وسط الظلمة ناديتك، وكان الصمت والنسيم الذي كان يرفع الستائر، وفي السماء الحزينة كانت هناك نجمة تحترق، وكانت هناك نجمة تختفي، وكانت هناك نجمة تموت. ناديتك ناديتك وكان كل كياني ككوب من الحليب، أحمله بين يديَّ، ونظرة القمر الزرقاء ترتطم بالزجاج. وعلت نغمات أنشودة حزينة كالدخان، من مدينة صرَّار الليل وكانت تنزلق كالدخان فوق النوافذ. وهناك طوال الليل، كان يتنفس من اليأس فوق صدري شخص، شخص كان ينهض كان يطلبُك، وكان يعيد يديه الباردتين إلى الوراء من جديد. وهناك طوال الليل، حيث كانت الأحزان تتساقط من فوق الأغصان السوداء، بقيت إِنسانة بذاتها تناديك، بينما كان الهواء يلفح وجهها كحفنة تراب. وكانت شجيرتي عاشقة للريح، الريح التي لا مأوى لها؛ فأين منزل الريح؟ أين منزل الريح؟
ككل الأشياء التي تمتلك لها سقف توقعات عالٍ ، وما أن تقترب حتى ينهار السقف مطوِّحاً بآمالك العريضة و دافناً متعتك تحت أنقاضه ، كانت قراءتي لهذه الأشعار ...
فالوصف الذي يُلحَق بفروغ فرخزاد دوماً هو حرية الكلمة والفكر ، و التمرد على القيود المفروضة ، ولم أكن أعرف أن هذه الحرية مقصود بها حرية الجنس والرغبة فقط ، فالصوت النسائي الحر لا يقتصر على مشاعر وجسد المرأة ، هناك الكثير من القضايا و الأفكار التي تحتاج إلى تنوير ، ولم أرى أنها تطرقت لأي من ذلك ...
لربما سمعتها كمتمردة جاءت من سيرتها الشخصية أكثر بكثير من أشعارها ، ففروغ التي انفصلت عن زوجها بعد ٣ سنوات من زواجها ، و حُرمت من ابنها و فضلت العيش بعيداً عن عائلتها لأنها رأت أن تلك الحياة لا تُشبع توقها إلى الحرية ، أراها مثال على المرأة التي ترفض الخضوع لأي رابطة وتفضل تشكيل حياتها الخاصة بمفردها مهما كان ثمن التضحيات ..
و لا أريد إلقاء اللوم على الترجمة ، فالترجمة السيئة قد تُفقد الذهب بريقه ، و أنا لم أرى في هذا الكتاب الكثير ليوصَف على أنه " كلام من ذهب " .
دفعتني آذر نفيسي في كتابها (أشياء كنت ساكتة عنها) إلى قراءة هذه المُختارات ،وجدتُ فروغ فرخزاد امرأة حزينة بعض شيء وفي حزنها تتجلى بعض القوة ،تحن إلى طفلها كامي في ثلاثة أرباع القصة وربع آخر تصف وحشية زوجها وتصف وحدتها في كثير من الأحيان ،على العموم من الواضح فروغ فرخزاد امرأة علمانية وإن ذكرت الخليفة علي بن أبي طالب في بعض القصائد ،مُمتنة لهذه التجربة
"كيف يمكن القول للمرء بأنه ليس حيَّا ، وهو لم يكن حيَّا في أي وقت من الأوقات." | "وكانت الشمس قد ماتت وكانت الشمس قد ماتت، وغدًا لن يبقى لها في أذهان الأطفال سوى مفهوم أبكم ضائع، وسوف يصورون غرابة هذا اللفظ القديم في دفاتر تدريباتهم، ببقعة سوداء ضخمة." | "يمكن للمرء أنْ يخفي جمال لحظة ما خجلًا منها كصورة فورية سوداء مضحكة في قاع الصندوق." | "تلك الأيام ولت تلك الأيام الجميلة، تلك الأيام الطيبة السعيدة، تلك السماوات المليئة بالزينة لقد ولت تلك الأيام..." | "أعلم أنّ هذا الجدال ليس سهلًا مع هذه الفئة المتظاهرة بالزهد، فمدينتي ومدينتك يا طفلي الجميل وكر للشيطان منذ زمن بعيد. سيأتي يوم تقع فيه عينك بحسرة على هذه الأغنية الممزوجة بالألم، وتبحث عني في ثنايا شعري وتقول لنفسك: إنها كانت أمي." | " قلت : لأكن صوتًا معبرًا عن وجودي غير أنه من المؤسف والمؤلم أنني كنتُ امرأة." | "عمَّ أبحث من بعده؟ وماذا أنتظر من بعده؟ دموعًا باردة أنثرها، أم قبرًا دافئ حتى أستريح."
تجربتي الأولى مع الشعر الإيراني. تجربة لطيفة خفيفة ومختلفة مع مختارات شعرية من مجموعة دواوين شعرية لفروغ تبدأ بقصائد مختارة من ديوان "الأسيرة" ثم "الجدار" وهي الأسوء من حيث مواضيع القصائد واللغة الرومنسية المبتذلة . تليها قصائد من ديوان "العصيان" تدفعك للاستمرار بالقراءة بالرغم من سوء القصائد في المجموعتين السابقتين. وينتهي الكتاب بقصائد من ديواني "الميلاد المجيد" وهي المجموعة الأفضل والأكثر تميزاًبالنسبة لي. تتبعها مجموعة قصائد لا بأس بها من ديوان"فلنؤمن ببداية فصل البرد". بعض قصائدها ومواضيعها ذكرتني بغادة السمان.
لا توصد شَفتَيَّ بقفل الصمت؛ فعندي في القلب قصة لم تُحكَ. وفك القيد الثقيل المُقيَّدةُ به قدماي؛ فإن لي قلبًا مضطربًا من هذا العشق.
مجموعة حزينة وكئيبة من الأشعار حياة الشاعرة كانت أليمة وتكللت بالكثير من الفقد والضياع ولكن استطاعت أن تسند نفسها بنفسها وتنهض بشعرها وتعيش كما أرادت ورغم ذلك بقي هناك فراغ حاضر في دنياها ربّما قصّة الشاعرة هي اكثر ما شدّني إلى الكتاب..أما الأشعار فكونها أولى تجاربي مع الشعر المترجم لم أفهمها جيّدا أو لم استصغها ربّما..ولكن دوما الشعر كيفما كان جميلا سلسا ومعبّرا
الكتاب، والخلوة، والشِعر، والصمت هي بالنسبة لي سُكر الحياة ونشوتها
لقد وقفت فوق الأرض بجسدي الذي يشبه ساق النباتات يمتص الرياح والشمس والماء كي يحيا محملة بالرغبة محملة بالآلام وقفت على الأرض حتى تثني علي النجوم و تلاطفني النسائم
____
وسط الظلمة ناديتك وكان الصمت والنسيم الذي كان يرفع الستائر وفي السماء الحزينة كانت هناك نجمة تحترق و كانت هناك نجمة تختفي و كانت هناك نجمة تموت
عندما تستمتع بالشعر يعني ان الكتاب جيد رغم ان الترجمة جميلة لكن احببت ان استطعم الشعر أكثر فبحثت عن أخرى كانت ألذ. لا أتذكر متى قراته سأضع تاريخ عشوائي.
لقد اعتبر شعر فروغ بوابة الشعر النسائي الحديث في ايران فأشعارها صدمت الاوساط الأدبية الايرانية لما احتوته من تعبير صريح لرغبات المرأة الجسدية دون مواربة في وقت كانت المرأة في الشرق الأوسط ككل عاجزة عن الافصاح عما يختلج في صدرها حتى من مشاعر الحب والواضح من دواوين شعرها ك " الاسيرة , الجدار , العصيان " أنها كانت في حالة صدام مع المجتمع وكل ما يحمله من تقاليد وقيم جاثمة على صدر المرأة ويقف عثرة في سبيل تحررها .
اصفحوا عنها اصفحوا عنها تلك التي تنسى بين الحين والآخر الصلة المؤلمة لوجودها بالمياه الراكدة والحفر الفارغة وتظن ببلاهة أن لها الحق في الحياة
* * * اصفحوا عنها واغفروا لها هذا الغضب اللامبالي في هذا التصور الذي تذوب فيه آمال التحرك بعيدة المنال في عيونها الورقية
* * *
اصفحوا عنها تلك التي يمر في كل تابوتها تيار القمر الأحمر وتجعل عطور الليل المثيرة نوم جسدها الذي يصل إلى ألف عام مضطرباً * * * اصفحوا عنها تلك المحطمة من الداخل إلا أن جلد جفونها مازال يحترق من تصور ذرات النور وترتعش جدائلها التي لا طائل منها في يأس بتأثير أنفاس العشق
* * *
يا من تقطنون حسن الطالع البسيط يا من تجاورون النوافذ المفتوحة أثناء المطر اصفحوا عنها اصفحوا عنها ذلك لأنها مسحورة ذلك لأن جذور كيانكم المثمرة تحفر في أتربة غربتها وتورُّم قلبها الطيب الساذج في زاوية صدرها بضربات الحسرة المؤذية
لقد أثرت حادثة طلاقها من زوجها واقصاء ابنها " كامي" عنها تأثيراً كبيراً عليها وكتبت قصائد عن ابنها تناجيه كأنه أمامها لدرجة انها تبنت طفلاً من شمال إيران أثناء تصويرها فيلم عن الأطفال المجذومين وتحديداً في منطقة تبريز أسمته " حسين " ورسمت له صورة زيتية قبل موتها بحادث سيارة وهي فقط في السادسة والثلاثين من عمرها ففروغ لم تكن فقط شاعرة بل ممثلة ومخرجة افلام ومسرحيات سافرت بعد طلاقها لايطاليا لدراسة الاخراج والتمثيل وعادت بعدها لايران والجدير بالذكر أن فروغ قد عاشت في زمن الشاه الذي أعطى للمرأة قدراً من الحرية وكسر القيود المفروضة عليها رغبة منه أن يحتذي بالغرب ويقتدي بهم
قصيدة العودة لابنها كامي
وأخيراً وصل الطريق إلى نهايته وكنت قد قدمت من طريق مليء بالغبار وكانت نظراتي تتقدمني وكانت التحية الحارة تكسو أطراف شفتي
كانت المدينة تغلي داخل تنو�� الظهر, والحارة تكتوي بحرارة الشمس وكانت قدماي تتقدمان فوق أرضيتهما الصامتة وترتعشان بشدة
كانت المنازل قد تغير لونها, وعلاها الغبار , فأصبحت قاتمة اللون حزينة , والوجوه تظهر من بين العباءات كأرواح قيدت أقدامها بالسلاسل والأغلال
وجدول ماء جاف , كعين عمياء خالٍ من المياه ومن آثارها ومر مطرب من الطريق وامتلأت أذني بأغنيته
وقبة معروفة لمسجدٍ قديم تشبه الكؤوس المحطمة وفوق شرفة المئذنة مؤمن يؤذن بصوتٍ حزين
كان الأطفال يركضون خلف الكلاب حفاة الأقدام , والأحجار في أيديهم , وضحكت سيدة من وراء خمارها , وفجأة أغلقت الرياح النافذة الصغيرة .
وكانت رائحة المقبرة الندية تأتي من خلال فتحة الظلة المظلمة وكان رجلٌ أعمى يسير متوكئاً على عصاه , وأحد المعارف يأتي من بعيد وهناك فتح الباب وساد الصمت ودعتني أيدٍ إليها , وسقطت دموعٌ من سحب العيون , وأبعدتني أيدٍ عن نفسي .
وفوق الجدار المفتوح شجرة لبلاب عتيقة تتخبط مثل نبع ماء رقراق وفوق أوراقها الكثيفة , خضرة الشيخوخة وغبار الزمان .
وسألت نظرتي الفاحصة الودقة في أي مكان يكون أثره ؟ لكني رأيت غرفتي الصغيرة خالية من صوته الطفولي وفجأة برزت صورته كما تنمو الزهرة من قلب تراب المرآة البارد, وأخذت عيناه المخملية تتخبط آه , لقد كان يراني أنا أيضاً في الوهم ! استندتُ على صدر الجدار وقلت بهدوء : هل هذا هو أنت يا كامي ؟ لكني رأيت أنه لم يبق أي شيء من ذلك الماضي المرير سوى الاسم
وأخيراً وصل الطريق إلى نهايته وكنت قد مت من طريقٍ مليء بالغبار عطشة على نبع طريق الصراع والحسرة ولم تكن مدينتي سوى مقبرة لآمالي .
فروغ أجمل بكثير من هذا الكتاب المترجم ترجمها بدقة لكن الإحساس الشاعر ليس موجوداً للأسف..
قرأت ثلاثة كتب تُرجمت عن الشاعرة ومازلت أقول علياء الداية بترجمتها ديوان تمرد هي من أوقعتني في حب فروغ فرخزاد.. لا أعلم هل يُعتبر المترجم غشاشاً لو كان الكاتب سيئاً وأضاف على الترجمة من لغته إن كان يمتلكها والعكس؟!!
أظن أن الإلمام بالشعر ضروري حتى لا يُفقد التوافق اللغوي و المفردات والموسيقى الخاصة
عمل الترجمة صعب والأصعب من ذلك إرضاء القارئ والمتذوق، لكن بغض النظر فالمترجم عمل بأقصى طاقته وذلك كان واضحاً في العمل وبالطبع يُشكر عليه.
ثلاث نجمات تقيمي لشعِر الجميلة فروغ ، التي ما أن وجدت مختاراتها شعرية أو مجموعة شعرية لها، أفرغتُ نفسي لقرائتها ، ترجمة المجموعة الاولى لا بأس بها ، ما باقي المجموعات فقد فقدت من جماليتها الشعرية الكثير بسبب الترجمة ، جعلت من القصيدة جمل متشضية، ربما كانت الترجمة أحترافية تصلح لأي نص عدا الشعر .
*** "لقد كنتُ ذلك المصاب الذي أصابه بالعار، وكان يضحك على السخرية التافهة. قلتُ: لأكن صوتًا معبرًا عن وجودي غير أنه من المؤسف والمؤلم أنني كنتُ (امرأة)." *** فروغ تستدر الأدمع من سويداء القلب. ***
بين النافذة والرؤية يوجد دائمًا مسافة . . في قصائد كانت جيده قصائد أقل بس كمستو عام جيد لا يرق للجيد جدًا . لم أحبذ دوران كل أو أغلب القصائد في نفس الدائرة كنوع من التكرار بكل الدواوين . بين نجمتين وثلاث
صادفتني العديد من الاقتباسات التي أحببتها جدًّا في مواقع التواصل للشاعرة فروغ مما شجعتي على قراءة مختارات لها.. القصائد المختارة من "ديوان الميلاد الجديد" كانت الأفضل والأكثر تميّزًا بالنسبة لي, تجربة جديدة ومختلفة كوني أول مرة أقرأ لشاعرة إيرانية.
اصفحوا عنها" تلك التي تنسى بين الحين والآخر الصلة المؤلمة لوجودها بالمياه الراكدة والحفر الفارغة وتظن ببلاهة أن لها الحق في الحياة "
اصفحوا عنها ..
فروغ فرخزاد الشاعرة الإيرانية الجميلة والجريئة والمثيرة للجدل
تضم المجموعة 66 قصيدة من أصل 100 قصيدة نشرت في دوواوينها الشعرية الخمس على مدى حياتها القصيرة والتي اقتطفها الموت مبكرا عن 33 ربيعا أثر حادث اصدام سيارتها
نجد تجاربها الشعرية الاولى غاية في البساطة ولكنها مليئة بالأحساس .. كقولها في ديوانها الأول " اسيرة" والذي نشرته ولم تكد تبلغ السبعة عشرعاما
"أريدكَ وأعلم أني لن اضمك إلى صدري مطلقا كما يتمنى قلبي فأنت تلك السماء الصافية المضيئة أما أنا فطائرأسير في زاوية قفص "
ولكن ما تلبث القصائد أن تزداد تطورا وجمالا وعمقا في دوواينها اللاحقة كقصيدة " أشعر بالأسى نحو الحديقة " و" شخص ليس كاي شخص " وقصيدة "فلنؤمن ببداية فصل البرد " من ديوانها الأخير الذي يحمل العنوان الأخير نفسه .
الترجمة جيدة و المجموعة طافحة بالشغف الى الحرية " والتوق إلى هوائها النقي ويظهر ذلك جليا في تكرارها لكلمات مثل " طيران " " قفص " " نافذة " " كوة " سجين " وغيرها
***
" أنا من سلالة الأشجار يحبطني تنفس الهواء الراكد والطائر الذي مات نصحني بأن أتعلم الطيران "
أولى تجاربي مع الشعر الايراني، الشاعرة فروغ حزينة وحرّة، تربطها علاقة وثيقة بالزهر والطير وتنتقد بخفّة رتابة العائلة وقساوة العيش في ايران أحيانًا. أعجبني ديوان "الميلاد المجيد" وقليلًا من ديوان"فلنؤمن ببداية فصل البرد"، تجربة غنيّة بلا شك
وهذه أنا امرأة وحيدة على عتبة فصل بارد في ابتداء إدراك وجود الأرض الملوثة ويأس السماء .. الساذج المهموم وعجز هذه الأيد\ي الأسمنتية مضى الزمان مضى الزمان والساعة أربع مرات دقتْ أربع مرات دقتْ اليوم هو اليوم الأول من شهر "دي" إني أعرف سر الفصول وأفهم نطق اللحظات المنقذ يرقد في الرمس والأرض ، حضن الأرض تعرض لنا صورة للسلام. مضى الزمان و الساعة أربع مرات دقتْ تهب الريح ... في الزقاق تهب الريح ... في الزقاق وأنا أفكر بزمن تتلقح في الأزهار بالبراعم الهزيلة المقفرة الدم بهذا الزمن المتعب المسلول ويمر رجل تحت الأشجار المبتلة رجل تشبه فروع عروقه الزرقاء الأفاعي الميتة النافرة من بين كتفيه ويكرر بصدقيه المتقلبين ذاك التهجي الدا��ي سلاماً سلاماً وأنا أفكر بزمن تتلقح فيه الأزهار. على عتبة فصل بارد في مآتم المرايا في عزاء التجارب المقفرة اللون وهذا الغروب الحامل بالصمت كيف يمكن أن نعطي لذلك الرجل الصبور الوقور الحائر أمر الوقوف ؟ كيف يمكن أن يقال للرجل أنه ليس بحيّ وأنه لم يكن حياً في أي زقت مضى ؟ تهب الريح .. في الزقاق غربان الانزواء المنفردة تحوم في بساتين الكسل المسنة وكم حقيراً هو ارتفاع السلم إنها حملت معها كل سذاجة القلب إلى قصر القصص و الآن كيف سينهض شخص واحد للرقص ويرمي ضفائر طفولته في المياه الجارية ويسحق تحت قدميه التفاحة التي جناها وشمّها ؟ يا صاحبي، يا صاحبي الوحيد يا لها من غيوم سوداء تنتظر يوم ضيافة الشمس كأن في مسير من تجدس الطيران ظهر ذلك الطائر في يوم كأنها كانت من خطوط الخيال الخضراء تلك الأوراق اليانعة المتنفسة في شهوة النسيم كأن تلك الشعل البنفسجية المحترقة في الذهن الصافي للنوافذ لم تكن سوى تصور برئ للمصباح .
يا للدنيا العجيبه ! الي متي سأظل أعثر علي اجزاء من روحي في الكلمات ؟ شعور رائع لكنه مرعب مخيف ، فمهما ظننت انك وحدك من اختبرت هذا الشعور او ذاك ستصدم بملايين من فروغ تشعر مثلك تماماً !
قرأتُ المختارات في جلسة واحدة، فسحتُ المجال لأشعارٍ تستحقُ أن تقتبسَ، وينظَرُ في أمرِها لمراتٍ عدة. المُختارات قَدْ لا تكون ممثلة جيدة للشاعرة، رُبما لتسليط الضوء على مختارات لا جميع أشعارها التّي قد تكون كالنورِ أمام السرابِ، والكضوءِ أمام الظلام. أعطيت المختارات ثلاث نجمات على بعض القصائد الجميلة، لم أقرأ لها من مترجمٍ آخر لذلك لا يُمكنني الحُكم على الترجمة.. إلا أنني أرى الترجمة جيدة إلى حدٍ ما إن كان البعضُ قد قرأ لترجمةٍ أُخرى.
تسائلت إن كانت المشكلة في الترجمة كالعادة مع ترجمة الشعر، ولكن في الحقيقة المسألة ليست متعلقة بأوزان القصائد أو لحنها أو رونقها؛ المشكلة أنه ليس هنالك شيء لترجمته من الأساس، لا تعابير مميزة ولا أفكار عبقرية..إلا قصيدة أو قصيدتين من كل الكتاب؛ الذي هو بالمناسبة عبارة عن صفحات نصفها فارغ مكتوب عليها عليها بخط كبير وفواصل أسطر شاسعة فقط لملأ الورق!
المختارات رغم إن بعضها عجبني إلا إن سقف توقعاتي كان أعلى بسبب المقتطفات اللي كنت بقراها لها وكلام بعض الشعرا عنها وإنها "بتحب كويس" :) مش عارفة هل الذائقة السبب ولا الترجمة كانت العائق ولا الاختيارات
أريدك وأعلم أنني لن أضمك إلى صدري مطلقا كما يتمنى قلبي فأنت تلك السماء الصافية المضيئة أما أنا فطائر أسير في زاوية قفص .
وأرنو إلى وجهك بنظرة كلها حسرة من خلف القضبان الباردة المظلمة ، وأتخيل أن يدا ستمتد لي وأرفرف بجناحي فجأة متجهة صوبك . وأفكر في أنني سوف أطير بعيدا عن سجن الصمت هذا في غفلة من الزمن
____________________________
رأيتك .. وآه من هذا اللقاء ، فلم تكن فيه نظرة ، ولا شفة مليئة بالشهد، ولا حرارة نفس مليء بالرغبة والولع ، ولا عناق للجسد ولا أحضان . ما هذا العشق الذي أكنه في قلبي ، أنت تهرب منى وأنا أجد في طلبك ، وما هي النتيجة التي أحصل عليها من هذا العشق ، إن سعيى باطل من جديد أيضا . إن شفتى الظمأي تبحث عن شفتيك المتأججتين من جديد ، ويخفق قلبي ، ومع كل خفقة
____________________________
الكتاب ،والخلوة ،والشِعْر ،والصمت هي بالنسبة لى سُكْر الحياة ونشوتها ، فأى حزن يكون إذا لم أجد سبيلاً إلى الجنة ؛ فداخل قلبي جنة خالدة.
__________________________
لا توصد شفتى بقفل الصمت ؛ فينبغي أن أفشى أسراري ، ليصل إلى مسامع الناس في العالم دوى صوتى الناري . أقبل ، وافتح الباب حتى أطير محلقة صوب سماء الشعر المضيئة ، وإذا تركتني أطير فإنني سأصبح زهرة في روضة الشعر . إن شفتي بقبلتها الحلوة .. منك ، وجسدي بعطره الفواح .. منك ، ونظرتي بشررها المستتر ، _________________________
القلب المنكسر من هوة الضياع بين حب المراهقة والنضج الحالي.. تئن فروغ في ديوانها بكل السبل الممكنة، تصف وجعها المميت من عشقها غير المكتمل والذي ظنته في يومٍ من الأيام أنه دائم للأبد. وجدت نفسها فجأة بمشاعر الركود لا الجريان، لم تعد قبلاته لها تحمل ذلك اللهيب الأولي، ويا لشدة وقع ذلك عليها. إنها تريد الحياة بلهيب البدايات، بشغف لا يزول. وتلك الأيام ولت!
أول قسمين من الديوان قصائدهما لا تحمل أي معنى غير ذلك، أنين متكرر بصور مختلفة -وأحيانا غير مختلفة- على اللبن المسكوب، وعلى الطفل الذي تركته بإرادتها بحثًا عن الإثارة. الصور ضعيفة جدًا، والكلام غير متناسب في الأغلب، ظننته عيب الترجمة لكن ذلك تلاشى شيئًا فشيئًا مع بداية القسم الثالث (الميلاد المجيد) فأظن أن كتابات فروغ كانت تحت التطور ليس إلا. تجربة لطيفة، الديوان سهل خفيف.
"وصدري: مقر الحزنِ والألمِ وسوءِ الظن"
"لقد شاهدت الشمس كثيرًا، وهي تذبل وتذوي في تتابع عند الغروب، أما شمسي التي لا غروب لها، واحسرتاه لقد تجمدت في الجنوب."
"عمّ أبحث من بعده؟ وماذا أنتظر من بعده؟ دموعًا باردة أنثرها، أم قبرًا دافئًا حتى أستريح؟"
"انتهز اللحظات، فإن عين الغد عمياء"
" وكنت أفكر في الغد، وآه من الغد!"
" وهكذا يكون عشقي الحزين ملوثًا بالخوف من الزوال، بحيث ترتجف كل حياتي عندما أتطلع إليك"