في ضيافة المخابرات، ليس كتابًا فقط، وليس حكاية سردية تنقل العالم الأسود على ورقة بيضاء عن جرائم السياسة، إنها قوة الكلمات في النحت على جدران التاريخ والوطن. يقودنا الكاتب رجل المخابرات السابق هشام بوشتي عبر دروبه لنكتشف ذلك المجهول الذي لا يمكننا أن نتخيله أو نرفض أن نتخيله أحيانًا، هل يمكن أن يكون الإنسان هكذا؟ هل يمكن أن تتحول الدولة إلى غولة تأكل أبناءها؟ المدهش أن الكاتب هشام بوشتي يسكن في أرض الكتابة، قادمًا إليها من عوالم المخابرات العسكرية ومتاهاتها، ذاهبًا إلى الأمل والحلم، الأمل في مغرب لا يشبه مواخير زعماء المافيات، الأمل في حياة تشبه الحياة. إن هذه السيرة إذا نظرنا إليها كسيرة ذاتية لرجل مخابرات عسكرية قاسي الأهوال وعرف من الأشياء أكثر مما يجب، ليست شهادة وفاة على غرار السير الذاتية التي يكتبها أصحابها كنهاية لمسار حياة وخلاصة، بل هذه السيرة هي عكس ذلك تمامًا، إنها شهادة ميلاد، شهادة ميلاد لكاتب كبير وشهادة ميلاد لمناضل سياسي قد لا يتعب من أجل الإطاحة بالديكتاتورية والفساد.