بلغ اسم هارون الرشيد، من المكانة في تاريخ العالمين العربي والاسلامي، أنه اكتسب شهرة أسطورية تخطت هذين العالمين الى أمم كثيرة ترجمت أخباره الى لغاتها، وصارت أخباره كحكايات "ألف ليلة وليلة".
وأسباب هذه الشهرة كثيرة أبرزها: بلوغ الحضارة الاسلامية في عصره مرتبة ازدهر فيها العلم والشعر والأدب والفن، وخطورة الأحداث التي جرت في عهده، والثراء الفاحش الذي حققته الدولة، وما روي، حول بلاطه وقصور وزرائه وحاشيته، من أخبار الترف والبذخ والتأنق.
لم أقرأ الكثير من الكتب عن خليفتنا العظيم هارون الرشيد، ولكني أعتقد أن هذا الكتاب هو من أفضل الكتب التي تتحدث عن هارون الرشيد.
أعجبني الكتاب كثيراً، ففي بدايته يتحدث عن ظهور الاسلام وعهد صدر الاسلام ويناقشه بشكل مختصر، وينتقل بعد ذلك الى الدولة الأموية ويتحدث عنها أيضاً بشكل مختصر، ثم يتحدث عن الدولة العباسية وخلفاؤها الى أن يصل لعهد هارون الرشيد. كل ذلك من أجل أن يتكون للقارىء خلفية كاملة وتامة عن عهد هارون الرشيد فلا يكون هناك ثغرات يستاءل عنها القارىء.وأحسب ما فعله صحيحاً.
أيضاً، من الأشياء التي أعجبتني في الكتاب، هو موضوعية وحيادية الكاتب التامة وذكر جميع حوادث الرشيد وقصصه بشكل حيادي بحيث يحكم القارىء بعقله عن هذا الخليفة، وليس كما يفعل بعض كارهيه من نكران لأعماله العظيمة أو تزوير تاريخه. وليس كمن يمجدّه تمجيداً مبالغ به فتحسبه خليفة من الخلفاء الاربعة الراشدين، رضوان الله عليهم.وقد ذكر المؤلف في بداية الكتاب هذه المشكلة وتناولها وعالجها بشكل حسن، لذا فالقارىء يعلم أن هارون الرشيد هذا اختلف فيه المؤرخون اختلافاً كبيرا، ثم تحدث عن أسباب هذه الخلافات التي حدثت.
اننا بحاجة لمثل هؤلاء المؤلفين، الذين يبحثون عن المعلومة ويعطونها للقارىء وهو يحكم عليها بعقله، ولا يتعبث بشيء من التاريخ من أجل حبه أو كرهه لشخص ما.
من أجمل الكتب التي قرأتها، وذلك بسبب موضوع الكتاب، وهو هارون الرشيد، الخليفة الذي وصلت الحضارة الاسلامية في عهده الى أعلى نقطة لها. وأيضاً بسبب موضوعية الكتاب، وأيضاً بسبب حسن السرد للأحداث وتهيئة القارىء لمحتوى الكتاب الرئيسي.
أنصح كل عربي، وكل مسلم بقراءة هذا الكتاب، فانه يندر لنا أن نجد كتاباً مثل هذا.
كتاب جيد وأسلوبه ممتع، يشد من البداية حتى النهاية رغم بعض عيوبه لكن تحليل المؤلف جيد لا سيما لنكبة البرامكة وإيضاح شخصية هارون الرشيد رغم تضارب المرويات عنه في كتب التاريخ والأدب الأجزاء التي كانت الأكثر إثارة لي ولم أقدر على ترك الكتاب حين قراءتها هي: شخصية هارون الرشيد، ما حصل بين موسى الهادي وأخيه هارون، مجالس هارون الرشيد، نكبة البرامكة، مشكلة ولاية العهد بين الأمين والمأمون أعطاني صورة أساسية لتلك الفترة، وأشبع فيّ جانبا يهوى التاريخ والحكايات والثقافات، كنت أشبعه بالدراما الكورية التاريخية، ولم أتخيل أن أجد مثل تلك المتعة في مكان آخر!
الكتاب تميز بالسرد الشيق المنظم غير المشتت والأنيق،سهل الأسلوب يجعلك غير قادر على ترك قراءته، بتصنيف ممتاز لتاريخ هذا الخليفة العباسي العظيم فلا يصعب على القارئ فهمه،التزم بالحياد وعدم الغلو والمبالغة ودراسة جميع الأقوال وإثبات الأصح منها.
كتب جميل ويسرد الكثير من الحقائق والوقائع المغيبة بطريقة متسلسلة مترابطة تبقي القارء منشد لمعرفة جزء من أحداث تلك الفترة الذهبية وشخصية الخليفة هارون الرشيد.