يقول طرابلسي في مقدمة الكتاب إن جميع الشخصيات في الكتاب حقيقية ومثلها الاحداث والمواقع والتطورات وقد لعب التخيل دوره في ثلاثة تأليفات فقط. لم يتدخل طرابلسي في المادة التاريخية بل اوردها كما هي وإن بقدر من الاضاءة والتحليل. الا انه تدخل احيانا في اسماء الشخصيات التاريخية فكان يترجم الاسم من الفرنسية مثلا الى العربية وفقا لمعناه مكررا الاسم العربي حيث تدعو الحاجة. وقد تحدث طرابلسي عن عمله في شكل يوضح اسلوبه الذي انتهجه فيه والقائم على ايراد احداث مختلفة كبيرة او فردية ذات اهمية عامة سنة بعد سنة. يقول: تتنقل شخصيات هذه الحوليات عبر البحر الابيض المتوسط شرقه وغربه خلال القرن التاسع عشر. يبدأ التدوين مع اطلالة موسم الحرير في جبل لبنان ويختتم مع افتتاح قناة السويس في مصر. مثل خيوط حرير فوق نول تروح وتجيء أحداث تلك الفترة فتتسلك باللحمة والسدى مصائر افراد وجماعات وبلدان وأمصار وأقوام وشعوب. تتداخل ألوان وأصباغ وتفترق ألوان وأصباغ وتتصالب خيوط وترتخي خيوط وتنقطع خيوط لتنوصل خيوط. وتنعقد قطب ظاهرة للعيان لتختفي قطب عن العيان تعمل عليها جميعا انامل نساج لا يرحم يسميه البعض "القدر" والبعض الاخر "الاستعمار" ويكتفي ثالث بأن يقول عنه انه "التاريخ". ويبدأ التدوين بسنة 1806 لينتهي بسنة 2004 .
فواز طرابلسي، سياسي وكاتب وأستاذ جامعي لبناني. كان مع أحمد بيضون ووضاح شرارة من أبرز قيادي حركة لبنان الإشتراكي التي إندمجت سنة 1970 مع منظمة الإشتراكيين اللبنانيين لتشكل منظمة العمل الشيوعي في لبنان. أصبح طرابلسي نائبا للأمين العام للمنظمة ثم أحد أبرز وجوه الحركة الوطنية اللبنانية. غادر المنظمة سنة 1984 وذهب إلى باريس لمواصلة دراسته. يحمل دكتوراه في التاريخ من جامعة باريس. شغل منصب رئيس تحرير جريدة الحرية ومجلة بيروت المساء.
كتاب تاريخ صغير (309 صفحة، متضمنا الفهارس) يتناول بعض الاحداث الهامة في بعض الأقطار العربية الواقعة تحت حكم الدولة العثمانية و تأثرها بالتغيرات العالمية المهمة في القارة الأوروبية (خصوصا فرنسا)، في القرن التاسع عشر، تحديدا النصف الأول منه. الكتاب مكتوب بلغة أدبية حالمة، و يتخذ من تتبع الشخصيات التاريخية الغريبة (و الساحرة!) أسلوبا فعالا لتناول الاحداث و الأفكار السياسية و الاجتماعية التي يريد الكاتب ان يطرحها على القراء (تطور الفكر الاشتراكي الأوروبي – النهضة الفكرية العربية – الصراع الملّي في لبنان).
الكتاب يتناول ثلاث مواضيع أساسية: الأول هو تطور الفكر الاشتراكي الأوروبي. يتتبع نشأة جماعة السان سيمونية و تأثيرها الكبير على عرب الشرق الأدنى، خصوصا في لبنان و مصر، و اهتمامهم بالمشاريع التنموية، ثم ينتقل في عجالة ليتناول بزوغ نجم كارل ماركس و رحلة كفاحه الأولى. الموضوع الثاني الذي اولاه الكتاب الكثير من الشرح و التناول هو أزمة النزاع الدرزي – الماروني و الصراع الدموي بينهما للسيطرة على جبل لبنان، إضافة لتناول تأثير الفكر الاشتراكي الأوروبي على طبقة المزارعين (و عمال مصانع الحرير) و ثورتهم على طبقة ملاك الأراضي (الشيوخ)، و دور الكنيسة المارونية في كل تلك الصراعات. الموضوع الثالث الذي يهتم به الكتاب هو الاحتلال الفرنسي للجزائر بداية من حكم الملك لويس فيليب 1830، و عرض موجز للمعارك التي دارت بين القوات الفرنسية و المجاهدين الجزائريين، و اراء مختلف أطياف المجتمع الفرنسي (من ساسة و مفكرين و شعراء) من احتلال بلادهم للجزائر.
كل هذه المواضيع يتناولها الكتاب بتتبع قصص شخصيات جذابة مثيرة للحيرة و الدهشة، مثل الارستقراطية الإنجليزية، الليدي "هستر ستانهوب" التي تهاجر نحو الشرق لتحقيق نبوءة غريبة؛ زعيم السان سيمونية، ذو الكاريزما و التأثير الروحاني الكبير، "بروسبر انفانتين" الذي يقود جماعته إلى مصر و يسعى جاهدا لشق قناة السويس؛ المفكر اللبناني و احد اشهر رواد التنوير العرب في القرن التاسع عشر، "فارس الشدياق"؛ و أخيرا قائد المقاومة الجزائرية، "الأمير عبد القادر"، معاركه و رحلاته و مغامراته المدهشة.
الكتاب لطيف ممتع و به كم معتبر من المعلومات و النوادر التاريخية المهمة، تم عرضها بطريقة أدبية شيقة غير مملة. لكن الكتاب يعيبه بعض النقاط البسيطة. أولا من الناحية التاريخية: اغفال بعض الاحداث الهامة مثل نشوب حرب القرم (1853 - 1856) و التي قامت بالأساس بسبب الخلاف بين القوى الأوروبية على حقوق مسيحيي الأراضي المقدسة، التناول المختصر لفترة الحكم المصري للمنطقة (1832 – 1840)، عدم إيضاح الخلفيات التاريخية للصراع النزاع الدرزي – الماروني، ناهيك عن تجاهل التاريخ الغامض للأسرة الشهابية و تحول بعض امراءها من الإسلام السنى إلى اعتناق المسيحية المارونية. يعيب الكتاب أيضا التعريب المتطرف لأسماء الشخصيات التاريخية (سيمون إلى سمعان، انفانتين إلى الصبياني، فريدريك انجلز إلى فريدريك الملائكة!)
يعيدنا الكتاب الى الأحداث التي عاشها شرق المتوسط وغربه خلال القرن التاسع عشر، فمن دودة القز في جبل لبنان حيث عاشت الفتاة الارستقراطية هستر ينقلنا الى مصانع الحرير في ليون والاضرابات العمالية المتكررة في وجه اصحاب االمصانع ورؤوس الاموال. يحدثنا عن بالبطركية المارونية والاختلافات اللاهوتية والمسيحية الجديدة مع مار سمعان التي تقول بتولي الفلاسفة والصناعيين قيادة المجتمع.نحسّ بالمخاض التي عانت منه قناة السويس لتولد والمنافسة بين الصبياني و دُ لسبس. نطير مع الأمير عبد القادر في الجزائر ضمن القرية المتنقل (الزمالة)محارباً الفرنسيين ونشهد على وحشية الجنرال بيكونو. نتعرف اكثر على الاستعمار الفرنسي البريطاني العثماني وتنقل السلطة في فرنسا بدءاً بثورة ١٧٨٩ مرورا بشاعر البحيرة لامارتين وفيكتور هوغو وتأييده لاستعمار الجزائر وبونابرت وامبراطوريته وانتهاء بابن اخيه لوي وجولته المشرقية٠ نعيش المعاناة العمالية وربيع الشعوب (شباط ١٨٤٨)ونشهد بدايات الدكطر الالماني كارل ماركس. نتعمق اكثر في اسباب الخلافات المتكررة بين العامة والمقاطعجية والشيوخ وبين الدروز والموارنة والتدخلات الفرنسية والانكليزية والعثمانية والروسية ونحزن على عدم تعلمنا من اخطاء الماضي حيث كان وما زال الخلاف الديني الخيمة التي تتربص تحتها الفوارق الاقتصادية والسياسية.
سرق فواز طرابلسي من دودة القز خيطا ليعيد حياكة سمائنا(بالاذنمن محمود درويش)، فأجاد وصف وتشريح قوس قزح الذي بفهم اسبابه وخصائص تنوعه نقرأ فيه (كما قرأ فيه دُ لسبس علامة لمفاتحة الخديوي بشأن القناة - دُلسبس الذي اخذه عبدالناصر علامة لتأميم القناة) علامةً تدعو الى الأمل٠
ده تانى اهم كتاب ف قائمة القراءة السنادى بعد كتاب مملكة امريكا بيذكرنى الكتاب هنا بالمبدع إدواردو غاليانو ع طريقته بإيراد احداث تاريخية بطريقة ادبية بيحكى الكتاب تاريخ منطقة البحر المتوسط شرقا وغربا من سنة 1806 لينتهي بسنة 2004 قصص من جبل لبنان وسوريا ومصر والجزائر وتونس وليون وباريس القاهرة اسكندرية اسطنبول لندن السويس ...الخ كل فصل من فصول الكتاب بيبدا بسرد مرحلة من مراحل انتاج الحرير ف جبل لبنان ازاى مراحل نمو الدودة حتى انتاج الحرير هنا هنقابل ثوار فرنسا ونصبهم للمتاريس ف الشوارع ف كل ثورة او هوجة عملوها هنقابل عمال الحرير ف ليون وحركاتهم هنقابل الفتنة الطائفية ف جبل لبنان بين الموارنة والدروز وازاى الاحتلال استغلها والفرنسيس اتدخلوا لصالح الموارنة والانجليز لصالح الدروز ورد العثمانليه وضعفهم هتقابل احتلال الفرنسيس للجزائر ومقاومة الامير عبد القادر ليهم هتفابل السيمونين وافكارهم عن العالم وحلمهم لشق قناة السويس وتحقيقه الخلاصة هتقابل تأثير الغرب وخصوصا فرنسا ع الحياة ف الشرق
هتقابل شخصيات زى كارل ماركس (الدكطر الالمانى) وفريدريك انجلز(فريدرك الملائكة) وسيرة الاشتراكية ع ايديهم الامير عبد القادر وجهاده ضد الفرنسيس وانتصاراتهم وهزائمه وانكساره وتتبع حياته من منفاه ف فرنسا الى موته ودفنه بجوار شيخه ابن عربى ف بيروت هتقابل الليدى ودورها ف لبنان وانتظارها للمسيح هتقابل محمد على واولاده ابراهيم وحملته ع الشام ومحمد سعيد واسماعيل وقصتهم مع القناة وهتقابل السمونين وبحثهم عن المسيح الانثى وافكارهم وحركانهم وانجازاتهم بشق القناة هتقابل الموارنة والدروز (رجال دين_ مقطعاجية_عامية) ودور كل طبقة منهم والنزاعات ف ما بينهم والحرب الاهلية وتركيبة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعائلات كا لشهابيين وابناء الشدياق وبطاركة الموارنة وعلاقتهم بالاحتلال الخ حتى الحركة الثقافية وتأثرها بالغرب ورؤية كل الاطراف للصراع ف الشرق بين ولايات الرجل اوروبا المريض كل ده واكتر هتلاقيه ف ال 300صفحة دول واكتر بطريقة ادبية مبهرة بسرد حواديت شخصية مش سرد تاريخى خطابى مباشر عجبنى جدا تعريبه للاسماء الغربيه بطريقه لطيفه فكارل ماركس بقى الدكطر الالمانى سبمون بقى سمعان ,فريدرك انجلز بقة فريدريك الملائكة , الصبيانى ..الخ ده اعطى النصوص سحر اكتر فصل الاخير الخواتم عظيم ولم الدنيا كلها مليت واتلغبطت شويه ف شرحه لمناطق وعائلات وطوائف الحرب الاهلية واحداث جبل لبنان لان الاسماء والاماكن غريبه عنى شويه ف المجمل كتاب لطيف مع اختلافى مع افكار الكاتب الشخصيه او افكار ف الكتاب.
في الواقع فاجأني الأسلوب الساخر الذي يرافق الكتاب بحيث لا يمكنك تمييز نوع المؤلف، أهو كتاب تاريخ أم رواية تاريخية أم مجموعة من الأقاصيص الشعبية. في كل الأحوال يوفر الكتاب مرجعية تاريخية مهمة لمذابح عام ١٨٦٠ ويضعها في سياق تفاعلات السياسة الدولية والاحتقان المحلي الطبقي الذي وصل مرحلة الانفجار بعد سلسلة من التوترات والاشتباكات المتفرقة. قراءة ضرورية ومهمة للاستزادة عن تاريخ المنطقة في ذا الوقت الحرج الذي يع ريم الحدود من جديد.
على غرار حدث في مثل هذا اليوم يستعرض المؤلف اهم الاحداث التاريخية في حقبة زمنية معينة بالتحديد من عام 1806 و حتى عام 2004 حيث تكون الاحداث الاولى شديدة الااقتراب في الفترة الزمنية و تتبعاد كلما اقتربنا من نهاية تلك الفترة و التي كان لها دور رئيسي في عمل تأثير ببعض احداث الشرق الاوسط ترى فيها كيفية تلاحم الصراع السياسي و الطائفي و تأثيرة في رسم ملامح المستقبل في المنطقة
بناء الكتاب متطور جدًا، فيه اعتماد على أسلوب الحكاية والبدايات الروائية رغم حقيقية كل شيء مكتوب، مع استعراض بانورامي يحدد اتجاهاته أمران: النقطة الزمنية (تايم لاين) واختيار فواز طرابلسي نفسه. الأسلوب رشيق وعربي جيد ومحدد ومنضبط لا ميل فيه للإطناب ولا جموح فيه للانتماء.
عمل جميل ومهم وليس مشهور التكرار في مثل هذا البناء في الإنتاج العربي المعاصر، لكنه ليس مناسبًا للمبتدئ في التعرف على حال لبنان التاريخية (تاريخها الحديث) أو بدون معلومات ولو سطحية عن الظرف التاريخي للمنطقة في القرن التاسع عشر.
يذكر بأسلوب أبي الكاتب توحيد الزهيري في أعماله عن سيرة النبي: الطريق إلى غار حراء/سر القدر/ فتنة السلطان/ كيف كان بدء الوحي، ولكن تصنيفها روائي، ومع ذلك بها نفس السمات في الصياغة الحكاءة والاستعراض البانورامي وتبني معاني رئيسية ومحورية يدور حولها العمل مع حقيقية كل ما يقال.. إلا أن فواز أكثر تحررية في اختيار الألفاظ لطبيعة العصر والقضية المطروحة.
مثل هذه الأعمال تصمد أمام التاريخ، ويُنتج تحليلها نقاط كثيرة وطويلة يدور حولها النقاش بسبب هذا التشابك في البناء والذكاء التناول والدقة في العمل.
التجربة الأولى مع فواز الطرابلسي، وبعد ذلك إلى كتابه الأشهر (تاريخ لبنان الحديث)
يحكي المؤلف في كتابه أقرب ما يكون إلى الحكايات، بعيداً عن السرد التاريخي المعروف في عدة مواضيع تدور في نفس الفترة بين لبنان ومصر وفرنسا والجزائر، و المؤلف أعطى نفسه حق تعريب الأسماء بحرفيتها و اطلاق الألقاب على الشخصيات بعيداً عن اسمائهم التي يذكرها فقط في اول ذكر لهم ثم يناديهم بالقابهم، واكثر شخصية جعلتني مشتتا وضائعاً هي شخصية(( الصبياني)) والذي يعني بها المؤلف ((بروسبير آنفنتان)) أحد مؤسسي السان سيمونية والمهتمين بحفر قناة السويس فكثيرا ما تكرر اسمه بهذا اللقب وعند بحثي عنه بالانترنت لا اجده، و كذلك أسلوب المؤلف البعيد احيانا عن اسلوب الكتابة العصرية والذي ينحو فيه إلى اسلوب الكتابة القديم في الفترة التي يتحدث عنها في اواسط القرن التاسع عشر.
الكتاب جميل من حيث مادته وتنوع الامكنة والشخصيات التي تطرق لها المؤلف
كان يمكن أن أعطى هذا الكتاب 5 نجمات لولا 3 نقاط لم أستطيع تمريرها : الاسلوب الساخر عند كتابة التاريخ يعطى إنطباع بالتحيز بشكل أو بأخر ترجمة الأسماء إلى معناها الحرفي بالعربية كان سيء إلى أبعد حد، يكفي أنني لم أعرف ماركس وفريدريك أنجليز إلا بعد ذكر اسم مؤلفهما إي بعد ذكرهم في الكتاب بمدة طويلة الغلطات التاريخية التي تعطيك إنطباعاً أن هذا كتاب لم يتم مراجعته كما ينبغي كأن يذكر مثلاً أن محمد سعيد باشا كان أخو عباس حلمي الأول والحقيقة أن سعيد كان عم عباس
لم أنسجم مع أسلوب الكاتب.. بالرغم من أن الكتاب غني بالمعلومات...الغرب يديرهـ مجموعة من المجانين..همهم السيطرة على منابع المال؛ والعالم تاليا...
هذا الكتاب صدمني: في شخصيتين كنت أحترمهما جدا
الأول فيكتور هوغو: عندما زعم الكاتب؛ أنهـ كان مع احتلال الجزائر!!!!؟؟؟؟ الثاني عبد القادر الجزائري:حقا صدمت من حالهـ؛ ومواقفهـ؛ بعد خروجهـ من الجزائر!!!؟؟؟؟
كتاب يسرد الوقائع التاريخية الهامة بشكلها العام في النصف الاول من القرن ١٩ في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وعلاقة الدولة العثمانية والدول الاوروبية بالحركات التحررية في تلك المناطق في ظل الثورة الصناعية التي بدأت في اوروبا وفي ظل التناقضات الطائفية والسياسية في لبنان وفرنسا وبريطانيا والجزائر ومصر والعلاقة بينهما.
كتاب رائع بجانب كونه كتاب تاريخي الا انه يعرض التاريخ بأسلوب أدبي معجز و يستدعي لذلك شخصيات تاريخية مدهشة لم أقرأ عنها من قبل في احداث تاريخية مشهورة نسبيا كتاب مختلف بلا أدني شك
مجهود بحثي عظيم. استمعت بقراءته و تعلمت كثيرا أيضا. فواز الطرابلسي كاتب ممتع و خبير بتاريخ فرنسا و لبنان الحديث. كان من الممكن أن يكون عملا مثاليا لو كان التركيز علي عدد أقل من الشخصيات و الخيوط
اعجبني الكتاب لأنه كتاب تاريخي لكنه يتناول التاريخ بطريقة فريدة... الكاتب يتناول فترة تاريخية محددة ، لشخصيات معينة تتنقل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط..
الكاتب يورد أحداث مختلفة كبيرة وكذلك أحداث فردية لكنها ذات أهمية عامة. اختار شخصيات تتنقل عبر البحر الأبيض المتوسط خلال القرن التاسع عشر ، من 1806 حتى 2004م.
واحداث الكتاب مرتبطة أيضا بموسم الحرير في جبل لبنان، ويختتم الكتاب بافتتاح قناة السويس في مصر.
عبر صفحات الكتاب يتلقى القارئ معلومات عن الحرير ...عن دورة حياة دودة القز وتحولها لشرنقة وطريقة استخراج الحرير .
في رأيي أن الكاتب اخرج هذا الكتاب للنور في هذه الفترة تحديدا لأن هناك تشابه كبير في الأحداث التي تمر بها المنطقة وبين الفترة التاريخية التي اختارها للكتاب... فترة ما قبل سايكس بيكو ...والآن فترة ما قبل تقسيم المنطقة من جديد...
ولأن العرب لا يقرأون التاريخ فهم يكررون اخطاؤهم وخطاياهم ...
في الكتاب لمحات واشارات كثيرة لها معنى ومغزى... في صفحة 117 يشير الكاتب إلى أن المسلم العربي أو الدروز يأنفون العمل اليدوي لهذا كانوا يستقدمون المسيحيين للعمل اليدوي..لهذا كان من يشتغل بالحرير هم من المسيحيين. ومن مفاخرات الشيعة على أهل جبل لبنان عموما ومسيحيه خصوصا قولهم:
" يحسبون الحرير بيعة حرير ...وأيش جاب الحرب لغزل الشلل".
فما هي مشكلة العرب مع العمل اليدوي؟
وفي الصفحة 119 نجد:
وللتغلب على الأمير - القديس ( يقصد عبد القادر الجزائري)، أوصى الكاتب ( السيد دُ توكفيل) باستخدام مزيج من الحيلة والقوة، وزرع بذور الشقاق بين عرب وبربر وقبائليين، داعيا إلى استمالة البربر للمشروع الاستعماري عن طريق التجارة. ونصح بتأليب القبائل الواحدة ضد الأخرى، بل شجع على اللجوء إلى الكذب والرياء وشراء ولاء مشائخ القبائل بواسطة المال تأمينا لنجاح أهداف الاحتلال.
ولو تأملنا نصيحة السيد دُ لوجدناها لاتزال مستخدمة ونافعة في يومنا...
تبين الأحداث التاريخية الواردة في الكتاب بوضوح متى ينجح الغرب في إثارة الفوضى في الشرق؟ طبعا عندما يكون الحاكم ظالم وقوانينه جائرة فيستغل الغرب ثورات الناس وتبرمهم لتوجيهها حسب مايخدم مصالحهم هم ، وبهذا يكون الحاكم الظالم هو سبب دمار البلاد. وتبين الأحداث كيف أن من يحكم لا يهتم بمصالح المحكومين ولا مظالمهم ولا معاناتهم...ولهذا البلاد العربية متخلفة وبائسة ولم يكن هناك حاكم انشأ بنية تحتية حقيقية في البلاد التي حكمها.
ويعرض الكتاب ما فعلته بريطانيا من اذلال لمحمد علي باشا وكيف أخرجته من سوريا. فماذا فعل؟ لقد لجأ لحيلة الجهاد، هي ذات الحيلة التي يلجأ لها الحكام في بلاد المسلمين... فيستغلون عواطف الناس الدينية ليخوضوا حرب نيابة عنهم، ومن الغريب أن العثمانيين مع البريطانيين وقفوا ضد محمد علي باشا... وهكذا يرفض الحاكم الاستجابة لمطالب الناس وبسبب تصرفاته القمعية تقع البلاد بسهول تحت تصرف الاجنبي المحتل الذي يتدخل لمصلحة الناس.
يعرض الكتاب فظائع ومجازر فرنسا في الجزائر ... وكيف تم التلاعب بالمنطقة خاصة في جبل لبنان حيث تم استخدام ورقة الخلاف الديني لتبرير القتل وتسهيل تقسيم المنطقة...
يشرح الكتاب أحوال الناس المعيشية البائسة تحت حكم دولة الخلافة ...
أما عبارة حدير وحرير في العنوان فهي تعبير عن الأغنياء والفقراء ... وهي جاءت في كلمة قالها الأمير عبد القادر الجزائري عندما وقع اتفاقية مع فرنسا واعترف بسيطرة فرنسا على اجزاء من الجزائر ... https://ahlamyemenia.blogspot.com/201...
لست بارعا في تقديم الكتب. لذا كل ما اكتبه هو انطباعات وليس وصفا وافيا فضلا عن نقد سليم. فواز بارع في السرد. منكهة بسخرية مستترة خفيفة. هو يدعي ان ما اورده دقيق تاريخيا وقد تكون هذه الحال. لكن الامانة التاريخية تتعدى ذكر احداث كما هي الى وجوب القاء نظرة بانورامية على السرديات التاريخية بكل تشعباتها الممكن الوصول اليها. لذا لا يمكن لكتاب ان يكون امينا تاريخيا وسلسا من ناحية السرد في آن معا.
لا هو كتاب ولا رواية .. مجموعة من المشاهدات فى رحلة أسطورية فى القرن التاسع عشر بين ثورات العمال فى ليون الفرنسية الى كفاح عبد القادر فى الجزائر الى طموح محمد على فى مصر الى صراعات الطوائف و المشايخ فى سوريا و لبنان مثير و يفتح النفس على القرآة التاريخية أكثر و العقل على التأمل أكثر
،حوليات في تاريخ المنطقة الممتدّة من جبل لبنان إلى قناة السويس في القرن التاسع عشر .تاريخ مسودّاً كفرن دون باب ولا شبّاك، أرضه محفورة والقواطع التي بين الغرف مهدومة
يظن القارئ بداية انه يجول في صفحات رواية عن أساطير الشرق ومع مرور الصفحات يكتشف انه يعيش قصة حقيقية وأن الشرق في حقيقته ليس إلا أسطورة معاشة
الكتاب وثيقة تاريخية مرتبة ومبنية بطريقة بديعة تطير بنا شرقاً وغرباً ،،وعلى ضفتي المتوسط شمالاً وجنوباً
تبدأ مع الليدي البريطانية وكأنها من حكايا الأساطير،، جماعة السان سيمونية والصبياني وأصدقائه وتطور فكر الجماعة مع مرور الوقت ودورها في مصر ونقل المعرفة الغربية إلى الشرق،، إلى الجزائر والأمير عبد القادر وكفاحه هناك قبل انتقاله إلى دمشق مع ذكر بعض التفاصيل الشيقة عن شخصيته دوره وعلاقته على سبيل المثال بالمحافل الماسونية،، فارس الشدياق المسلم المسيحي وقصصه ومتابعته للأحداث في الشام،، الإمبراطور الفرنسي، الحرب الدرزية المارونية وتفاصيلها والقومة ودور ال جنبلاط والشهابي والخازن وارسلان وغيرهم من الاقطاعجية،، الحراك العمالي في فرنسا وليون خصوصاً ،، الثورات العمالية،، الدكطر الألماني وفلسفته ،،دمشق وطوشتها ،،قناة السويس والصراع على شقها،، مزيج من الجمال والخيوط التي ربطت بين هنا وهناك بجمال.