صنف الشعراء سلفاً على أربعة أصناف: شاعر يجرى ولا يجرى معه.. وشاعر يخوض وسط المعمة.. وشاعر لا تشتهى أن تسمعه.. وشاعر لاتستحى أن تصفعة، فى هذه المجلدات الضخمة إنتاج أدبى زاخر جادت به قريحة شاعر ينتمى إلى المجموعة الأولى.. فهة دائماً يجرى لا يقاربه أو يدانية أحد .. فكان دائما وعن جدارة أمير للشعراء.. إنه أمير الشعر "أحمد شوقى" الذى أطلت علينا ذكرى رحيله الخامسة والسبعين، معها مجلدات أعماله التى تنوعت بين أعمال مسرحية كانت لها الريادة فى المسرح الشعرى العربي.. "كليوباترا".. "قمبيز" .. "على بك الكبير" ، وبين شوقيات كانت مرآه العصر م اكثير الشعر والنثر. إنها ثروة أدبية طالما تغنت بها الأجيال.. وطالما نقب فى أعماقها الباحثون.
ولد لأب ذو أصول كردية و أم تركية الأصل و كانت جدته لأبيه شركسية و جدته لأمه يونانية، دخل مدرسة "المبتديان" و أنهى الابتدائية و الثانوية بإتمامه الخامسة عشرة من عمره ، فالتحق بمدرسة الحقوق ، ثم بمدرسة الترجمة. ثم سافر ليدرس الحقوق في فرنسا على نفقة الخديوي توفيق بن إسماعيل. أقام في فرنسا ثلاثة أعوام حصل بعدها على الشهادة النهائية في 18 يوليو 1893م. نفاه الإنجليز إلى إسبانيا واختار المعيشة في الأندلس سنة 1914م وبقي في المنفى حتى عام 1920م. لقب بأمير الشعراء في سنة 1927. و توفي في 23 أكتوبر 1932 و خلد في إيطاليا بنصب تمثال له في إحدى حدائق روما.
اشتهر شعر أحمد شوقي شاعراً يكتب من الوجدان في كثير من المواضيع، فهو نظم في مديح الرسول صلى الله عليه وسلم، ونظم في السياسة ما كان سبباً لنفيه إلى الأندلس، ونظم في الشوق إلى مصر وحب الوطن، كما نظم في مشاكل عصره مثل مشاكل الطلاب، والجامعات، كما نظم شوقيات للأطفال وقصص شعرية، نظم في الغزل، وفي المديح. بمعنى أنه كان ينظم مما يجول في خاطره، تارة يمتدح مصطفى كمال أتاتورك بانتصاره على الإنجليز، فيقول:( يا خالد الترك جدد خالد العرب)، وتارة ينهال عليه بالذم حين أعلن إنهاء الخلافة فيقول:(مالي أطوقه الملام وطالما .. قلدته المأثور من أمداحي)، فهو معبر عن عاطفة الناس بالفرح والجرح. معبراً عن عواطف الحياة المختلفة. ومن أمثال الإختلاف في العواطف تقلبه بين مديح النبي صلى الله عليه وسلم، وهو تعبير عن عاطفة التدين لديه، إلى الفرح بنهاية رمضان ومديح الخمر بقوله:(رمضان ولى هاتها يا ساقي .. مشتاقة تسعى إلى مشتاق). مما يؤكد الحس الفني والفهم لدور الفنان في التعبير عن العواطف بغض النظر عن "صحتها" أو "مناسبتها" لأذواق الآخرين من عدمه، وهذا من بوادر إبداع الشاعر في جعل شعره أداةً أدبية فنية، قبل كونه بوقاً لفكرة ونظام ما.
أمير الشعراء بلا منازع. من طبقة الشعراء الأوائل الذي لا يشق له غبار. عبر بشعره عن كل ما يجول في أذهان العرب والمصريين. وأختار من شعره هذه القصيدة الرائعة : مضناك جفاه مرقده/وبكاه ورحم عوده حيران القلب مسهده/مقروح الجفن مسهده أودى حرفا إلا رمقا/يبقيه عليك وتنفذه يستهوي الورق تأوهه/ويذيب الصخر تنهده ويناجي النجم ويتعبه/ويقيم الليل ويقعده ويعلم كل مطوقة/شجنا في الدوح تردده كم مد لطيفك من شرك/وتأدب لا يتصيده فعساك بغمض مسعده/ولعل خيالك مسعده الحسن حلفت بيوسفه/والسورةإنك مفرده قد ودجمالك أوقبسا/حوراء الخلد وأمرده وتمنت كل مقطعة/يدها لو تبعث تشهده جحدت عيناك زكي دمي/أكذلك خدك يجحده قدعزشهودي إذرمتا/فأشرت لخدك أشهده وهممت بجيدك أشركه/فأبى،واستكبر أصيده وهززت قوامك أعطفه/فنبا،وتمنع أملده سبب لرضاك أمهده/مابال الخصر يعقده؟