نبذة النيل والفرات: تناولت الدراسة مواقف أربعة مؤرخين عاشوا في القرنين الثالث والرابع الهجريين، وهم: (البلاذري، توفى 279هـ)، و(اليعقوبي، توفى 292هـ)، (والإمامة والسياسة، توفى أواسط القرن الثالث الهجري)، و(الطبري، توفى 310هـ)، ودرست خلفياتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، وبحثت في مصادر رواياتهم عن الفتنة وميول رواتها واتجاهاتهم واثر ذلك على مواقفهم منها. وأوضحت مفهوم الفتنة عندهم،وأكدت وجود ترابط وثيق بين تراث المؤرخين الفكري وعلاقاتهم السياسية واتجاهاتهم.
وأوضحت الدراسة صورة الفتنة عند هؤلاء المؤرخين، وإشارات إلى تباين ملامحها لديهم، وأبرزت امتلاكهم مواقف خاصة منها أثرت في اختيار رواياتهم وعرضها ونقدها وتقييمها، وأثبتت الدراسة أن عرض المؤرخين لأحداث الفتنة تم بصورة مدروسة ودقيقة، وليس بصورة عشوائية، وأكدت أن قراءة مواقفهم منها يجب أن يتم بدراسة وتحليل ورواياتهم وما تتضمنه من أبعاد واستشارات خاصة.
وبحثت الدراسة تطورات الفتنة من خلال خطين متوازيين: أولهما عرض أحداثها ورواياتها بشكل مفصل ودقيق وذلك لمعرفة خصوصية كل مصدر على حدة. وثانيهما توضيح مواقف المؤرخين الخاصة من هذه الأحداث والروايات، ورسم هيكلية مترابطة لمواقفهم ورواياتهم تمكن من معرفة وجهات نظرهم.
وعرضت الدراسة ملامح الفتنة زمن عثمان بن عفان، وتناولت ظروف مبايعته بالخلافة، وطبيعة الانتقادات التي وجهت ضده، ومواقف أهل الأمصار منها، ثم حصاره ومقتله ودفنه. وتناولت الدراسة تطورات الصراع بين معسكر علي بن أبي طالب ومعسكر عائشة وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، وأشارت إلى مبايعة علي بالخلافة، وموقف الصحابة وأهل المدينة والأمصار منها، وتحدثت عن ظروف وأهداف نشأة معسكر أصحاب الجمل وعن تطورات معركة الجمل.
وأوضحت الدراسة أبعاد الصراع بين علي ومعاوية بن أبي سفيان، واستعرضت مضمونه وتطورات المواجهة في صفين ونتائجها، ودور الخوارج في الفتنة، وذيول الفتنة، وإعادة توحيد الأمة الإسلامية.
هذا الكتاب هو رسالة دكتوراه من الأستاذ عدنان ملحم قام فيها بدراسة الفتنة الكبرى وفقاً لأربعة مؤرخين، الطبري، اليعقوبي، البلاذري، صاحب كتاب الإمامة والسياسة.
ودرس بتفصيل ودقة وتمكن، الفروق الواضحة، بين الأربعة وفقاً للبيئة المحيطة بالمؤرخين وميولهم الدينية والسياسية، والتي كانت لها التأثير الكبير أثناء تدوينهم أحداث الفتنة، كما لعب المصادر التي أخذ منها المؤرخون الأربعة دورًا كبيرًا في التدوين ومثال ذلك كيف رأي المؤرخون الأربعة قاتلي سيدي عثمان بن عفان رضوان الله.
فصاحب السياسة والإمامة دافع بشكل غريب عن قبائل مصر وذلك لأن من بين مصادره عالم الديار المصرية سعيد بن عفير
بينما ذكر كلًا من الطبري واليعقوبي والبلاذري، أن أهل مصر هم قاتلي سيدنا عثمان، وذلك لاعتماد الثلاثي على روايات كوفية في أحداث محاصرة ومقتل الخليفة الثالث.