأخرى كرواية تقع أحداثها ما بين مدينتي الرباط و الدار البيضاء 🌿 رواية تحمل بين طياتها الكثير من خيبات الأمل, من الظلم, من الفوارق الاجتماعية و الفكرية, من الحب و من الكره.. يوسف الطفل الذي عاش في كنف أمه ينتظر عودة والده, هذا الأخير الذي قرر أن يستأنف حياته بعد الحرب لكن في كنف امرأة أخرى و في أحضان أطفال آخرين.. جرح يوسف ببعد والده لم و لن يندمل إلى آخر يوم في حياته .. ليضاف إليه جرحه الأعمق - جرح الفتاة التي أحبها و تزوجها ليكتشف ان كليهما يسير في طريق مختلف عن الآخر تماما.. تمضي به الأيام مستقرا أحيانا و تائها غالبا .. يحاول أن يكون مزيجا بين ما يرغب به هو و بين ما يطالبه مجتمعه.. رواية خفيفة و عميقة في آن واحد.. تجد نفسك أحياناً فيها.. و أحيانا اخرى كثيرة تكتشف ان في حياتك الآلاف من " يوسف " ..
🌷 اقتباس : " هناك أناس إذا مسوا الفؤاد اعتصروه " 💕
رواية فلسفية عميقة تحمل بين طياتها الكثير من خيبات الامل والظلم والفوارق الاجتماعية والثقافية والفكرية. رواية تجمع بين يوسف الاشتراكي وامينة الراسمالية اتفقا في الحب واختلافا في الفجوة الفكرية تجمع بينهم علاقة حب سريعا ماتذبل نظرا للفوارق الثقافية بينهم.