غرورك قد يدفعك للاعتقاد بأنك قد بلغت ذروة النضج وتقبل النقد والحيادية التي تجعلك ترى بعينك المجردة ومن دون أية مساعدات عيوب أبطالك الخارقين. ثم يأتي أمل دنقل ليتحدث عن موالاة نجيب محفوظ للسلطة وإذعانه الشديد وتراجعه عن تأييد الثورة التي كانت تشتعل في نفوس شباب ذلك الوقت. فتقف مشدوهًا لا تملك إلا أن تتظاهر بالابتسام لتخفي توترك مرددًا " طيب .. شكرًا" وتذهب لقلي البطاطس.
"أنت إن سكت مت. وإن نطقت مت، فقلها ومت."
"هناك طريقتان للدخول في المجتمع؛ إما أن تكون قويًا فيقبلك الناس وإما أن تكون ضعيفًا فيقبلونك ولكن استتفاهًا لشأنك"
هذا كتاب مميز جدا فهو لا يتحدث فقط عن آراء شاعرنا الكبير المرحوم أمل دنقل فى الحركة الشعرية بل و الثقافية ككل فى فترة الخمسينيات و الستينيات و حتى نهاية السبعينيات. الكتاب يتحدث عن علاقة الثقافة بالسياسة و قد كانت له رؤية تنبؤية ليس فقط فيما يتعلق بهزيمة يونيو و لكن أيضا بمستقبل الثقافة و وضعها المتجه للأنحطاط كذلك تأثير ثقافةالسلطة و التى يصفها ( بالبظراميط) على الطابع الثقافى فى المجتمع و أيضا العلاقة بين الثقافة والأهداف القومية الكبرى و يفسر لنا حالة الضعف الشديد للثقافة فى السبعينيات حيث تم التغير من دولة ذات توجه مستقل الى دولة تابعة , و أخيرا وفاة الحركة الثقافية فى الثمانينات حيث أنعدمت و ماتت الأهداف القومية . و أعتقد أن مشكلة أمل مع معاهدة كامب ديفد هى معرفته حق المعرفة أن تميع القضية الفلسطينية الناتج عنها سيسلب الأمة العربية من غايتها و طموحها الثورى وقد رأينا الى أى مدى أنحططنا فى غياب مشروع قومى لمدة 30 عام . شاعرنا كان يعرف هذا بحدسه . هو أيضا يشير الى عن علاقة المثقفين بالسلطة و المقصود هنا جيل الخمسينات ,كذلك يتكلم عن أنبثاق الأجيال الثقافية و تمردها على ما قبلها. كما أنه يشرح لنا الأنقلاب فى التوجه الثقافى المصرى القائم منذ العشرينيات الذى اسسه جيل الرواد و الذى كان ينطلق من كون مصر دولة من دول البحر المتوسط و ثقافتها هى ثقافة هذه المنطقة و ما حدث فى الستينيات من تغير فى الفكر بأن مصر دولة عربية الأنتماء و الجذور و ثقافتها تنبع من الصحراء العربية الكتاب يتحدث عن صراعات لم نسمع عنها بين عمالقة كبار بالتحديد مع أدونيس الذى شق طريقا منفردا فى الشعر العربى فى أتجاه العولمة و نجح فيه لكن تلاميذه لم ينجحوا فيه و خلقوا مسوخا شعرية فى رأى شاعرنا,و كذلك أدانته للكاتب نجيب محفوظ أو وأتهامه بملاينة السلطة حفاظا على دخله المادى المتميز من كتبه , أيضا يلقى الضوء على بقاء جيل الخمسينيات فى الكراسى الحكومية و عدم زحزحتهم عنها على غرار العادة المصرية الأصيلة المتمثلة فى مقولة من القصر الى القبر الشاعر يتحدث عن أهتمامه بالمعنى فى الشعر فى المقام الأول لكنه فى الواقع قوى جدا فى تعامله مع اللغة نافيا بذلك التهمة من أصحاب الشعر العامودى و مفادها أن اصحاب الشعر الحر غير متمكنون من اللغة العربية, يتكلم أيضا عند الدور الثورى للشعر الذى هدفه الدفع دوما الى مزيد من التغير و الثورة و عدم الأقتناع أبدا بما هو موجود و محقق. و عندما سؤل الشاعر عما ساهم فى تكوينه أجاب:الأحساس باللغة بشكل جمالى, ثم كيف تستخدم هذا الأتساق اللغوى للتعبير عما فى ذاتك.. و الذات هنا ليست منفصلة عن الآخرين و لكنها جزء من المجتمع , كما أنك ( أى الشاعر)لا بد أن تستمتع بأستقلالية فردية و هذا يستتبع أن تتخذ موقفا مستقلا من الأشياء... لابد من أدراك الأشياء بشكل مختلف عن المسلم به.. إذا كان المسلم به هو كذا, فماذا يحدث لو نظرنا الى الموضوع من زاوية مختلفة أو ما يسمى بقلب المسلمات... كذلك وجود الدهشة تجاه العالم لكن هذه الدهشة يجب لا تنبع من عدم أدراك أبعاد الواقع , و أنما تنبع من عدم تحقق ما نؤمن به فى هذاالواقع الكتاب يحتوى على كمية لا بأس بها من القصائد الرائعةو التى يقول الكاتب أن على المرء أن يتعلم كيف يتذوقها فالشعر تذوقه ليس بسيطا أو تحصيل حاصل , و لم لا ألسنا مطالبين بتعلم كل شىء فى هذه الحياة الكتاب يفتح لنا نافذة على مرحلة مهمة مضت من تاريخ و ضمير أمتنا متمثلة فى فكر و أبداع و تفاعل شاعرنا مع أحداث وطنه
كان بودي أن يكمل مشروعه غير الشعري،وربما بسببه كان تغير تعليم ودراسة اللغة العربية بشكل جذري،ولكن لم ينالها، ولانحن!
وقدم تفسيرًا مذهلًا لاحيائه التراث في قصائده..
وقال عن المرأة: " أولا ثمة فرق ولو عرضي بين المرأة والحبيبة، كل الحبيبات نساءولكن ليس كل النساء حبيبات-لكنهن رفيقاتي في المعمل والجامعة والحقل،أنظر للمرأة على أنها مثلي تماما تحزن وتخطط وتفرح وتناضل..ولا ثمة اشكال في موضوع المرأة بيد أن الاشكال في طبيعة المجتمعات وطبيعة الطقوس..والمصالح والعقليات.أنا أناضل من أجل حريتي وحرية رفيقتي.وقد نواجه معا مصيرا واحدا بعيدا عن الهرف البرجوازي أو الجو الرومانسي..لكن الحبيبة..ليست امرأة وكفى..ليست زميلة أو رفيقة،إنها تعيش بعمري..وأنا أستطيع العيش لأيام بدون شعر بدون طعام على أني لا أصبلا..ولن أصبر ولو لساعات بدون الحبيبة أو الاحساس بها ..إن قلبا بلا حب..لايمكن أن يكون قلبًا"
وحواره مع إبراهيم منصور عميق على أكثر من مستوى،وإن كانضرب لفيف من الأدباء البارزين في مقتل عندي.. فالعقاد يكتب بما تمليه عليه السفارة الأمريكية الحكيم يرى أن سبيل التقدم هو محاكاة الغرب عبدالصبور أيضا عندما كتب رائعته مأساة الحلاج كان متأثرا باليوت وهلم جرًا والحقيقة أن أغلب ما ساقه يبدو منطقيًا لأننهجه في الكلام اجتماعي نفسي،وإن كان لم يتبع ذات النهج مع العقاد الذي أشار إليه دون قرينة أو تحليل!
وقال في حوار آخر حين سئل عن مرحلته الفنية الجديدة : "بما أن القضية الوطنية قد أصبحت تحتل الاهتمام الثاني لدى الشعب وأصبحت القضية الآن أن العلاقات الاجتماعية مختلفة يعني لم تعد طبقة البروليتارياهي الطبقة الفقيرة التى تدعو للثورة ولم تعد البرجوازية الصغيرة هي التى تقف في سبيل التطور بل هي الطبقة المطحونة الآن ولم تعد للطبقة الشائدة ثقافة أيدلوجية وانما هي ثقافة هجين أشياء مقتطعة من الغرب وأخرى من التراث السلفي تلفيق يعني! فأنا أعتقد أن المهم جدا بالنسبة للشاعر الآن أو بالنسبة لي أنا هو اعادة اكتشاف الجماللأن أحدا لم يعد يهتم بالجمال ..الجمال في الطبيعة..الجنال في الأداء.. الجمال في السلوك..الجمال في مفردات الحياة الاجتماعية..سواء كان يتمثل في لافتة ..في شارع..في شكل أتوبيس ..في طلاء سيارة ..في منظر كوبري..لم يعد أحد يهتم بالجمال،فأنا أعتقد أن الوظيفة الأساسية التي يمكن أن يؤديها الشاعر الآن هي اعادة اكتشاف الجمال من جديد فيستطيع بالمقابل أن يحس بمدى القبح الذي وصلت إليه حياته."
في هذا الكتاب يُثبت أمل دنقل أنه لم يكنْ شاعراً عظيماً فقط، بل كان أيضاً مفكراً علي قدر عالي من الإستقلالية و الرؤية الثورية و التقدمية في جميع المجالات الثقافية، سواء سياسية أو أدبية أو رؤيته للثقافة و المثقفين و علاقتهم بالسلطة، كما أنه قارئ عظيم للتاريخ و محلل واعي للأحداث الفارقة و المهمة فيه، و طريقة ربط التاريخ بالحاضر و استشراف المستقبل في رؤيته للوطن و العالم من حوله، كانت تدل علي مثقف موسوعي من طراز رفيع.
الكتاب عبارة عن حوارات مجمعة لأمل دنقل مع عدد من الصحف المصرية و العربية المختلفة، أسهب فيها في توضيح رؤيته في الشعر و الأدب و الفنون و السياسية و المجتمع و غيرها، فصاحب «لا تصالح» لم يكن يري أزمة في السلام مع الاحتلال الصهيوني، علي عكس ما يري المعظم، و لكن رؤيته مركبة أكثر و جاء ذلك في حوار معه داخل الكتاب، كما أنه له رأيه المستقل في فترة الناصرية التي لم يكن أحد فيها من المثقفين يمكن أن يكون له رأي حر أو مستقل عن الفكرة الناصرية. استمتعت جدا برؤيته و وعيه التاريخي في رؤيته لمثقفين الرواد مثل طه حسين و الحكيم و غيرهم، و مثقفي الخمسينات و الستينات، و رؤيته لمثقفي جيله. كتاب يستحق الوقوف عنده و تحليل تلك الحوارات، لواحد من أهم شعراء مصر في العصر الحديث.
"جودة الحوار تختلف بإختلاف المحاور " حوارات أمل دنقل ... نظرته للشعراء والمثقفين في الستينات والسبعينات وولاء بعضهم للسلطة ونظرته لمستقبل العرب والشخصية العربية التي تغرق في طوفان الانبهار بالحضارة الغربية وأنها أقرب الي أن تكون شعبا لاشرقيا ولا غربيا وأن الحل في استيعاب تلك الحضارة مع الحفاظ علي شخصيتها القومية. وأن مهمة الشاعر أن يبسط القضايا السياسية والفنية للجماهير مع التمسك بالتراث " المصري يعتبر أن بطله الوجداني خالد بن الوليد وليس أحمس "
أمل دنقل مش بس شاعر، لكن كمان ناقد. ممكن أبالغ واقول انه ناقد بمستوى ت.س إليوت وتكون مبالغة مقبولة. فهو شرط جسد الشعر العربي في عصره والعصور السابقة ليه وقدر يوصل ل��عظم مشاكلهم تشخيصا وحلا. قدر يوضح ايه هو الشعر وحل بشكل بسيط مشكلة الشكل والمضمون، وايه هو الشعر والعلاقة المعقدة بين التقليد والتجديد. مكانش مجرد شاعر لكن كان مثقف.
الكتاب يحوى حوارات أمل دنقل لا أدرى ان كانت بعض منها ام كلها!!!! كان أكثرها ثراءً حواره مع ابراهيم منصور الا ان ما اصابنى بالضجر هو كثرة مقاطعه ابراهيم منصور له و استطراده ثم استكمال ما قاطعه .... مزعج اثار الكتاب انتبهاى الى شىء لم الحظه من قبل و هو الثنائية التى يعيشها المعجتمع بين ما هو رسمى و شعبى ليس فقط فى الشعر و لكن فى الدين و التاريخ و حتى التراث. أمل دنقل هو شاعر ثائر بكل تأكيد و أجمل ما قرأت له الكعهكة الحجرية
رائع في أفكاره في الشعر وفنيات الكتابة والكلام عن التراث واستخدام الاسطورة .. وفي آراءه السياسية والاجتماعية والثقافية .. وممتع جداً حواره مع ابراهيم منصور فعلاً حوار ثري جداً .. صارم صاحب مبدأ وده أهم حاجه فيه .. استمتعت بالكتاب ده
مش عارف بس ليه دايماً بيهتم الصحفي العربي بالجانب السياسي أكتر من الجانب الأدبي ف حواره مع أي مبدع،مبيحاولش يوصل لمنطقة العمق الخاصة بكل كاتب، بنمر على تجاربه مرور الكرام، تخيلوا إن كتاب الجنوبي وصف و ذكر لمحات عن تجارب أمل في الكتابة أكثر مما تكلم أمل عنها بنفسه ف الحوارات.
أمل دنقل هو شاعري المفضل بلا منازع، يأتي من بعده متأخرين محمود درويش والمتنبي. ودنقل جميل ليس فقط في شعره، بل في رأيه ورؤيته للحياة. هذا الكتاب لا يحكي عن دنقل الشاعر بقدر ما يحكي عن دنقل الإنسان.
امل دنقل الثوري سابقا وموظف الشئون المعنوية حاليا-بالنسبالي-😊 اد ايه الشعر والرواية والكتابة الادبية العربية كذابة وبتخلق اوهام واساطير حوالين اصحابها او العيب فيا انا اللي بتخيل واحد كتب كلمات اسبارتاكوس الاخيرة انه لما اقراله كلامه بعيد عن الشعر هيكون مليان ثورية بجد سواء فحياته الخاصة او السياسية والاجتماعية وافكاره بس للاسف ده محصلش والعكس تماما اللي حصل ياريتها كانت انهزامية ثوري بس الميزة الوحيدة فالكتاب ان الحوارات تواريخه مختلفة ومتباعدة عن بعض بفترات وظروف مختلفة بس للاسف تاني كان نفس الشخص ونفس افكاره اللي حاول يخبيها ورا كلمات كانت ممكن تنفع فالشعر بس متنفعش لما يتكلم هو عن افكاره كان في حوار له في 77 شايف فيه السلام مع اسرائيل هو فرصة لمصر للإلتقاط الانفاس😂😂 وله حوار في 83 شايف فيه الشاعر هو "موظف" للخدمة الوطنية وحوار في 77 بقا شايف نفسه غير راضي عن الافكار والتنظيمات السياسية كلهت وغير منتمي ليها، موظف بقا😊 اخر نقطة كان في صديق في مناقشة بيقولي امل دنقل شايف نفسه مش بيقسم الشعر ومعندهوش حاجة اسمها الشعر السياسي والشعر كله واحد، بس وانا بقرأ كل صفحتين كان بيوصف الشعر بهدف ووظيفة سياسية "الشعر الفلسطيني، الشعر العربي، الشعر الاجتماعي، الشعر الوطني" وعن امل دنقل اللي انا كنت متصوره مثال للتمرد والثورية طلع نسخة من موظفين الشئون المعنوية وكتاب المخابرات بس بصراحة هو من غير اي طلب او تعاون بينهم هو مقتنع ومؤمن بالوظيفة دي
الشعر كما ينبغي هو بحث دائم عن الحقيقة وثورة مستمرة على الحاضر، ينبغي على الشاعر أن يستمر في كونه القوة الوحيدة الباحثة عن الضمير والناشدة للمثل العليا، ودوره هذا يستعدي عليه السلطة بجميع أشكالها، سلطة الماضي أو الحاضر، لكنه ساخط دائمًا، مترفع عن هذا الواقع، ورغم أنه أكثر الأطراف ضعفًا وأقلها استحواذًا لسلطة أو نفوذ، لكنه لا يكف عن كونه مصدر قلق. خلال هذه الحوارات التي دارت حول الشعر وأشياء أخرى كثيرة، يتحدث أمل كثيرًا عن جيله، ورؤيته لمستقبل القضايا العربية التي لا زالت غير محسومة حتى الآن، هل نحن _الجمهور_ نكون في الحسبان دائمًا أم أن المعنى هو الأهم؟ ونتعرف أكثر على هذا العالم الغامض الذي يقبع في عقول الشعراء، من أي وادٍ يأتون بهذا الكلام؟
وانتصر التكرار وسوء ترتيب الكتاب وغلبة الاقتباسات من قصائده!، أو ربما أسأت اختيار الوقت المناسب، أو كيف يعجبني اتهامه لعباس العقاد بالعمالة للسفارة الأمريكية (وهذا غير صحيح، وخجلت من تعجبي من صنيع عامر العقاد في بسط صفحات كتابه لتفنيد تهمة عمالة العقاد للسفارة البريطانية - لا الأمريكية! – فكنت أحسب أن هذه التهمة عارية من الصحة بداهة ولا تحتاج لمثل هذا الرد)، ولطه حسين بركوبه الموجة حيثما تصب مصلحته وانتقاله من حزب الأحرار الدستوريين إلى حزب الوفد لتحقيق أهدافه الخاصة وحسب (وهذا غير صحيح أيضًا فطه حسين لم يسع لأن يكون وزيرًا للمعارف في الوزارة الوفدية والأحداث التي أتاحت ذلك كانت خارجة عن يده تمامًا ولم يتوقعها حتى اللحظات الأخيرة من تشكيل الوزارة ومقولة مصطفى النحاس له وقتذاك بأنه سيضعه تحت التجربة وحسب)، ولنجيب محفوظ بتهافته على تأييد السلطة ليقول أمل: "إنني منذ كتابة نجيب محفوظ لوصاياه العشر أرفض أن أجالسه، وأرفض حتى أن أحيّيه، فهو في نظري لا يستحق حتى الرثاء"، ولصالح جودت بأنه من صنائع السلطة الحاكمة أيضًا التي لا تفتأ تسلّط أضواء جهاز إعلامها عليه (وعلى أمثاله!) ونشر اسمه بين الناس لأنه أداة لإذاعة وتأييد وجهات نظرها الرسمية، ولولا ذلك لما عُرف اسمه واشتهر
ثم ماذا؟!، ثم حديثه عن أن التشاؤم في شعره هو استقراء للواقع، وأن الشعر عنه بديل لانتحار كاد يقدم عليه، وحديثه الكثير عن الأجيال الثقافية المختلفة، وضرورة أن يمحي الجيل الجديد الجيل السابق عليه من الوجود، وأن استمرار الجيل السابق على قيد الحياة يعد في حد ذاته ظاهرة غير صحيّة، وهذا ما لا أفهمه، فهو مثلاً يرى أن استمرار توفيق الحكيم وصلاح عبد الصبور في الظهور في الحياة الثقافية رغم انقضاء أجيالهما تباعًا يعتبر ترهلًا في الحياة الثقافية بصفة عامة وعداء من الصحافة والإعلام للجيل الجديد ومحاولات خنق السلطة لأفراده والحد من النشر لهم (وأمثال هذه الكلمات) رغم أن توفيق الحكيم لم يكن عقيمًا في هذه الفترة وصدرت له عدة كتب عاشت أكثر من كتب أغلب جيل الستينيات الذي كال له أمل المديح، ولا صلاح عبد الصبور كذلك الذي لم يتوقف عن العطاء حتى عامه الأخير في إخراج مسرحيات ودواوين شعرية، ليقول أمل أنهم استمروا في الظهور (بدعم من السلطة وبريق الإعلام) في الوقت الذي توقف فيه عطاؤهم من زمن!، وأحسب أنه كان يقيس المسألة بمجرد السن، والسن فقط!، حتى وإن قال أمل في ختام هذه الخواطر: هذا ليس شماتة في الكهولة، أنا أقصد كهولة الفكر وكهولة الروح!
وجاءت هذه كجملة اعتراضية لا معنى لها!، فقد كان جميع حديثه حول موضوع الأجيال في هذا الحوار وكافة الحوارات الأخرى يدور حول ميزات جيل الستينيات والسبعينيات والوجوه الأدبية الشابة الجديدة وضرورة أن تأخذ مكان الصدارة من الأجيال السابقة الهرمة، ولم يضرب مثلاً واحدًا "بكهل" واحد يعدّه أمل من الأدباء القدماء الذين ما يزالون يستحقون مكانهم المضيء على الخريطة الأدبية في مصر – مثلاً، وكانت القاعدة عنده – بين السطور - تقول أن التقدم في السن يعني التوقف عن العطاء تلقائيًا، وزيادة الشهرة تلقائيًا أيضًا اعتمادًا على المجد القديم الغابر
ثم ماذا؟!
ثم ينقضي الشباب، ويأتي مطلع الثمانيات، وتمرّ تجربة مرض مريرة تنتهي بوفاته عام 1983، ويقول قبلها بقليل جدًا جوابًا على سؤال أخير: المرض حقق لي أمنية وهي التواصل مع الجزء الإنساني في الآخرين، إنني قبل المرض كنت أتعامل مع الأصدقاء والأشياء باعتبارهم مواقف ومبادئ وأفكارًا فحسب، يعني مواقف سياسية أو فكرية أو اجتماعية، ولم أكن أضع حسبانًا للجانب الإنساني فيهم، المرض جعلني أتواصل مع الجانب الإنساني في الآخرين
وعن آخر ما آمن به عن رسالة الشعر في الحياة، في حوار أُجريَ قبيل وفاته بأشهر قليلة، قال فيه: أنا أعتقد أن المهم جدًا بالنسبة للشاعر الآن، أو بالنسبة لي أنا، هو إعادة اكتشاف الجمال لأن أحدًا لم يعد يهتم بهذا الجمال، فأنا أعتقد أن الوظيفة الأساسية التي يمكن أن يؤديها الشاعر الآن هي إعادة اكتشاف الجمال في نفس الإنسان
ونهر الحياة - على غلوائه - يجري
** وسبق للأب انستاس ماري الكرملي، الحديث في مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، عن ثنائية اللغة، وأصّل للأمر وقال - وهو الأسبق بكثير من أمل دنقل - أن هذا يعني وجود علاقات بين اللغات المختلفة وأنها من أصل واحد، وهذا عين ما قاله أمل من أن نتيجة دراسته انتهت إلى النتيجة ذاتها من أن "لغتنا ليست يتيمة لأن لها أبًا شرعيًا وعندها شقيقات يشاركنها القواعد والظروف والأصوات والمعاني"، كما قال، وهذا صحيح، وإن كان لم يشر الأب الكرملي في بحثه إلى أن هذه النتيجة ستؤدي إلى تغيير قواعد الاملاء والصرف والنحو، كما قال أمل دنقل!، ولا أدري كيف قد يكون ذلك!، فالطبيعي أن اللغات - وإن أثبتنا أنها من أصل واحد تبعًا لفكرة الثنائية المشتركة - فأنها بعد ذلك سبيلها التطور وفي اتجاه متفرد عن تطور سائر اللغات الأخرى، أعني أن أبناء الكرة الأرضية كلهم من تركيبة أب وأم مشترك، وقال القرآن ذلك، ومَن تجاوز القرآن وأحب أن يتأكد بذلك بنفسه سينتهى إلى نفس النتيجة وهي أن كل صور التعدد والأجناس والأديان تعود إلى ثنائي واحد (آدم وحواء)، فإن أراد أن يسحب الأمر على اللغات جميعها، فليكن، نقرّ بالأصل الواحد حسب ثنائية الكلمات الاولى، ولكن أيضًا لن نمحوا بهذا الإقرار حقيقة أن الحضارات تشعبت واستقلت وتباينت الألوان والأشكال والعادات والتقاليد والمذاهب .. واللغات بالتأكيد، فما زال الخلاف بين سكان الأرض - رغم الإقرار بالأصل المشترك - هو السائد، وستظل قواعد صرف اللغة العربية متباينة كذلك مع قواعد صرف الاسبانية، فكلٌ له طريقته، سنقول فقط مرة أخرى أن اللغتان العربية والأسبانية من أصل واحد، ولكن هذا لن يغيّر شيء في تعلمهما حسب قواعدهما المستقلة التي تطورت مع الزمن منذ عهد الثنائية الأولى إلى الآن!، فهذه فترة من الزمن ومن التطور الطبيعي يصعب تجاهلها بهذه البساطة!!
الكتاب يضم مجموعة مقابلات صحفية مع الشاعر . نتعرف فيها على أمل دنقل السياسي وأمل دنقل الإجتماعي و الوطني والمعارض والعاطفي وأمل الناقد الفني . . القسم الاخير من الكتاب بعض قصائد وصور قليلة للشاعر .
اذا قرأت بعض المقابلات ستغنيك عن بقية الكتاب . لأن الأسئلة تتشابه والأجوبة مضمونها واحد
من أجمل ما قرأت : هناك طريقتان للدخول فى المجتمع: إما أن تكون قويا فيقبلك الناس وإما أن تكون ضعيفا فيقبلونك ولكن استفتاها لشأنك ،وقد رفضت منطق هاتين الطريقتين .ومن هنا كان الناس يحارون فى كيفية التعامل معى. ص 177 الشعر هو القوة الوحيدة فى المجتمع التى لا تسمع إلا لصوت ضميرها وأنها هى التى تضع قيم الحق والخير والجمال فوق كل شىء. والشاعر أقوى من الجميع وعليه أن يكون دائما نسرا محلقا بحاثا عن الأجواء العليا ...الشاعر هو الذى يعرف قيمة إبداعه أولا وفى ظل العصر الذى نعيش فيه والذى تلبس فيه الأكاذيب ثوب الحقيقة وتخفى فيه الشعارات مرارة الواقع وبشاعته لابد للشاعر أن يكون نفاذا وبصيرا وحرا حرية كاملة وبخاصة أمام نفسه وأن يتحرر من رقيبه الداخلى قبل تحرره من أى رقيب آخر .
خصوصية الشعر هى جزء من خصوصية تجربة الشاعر وتجربة الشاعر بدورها لابد أن تكون جزءا من تجربة الجيل والمجتمع.ص106 الفن إنتماء ،ولكنه انتماء إلى الاكبر وليس إلى ماهو أصغر. إن الشعر فى جوهره اعتراض وحلم. الشعر اعتراض على ماهو كائن وحلم بما سيكون والكلمة أداه للتغيير وبهذا المعنى فإن كل الشعر هو شعر مقاومة ص109
آه...من يوقف من رأسى الطواحين؟ ومن ينزع من قلبى السكاكين؟ ومن يقتل أطفالى المساكين... لئلا يكبروا فى الشقق المفروشة الحمراء خدامين... مأبونين... قوادين... من يقتل أطفالى المساكين؟ لكيلا يصبحوا - فى الغد شحاذين... يستجدون أصحاب الدكاكين وأبواب المرابين يبيعون لسيارات أصحاب الملايين ...الرياحين وفى (المترو) يبيعون الدبابيس و (يس) وينسلون فى الليل يبيعون (الجعارين) لأفواج الغزاة السائحين! هذه الأرض التى ما وعد الله بها .. من خرجوا من صلبها.. وانغرسوا فى ترابها.. وانطرحوا فى حبها... مستشهدين! فادخلوها (بسلام) آمنين
الكتاب يضم مجموعة من حوترات أمل دنقلالتي تعددت موضوعاتها لتشمل الشعر الحر و وضعه في عصر أمل،و الفرق بين جيل الستينات و الخمسيات و الأجيال السابقة،و الصورة الشعرية و بناءها و مفهوم أمل عن أحياء التراث،و أزمة جيل السبعينات و الثمانينات الذين لم يحظا بجيلهم الخاص من الشعراء،و دور الشاعر و غيرها من عراب الشعر الحر..الجنوبي.