جمال الغيطاني من أفضل من كتب قصصا عن الحرب في الفترة ما بين 67 إلى 73.. قد يكون نجيب محفوظ قد مس هذا الموضوع في بعض رواياته لكنه كان مرورا هامشيا غالبا أي مجرد خلفية للأحداث الرئيسية في القصة.. أما الغيطاني فبحكم معاشرته الحقيقية للحياة على الجبهة كمراسل حربي فكتاباته أكثر انغماسا و قربا من الواقع..
في هذه المجموعة عدة قصص تدور أحداثها جميعا عن مجندين في الجبهة .. هذا إذا ما استثنينا قصة المغول -و إن كانت هى أيضا إسقاطا واضحا على حرب مصر إسرائيل-..
الذي يجمع ما بين كل تلك القصص هو محاولة لمس الجانب الإنساني لدى أولئك الجنود.. فعندما تذكر الحرب لمن لم يشاهدها عيانا فإنه يظن أن الحرب عبارة عن بنادق ترفع و مدافع تضرب و طائرات تنفجر.. إنه بالنسبة له أشبه بفيلم سينمائي يشاهده و يستمتع به.. لكنه ينسى دائما شعور هذا الشخص الذي يحرك كل هذه الأسلحة.. ينسى أنه وراء كل هذه الأشياء مجموعة من الناس العادية مثل أي شخص نراه يسير في الشارع لديهم طموحات و آمال و مخاوف.. إنهم بالنسبة لنا مجرد "أعداد" نسمعها.. كما قال لينين في مرة "موت شخص واحد مأساة.. موت الملايين إحصائية"!
لكن بالنسبة للغيطاني لم يكونوا أبدا مجرد "أدوات" .. كانوا أشخاصا حية.. قصصا تنبض بالإحساس و الشعور.. و هكذا كانت ظهرت تلك القصص بهذا القدر من الواقعية..
لكن على الجانب الآخر فأنا لم أنبهر بالمجموعة.. أولا.. لأنني قرأت "حكايات الغريب" و هى التي رفعت لدي بشدة سقف التوقعات لأي قصص أخرى عن الحرب.. و عندما لا اجد نفس المستوى أشعر بالإحباط.. و ثانيا.. لأن القصة مكتوبة بأسلوب "عام" -إن جاز التعبير- .. أسلوب يمكن أن يكتبه اي كاتب آخر.. أسلوب لا يجعلك عندما تقرأ فقرة منه تقف لتقول "آه.. تلك القطعة لابد و أنها من مؤلفات الغيطاني"! أقصد أسلوب الغيطاني في استخدام العبارات الغريبة و التراكيب اللغوية الشاذة .. هذا الأسلوب المميز و المحبب لدي لم أجده هنا.. أعتقد أن السبب أن المجموعة كانت من كتابات الغيطاني الأولي .. تلك التي يكون فيها الكاتب في طور التكوين و لم يستقر على أسلوب خاص به..
على أي حال.. قراءة ليست بالسيئة و لكنني لازلت أفضل حكايات الغريب أكثر..
القصص لها أسلوب غريب لم أستسغه؛ إسهاب مبالغ فيه في الوصف واهتمام مفرط بالتفاصيل، وغزارة غير مبررة في التشبيهات لا أدري إن كان نوعاً من استعراض المهارات الأدبية، أم أنه فن لا أعلمه من الكتابة، أو لم أستوعبه. تختلط التشبيهات بالحوار بكلام الراوي بشكل مربك، والمشاهد تتداخل بشكل يفقد تسلسل الأفكار. وإن كانت تشبيهات الكاتب واستعاراته لا يمكن إنكار عبقريتها وإذهالها، تبقى كثرتها وتكرارها عائق في طريق إيصال المشاعر التي تحملها إلى قلب القارئ وعقله. أفضل قصة هي قصة الطفلة سماء، وقصة أرض أرض.
في ناس كده ,, بتكتب بمشرط , بسكين دامي , الراجل ده الحرب وجعت قلمة لدرجة الكتابه العظيمة , لدرجة خليتي اخاف من الموت الطائر و أحط نفسي مكان الناس الي خافت , الناس الي فقدت ,و الناس الي راحت , بعد الهزيمة المسماة زوراً بالنكسة .. مر الهزيمة و مر الفقد و جمال الكتابة , رائع جمال الغيطاني , شكراً له و شكراً للي خلاني اقراله :)